سئل شيخ الإسلام : عما تجب له الطهارتان : الغسل و الوضوء ؟
فأجاب : ذلك واجب للصلاة بالكتاب و السنة و الإجماع ، فرضها و نفلها.
و اختلف في الطواف و مس المصحف و اختلف أيضًا في سجود التلاوة و صلاة الجنازة ، هل تدخل في مسمى الصلاة التي تجب لها الطهارة ؟
و أما الإعتكاف فما علمت أحدًا قال إنه يجب له الوضوء ، و كذلك الذكر و الدعاء ، فإن النبي صلى الله عليه و سلم أمر الحائض بذلك.
و ما القراءة ففيها خلاف شاذ .
فمذهب الأربعة : تجب الطهارتان لهذا كله ، إلا الطواف مع الحدث الأصغر
فقد قيل فيه نزاع.
و الأربعة أيضًا لا يجوزون للجنب قراءة القرآن ، و لا اللبث في المسجد ، إذا لم يكن على وضوء.
و تنازعوا في قراءة الحائض و في قراءة الشئ اليسير ، و في هذا نزاع في مذهب الإمام أحمد و غيره .
و مذهب أهل الظاهر: يجوز للجنب أن يقرأ القرآن و اللبث في المسجد ، هذا مذهب داود ، و أصحابه ، ابن حزم ، و هذا منقول عن بعض السلف.
و أما مذهبهم فيما تجب له الطهارتان ؟
فالذي ذكره ابن حزم : أنها لا تجب إلا لصلاة : هي ركعتان أو ركعة الوتر أو ركعة الخوف أو صلاة الجنازة ، و لا تجب عنده الطهارة لسجدتي السهو ، فيجوز عنده للجنب و المحدث و الحائض قراءة القرآن و السجود له و مس المصحف.
قال : لأن هذه الأفعال خير مندوب إليها ، فمن ادّعى منع هؤلاء منها فعليه الدليل.
و أما الطواف فلا يجوز للحائض بالنص و الإجماع.
و أما الحدث : ففيه نزاع بين السلف ، و قد ذكر عبدالله ابن الإمام أحمد في (المناسك) : بإسناده عن النخعي و حماد بن أبي سليمان : أنه يجوز الطواف مع الحدث الأصغر.
و قد قيل : أن هذا قول الحنفية أو بعضهم .
و أما عن الجنابة و الحيض فلا يجوز عند الأربعة .
و الصحيح في هذا الباب ما ثبت عن الصحابة رضوان الله عليهم و هو الذي دلَّ عليه الكتاب و السنة ، و هو أن مس المصحف لا يجوز للمحدث، و لا يجوز له صلاة الجنازة ، و يجوز له سجود التلاوة ، فهذه الثلاثة ثابتة عن الصحابة .
و أما الطواف ؛ فلا أعرف الساعة فيه نقلاً خاصًا عن الصحابة ، لكن إذا جاز سجود التلاوة مع الحدث ، فالطواف أولى ، كما قاله من قاله من التابعين.
و الحمدلله
أحكام الطهارة
للإمام تقي الدين ابن تيمية
تحقيق مصطفى عطا