أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: العودة إلى منطقة الغزل العذري

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد نعمان الحكيمي شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 3,110
    المواضيع : 251
    الردود : 3110
    المعدل اليومي : 0.47

    افتراضي الأسودي في عزفه الصامت ..العودة إلى منطقة الغزل العذري

    عبد الفتاح الأسودي في عزفه الصامت
    العودة إلى منطقة الغزل العذري
    د. علي الصكر
    تزامن التجديد الهائل في شكل ألقصيده العربية مع تحول ملحوظ نحو مضامين جديدة كلياً وهكذا اختفت شيئا فشيئا (أغراض) الشعر المدرسية التقليدية من مدح وهجاء وغزل ورثاء وغيرها من الأغراض التي كانت تدل عليها وتمهد لها المطالع الشهيرة ويمكن للقارئ الاهتداء إليها ببساطة شديدة بل إن الشاعر نفسه يبذل ما في وسعه لتوضيح (الغرض ) للقارئ وإزالة أي غموض أو لبس في قصيدته . أصبح الأمر معكوساً تماماً مع التحول الهائل - في الشكل - الذي جاءت به قصيدة النثر الحديثة وبدا واضحاً أن قصيدة النثر إذ تتحرر من الأردية الثقيلة التي كانت تتدثر وتتزين بها القصيده العمودية وقصيدة التفعيلة تلقي بتلك الأردية - وأكثر منها ثقلاً- على المضمون الجديد الذي تحمله هي ( قصيدة النثر ) وتجاهد في إخفائه وتوريته وإثارة الشك والريبة حوله . بل ان الإيغال في التجريب شجع كثيراً على ( التطفل على قصيدة النثر بتجارب ناقصة وغير ناضجة أو مكتوبة بحس الخاطرة والنثر الفني وهيجانات لغوية وصورية ليس فيها بؤرة إيقاعية أو لغة شعرية)ü كما يلاحظ - حتى- نقاد الحداثة الأكثر تحمساً لقصيدة النثر .
    سيكون الإيغال في التجريب ( الذي يتزامن غالباً مع الغوص عميقاً في الذات ) - إذن - هو النمط السائد في شعر الحداثة وبذلك تكون محاولة العودة إلى قاموس الشعر العربي القديم مجازفة غير مأمونة العواقب خصوصاً في ظل تغير مستوى الاستقبال والتلقي لدى القارئ المعاصر في وطننا العربي . لكن الشاعر عبد الفتاح الأسودي ( يجازف ) بالعودة إلى مناطق ألقصيدة العربية التقليدية وأجوائها الكلاسيكية بل انه يعود بالتحديد الى منطقة الرومانسية العربية التي أقفرت مؤخراً و كأنها خضعت لقرارات حظر التجوال...
    تأخذنا القراءة الأولى لمجموعة :العزف الصامتüü مباشرة إلى ثيمة الغزل العذري عبر احتفاء كبير بقاموس الشعر العربي القديم ونمط القصيدة العربية الكلاسيكية . لكن قصيدة عبد الفتاح الاسودي موجزة رشيقة غير فضفاضة لا تزدحم ولا تتداخل فيها الصور وتكاد كل قصيدة تتمحور حول صورة شعرية متخيلة خاطفة واحدة لكنها شديدة العمق واضحة الأبعاد في الوقت ذاته وغنية بقيمتها الرمزية التعبيرية . وفي شكلها هذا ومضمونها تطمح قصيدة الأسودي إلى محاكاة القصيدة -الأغنية وهو هدف ليس بالمستحيل اذا ما أراد الشاعر - رغم حداثة تجربته-الوصول إليه بدأب وجد وقراءة عميقة لديوان الشعر العربي .
    الإيقاع والموسيقى في (العزف الصامت) يوحيان بالبراءة و(البساطة وعدم التكلف) كما يلاحظ د. عبد الولي الشميري في تقديمه للديوان كما يلاحظ أيضاً ان إيقاعات البحور الشعرية القصيرة ( تحاكي صبياً يوالي قفزات عابثة ) .
    لم تحمل قصائد الديوان ( وعددها سبع وأربعون) تواريخ لكتابتها لكن ترتيبها كان مقصوداً بوضوح، فقصيدة ( آخر الكلام ) مثلاً تأتي أولاً ! فتكون بمثابة إعلان وتنويه من الشاعر لما سيرد بعدها من القصائد ففيها يتم الإفصاح عن الثيمة المركزية المسيطرة المتكررة التي يريد لنا الشاعر أن نضعها معياراً للتأويل وهي : الغزل العذري :
