أحدث المشاركات

نسجل دخولنا بذكر الله والصلاة على رسول الله» بقلم عوض بديوي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»»

النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: نص محاضرة عميد الصحافة العربية / هيكل فى اكسفورد

  1. #1
    الصورة الرمزية ابراهيم عبد المعطى قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Aug 2007
    العمر : 70
    المشاركات : 170
    المواضيع : 45
    الردود : 170
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي نص محاضرة عميد الصحافة العربية / هيكل فى اكسفورد

    نص محاضرة عميد الصحافة العربية فى جامعة اكسفورد
    حضرات السيدات والسادة
    يسعدنى ويشرفنى أن تتفضلوا بدعوتى كأول متحدث فى المحاضرة التذكارية بكلية الصحافة التى أسس لها هذا التوافق بين جامعة " أوكسفورد " ووكالة "رويترز" .
    إن هذا التوافق بين جامعة عريقة "أوكسفورد" ووكالة أنباء شهيرة "رويترز" يصعب أن تكون لقاء مصادفات إذا دققنا فى أسبابه وتمثلنا نتائجه . ومن وجهة نظر عملية وعلمية كذلك- فإن الصحافة على تنوع وسائلها وأدواتها لديها ثلاث طرق اقتراب واضحة إلى وظيفتها الحيوية فى مجتمعات الحرية والتقدم , أول طرق الأقتراب : أن تكون الصحافة مكتوبة أو مسموعة أو مرئية خطوطا مفتوحة تنقل القرار السياسى على إختلاف مجالاته داخلية وخارجية أقتصادية وإجتماعية -استراتيجية وعسكرية من مواقع صنعه إلى أوسع دوائر المواطنة التى يهمها شأنه بحيث يتأكد الحق العام فى العلم به , وتتوافر إمكانية التعرف على موجباته , والإستعداد لأثاره وتكاليفه , والإطمئنان إلى اتساقه مع الإرادة العامة فى الوطن وخارجه ولكى يظل تحت المتابعة الدستورية والقانونية ويصبح الرأي العام قادرا على ممارسة مسئولية الرقابة عليه والقدرة على إعادة توجيهه ديمقراطيا إذا لزم .
    طريق الإقتراب الثانى أن تكون وسائل الصحافة وأدواتها خطوطا مفتوحة أيضا -مابين مجالات الفكر والعلم والفن من مراكز حيويتها , سواء فى الجامعات أو المعاهد ومراكز البحث أو مسارح العرض والأداء وأشكالها المتعددة فى التعبير - إلى جمهور واسع له الحق أن يرى ويستوعب ويستمتع .
    وطريق الإقتراب الثالث : أن تبذل نفس الوسائل والأدوات قصارى جهدها كى تنقل وتستثير أنفع وأرفع حوار بين القرار السياسى وشئونه الجارية وقضاياه وإهتماماته - وبين الأفكار وقدرتها على تخصيب الفعل الإنسانى وتوليده لكى يجمع الحوار مابين الفعل والفكر , ويؤكد القيمة ويحفز إرادة إنسانية ذكية وقوية - وهنا فإن التوافق بين الجامعة العريقة ووكالة الأنباء الشهيرة يصبح مرغوبا فيه ومطلوبا .
    إن طرق الإقتراب الثلاثة كما وصفتها لاتحقق مطلوبها بهذه البساطة التى وصفتها . فالواقع العملى اكثر تعقيدا لأن مراكز صنع القرار لاتمارس فعلها فى الفضاء المثالى المفترض ., وإنما تمارسه تحت سطوة صراعات تاريخية كبرى ومصالح يتعارض بعضها مع بعض , والكثير منها غائر فى زمانه أو جامح فى مقاصده أو عنيف فى ممارساته , وفى ظل هذه الأحوال فإن القرار السياسى تحكمه – بالقطع – عوامل غير مثالية !
    وبالتوازى فإن مجالات صنع الأفكار ومنجزات العلوم وتجليات الفنون لاتطرح مالديها فى ذات الفضاء المثالى المفترض , وإنما تتأثر هذه المجالات فى مجمل نشاطها بضغوط يناسبها أن تضرب علها تزيح أو تحجب علها تحتكر وهنا تبرز عوائق تعرقل المثال الحر للقيمة والقدوة .
    يلى ذلك أن قنوات الأتصال التى تمثلها الصحافة لاتمارس دورها فى نقل الأخبار والأفكار وصوت وصدى الحوار على خطوط مستقيمة سالكة ومطهرة , وإنما تتعرض قنواتها المفتوحة على الطرق الطويلة لأنواع ودرجات من التدخل والتحيز تمليها الصراعات والضغوط والمصالح وحتى الأهواء والأمزجة .
    حضرات السيدات والسادة
    اننى سعيد بهذه الفرصة التى أتحتموها لى كى أتحدث أمامكم فى هذه المناسبة التى توافقت فيها جامعة عريقة مع وكالة أنباء شهيرة على لقاء يسهم فى دعم كفاءة الأعلام من حيث إعداده وتأهيله لأداء دوره دون عوائق بين القرار والأفكار والحوار , وبحيث يتحمل هذا الأعلام مسئوليته فى أزمنة متغيرة .
