الخطأ #4.. كبت غضبك
عندما نتحدث عن الغضب فإننا نشير إلى التكدر الداخلي, الذي نشعر به عندما نعتقد أن الآخرين قد هددونا, أو قاموا باستغلالنا, أو أساءوا معاملاتنا بطريقة ما بالإضافة إلى شعورنا بالرغبة الملحة في الانتقام, فهو هذا الشعور الذي يقوم بإعدادنا لكي نرد على إهانة من أساءوا لنا.
إننا نغضب في أوقات كثيرة, ومن أمور متعددة, ومن أشخاص عديدين نحبهم بشدة. البعض منا بالطبع يشعر بقدر من الغضب أكثر من غيره, وتختلف حدة التكدرات التي نشعر بها في أوقات معينة بصورة ملحوظة, تطلق على ألفاظ الغضب البسيط "الانزعاج" و"الانفعال" و"التضايق" أما الأشكال القوية فنسميها "الغيظ" و"الاستياء" و"الحنق" و"الاحتدام" و" الثورة". سنركز في هذا الفصل على الغضب اليومي الذي يهددنا و يهدد علاقاتنا التي نهتم بها. فكل يوم يفعل الأشخاص الذين نتعامل معهم أفعالا تغضبنا مثل أن:
•يأخذ رئيسك عمولتك التي اكتسبتها بعرق جبينك.
•يقود أخوك السيارة بسرعة متهورة أثناء ركوبك معه بالسيارة.
•يسخر منك صديقك بصورة متكررة أمام أصدقائك الآخرين.
•شخص يتهمك بأنك لا تعترف بغضبك.
لماذا لا يعتبر شعورك بالغضب خطأ؟
أولا: الغضب ليس خطأ, الخطأ يكون خيارا سيئا, ونحن لا نملك الاختيار في الشعور بالغضب, و ليس على أي شخص أن يعلمنا كيف نغضب, الغضب ينطلق بداخلنا بطريقة تلقائية, بدون أخذ إذننا. فينساب على الفور "الأدرينالين" في الدورة الدموية, ويرتفع تركيز السكر في الدم.
ثانيا: الغضب الذي نحن بصدده وهو الذي يحدث بين الأشخاص لا يعتبر خطأ, لأنه ينطلق أساسا من إحساسنا الفطري بما هو صواب, فهؤلاء الذين يتعدون علينا يتسببون في إظهار ما يسميه البعض بـ "شعور القاضي", فنصدر الأحكام التي تتوافق مع معايير الحماية الذاتية.
ثالثا: الغضب لا يمكن أن يكون خطأ لأنه يساعدنا على الوصول لأهدافنا المشروعة و الجديدة, فهو يدفعنا باستمرار في طريقنا إذا أصابنا الإحباط, وباستطاعته مساعدتنا في تغيير أسلوب معاملة الآخرين لنا, و جعلهم يستدلون على صفة العدالة الكامنة بداخلنا, وإجبارهم على الاعتذار و التوقف عن سلوكهم المسيء, وهذا بالطبع ما نستحقه وما نريده, وما يحدث لنا كأشخاص لطفاء عندما لا نعبر عن غضبنا هو الاستمرار في الإساءة لنا.
رابعا: لا نستطيع أن نطلق على الغضب بأنه " خطأ", لأن الغضب برؤيته المتفائلة للعدل قد أسس أعظم ما في العالم من أدب و فن, فإن الانفعال يجسم الجمال, و يبرز المعاني, ويبث الأمل في وسط الحزن و البؤس البشري, وهو يساعد أيضا على تغيير سياسة الدول الطاغية بواسطة منح القدر الكافي للأفراد لكي يعترضوا على القوى الظالمة, والحقيقة أن الكثير من التغييرات الاجتماعية الإيجابية التي حدثت في هذا العالم قد تم الوصول إليها بسواعد أفراد غاضبين لأنهم أدركوا الظلم.
خطأنا تجاه الغضب
(ولما كان الغضب حسب التعريف موقف شعوري), وليس نشاطا, فالخطأ الذي يفرضه علينا التلطف بخصوص غضبنا يتعلق بمعالجتنا للغضب.
أولا: انظر باختصار إلى الطريقة التي يعبر بها الأشخاص غير اللطفاء جدا عن غضبهم, مثلا:
•أيها الغبي قم من مقعدي.
•لقد تضايقت مما قلت, أيها لغبي المعتوه.
وكأشخاص لطفاء قد نشعر بالرغبة في التعبير عن غضبنا بهذا الشكل من وقت لآخر, ولكننا لا نفعل إذا كان بمقدورنا ذلك, لعدة أسباب قد تحدث جرائم شديدة الإيذاء بسبب تفريغ شحنات الغضب بشكل صاخب, و لكن بالنسبة لأسلوب معاملتنا اليومية فإننا نعتقد أننا لا نستطيع إهانة الآخرين و الإبقاء على كرامتنا, أو الشعور بالرضا عن علاقاتنا معهم. ولذلك فنحن نقوم بأي شيء لكي نتجنب الاشتراك في الأحاديث السوقية للأشخاص غير اللطفاء لعدة أسباب:
•لقد علمنا آباؤنا أن ثورات الغضب هي أفعال طفولية وغير مقبولة.