    أنا لا أريدك يا حبيبة لعبة ألهو بها ... وتؤول للنسيان
    أو أن نصير كعاشقين تساقيا خمر الهوى زمنا .. ويفترقان
    بذلك الوضوح والبساطة الشديدة يخلص الشاعر إلى غرضه العذري - الشرعي - الحقيقي دون مواربة أو تمويه :
    إني أريدك طفلة أهدي لها عمري وينمو عندها وجداني
    إني أريدك نصف ديني..إنني لا أشتهيك لمتعتي لثواني
    سيعمل هذا الإعلان كتصريح مرور لشعر الأسودي إلى المتلقي يؤطر ويحدد بخطوط عريضة لمستويات القراءة والإدراك اللاحقة حيث أن التعامل مع ثيمة الغزل الشائعة لن يخرج عن هذا الإطار الذي أضفى عليه الشاعر صبغة مقدسة بعبارة (نصف ديني ) التي لها دلالاتها العميقة جداً في الوعي الجمعي المسلم . سنعيد التنويه هنا بما نوه عنه الدكتور الشميري بعجالة في المقدمة من أن الشاعر يحتفي بغزله بسوسيولوجيا محلية معينة عبر ثنائه وتشبيبه بحبيبته المحجبة كما في قصيدة ( آية) حيث ينقاد الرجز للغرض الشعري بيسر وسلاسة :
    فالوجه في حجابه بدر حوته منظره
    وبنفس البحر كتبت قصيدة ( دفتر الثقافة) وهي قصيدة موقف تلتقط فيها كاميرا الشاعر لحظة عابرة فتسجلها بدقة وإحساس مرهف دون أن تنسى الإحالات المقدسة المذكورة آنفاً:
    يد الإله زينت من ثغرها ضفافه
    والورد في خدودها قد أعلن اعتكافه
    يتطور هذا الوتر شيئاً فشيئاً ليقترب كثيراً من غزليات الصوفيين الشهيرة كما هو الحال في قصيدة ( ليصبح العمر بستاناً ) التي تستلهم بيت الشاعر بشار بن برد المعروف :
    أذني لبعض الحي عاشقة والأذن تعشق قبل العين أحيانا
    فيبدأ عبد الفتاح قصيدته من فعل السماع فقط ( إني سمعت بأنثى أزهرت أدباً ...... ) ويبني عليه صورة متخيلة قلما ترد في قاموس الغزل :
    إن حان للصلوات الخمس موعدها هبت كعاشقة ميعادها حانا
    حديثها الذكر والترتيل في لغة تفيض طهرا وتأثيرا وألحانا
    اني سمعت ... ولكن الفؤاد غدا لها محبا شديد الشوق هيمانا
    بمثل هذا الإحكام اللغوي والحس المرهف تمضي قصائد ( العزف الصامت ) .. ونكاد نلمس في بعضها شيئاً من بصمات الراحل الكبير نزار قباني الذي أجزم أن عبد الفتاح قد قرأه كثيراً قراءة الطالب المجتهد وبالأخص في مرحلة ( طفولة نهد ) و ( قالت لي السمراء) و( الرسم بالكلمات )
    وإذ نسترعي الانتباه لشعر عبد الفتاح الأسودي سيكون لزاماً علينا - في الوقت ذاته - أن نلفت نظر الشاعر ونحذره من مغبة الانقياد التام للغنائية والالتصاق الوثيق بالقافية الذي قد يجبره أحياناً على قول ما لا يريده هو نفسه ولا يقع موقعاً حسناً لدينا نحن القراء كمثل قوله :
    من لون عينيها جاء الهوى ألوان
    يرعاهما ربي من كل ذي شيطان
    وستكون قصيدة التفعيلة ( أو الشعر الحر وقد ضم الديوان ست قصائد منه) فضاء أوسع لانطلاق قريحة الشاعر إذا ما أراد الغناء بحرية أكثر.
    وسننتظر من الشاعر عبد الفتاح شعراً كثيراً واعدًا أكثر عمقاً وأعمق أثراً وتأثراً في حركة الشعر العربي الحديث في اليمن .
    < الهوامش :
    ـ د . حاتم الصكر: قصيدة النثر في اليمن ( صنعاء - مركز الدراسات2003) ص12.
    ـ .عبد الفتاح الاسودي : العزف الصامت - أغاريد في ذمة الصبا ( تعز 2007)
    http://www.algomhoriah.net/atach.php?id=10905