    إننا نتحدث كثيرا عن عالم واحد , لكن مثل هذا الحديث فيه قدر من المبالغة أو ربما التمنى فقد نكون فى حكم الجغرافيا عالما واحدا , لكننا فى حكم التاريخ عالمان : شمال وجنوب , وليس يجدى أن نتأدب ونجامل فى الحقيقة , وكذلك ليس يجدى أن نكتفى بالنظر إلى النخب المتعولمة فى الجنوب وننسى الكتل الهائلة من البشر وراءها – بل بعيدا عنها –
    إن هنا ك عالمين : شمال وجنوب , والفجوة بين الإثنين واسعة وخطرة وهى تزداد إتساعا وخطرا إذ تلتبس الحقائق وتتداخل الهواجس بين المثالى المفترض وبين الواقع العملى المعقد عند صناع القرار والأفكار , وعندما تتلكأ قنوات النقل والتدفق الحر , وتتلوى مرات وتنسد مرات وتصبح الفجوة هوة والهوة هاوية وتتحول الرسالة لغما فى حرف أو قنبلة فى رسم !
    حضرات السيدات والساده
    إذا كانت دعوتكم مبعث سعادة وشرف لى , فهى فى ذات اللحظة مسئولية تدعونى أن أتحدث معكم بصراحة وأمانة أزعم أنها قد تكون مقبولة منى وربما مغفورة .
    ذلك أننى رجل من عالم الجنوب يدرك هموم عالمه لأنه يعيش واقعها , وهو يتحدث إلى عالم الشمال ويحسب أنه يستطيع فهمه , بظن أن الظروف أتاحت له أن يعيش مهنة الصحافة فى الجنوب والشمال معا فقد كتب فى العالم العربى وعنه , ومارس فى الجريدة والكتاب والتلفزيون هناك , ثم أن الظروف منحته فرصة أن يمارس هنا كذلك وإنطلاقا من هذا البلد بالتحديد , حيث قامت صحف ودوريات بريطانية عديدة مثل " "التايمز" و"الجارديان " والإندبندنت " و"والأبزرفر" بنشر مقالاته وأحاديثه . ثم إن مؤسسات نشر عريقة قامت بإصدار الطبعات الأصلية من كتبه فظهرت كاملة فى المكتبات لطالبيها , ثم نشرت على فصول مسلسلة حملتها صحف كبرى مثل " الصنداى تلجراف " و"الصنداى تايمز " إلى جانب مقالات وأحاديث وغيرها وكل ذلك أخذ عمله إلى لغات كثيرة وصلت به واسعا وبعيدا .
    حضرات السيدات والسادة
    قلت أن إنتمائى لعالم الجنوب يجعلنى مدركا لهمومه ومشاكله وقلت إننى زائر للشمال يظن أو يتوهم أنه يتفهم هذا العالم ومحركاته , وقلت أن المسافة بين العالمين واسعة وتزداد إتساعا , وأسمح لنفسى بالقول ومن هذه الحافة بين العالمين بأننا نحتاج الآن وبسرعة إلى جسور لعبور هذه المسافة وإلا تصادمت الكتل ووقعت انفجارات مهولة تسقط مثل الكواكب التى يختل مدارها فى ثقوب سوداء فى مجاهل الفضاء وبعض ذلك وارد واحتملاته تتزايد إن لم نبذل جهدا وأول الجهد أن نتصارح مهما كانت المصارحة مزعجة !
    دعونى أبدأ وأقول بتعميم إجمالى أن عالمنا فى الجنوب يشعر بأن القرار الصادر من مراكز القوة الدولية _ كما يصل إلية _ يصدمه بقسوة لايبدو أنها تأبه وتهتم وبإصرار على العنف لايبدو أنه يخشى أو يتحرج ثم أن صوت الحوار لايدعوه إلى مشاركة لأن القرار فى معظم الأحيان ينقض عليه بغتة ودهما .
    يشعر عالمنا فى الجنوب كذلك أن دنيا الأفكار والعلوم والفنون _ كما تضىء أمامه من بعيد _ ليست مقبلة عليه أو مرحبة به كما يأمل ويتمنى . ثم أن صوت الحوار يصل إلى الجنوب _ إذا وصل _ مثقلا بشوائب من التحيز بل والعدوانية .
    وهنا وفى هذا السياق فإننى أستأذن أن أطرح أمامكم ثلاث ملاحظات آمل أن توضع فى إعتباركم راجيا ألا يعتبر القول فيها نوعا من الشكوى أو عارضا من هواجس عقد نفسية لدى القائلين بها , وإذا بدا ظاهر هذه الملاحظات بعيدا عن الموضوع فإننى آمل فى صبركم لعله يتضح أنها قريبة منه إن لم تكن فى صميمه .
    أول الملاحظات : أننا لسنا أمام صراع حضارات متعددة متعارضة يمكن أن تتصادم أو تتصالح لأن شواهد التطور التاريخى تومىء إلينا بأننا حضارة إنسانية واحدة صب فيها الجميع ما ذاد مندهم أوقات الفيض وسحب منها الجميع مالزمهم أوقات الجفاف وساعدوا كل فى زمانه على ملأ خزان هائل للحضارة الإنسانية أصبح شراكة طبيعية ورصيدا جماعيا متاحا بالحق لمن يريد ويستطيع .
    ومن المفيد هنا أن نتذكر أنه مع إتساع الأرض وإتصال التاريخ فإن جميع الشعوب والأمم قدمت ماراكمته من ثقافات البيئة والمعرفة والتجربة ,- وعن طريق الإنتقال الحر للمنافع –إضافات سخية ومستمرة وتلقائية إلى المشترك البشرى الجامع وذلك ماأحدث حالة التأمل والفلسفة بحثا عن الحق والحقيقة _ حالة كشف العقل حين تعرف الناس فى الفجر الإنسانى على ملكات التصور وتوصلوا إلى سر الحرف فى الأبجدية وسحر الرقم فى العدد _ حالة التبيه إلى معجزة الزراعة حالة صناعة الأدوات والمعدات _ حالة فنون المعمار – حالة فتح الطريق وإستئناس وسائل المواصلات – حالة صنع السفن وركوب البحار – حالة النظر فى الفلك ومسارات النجوم إلى آخره .
