كتبتها مع أول هطول للمطر قبل يومين على مدينتي جدة ( بعد غياب طويل ):
مدينتي اليوم ترُشف عطر الجنة ، تغرد بلابل السماء .. تهتف ، تعانق الإنسان .
الأرض تتزين تستقبل هبة الفضاء ، ترقص الأزهار ، هناك صوت المطر .
عروس تغتسل ، ينسكب العطر مسكا ، ترتوي القلوب العطشى ، كم طال الظمأ .. !
حفيف الأشجار في همس ، دون حركة ، لقاء حار .
أصبوحة الخير وتراتيل البشرى ، أنت وأنا وذاك المطر ، دندنة حضور والندى الباسم ، أراجيز تبيح حرارة اللقاء ، اغتسال و طهر ، حالة نعيشها وليدة لحظتها .
صباح الخير والعنبر ، صباح المسك فواحا ، صباح الجمال الذي يستوطن الأرواح ، صباح القلوب الطيبة التي تسكن هاهنا .
وابل يرطب شفاه أرضنا المتصحرة ، والفجر يختلس النظر ليفتضح أمره مع أول عناق ، تتحرك الطرقات بهدوء ، والسير حثيث دون التفات ،المركبات دون أزيز ، هيبة اللحظات تفرض الواقع ، من النافذة لوحة ترسم نفسها لقاء الأرض مع آخر المدى ، تمتمة عشق تداعب حبات المطر وبين الثغر والنحر كانت غفوة الإشراق ليتنفسها أول النهار في ثوانٍ مغادرة .
كان للكون أسراره ولأول التباشير مقاليد الأمور ، رحلة نثرت روحها مع أول المطر ، سلمت في صمت يسكن اللحظة ، واستكملت دفئها مع كينونة المشاعر لتهدأ على وقع خطوات الصوت .
كان وعيا دون مدركات ، كان الكثير منه يشبهه ، ولا يشبه إلا ذاته المفردة .
ارتعاش النبض ، أحاسيس تكتب نوتة الليل القادم برحلة الأحلام وعربة الطريق إلى القمر ، لاشيء كمثل ليلة ترقص فيها المشاعر على أعتاب الفرح ، القناديل تنير الدروب ، والأقمار تطلق أغاريدها بوشاح على هامة العروس ، اكتمال البدر دون اكتمال الأرض ، وأشرعة تهليل تزف الدعوة ، هاهنا الأرض تتدثر ببعض من هبة الأرواح .
نورانية قدر ونغم ولقاء كبداية يوم ابتسم ثغره فكان المطر .. روح وريحان .
رقصة المطر :
لا تقبل إلا دفء صوتك ، والبسمة ، وبعض العطر ليكون الصباح أنت والسماء والمطر وكفى .