أردت أن أكتب رسالة أودع بها عامي قبل أن تسقط آخر ورقة من أيامه التي تطلب الفناء ، كتبت الكثير على صفحاته كعادة غيري ممن يمارس طقوس يومه ، تصفحته مطولا وأسعدتني لحظات حرصت على توثيقها ، هي بعض أفراحي من ثوانٍ غادرت سريعا .
بحثت تفاصيل الأحداث ، راقبت عثراتي ، عاتبت نفسي كثيرا وبكيت أكثر ، عدت لأيام بالكاد تعرفني لكنها رسمت طريقها داخلي بقوة ، أتحمل مسئولية دقائقها ، أيقنت أن زماننا يكتبنا لنعيش ثوانيه ونقتات السعادة التي نعيشها وهما دون واقع ، وجدتني أردد ألا ليت بعضا من مصالحة مع الزمن لأرشف دمعة الحسرة التي أيقظت حلما كاد أن يتملكني .
هاهنا أقف على عتبة المغادرة بين العديد من الأنفاس الثكلى والتي جاءت تحمل أكف الوداع مكرهة مجبرة ، شهقات المغادرة حنين يردد تراتيل الوجع ، أحسستها بين الحجب ، كنت واحدة منها دون رغبة مني ، هيبة تجلت عند بوابة الرحيل ، من كل ذاك أيقنت أنني أكثر الجمع ألما وأعظمهم فقدا .
انسلخت من وخز الوجع لأتسلل بهدوء خارج ذاتي في محاولة لإغلاق الباب دون صرير ، أردت أن أحبس أنفاسي خلفه لأمنع عني عينا قد ترصدني شفقة ورأفة ولن أرغب في ذلك ، كان كل شيء أكبر مني ومن قدرة احتمالي التي أحاول .
كانت صرختي تعبث بكياني فتلطم وجه حسرتي لتموت في صدري أمنية لم تكتب لها الحياة ولن تكتب .
ها أنا أودعك أيها العام وقد أيقظتني جفوتك من عالمي الوردي ، أردت عتابا بقدر هامتك التي أوجعتني رغبة ورهبة فكانت القسوة فيصلها .
أنا هنا أمامك أعترف وأتألم بذاك الاعتراف ، قريبا تخرجنا من حياتك وتتبرأ منا ونحن أكثر ضعفا من ذي قبل ننتظر جديدا نجهله .
شمعة الرحيل لعام مغادر :
كنت أعتقد أنني أهب عمري سطرا جديدا من روح تحتويني ، كانت هبة القدر وودعتها مع الساعات الأخيرة من رحيلك .