|
بِرُوحِيَ تلْكَ الْأَرضُ , إِذْ هَزَّنِيْ الشَّوقُ |
وَ مَاءٌ فُرَاتُ الخَيْرِ مَوْجَاتُهُ دَفْقُ |
وَ أَرْقبُ نَجْمَاتٍ يُسَاهِرنَ دَمعَتِي |
وَ بَدْرًا تَسَامَى فِي الأَعَالِيْ لَهُ فَلْقُ |
وَ كُلُّ غَدُوْرٍ - دُونَها - لَيْسَ عِنْدَنَا |
لَهُ غَيْرُ أَسْيَافِ النِّضَالِ بِهَا الخَزْقُ |
سِوَى المَوْتُ أَلْقَانِي بِمُسْتَنْقَعِ الشَّقَا |
وَ طَوَّقَنِي , هَيْهَاتَ مِنْ نِيْرِهِ عِتْقُ |
هُنَاكَ وَ فِي قَبْرٍ تَنَامِيْنَ بَيْنَما |
فُؤَادِيَ مَطْعُونٌ , وَ نَبْضِيْ لَهُ دَهْقُ |
فَيَا أُمُّ , لَمْ تُبْقِ المَنَايَا وِصَالَنَا |
وَ قَدْ غَادَرَ الْأَحْبَابُ وَ الْآلُ لَمْ يَبْقُوا |
يُعَاتِبُنِي صَحْبِيْ وَ لَا زَالَ فِي دَمِي |
حَنِيْنٌ يُغَذِّيْ نَارَهُ المبْسِمُ الطَّلْقُ |
وَ أُصْلَى بِنَارِ العَذْلِ إِنْ جِئْتُ رَاثِيًا |
وَ لَمْ يَرحَموا قَلبِي , إِذا نَالَهُ المَحْقُ |
فَزِيْدُوا عَلَيَّ الَّلومَ فَالدَّمْعُ جَمْرُهُ |
تَسَاقَطَ مِنْ عَيْنِيْ فَغَصَّ بِهِ الحَلْقُ |
فَمَا عَادَ يَحْلُو لِي التَّرَنُّمُ - عاشقًا - |
وَ بَاتَ مَصيرَ الحُبِّ فِي دَاخِلِي الخَنْقُ |
سَيَسْخَرُ مَوْهُوْمٌ وَ يَغْتَاظُ كَارِهٌ |
وَ يَشْغَلُهُ لَوْمٌ , وَ يُضْرِمُهُ حُمْقُ |
وَ أُبْلِغُهُمْ أَنِّيْ وَ إِنْ كُنْتُ أَوَّلًا |
بِفَقْدِكِ يَا أُمَّاهُ قَدْ لَاكَنِيْ شِدْقُ |
فَإِنَّهُمُ بَعْدِي , وَ وَ الَّلهِ سُنَّةٌ |
بِأَنَّ هَزِيْمَ الرَّعْدِ يَسْبِقُهُ البَرْقُ |
وَ لَكِنَّ لِيْ قَلْبًا تَأَذَّى شغَافُهُ |
بِحَسْرَةِ مَفْجُوعٍ يُرَدِّدُهَا الخَفْقُ |
وَ صَرْخَةُ طِفْلٍ هَدَّهُ اليُتْمُ بَاكِرًا |
إِذا بِالمَدَى أَطْلَقْتُها انْتَحَرَ الْأُفْقُ |
وَ زَفْرَةُ مَوْجُوعٍ مِن البَيْنِ سُعِّرَتْ |
فَرَقَّ لَهَا صَخْرٌ , وَ نَاحَ لَهَا وِرْقُ |
وَ زِيْدَ عَلَى حُزْنِي مِن الْأَهْلِ إِخْوَةٌ |
إِذا رَقَّ لِيْ خَصْمِي - فَفَي المَوْتِ - مَا رَقُّوا |
وَ قَدْ كُنْتُ فِي البَلْوَى لَهُمْ خَيْرَ صَاحِبٍ |
وَ فِي الجَدْبِ أَمْوَاهًا يُسَاقِطُهَا الوَدْقُ |
