شقاوة طفل
أنا ضياء
عمرى سبعة أعوام
ترتيبى الخامس بعد أربعة أخوه ثلآث بنات وولد
ينقسم الجميع حول تقييم سلوكى إنقساما يصل إلى حد الأختلاف
نصفهم يقول إنى مشاكس
والنصف الثانى يقول إنى دمى خفيف
وأنا حائر فى المنتصف !!
هل أنا مشاكس , أم دمى خفيف ؟!
*************************
تقطن خاله جمالآت فى الطابق الأول ,دائما باب شقتها مفتوح , تجلس فى الصالة المواجة
تستقبل القادم وتودًع الغادى بعينين تلمعان فى الظلآم كنجمتين فى سماء ملبدة بالغيوم
ضخمة الجسم ,مكتنزة الأرداف والصدر سمراء بل سوداء إذا ضحكت إهتزت الأبواب
والنوافذ وبرزت أسنانها لأعلى وعادةً ماتنتهى ضحكتها بسعلةً طويلةً فتتجشأ وتتمخط وتبصق
على الأرض كالرجال
لى معها حكايتان محفورتان فى الذاكره
الحكاية الأولى :
فى يوم جهزت أمى شقتنا وغسلت حوائطها ومطبخها وستائرها وجعلتها فى أبهى زينة , وألبستنى
عباءة بيضاء وطاقية مزركشة تتدلى من مقدمتها تعويذه وفجأة دخل رجل غريب ببذة بيضاء وبيده
حقيبة وسبقته خاله جمالآت فأجلستنى بقوًة وباعدت بين ساقي ورفعت ملابسى بوحشيةً ولم أشعر
بنفسى ألا والزغاريد تنطلق فى الشقة وسط ألمى وصراخى ودمى
والحكاية الثانيه
عندما كنت أتوجه للنوم كانت نهى أختى تحذرنى من أن أبلل ملابسى وفراشى وتهددنى بخاله جمالآت
إذا حدث ذلك فأظل طوال الليل أتقلب فى فراشى قلقا حتى يهاجمنى النعاس فأستيقظ على صراخ أختى
وتهديدها المستمر
وفى أحد ألأيام
فى أثناء لعب الكره مع أصدقائى فى الشارع وأنا بطبعى مولعا بالنجم الكبير زين الدين زيدان فقلدته
فى تمريراته ومراوغاته ثم فوًة تسديده للكرة فى المرمى وبقدمى اليسرى صوًبت الكره ناحية المرمى
وبكل عزيمة سددتها وفورا سمعت صوت زجاج يتكسًر أعقبه عويل وصراخ من شقة خاله جمالآت
ثم ظهرت فى الشرفة سوداء و مكشًرة ومتوعًدة تلمع عيناها فى النور أكثر ممًا فى الظلام ,ظهرت
بجسمها البرميلىً وهى تصوًب نظراتها الناريًة نحوى وتمطرنى بسباب كالمطر فأرتعدت وهرول
أصدقاتى وأنصرفوا جزعين ووقفت وحدى تحوطنى ألأنظار ولم ينقذنى الا ظهور أبى بابتسامته
المضيئة وحنانه الدافىء وأخذ بيدى صاعدًا معه درجات السلم لائذابه , محتميا فيه وهو يربت على
رأسى فى حنان ويهمس بين كلماته الغاضبه " ولا يهمك " وتستقبلنى أمى بمنفضة السجاد متجاهلةً
كلمات أبى وعلى صوت بكائى أتت جارتنا أم عز وتحلًق أخى وأختى بى يحموننى من ضربات أمى
المتتاليه وأحتضنتنى أم غز بجسدها الطرى الدافىء وهى تقول لأمى :
الولد دمه سكر !! لماذا تضربينه بكل هذه القسوة ؟؟؟
وتجلس أمى منهكة على كرسى وهى تقول وسط أنفاسها المتقطعة وعرقها المتصبب:
- ممنوع اللعب فى الشارع , ممنوع لعب الكره إطلآقا !
قررت أن أنتقم من خاله جمالآت
كيف السبيل ؟؟
وأنتظرت حتى تسنح فرصةً مناسبةً
وفى يوم وعلى غير العادةً أرسلتنى أمى لشراء علبة ثقاب وفى أثناء هبوطى درجات السلم لاحظت
أن باب خالتى جمالآت مغلقا ولكن توجد أمام مدخل الشقة عدد اكبير امن الأحذية ووقفت مترددا !!
هاهى الفرصة سانحة وخطر لى خاطر مثير , هل أقذف الأحذية إلى منور العمارة حيث الظلمة
والفئران ؟؟ ولكنى تذكرت منفضة السجاد !
ماذا أفعل ؟
وبعد شراء علبة الثقاب إهتديت الى فكرة فأحضرت خيطا متينا وربطت كل الأحذية وعقدت عليها عقدا
كثيفةً يصعب حلًها وتركتها فى مكانها
وبكل براءةً وهدوءً صعدت إلى شقتى وجلست أتابع التلفزيون
مرًت فترةً وسمعت جلبةً على سلًم العمارة إختلط فيها صيحات الغضب بالضحكات المرحه سرعان
ماعلا صوت خاله جمالآت فى زعيق مستمر وتردد إسمى وسط كلماتها ففتحت أمى باب الشقة
مستطلعةً وتتابعت أبواب شقق الجيران وإشرأبت الأعناق ووجدت الجميع ينظر نحوى , إنقلب وجه
أمى إلى تكشيرةً وإلتقطت بسرعةً منفضة السجاد وتقدمت نحوى فى غيظ وحنق شديدين
صرخت مستعطفا
وعلى صوت صراخى إمتلأت الشقة بالجيران وحالوا بين أمى وبينى
يقول بعضهم " عيب كده "
والبعض الآخر يبتسم فى مودًة ويقول " دمك سكر "
حتى إخوتى إنقسموا
أختى نها مع أمى ضدى
وباقى إخوتى البنات وأخى زياد معى
ويدخل أبى بابتسامته المضيئة ووجهه الهادىء
ينظر فى هدوء إلى أمى وهى تصرخ فى وجهه
وتشير إلى
فيضحك ملأ شدقيه ويقول ملآطفاً مداعباً
- الفيل عامل عقله بعقل نملة !!
فيزداد صراخ أمى
ولكنى ألآحظ
أن بعضهم معى
وبعضهم ضدى
فهل أنا كما يقول البعض مشاكس ؟؟
أم دمى خفيف !!
إنى فى حيرةً من أمرى !!
************************************************** ****