    فى هذه الحالات وغيرها فإن الثقافات الطالعة فى كل مكان شقت جداول وينابيع محلية فاضت على جوارها عندما تبين هذا الجوار نفعها ثم إلتفت هذه الجداول والينابيع لتكون مايمكن أن نسميه مجمع ثقافات أو أحواض حضاريه بعضها يكاد يكون مرسوما محددا كخط بالقلم ومثاله الأظهر حوض البحر الأبيض –ثم أن الأحواض الحضارية فى كل إقليم من أقاليم الدنيا امتلأت وفاضت وتمددت وإتصلت بحيث بسطت محيطا واسعا لحضارة إنسانية قابلة للإنتشار , قادرة على العطاء , عابرة للزمان والمكان .
    وعلى إمتداد عملية التفاعل بين الثقافات وهى تتدفق من مواقعها الأولية وأحواضها الأوسع إلى المحيط الكبير . وما بين الصب والسحب من الرصيد المشترك من الحضارة الإنسانية فإن الحوض الحضارى للبحر الأبيض تحركت عليه تيارات تبدوا وكأنها خريطة مناخية حية موصولة بين معابد وقصور بابل ومنف إلى أروقة وأعمدة أثينا . إلى مكتبة الأسكندرية إلى دار الحكمة فى بغداد إلى دمشق إلى قرطبة ثم عبر صقلية نحو جنوب أوربا إلى ايطاليا ثم إلى الشمال نحو المانيا وفرنسا وبريطانيا ثم يتجه الخط عابرا الأطلسى إلى امريكا ينفذ إلى الشاطىءفى إتجاه الباسفيك ليعود فيطل على شرق آسيا فإذا الحيوية المتجددة لفيض البحر الأبيض عبر الأطلنطى تجتاز المحيط الهادى لكى تلتقى هناك بالحوض العميق للحضارة الصينية . لقد تصادف هذا الصيف أننى وقفت أمام مكتبة الأسكندرية التى أعيد بنائها ثم كنت بعد أيام عند سفح " الأكروبول " ثم صعدت سلم كنيسة القديس بطرس فى الفاتيكان ثم تجولت متأملا معالم النهضة ومقتنيات القصور فى " فلورنسا " ثم مشيت فوق جسور فينسيا نحو ميدان القديس مرقص وعند هذه المواقع ومشاهدتها فقد ملأت خواطرى عبارة كتبها الأستاذ أمين متحف المتروبوليتان فى نيويورك قال فيها " أن حوض البحر الأبيض المتوسط حدود سائلة " وذلك وصف دقيق لحركة الثقافات فى صنع أحواض حضارية ثم فيضان هذه الأحواض لتصبح محيطا حضاريا عالميا وإنسانيا واحدا . وربما إذا عدنا لحظة إلى مجال السياسة لنذكر أن هذا المحيط الإنسانى ينسب _ ولو من باب المجاز _ فى كل عصر إلى القوة الغالبة فيه فهو فرعونى فى عصر , إغريقى فى عصر ثان , رومانى فى عصر ثالث , مسيحى فى عصر رابع , اسلأمى فى عصر خامس , أوربى فى عصر سادس , أمريكى فى هذه اللحظة العابرة .
    ومع تعدد اللغات فى حالة الثقافات فإن الحضارة لها لغة رئيسية فى كل آن هى لغة القوة الغالبة فى زمانها . فهذه اللغة الرئيسية نطقت يونانية لحظة , لاتينية لحظة أخرى , عربية بعد ذلك , ثم فرنسية أو إنجليزية فى هذا الزمان وقد تصبح نبرة أخرى غدا أو بعد غدا.
    وعلى تقلب العصور فإن غلبة القوة لايصح أن تنسينا شراكة الرصيد الإنسانى لمحيط الحضارة فوق أى أمبراطورية أو لغة
    أنتقل إلى ملاحظة ثانية ملخصها أنه قبل سنوات قليلة وقع إستغلال فجيعة إنسانية محزنة ضربت مدينة نيويورك فى الحادى عشر من سبتمبر 2001 , وبهذا الأستغلال تحولت الفجيعة إلى عملية تلاعب مقصود بالصور وبأسلوب خداع البصر , فإذا العالم يفاجأ بأن صورة المسلم _ عربى وغير عربى _ قد أزيحت لتحل محلها صورة المتعصب الإرهابى ثم تضافرت عناصر من عوالم القوة والأفكار تحت ضغط المصالح المتصارعة بقصد ترسيخ هذا التلاعب بالصور وخداع البصر إلى حد إعادة كتابة قصة الأرهاب فى التاريخ فإذا الشمال برىء منه وإذا الشرق الأقصى بعيد عنه وإذا بالدين الإسلامى وحده مرادف للإنتحار والقتل فى المخيلة العامة الشائعة فى الشمال
