يا قدسُ عودي
مالي أطيل الصمت حين أرى سماءك بالغيوم تلبدت، فأراه دمعاً في الشروق، وفي الغروب دماً على شفقٍ يودّع آخر الأيام في أسرٍ يقيم ولا يروح
يا قدسُ عودي، رمّميني فالجروحُ الغائرات تهدُّ روحي، بالنوى وتمرُّ كالأخدودِ في صخرٍ تحدى عادياتِ الريحِ والأمطارِ والإعصارِ.. لكنْ هدَّه تنقيطُ ماءٍ في تجاويفِ الجروحْ..
يا قدسُ عودي، إن دمعي حينَ هلَّ سقى الصحارى بيننا، فغدتْ مروجَ الوردِ إذ تمتدُّ من عيْنِي وقلبي نحو سورَك باخضرارٍ شاهقٍ نحو الصروح
يا قدسُ عودي، إنّ ما بيني وبينَك من غرامٍ واشتياقٍ واعتناقٍ، لا تضاهيه القصائدُ في دفاترِ عاشقِيك.. قصائدي سَبَقَتْ هواهُم، غير أني لا أبوحْ
يا قدسُ عودي إن دهراً قد مضى وتفتّتتْ لفراقِنا أحلامُنا، بتفاعُلِ البارودِ والنيرانِ بالأشلاءِ والدَّمِ والتشتتِ واللجوءِ.. وما انتهى!! وتحكُّم السجّانُ والمحتلُّ بالأطلالِ والجيلِ الطموح
يا قدسُ عودي، كي أُلَمْلمَ ذكرياتي في شوارعِكِ المكوّرةِ الزوايا والشبابيكِ المطلّةِ صوبَ سورِ المسجدِ الأقصى العزيزِ. ففي الحواري الحالماتِ تلاشتِ الآهاتُ والأناتُ والخفقاتُ من قلبي، ورجّعتِ الصدى في صوتِ لاجئةٍ تنوحْ
يا قدسُ عودي، عادَ كل الناسِ إلاّنا، وعادَ لك السنونو الأربعون، ولا نزالُ نفتّشُ الدنيا ونبحث عن وسيلةِ عودةٍ، بالسيفِ والبارودِ بالأحجارِ بالجنسيةِ الأخرى وبالتصريحِ كي نشفي القروحْ
لكن أبواب السفارات اللئيمةِ والفصولِ الأربعين مع السنونو أُغلقت، وتحوّلت بوجوهِنا أسوارَ فصلٍ عنصريٍّ يبتغي أن يحجبَ الأحلامَ عن شمسِ الحقيقة كي تغيبَ القدسُ عن فجرٍ يلوحْ
لكنَّ فجرَكِ قادمٌ يا درّةَ الأكوانِ، قومي لملِمِينا يا حبيبةُ واسكبينا في قواريرِ العطورِ لكي نلامسَ ذاتَ يومٍ –يا حبيبةُ- نورَك المكنونَ في الوجهِ الصبوح