وَ أُنْحَرُ مَظْلُوْمًا وَ مَا مِنْ جَرِيْرَةٍ |
سِوَى أَنَّنِيْ - يَا أُمُّ - فِي أَضْلُعِي حَرْقُ |
وَ يَنْهَشُنِيْ قَوْمِيْ لِشِعْرٍ نَظَمْتُهُ |
بِفَقْدِكِ مُلْتَاعًا , وَ يَنْقدُنِي الخَلْقُ |
وَ أَمَّا الَّذِيْ سَمَّى بُكَائِيْ تَبَاكِيًا |
لَهُ الحَقُّ , لَمْ يَعْلَمْ بِجُرْحِيْ , لَهُ الحَقُّ |
وَ مَا كُنْتُ ذَاكَ السَّاهِرَ الَّليْلِ فِتْنَةً |
وَ لَكِنْ ظَلَامَ القَهْرِ مَا عَادَ يَنْشَقُّ |
وَ لَا لَسْتُ - وَ الَّلهِ - الَّذي نَاحَ رَاغِبًا |
وَ لَكِنْ - بِرَغْمِ الصَّبْرِ - دَمْعِيْ لَهُ دَلْقُ |
فَإِنْ عَاوَدَتْ ذِكْرَاكِ يَا أُمُّ مُهْجَتِي |
وَ لَمْ تَهْطُلِ الْآمَاقُ , لَانْتَفَضَ العِرْقُ |
كَأَنِّيَ فِي يُتْمِيْ طَرِيْدٌ تَنُوشُنِي |
نِبَالٌ مِن الْأَحْزَانِ رَمْيَاتُهَا رَشْقُ |
وَ ضَرْبَاتُ أَرْزَاءٍ تُصَدِّعُ هَامَتِي |
وَ يُغْرِيْ بِهَا التَّحْطِيْمُ وَ العَسْفُ وَ السَّحْقُ |
فَتُنْكَأُ أَقْرَاحٌ , وَ تُغْتالُ خَفْقَةٌ |
وَ فِي عُمْقِ آلَامِيْ لِمِبْضَعِهَا عُمْقُ |
أَنَا يَا صحَابَ الشُّؤْمِ لَولَا تَرَفُّعِي |
لَكَانَتْ لِيَ الحُسْنَى وَ كَانَ لَكُمْ شَنْقُ |
وَ تَشْهَدُ أَيَّامِي عَلَى طُهْرِ مَنْبَعِي |
وَ مَوْطِئُ أَقْدَامِي مَنَابِتُهُ العِثْقُ |
وَ نَظْرَةُ أَحْدَاقِيْ لَهَا النُّورُ صَاحِبٌ |
وَ فِي عُتْمَةِ الْأَوْهَامِ - حَقًّا - لَهَا بَثْقُ |
وَ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ البَسِيْطَةِ شَاعِرٌ |
يُنَازِعُنِيْ عَرْشِيْ , وَ لَيْسَ بِهِ خَرْقُ |
وَ أُعْرِضُ عَنْ بَوْحٍ إِذا هَاجَ حَرْفُهُ |
لَأَفْصَحَ عَنْ غَمِّيْ , وَ أَرْدَانِيَ الزَّهْقُ |
يَقُولُونَ : ( فِي غَرْبٍ , قَوَافِيَّ أُلْجِمَتْ |
حُرُوفُ مَعَانِيْهَا ) , وَ شِعْرِيْ لَهُمْ شَرْقُ |
فَقُلْتُ لَهُمْ : ( دَمْعِيْ كَتُوْمٌ لِسِرِّهِ |
وَ فِي خَافِقِيْ بُؤْسٌ وَ فِي جِيْدِيَ الطَّوْقُ |
وَ لَكِنَّنِي لَمْ أَبْنِ فِي الرَّمْلِ قَلْعَتِي |
وَ لِلْمَجْدِ قَبْلَ الخَلْقِ كَانَ لِيَ السَّبْقُ |