    نلاحظ أن رمزا دينيا له مقامه هو بابا الفاتيكان بندكت السادس إلى ألمانية فإذا هو يلحق التمدن فى الشمال والهمجية بالجنوبالإسلامى ويقرر ولو بالتلميح ان الفارق بين العالمين " أن الغرب أخذ من المسيحية ثم من الفلسفة اليونانية مايميزه عن غيره فى إعلاء قيمة الإنسان " وكان أمل كثيرون ورجاؤهم لو تذكر خليفة بطرس الرسول أن المسيحية كلها غيث نزل على الشرق وفاض على الغرب رسالة وحكمة , حواريين وقديسين قصصا وتعاليم , صلوات وترانيم , كما أن السيد المسيح نفسه من مواليد الناصرة والقديس بطرس الذى يقوم الفاتيكان على رفاته من أبناء القدس كليهما من الشرق وأن القديس مرقص الذى تقوم كنيسته بمعمارها المتميز على أجمل ميادين اوربا " سان ماركو " مولود فى أقاصى صعيد مصر وكان مدفنه فى الأسكندرية ومنها أخذت رفاته " ولا أقول سرقت " فى القرن التاسع إلى فينسيا وذلك رغم أن كبار فنانى النهضة جنحوا إلى تصوير هؤلاء الرسل والقديسين والحواريين معظم الوقت أصحاب بشرة بيضاء وعيون زرقاء وشعر ذهبى
    هذا عن التأثر بالمسيحية فى شأن تمدن الشمال أو تمدن الغرب . أما عن نفحة الفلسفة الأغريقية فليس هناك من لايعرف أن الفلسفة الأغريقية لها مقدمات سبقتها وجوار مشرقى أحاط بها وانساب اليها , ثم أن الفلسفة الأغريقية ضاعت من اوربا فى ظلام القرون الوسطى بينما كان الجنوب الإسلامى فى حالة إنتعاش وتدفق ثقافى وضمن تفاعلات هذا الإنتعاش والتدفق فإن الفلسفة الإغريقية عادت إلى اوربا عن طريق فلاسفة الأندلس العرب وعلى رأسهم الفليسوف المسلم الأشهر محمد ابن احمد بن رشد الأندلسى ولم يكن ابن رشد وغيره من فلاسفة الإسلام مجرد وسطاء أو ناقلين وإنما كانو مجددين زادوا بالدرس وتوسعوا وأحاطوا .
    هى أذن حدود سائلة على وصف استاذ متحف المتروبوليتان الحكيم .
    حضرات السيدات والسادة
    بقيت ملاحظة ثالثة اتمنى أن المسها فى رفق .
    أننى توسعت كثيرا فى حديث التاريخ بينما حديثنا عن الصحافة وظنى أن هناك صلة من نوع ما بين الأثنين معقدها أن الشرق المسلم ومعه مسيحيوه يدفع الضرائب مرتين :
    الأولى لأن حركة التقدم العالمى بسبب ثورة العلوم والتكنولوجيا لم تعطه حتى الآن فرصة لإلتقاط الأنفاس يمسك لحظتها بالعصر ويواصل معه , فى حين أن الشرق البوزى نجح أحيانا فى الإمساك باللحظة فإن الشرق الإسلامى ومعه مسيحيوه تعذر عليهم اللحاق لأسباب معقدة ليس هذا مجالها .
    والثانية : وهى التى تعنينى لإتصالها بموضوع الإعلام وملخصها أن الشرق المسلم يعانى من أن الأقلام والأضواء والعدسات كلها توجهت وتركزت عليه بينما هو يعانى المرحلة الأصعب فى الأنتقال من قديم إلى جديد ومن تأخر إلى سبق ومن عتمة إلى نور . وبالطبع فإنكم تتذكرون أن ولادة الجديد عندكم جرت وراء ستار وأما فى عالمنا فإنها جارية فى منتصف النهار . وكذلك كان الجديد عندنا حملا ومخاضا وميلادا عاريا تحت الوهج وعلى مرأى ومسمع من عالم يتابع مايجرى متجاهلا لحقيقة أن الحمل والمخاض وولادة الجديد حتى وإن كانت مؤلمة عندكم كما هى عندنا فإن الفارق أنها جرت عندكم مكتومة لتظهر بعدها فى كتب التاريخ بأثر رجعى لكنها عندنا جرت على الهواء مباشرة فبدت وكأنها فضائح بالصوت والصورة واللون .
    حضرات السيدات والسادة
    لقد كنتم محظوظون فى إجتياز الجسور من التخلف إلى التقدم ولم يكن لدينا مع الأسف هذا الحظ أو بعضه .
    ويسأل بعض زملائنا هنا فى الشمال ماذا نفعل ؟ أو ليست تلك طبيعة السرعة ؟ والتساؤل صحيح والرد عليه بأمانه : أن الإعلام فى الغرب ليس مطالبا _ بالتأكيد _ وهو يغطى الشأن الجارى فى الجنوب أن يستعيد السجلات كل مرة لكن المرادف المعنوى لتعذر الأستعاده هو استذكار درجة من ثقافة الإدراك والتعاطف والموضوعية .
    دعونى أقول أنه ليس من باب التعسف أن نسأل لو أن الصحافة الحديثة وضمنها وكالات الأنباء مثل "رويترز" أو مؤسسات مثل ِA.B.C – C.B.S-,والجزيرة وsKY-FOX-C.N.N
    كانت حاضرة زمن حروب الأباطرة والملوك والكرادلة والعلماء والمذاهب والطوائف والقوميات والطبقات والأمبراطوريات والتحديات الإمبراطورية لها فى اوربا ؟؟ ماذا على سبيل المثال لو كانت هذه الصحافة
    الحديثة حاضرة أيام مذبحة "سان بارتو
    ليمو" مثلا حين جرى ذبح مئات الألوف من "الهوجونوت " الفرنسين على أيدى مواطنيهم من الكاثوليك بتحريض من كرادلة ونبلاء ؟؟
