[c]
أيموتُ العمرُ أخى لو عشناهْ
نُمْضيه ولا نحْياهْ
كم ضاع كتاريخٍ مرًّ و ننساهْ
يَتوارى فى عينيكَ الآن فما أشقاهْ!
ماذا يبقى لو ماتَ زمانُ الحلمِ ؟
ترى هل نبصرُ بعدهُ لونَ حياةْ ؟
شيخٌ يبحثُ عن دربِ خلاصْ
صوتُ رصاصْ
قد أردى القلب قتيلاً فى بردِ الظلمةِ قناصْ
ماتَ أبى فى الدرب حزيناً
وتوارت فى لحيته البيضاء
قطرات بكاء
ما عاد يؤرق مضجعه أصواتُ شقاءْ
طفلٌ خضب صدره دمع دماء
فجر عمرَ الزهرِ على وجنتهِ البيضاءْ
جندىٌ أعمى
لا يعرف إلا وأدَ الأحياءْ
غاب اللونُ الاحمرُ عن شفتيهِ الخضرِ
غزى لونهما أحزانٌ زرقاءْ
تسألُ عن أُمّىْ ؟
أُمّى قد مزَّقها الاعداءْ
فقدت نور العينِ وطهرِ إبنتها السّمْراءْ
شربوا من دمِها الغالى كلَّ مساءْ
نزعوا من جثثتِها الروحَ الخضراءْ
الوشمُ على وجْنتها الملساءْ
قد صار رثاءْ
يحكى عن جرح أريحا .. يافا ..غزة والقدس ونابلس الحمراءْ
أُمّى قد مزقها الاعداءْ
وعلى المقصلةِ السوداءْ
قتلوا همسَ الطيرِ و تغريدَ الاصداءْ
ذبحوا الشجرَ إنْ أثمرَ للسجناءْ
أهٍ يا زمنَ الجبناءْ
هل تبصرنا؟
نحنُ وراءَ الجدرانِ العمياءْ
نتلو أياتَ الأسراءْ
نذرف فى القرأنِ دموعاً خرساءْ
لا تخنس فى الناحية الأخرى
تهمسُ فى خوفٍ أنَّك لا تملكُ ما ينجينى
ما عاد لكُ نفسُ يقينىْ !
قد صرت تدينُ بزيفِ الدنيا لا بالدينِ !
أهٍ يا طفلى لا ترثينىْ !
لا تعجبْ إن لثَّمتَ الارضَ أمامكَ
أو أسْكنتُكَ فى حزنى الدّامى ..لا تتضجرْ
لا تستنكرْ صوت عظامى
حين أُنادى بسْم اللهِ و أرقى .. كى أتفجَّرْ
لا تصرخْ ..لا تتحسرْ
لا تيأسْ أو تتكسرْ
لا يعتادُ الحرُ قيودَ الذُّلِ ولا يتأثرْ
أبداً أبداً لا يتأثرْ
فالدينُ ضياءُ المؤمنِ فى قلبِ العتمةِ لو يترمَّدْ
وعلى الغُرَّةِ رسمِ رسولٍ فوق قُماشٍ أسودْ
لا تتأثرْ إن مرُّوا فوق الاشلاءِ بغيظِ القدمْ
أوغرقَ الجسدُ العارى فى نارِ الحممْ
لأمتْ و لتحيا فوق القممْ
وأذكر فى الليل حديثى
"ملعونٌ يا مَنْ بالذلِ قَطَنْ
أو كان له فى غير الدينِ وطنْ"
وأروى كيف تلاقت
أسطورةُ موتى
مع لحظةَ ميلادى
حين تمزَّق الجسدُ فصار أيادى
تزرع درب إستشهادىْ
تروي نبت الحبِّ كى تكبر فى عينيكَ بلادىْ
كى يزهرَ فيكَ مرادىْ
يا طفلى يا فجرَ الحُلمِ الآتىْ
هذا الدم على دربِ مماتىْ
هو مَنْ وهبَ البحرَ الموجَ العاتىْ
هذا الموتُ الشادى صوتُ عنادىْ
فيهِ حياتىْ
فيه النَّهرِ الجارى من جنَّاتىْ
يا طفلى أنت النورْ
أنت غناءُ الوطنِ المأسورْ
تجْبُرُ فى صدرى حلمى المكسورْ
من عينيكَ أجمعُ فى روحى أملى المنثورْ
فى عينيكَ أرى غدنا المسحورْ
فلتحيا
و لتحيا
يا صانعُ فجرى المقدورْ
الاندلسي
27 - 12 - 2002
[/c]