سأهجركَ وأمضي بلا وداع ..
انتظرني ..
أنا التي لن تأتي ، ولن تلوح بكف خضبها دمع الرحيل ، لن ألتفت إلى الوراء ، هذا قراري الأخير .
سأرحل ، بلا ذكرى، بلا وعد بالرجوع ،بصمت سأحمل جلّ أمتعتي وأنسحب من حياتكَ ، أتركك على قارعة الذكرى ، تطارد طيفي بين فلول القادمين ،وتبحث عني في عيون المارة، تسائلهم عمّن كانت مأهولة بك يوما،وكنت مأهولا بسواها.
انتظرني ..
عودتي باتت مستحيلة ، فلستُ من ترضى المهانة ، ولا الخيانة ، ولا أن يغرس الغدر في قلبها سهامه..
بلا عتاب أو سؤال ، سأتركك للشكوك ، لحرقة الغيرة ، تتساءل عن سر غيابي ، بالظنون تنتظر إيابي ، تحصد أشواك القهر في حيرتك ، تنهشك وساوسك ،وتلدغك عقارب انتظارك.
رسائلي والصور ، و كثير من الذكريات ؛ أبقيها لك ، تزيد من شقائك، وإن طال ليلك بالأرق ، تجرع كؤوس الأسى المترعة بدمعك .
كم ظنَنْتَ صمتي خنوعا ، وصبري عليك رضوخا ، وأني بت ملك يديك ، وأني في الحب أرضى الخضوع ، وأذل النفس لوصلك ، وأستجدي في الحب ودك ، وأقبل هواني لأجل قربك ..
ستعرف بعدي ما أنت دوني ، وكيف تكون من غير حبي ، تقاذفك الأماني علك تلمح طيفي ، أو تسمع همسي ، ومرّ السؤال وخز بقلبك ، يثقل صدرك ، لينثال دمعك عبر امتدادات اشتياقك ، فمن مثلي يوما أحبك ، وصان عهدك ، لكنك كغيرك تجيد التمثيل وتتقن فنونه،تمتص دم القلب لتروي ظمأ الغرور الذي يسكن جوانحك،تدوس النبض بأقدام قسوتك،وترش على الجرح بعضا من ملح خيانتك.
يا هذا .....
انتظرني هناك حيث لا أكون، وحيث تغدو شبحا مصلوبا تنهش العقبان عينيه،وتصفعه الريح من كل جانب،سأتركك تلعق غرورك الفارغ، وتنزع بيديك الآثمتين قناع إنسانيتك الزائفة....
أيها المحمل بالوجع اغرف من دنان ذاتك حفنة من وجع،واغسله بدمعك الآسن،وادهن به جسدك ،واقطع شعرة من رأسك،واغمسها بدنس قلبك ،واكتب بها على جدران الزمن،خائن أنا إلى يوم الدين،كاذب أنا إلى أن تقوم الساعة.
يا ذاك المتوقع في أقبية الموت تنتظر مصيرك المشؤوم
لا تنتظرني...........
أنا لم أعد لك،فحروفي استقالت من خدمتك،وأبجديتي ما عادت رهن إشارتك،وعنق الكلمة ما عاد يشرئبّ ليحظى بوقع نظرتك،لم تعد تسري في دمي، فقد نزفتك مع آخر قطرة كانت تحمل بصمتك ،
سأتركك وحيدا تصارع موتك فيصرعك، تضرب جبينك بالجدار فتضجّ صراخا لتقول :أين أنتِ؟؟
فيجيب الصوتَ رجعُ صداه، وتنطوي على نفسك تلملم ماتبقى منك،وتبحث يائسا عن بعض بقاياي فلا تجد.
نوبة من الضحك تعتريني الآن،ورغبة عارمة تستحثني على تمزيق صورك،لا بل إضافة بعض الخطوط إليها،كأن أخطّ لك شاربا،علّي أرى فيك شيئا من الرجولة،أو أزيد كثافة حاجبيك ،وأرسم قرنين صغيرين على أطراف جبينك،نعم هكذا بالضبط هذه هي صورتك،أقصد صورة الشيطان فيك،وسأكتب على جبينك باللون الأحمر وبخط كبير،م خ ا د ع.
يا أنت......
إياك أن تنتظرني،فأنا لم أعد أراك ملاكا، ولم تعد تلك النظرة تغريني بالبقاء،وسامتك انقلبت قبحا، بتّ أراك أمرد الوجه ، عريض الفك طويل اللسان،قد طال فتطاول ليشي بكذبك.
مدهشة للغاية كانت مسرحيتك،سأعيش عمري كله أصفق لك فقد كان المشهد الأخير الأروع على الإطلاق،أديت دورك بمهارة حتى كدت أنسى أنك تمثّل،حزينة أنا من أجلك،فأمثالك ينفقون جلّ أعمارهم يمثلون،ولا ينعمون بلحظة صدق واحدة.
النص مهدى إلى الغالية على قلبي الأديبة النقية وفاء شوكت ،لطالما وقفت إلى جانبي وكانت لي خير معين
أماه باقة من الفل معطرة لعينيك الجميلتين....
أحبك بصدق....