    ماذا لو كانت هذه الصحافة الحديثة حاضرة فى ميدان الكونكورد حيث كانت مقصلة الثورة الفرنسية تدور وتقطع رؤوس الملوك والأمراء والسياسين والمفكرين كل يوم فى الصباح إلى منتصف الليل ؟؟ أو لو عبرت البحر إلى برج لندن تنقل مايجرى وراء اسواره للإخوة من النبلآء والمحظيات واولياء العهود من مآس وأهوال ؟؟ وماذا لو كان هناك بث على الهواء مباشرة لوقائع الحرب الأهلية الأمريكية حين قتل فيها الأخ أخيه وانتهك عرضه وحرق زرعه واستباح مدنه وقراه فى أطول مجزرة عاشتها أمريكا وأغزر شلال دم تدفق فى العالم الجديد !! وماذا لو كان هناك نفس البث المباشر حاضرا ينقل على الهواء مباشرة مشاهد بعض أو أشد الأعمال ظلما فى تاريخ الإنسانية ؟؟ تلك التى كان الشمال لسوء الحظ فاعلها من ظاهرة الإستعمار إلى ظاهرة العبودية وإلى ظواهر أخرى متتالية فى قلب القرن العشرين وضمنها الستالينية والفاشية والنازية ومعاداة السامية ومحارق الهولوكوست التى طالت اليهود وغيرهم من الأجناس والأعراق .
    وماذا لو أن هذه الوسائل كانت حاضرة وعلى الهواء مباشرة لنقل الحرب الأهلية فى أسبانيا وتنقل فظائع " جوبرنيكا " "فالنسيا " و"توليدو" بدلا من أن تعتمد فى وصفها على لمحات من كتاب فنانين وساسة من وزن " بابلوبيكاسو" و"أرنست همنجواى " و"أندريه مارلو" و"هيوتوماس " ؟؟
    تذكرون أن وسائل الأعلام الحديث لم تلحق إلا قرب النهاية بأهوال الحرب العالمية الأولى وإلى حد محدود بالحرب العالمية الثانية . ونعرف بالطبع أن هاتين الحربين العالميتين كانتا صراعا بين قوى الشمال ذاتها لكن الأطراف المتحاربة نقلت ميادين القتل إلى كل القارات وفرضتها على كل الأمم والشعوب وكانت الحصيلة الإنسانية مابين ستين وسبعين مليونا من القتلى وما بين مائة وخمسين إلى مائة وسبعين مليونا من الجرحى فى الحربين معا . وعندما جاء المشهد الأخير فى الحرب العالمية الثانية ووقغ إستعمال السلآح النووى فإنه لم يكن هناك نقل مباشر على الهواء وعلى أية حال فقد إكتفينا جميعا بسماع اصداء الماساة قائلين فى نفس واحد شمالآ وجنوبا لن يتكرر ذلك مرة اخرى ومع ذلك وبرغم هذا التعهد الإنسانى الجامع فإنه عندما نشبت المعارك فى افغانستان والعراق لم تتورع القوات المريكية عن إستعمال أنواع من أسلحة اليورانيوم المستنفذ وتلك درجة من الإستهتار بالوعد وبالإنسان يصعب إغتفارها .
    حضرات السيدات والسادة
    تلاحظون أننى أطلت الحديث فيما جرى عندكم وكنت فى ذلك عامدا حتى تبين الصورة أمامكم ومع إن ذلك إلحاحا أعتذر عن طوله ولا أعتذر عن مقصده فمن الأنصاف أن نتمثل وجها آخر للحقيقة وهذا هو الحال دائما . فإلى جانب ماعرضت لطرف منه وكان يمكن أن أمضى فى قوائمه إلى مالا نهاية فإن هناك فضلا يصعب إنكاره مبدئيا على صحافة الشمال أوله ودون تحفظ أن بعض قضايانا توجهت إليها لمحات مضيئة لضمائر يقظة قاومت ضغوطا وتهديدات نعرف مدى خطرها ونقدر درجة نفاذها إلى دوائر صنع القرار والأفكار والحوار .
    وعلى سبيل المثال فإنه رغم سطوة أصدقاء اسرائيل فإن بعضا من الحقيقة ظهر عن قضية الشعب الفلسطينى الذى أقتلع من أرضه وأزيح إلى معسكرات وجيتوات مقهورة يائسة _ ثم أنه برغم سلطان ماسمى بجماعة المحافظين الجدد ومعهم مجموعة المستشرقين الجدد فإن حقيقة ماجرى فى العراق تكشفت إبتداء من غزو بلد عربى وتمزيقه بغرور وجهالة القوة وبذرائع مختلفة . كما أننا عرفنا أن الشعب العراقى فقد نصف مليون مواطن قتلوا وثلاثة ملايين خرجوا لاجئين من وطنهم بعضهم لازال فى العراق وأكثرهم فى المنافى خارجه . ثم أننا بفضل تلك الضمائر اليقظة فى الشمال عرفنا ماجرى فى معاقل القهر من " جوانتانامو" إلى "ابو غريب" إلى الفالوجة إلى البصرة إلى الموصل .
    إن تلك الضمائر الحية فى صحافة الشمال هى التى كشفت كثيرين من هؤلاء الذين قدموا خططا سياسية والذين قدموا فتاوى علمية فى خدمة مشروع أخذه مايعترى الأمبراطورية من حماقة القوة وتجاهل ما تراكمه الأمبراطورية من حكمة الخبرة ليثبت أن مشروعه هو الأقصر نظرا بينها .
    إننا وأهم من ذلك كله فى تجربة الصب والسحب من الرصيد الإنسانى المشترك فى المحيط العالمى الأوسع أخذنا هذا العلم البديع الذى قام هذا المعهد ليخدم أهدافه وهو الصحافة مكتوبة مسموعة مرئية ولا أتجاوز إذا قلت أنه أدى دورا هائلا فى حياة عالمنا .
    إنكم بالطبع سبقتم وطورتم مستعينين بإختراقات التكنولوجيا حتى أصبح الأعلام العابر لمسافات الكون أبرز ظواهر العصر وأقوى محركاته
    حضرات السيدات والسادة