فَأَيْنَ قَوَافِي الشِّعْرِ ؟ هَاتُوا رَوِيَّكُمْ |
وَ دُقُّوا طُبُولَ الحَرْبِ - هَيَّا لَهَا - دُقُّوا ) |
وَ أَرْدَفْتُ : ( إِنِّيْ , وَ القَرِيْضُ عَلَى فَمِي |
تَوَائِمُ فِي الْإِحْسَاسِ مَنْبَعُهَا الذَّوْقُ ) |
فَكَمْ تَنْبُتُ الْأزهارُ مِنْ صُلْبِ شَوْكَةٍ |
وَ كَمْ يُصْلِحُ الكِتْمَانُ مَا أَفْسَدَ النُّطْقُ |
فَهَلْ يَسْتَوِيْ فِي العِزِّ تِبْرٌ وَ تُرْبَةٌ ؟ |
وَ بَيْنَ الثُّرَيَّا وَ الثَّرَى لَمْ يَعُدْ فَرْقُ ؟ |
وَ هَلْ بَاتَ مِنْ ظُلْمٍ - عَتِيْقٌ - كَأَنَّهُ |
يُصَفَّدُ مَحْبُوسًا , وَ يَنْهَشُهُ الرِّقُ ؟ |
لَقَدْ كَانَ لِيْ فِي مَا مَضَى الشِّعْرُ رَاوِيًا |
لَهُ مِثْلُ سَوْقِ الرَّكْبِ فِي قَلَمِيْ سَوْقُ |
وَ إِنَّ لِيَ الْإِقْدَامَ وَ النَّاسُ تَرْعَوِي |
وَ إِنَّ لَهُمْ زَحْفًا , وَ لِيْ - فَوْقَهُمْ - فَوْقُ |
فَلَا لَسْتُ مَنْ أَقْوَتْ بَسَاتِيْنُ حَرْفِهِ |
وَ لَا امْتَدَّ نَحْوَ الغَيْرِ لِيْ - خِلْسَةً - عُنْقُ |
وَ لَسْتُ كَمَنْ بَاتَتْ أَمَانِيُّ شِعْرِهِ |
يُعَذِّبُها - فِي بَابِ سُلْطَانِنَا - طَرْقُ |
بِمَنْطِقِ إِلْحَافٍ يُحَابِيْ تَمَلُّقًا |
فَيَسْمَنُ كَذَّابًا , وَ يُضْعِفُنِي الصِّدْقُ |
أَنَا ذَلِكَ النِّحْرِيْرُ لِلْمَجِدِ غَايَتِي |
وَ غَيْرِيْ عَلَى الْأَقْدَامِ , كَانَ لَهُ لَعْقُ |
وَ مَا كُنْتُ مَدَّاحًا لِوَجْهٍ شَتَمْتُهُ |
لِأَجْنِيَ مِنْ مَدْحِيْ , وَ أَحْرَى بِهِ البَصْقُ |
فَأَفْصَحُ مِنْ شَكْوَايَ صَمْتِي بِمِحْنَتِي |
وَ أَبْلَغُ - يَا أُمِّيْ - وَ مِنْ أَحْرُفِي التَّوْقُ |
فَلَولَا مَبَادِيْ الطُّهْرِ مُذْ كُنْتُ عَابِثًا |
لَهَاْجَتْ حُرُوفُ الغيِّ وَ اجْتَاحَنِي الفِسْقُ |
وَ لَولَا مُصَابُ النَّفْسِ بِالفَقْدِ غِيْلَةً |
لَكُنْتُ سَأَهْجُوْهُمْ , وَ لَنْ يَنْفَعَ الرَّتْقُ |
سَأَمْلَأُ آفَاقًا بِتَغْرِيْدِ عَنْدَلِي |
وَ أَكْتُمُ أَصْوَاتًا , إِذَا شَانَهَا النَّعْقُ |
وَ أَدْحَرُ هَمَّازًا وَ تَشْوِيْهِ ثَارَتِي |
فَذَا غَضَبِي آتٍ , وَ سَوْرَتُهُ صَعْقُ |