    أرجو أن يتفهم المزن أمية الرمل

  2. #2
  3. #3
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي

    سيكون الإيغال في التجريب ( الذي يتزامن غالباً مع الغوص عميقاً في الذات ) - إذن - هو النمط السائد في شعر الحداثة وبذلك تكون محاولة العودة إلى قاموس الشعر العربي القديم مجازفة غير مأمونة العواقب خصوصاً في ظل تغير مستوى الاستقبال والتلقي لدى القارئ المعاصر في وطننا العربي . لكن الشاعر عبد الفتاح الأسودي ( يجازف ) بالعودة إلى مناطق ألقصيدة العربية التقليدية وأجوائها الكلاسيكية بل انه يعود بالتحديد الى منطقة الرومانسية العربية التي أقفرت مؤخراً و كأنها خضعت لقرارات حظر التجوال..
    .

    لا أروع من أن يعود الشاعر في ظل الهجمة الحداثية على الشعر إلى مناطق القصيدة التقليدية وأجوائها الكلاسيكية الناطقة بالجمال وروعة التصوير وألق المعاني

    شكرا شاعرنا للنقل الطيب

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  4. #4
    الصورة الرمزية محمد نعمان الحكيمي شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 3,110
    المواضيع : 251
    الردود : 3110
    المعدل اليومي : 0.47

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيحة الرفاعي مشاهدة المشاركة
    .

    لا أروع من أن يعود الشاعر في ظل الهجمة الحداثية على الشعر إلى مناطق القصيدة التقليدية وأجوائها الكلاسيكية الناطقة بالجمال وروعة التصوير وألق المعاني

    شكرا شاعرنا للنقل الطيب

    تحاياي
    شكرا لك أستاذتنا العزيزة
    و معك في التجديد في القصيدة
    و الإبداع الذي لا يخدم الهجمة الحداثية الفارغة


    لنا تواصل مؤكد

المواضيع المتشابهه

  1. منطقة مغلقة
    بواسطة مازن لبابيدي في المنتدى نُصْرَةُ فِلِسْطِين وَالقُدْسِ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 09-12-2009, 02:34 PM
  2. لاميّة ربيع في الغزل العذريّ*
    بواسطة ربيع جرارعة في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 28-11-2008, 01:16 PM
  3. ستـــــــون عامــــاً على نكبتنا...فإما العودة، وإما العودة!
    بواسطة ماجدة ماجد صبّاح في المنتدى فُنُونٌ وَتَّصَامِيمُ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 27-06-2008, 11:49 AM
  4. قراءة في المشروع الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط (وسياستها في العراق)
    بواسطة مهند صلاحات في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 25
    آخر مشاركة: 25-12-2004, 07:35 AM
  5. تأمل وجهي العذري وتعجب!!
    بواسطة نسرين في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 19-05-2003, 09:33 AM