    على أن طبائع مراحل التطور كما تفتح بإستمرار تقيد أحيانا فتضع حدودا لما يمكن أن يأخذه الناس عن غيرهم بل يتحتم عليهم أن يصنعوه فى تجربتهم بآلامهم , لأن هناك مجالات يستحيل فيها إختصار المعاناه بالنقل أو بالمحاكاه تجنبا لإعادة إختراع العجلة من جديد .
    وأول هذه المجالات هو مجال الحرية ليس بمعناها الشاعرى وإنما بإعتبارها توجها إلى نظم دستورية وقانونية مضمونة بعقد إجتماعى وسياسى يفرض إحترام الحقوق وبحيث يستطيع أي مواطن حر أن يمارس مسئولية المواطنة .
    إن تجارب الحرية يصعب نقلها ويصعب إنتشارها وتعميمها بالحركة الطبيعية الذاتية لعملية التطور بل يتحتم صناعتها من البداية إلى مقصودها أو صيانة هذا المقصود والدفاع عنه لأن العصور لاتتماثل والأحوال لكل أحكامها .
    فعبر القرن العشرين _بالذات _ تحددت القواعد والأصول عندكم وأصبح ممكنا إرساء أصول وترسيخ بناء وذلك لم يحدث بعد عندنا فى الجنوب . حيث مازالت الحدود مضطربة وما زالت القواعد واهية لأن الصراع من أجل التنوير والحرية والتقدم يتخبط محتدما وتحت ظروف عصية .
    بينها أن هذه المعركة فى الجنوب تختزل فى لحظة زمنية راهنة معارك واجهت الشمال متتالية فهناك تعاقبت وتوالت عصور التغيير : الحرية والتنوير _ الصناعة والتجارة _ العدل الإجتماعى – المواصلات – الأتصالات – الإنترنت _ عالم النشر الإلكترونى _ لكن عندنا تزاحم ذلك كله مع تباين الخلفيات والرؤى والضرورات .
    وبينها أن تداخل العصور أحدث ضغوطا ومؤشرات حادة قومية ودينية وطائفية ومذهبية أدت إلى خلط بين الأولويات وإلى شطط فى الوسائل قاد أحيانا إلى مجاهل تاهد بعيدا بالمقاصد .
    وبينها أن المناخ الذى يحيط بعملية ولادة تجرى على الهواء مباشرة , على قارعة الطريق وفى منتصف النهار يصيب جميع الأطراف بكل الأمراض التى تصاحب الإنكشاف ومنها الإضطراب والإدعاء والإخفاء والتعمية .
    وبينها أن نظم الحكم القائمة عجزت أن تؤسس لنفسها شرعية دستورية أو قانونية ولم تعط سلطتها إختيارا وتفويضا بل إملاء وقمعا تعطلت إذاءه دواعى الرشد السياسى والإجتماعى وإدارة الأزمات وذلك ساعد على الإساءة لمشهد التطور عندنا وأساء إلى صورته .
    ومع إننى أتردد كثيرا قبل أن أضيف أى مسئولية إلى حساب غير المعنيين فى الأصل بها فلابد من القول _ودون حرج _ أن العنصر الخارجى يلعب دورا شديد السلبية فى منطقتنا من الجنوب بالتحديد الشرق الأوسط .
    فهناك فى قلب هذه المنطقة ثلاث دواع للخطر أشير إليهما بإقتضاب لكى أتجنب تكرارا شائعا ومملا رغم صحته وهى بالترتيب : الموقع الإستراتيجى _وأهمية البترول حتى يظهر بديل _ اسرائيل .
    وهنا فمن الحق أن أضيف أن التفاعل بين عوار الشرعية الذى أصاب الدولة العربية الراهنة مع ضغوط التطور فى الداخل على النظم مع دواعى الخطر من العناصر الخارجية كل ذلك أدى إلى فجوات واسعة سمحت بالتدخل الدولى فى الشأن الداخلى للمنطقة على أنه لسوء الحظ أن بعض النفاذ الخارجى إلى المنطقة لم يكن دائما ضيفا ثقيلا دعا نفسه وإنما وصل مدعوا مرغوبا فيه لمناورات السياسة الداخلية وتوازناتها المتصورة أو المتوهمة !
    حضرات السيدات والسادة
    إذا كنت قد وجهت بعض الملاحظات وفى لهجتها نبرة حدة فإننى لم آت إلى هنا مكابرا ولا معايرا
    وإذا كنت فى نفس الملاحظات قد إعترفت بالتقدير لضمائر حية أدت أمانتها عندكم فإننى لم آت إلى هنا مادحا أو مهنئا .
    وإذا كنت أخيرا قد لمست جانبا من الأوضاع الراهنة فى أحوالنا فإننى لم آت إلى هنا شاكيا أو محرضا .
    لقد جئت إلى هنا لسبب رئيسى هو أن أطل على مشهد المحيط الحضارى الإنسانى قريبا من شاطىء المهنة التى تعينكم وتعنينا , جئت وورائى مؤسسة تحمل بمحض المصادفات أسمى شاغلها خدمة الكفاءة المهنية لشباب الصحفيين العرب .
    وقصارى ماأريده وذلك قصدى وهدفى لايخرج عن المشاركة معكم فى بناء جسر على موقع من مواقع بناء الحضارة الإنسانية الواحدة التى صبت فيه كل الأمم ماتجمع لديها من نتاج ثقافاتها مما يكون صالحا للجميع وحقا للجميع لأنه ملك الجميع . وشكرا لكم
    نص المحاضرة التى القاها الأستاذ / محمد حسنين هيكل فى جامعة أكسفورد فى يوم التاسع والعشرين من أكتوبر عام 2007 ..
    .



    د.
    بالإيمان والعلم والعمل تتقدًس الحياة

  2. #2
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    هذا تلخيص سريع مني أنا ( أبو بكر) لمن لم يُسعفه الوقت لقراءة النص كاملاً .! مع أني أتمنى على كل مهتمٍ ومتابعٍ لشئون الفكر أن يقرأ نص هذه المحاضرة القـيّـمة - كاملاً .!
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابراهيم عبد المعطى مشاهدة المشاركة
    نص محاضرة عميد الصحافة العربية فى جامعة اكسفورد
    توسعت كثيرا فى حديث التاريخ بينما حديثنا عن الصحافة وظنى أن هناك صلة من نوع ما بين الأثنين معقدها أن الشرق المسلم ومعه مسيحيوه يدفع الضرائب مرتين :
    الأولى لأن حركة التقدم العالمى بسبب ثورة العلوم والتكنولوجيا لم تعطه حتى الآن فرصة لإلتقاط الأنفاس ...
    والثانية : وهى التى تعنينى لإتصالها بموضوع الإعلام وملخصها أن الشرق المسلم يعانى من أن الأقلام والأضواء والعدسات كلها توجهت وتركزت عليه بينما هو يعانى المرحلة الأصعب فى الأنتقال من قديم إلى جديد ومن تأخر إلى سبق ومن عتمة إلى نور . وبالطبع فإنكم تتذكرون أن ولادة الجديد عندكم جرت وراء ستار وأما فى عالمنا فإنها جارية فى منتصف النهار ...

    ...إن هناك فضلا يصعب إنكاره مبدئيا على صحافة الشمال أوله ودون تحفظ أن بعض قضايانا توجهت إليها لمحات مضيئة لضمائر يقظة قاومت ضغوطا وتهديدات نعرف مدى خطرها ونقدر درجة نفاذها إلى دوائر صنع القرار والأفكار والحوار .
    وعلى سبيل المثال فإنه رغم سطوة أصدقاء اسرائيل فإن بعضا من الحقيقة ظهر عن قضية الشعب الفلسطينى الذى أقتلع من أرضه وأزيح إلى معسكرات وجيتوات مقهورة يائسة _ ثم أنه برغم سلطان ماسمى بجماعة المحافظين الجدد ومعهم مجموعة المستشرقين الجدد فإن حقيقة ماجرى فى العراق تكشفت إبتداء من غزو بلد عربى وتمزيقه بغرور وجهالة القوة وبذرائع مختلفة . كما أننا عرفنا أن الشعب العراقى فقد نصف مليون مواطن قتلوا وثلاثة ملايين خرجوا لاجئين من وطنهم بعضهم لازال فى العراق وأكثرهم فى المنافى خارجه . ثم أننا بفضل تلك الضمائر اليقظة فى الشمال عرفنا ماجرى فى معاقل القهر من " جوانتانامو" إلى "ابو غريب" إلى الفالوجة إلى البصرة إلى الموصل ...

    ... لأن هناك مجالات يستحيل فيها إختصار المعاناه بالنقل أو بالمحاكاه تجنبا لإعادة إختراع العجلة من جديد .
    وأول هذه المجالات هو مجال الحرية ليس بمعناها الشاعرى وإنما بإعتبارها توجها إلى نظم دستورية وقانونية مضمونة بعقد إجتماعى وسياسى يفرض إحترام الحقوق وبحيث يستطيع أي مواطن حر أن يمارس مسئولية المواطنة .

    ... أن هذه المعركة فى الجنوب تختزل فى لحظة زمنية راهنة معارك واجهت الشمال متتالية فهناك تعاقبت وتوالت عصور التغيير : الحرية والتنوير _ الصناعة والتجارة _ العدل الإجتماعى – المواصلات – الأتصالات – الإنترنت _ عالم النشر الإلكترونى _ لكن عندنا تزاحم ذلك كله مع تباين الخلفيات والرؤى والضرورات .
    وبينها أن تداخل العصور أحدث ضغوطا ومؤشرات حادة قومية ودينية وطائفية ومذهبية أدت إلى خلط بين الأولويات وإلى شطط فى الوسائل قاد أحيانا إلى مجاهل تاهد بعيدا بالمقاصد . (تصحيح : ربما كانت الكلمة الصحيحة بدل(تاهد)هي : تاهت أو تأوّدت ) .

    وبينها أن نظم الحكم القائمة عجزت أن تؤسس لنفسها شرعية دستورية أو قانونية ولم تعط سلطتها إختيارا وتفويضا بل إملاء وقمعا تعطلت إذاءه ( أجدها : إزاءه ) دواعى الرشد السياسى والإجتماعى وإدارة الأزمات وذلك ساعد على الإساءة لمشهد التطور عندنا وأساء إلى صورته .

    ... فهناك فى قلب هذه المنطقة ثلاث دواع للخطر أشير إليهما بإقتضاب لكى أتجنب تكرارا شائعا ومملا رغم صحته وهى بالترتيب : الموقع الإستراتيجى _وأهمية البترول حتى يظهر بديل _ اسرائيل ...

    نص المحاضرة التى القاها الأستاذ / محمد حسنين هيكل فى جامعة أكسفورد فى يوم التاسع والعشرين من أكتوبر عام 2007 ..
    .
    أشكر الأخ الفاضل الأستاذ \ابراهيم عبد المعطى ، على هذا النقل الموفّق لهذه المحاضرة الرائعة .
    إذا سرَّكَ ألا يعود الحكيم لمجلسك .. فانصحه بفعلِ ما هو أعلم به منك !

  3. #3
    الصورة الرمزية محمد المختار زادني شاعر
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : المملكة المغربية
    المشاركات : 1,230
    المواضيع : 143
    الردود : 1230
    المعدل اليومي : 0.18

    افتراضي

    الدال على الخير كفاعله

    لكما الشكر الجزيل على بذلتما من جهد في اختيار هذا النص

    وأحجز مكانا للرد بعد قراءته بتأن ...

    بوركتما

    ولكما عبارات المحبة الصادقة

  4. #4
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.84

    افتراضي

    دعونى أبدأ وأقول بتعميم إجمالى أن عالمنا فى الجنوب يشعر بأن القرار الصادر من مراكز القوة الدولية _ كما يصل إلية _ يصدمه بقسوة لايبدو أنها تأبه وتهتم وبإصرار على العنف لايبدو أنه يخشى أو يتحرج ثم أن صوت الحوار لايدعوه إلى مشاركة لأن القرار فى معظم الأحيان ينقض عليه بغتة ودهما .



    نعم

    انهم يسرقون غدنا
    الإنسان : موقف

  5. #5
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    وقصارى ماأريده وذلك قصدى وهدفى لايخرج عن المشاركة معكم فى بناء جسر على موقع من مواقع بناء الحضارة الإنسانية الواحدة التى صبت فيه كل الأمم ماتجمع لديها من نتاج ثقافاتها مما يكون صالحا للجميع وحقا للجميع لأنه ملك الجميع
    موضوع غنيللتثبيت
    تظل جماعات من الأفئدة ترقب صباح الانعتاق,لترسم بسمة الحياة على وجوه استهلكها لون الشحوب و شكلها رسم القطوب ,يعانقها الشوق و يواسيها الأمل.

  6. #6
    الصورة الرمزية ابراهيم عبد المعطى قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Aug 2007
    العمر : 70
    المشاركات : 170
    المواضيع : 45
    الردود : 170
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    الأساتذة الفاضل
    أعتقد أن هذه المحاضرة قمة فى الفكر الإستراتيجى المبنى على الدراسة الواضحة
    والفكر المستنير .. أسس لها الصحفى الكبير خطوطا عريضة للواقع المعاش سواء
    فى البلاد العربيه أو الشط الاخر من الكون كما أطلق عليه .. ونبه الى الفواصل والحدود
    والتقاطعات والأهداف وفند الدوافع الإستعمارية لبعض الدول بإسلوبه السهل الممتنع .ز
    لذا أهيب بالجميع بقراءة النص والتدبر بما جاء فيه .. والمناقشة الموضوعية الجادة ..
    وتفضلوا جميعا بخالص الود والإحترام
    ابراهيم عبد المعطى داود

المواضيع المتشابهه

  1. محمدُ مرسي في الرِّجالِ عميدُ!
    بواسطة فوزي الشلبي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 23-04-2013, 06:34 PM
  2. ترنيماتٌ نيلية ٌفى قصر ِ الرشيد...!!
    بواسطة عبدالوهاب موسى في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 30-11-2011, 10:39 PM
  3. عميد الزعماء العرب - للشاعر عبدالرحمن العشماوي
    بواسطة آمال المصري في المنتدى مُخْتَارَاتٌ شِعْرِيَّةٌ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 16-11-2011, 09:02 AM
  4. وداعاً عميد الأدب الإسلامي المقارن د. حلمي محمد القاعود
    بواسطة زاهية في المنتدى قَضَايَا أَدَبِيَّةٌ وَثَقَافِيَّةٌ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 17-07-2010, 01:22 PM
  5. على هامش رائعة عميد الشعراء محسن شاهين المناور/ شعر لطفي الياسيني
    بواسطة لطفي الياسيني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 06-07-2008, 06:15 PM