•تربط هذا السلوك بصفة الوضاعة.
•لا نريد لأطفالنا أن يقتدوا بنا في مثل هذا السلوك؟
•قد يكون لدينا وساوس بخصوص أسباب الغضب المؤذي و المهين.
•نصاب بالذعر مما قد يفعله الآخرون إذا ما تصرفنا بهذه الطريقة.
بالفعل, فلأننا أشخاص لطفاء فإننا لا نتعمد التعبير عن غضبنا بأساليب قبيحة, ولكننا نرتكب الخطأ المعاكس, نفعل كل ما بوسعنا لكبت الغضب.
لماذا يعتبر كبت الغضب خطأ؟
•يجعلنا أشخاصا مزيفين:
نشعر باللهيب بداخلنا و لكننا نحاول الظهور في صورة هادئة.
•يتحول بالتدريج إلى مره مدمر للنفس:
عندما يغضبنا أحد الأصدقاء ولا نعبر عن الغضب يؤدي ذلك إلى قتل هذه الصداقة.
•لا يحولنا ولا يحررنا من رغبتنا المدمرة للثأر:
الانتقام, بغض النظر عن محاولاتنا لدفنه, إلا انه لا يبقى مدفونا, ولا يموت إذا ترك بمفرده بينما هو مدفون, يقوم باستنزاف طاقتنا العقلية و يسمم معيشتنا الحسنة و يشتتنا عن التحرك في مسيرة حياتنا, ومن ثم آجلا أم عاجلا, سيشكل وهو في كامل طاقته التي شعرن بها أول مرة في أربعة أشكال مدمرة:
*المغالاة في رد الفعل:
يرد علينا أحد الأصدقاء بشكل جاف, فننفجر غضبا بصورة مبالغ فيها بسبب ما فعله لأننا متضايقين بسبب عدة أشياء بعضها لا علاقة لها به.
*عدم الصراحة:
نضايق زميلتنا المتفوقة علينا بالعمل بنشر ملاحظات مغرضة عنها فقط لغضبنا منها.
*التوجيه الخاطئ:
نفرغ غضبنا في المنزل الذي لم نستطيع أن نظهره في العمل.
*المرض الجسدي:
يقول لنا الوسط الطبي, أننا عندما نعاني من غضب مزمن, أو لا نعبر عن مشاعرنا السلبية معظم الوقت فإننا نخاطر بعمل مشاكل صحية خطرة : الصداع المتكرر, و مرض القلب, الاكتئاب, القرحات. وعلى المدى البعيد, عندما نقوم بكبت غضبنا فإنه لا يقوم بقتل علاقاتنا فقط, و لكنه يفعل ما هو اكبر من ذلك, حيث يقتلنا.
طريقة مفيدة تتعامل بها مع غضبك
*اعترف بغضبك و تقبله عندما ينشأ:
إن اعترافك بغضبك في الحال يمنحك الفرصة لتشعر به وتتملكه, و ذلك هام لكي تخترقه وتتعالى فوقه, قد يصعب عليك فعل ذلك في البداية لأنك بدلا من تقبل غضبك كقوة موهوبة لك, كنت تكبته دائما خوفا من النتائج وخاصة من النبذ, نعم, فأنت إذا تقبلت نفسك عن طريق تقبلك لغضبك قد قللت خوفك و ربما أنهيته تماما.
*خذ وقتا لتكبح جماح نفسك:
لا توجد ضرورة في إسراعك, هدفك الأساسي هو أن تفهم وتتحكم في مشاعرك الانتقامية بدلا من تركها تتحكم فيك, وأن تهدأ من نفسك لعدة دقائق حتى تنقشع حدة غضبك و ليس كمثل تخزينك لهذا الغضب, وأنت ببساطة تتحكم في غضبك بصورة وقتية حتى تتجنب ردود الفعل المسرعة, والزائدة والعفوية والتي من شأنها أن توجه ضربة مميتة لصداقة قيمة, أو علاقة مفيدة.
*إيجاد جو ملائم, إذا دعت الحاجة:
بإيجاد التباعد الضروري إذا وجدت أن المكان والوقت لا يؤهلك على توصيل كلامك.
*قرر ما ستقول و اكتبه:
عندما تقوم بكتابة أفكارك, فهذا يساعدك على استيضاح ما تريد أن تصل إليه أن تجيب بها بالتحديد, وهو يساعدك أيضا على زيادة الفرصة في تخفيف حدة الحرارة الزائدة و الحيرة التي تنتج عن الغضب دائما.
التعبير عن غضبك
الخطوة الأولى: عبر عنه بصراحة لمن أساءوا إليك:
بانتهاز اللحظة المناسبة و المكان المناسب لتنفرد بهم ومن النادر أن يكون التعبير عن غضبك لشخص أمام الآخرين مفيدا أو ملائما. أو عن طريقة كتابة رسالة.
الخطوة الثانية: تكلم أولا عن خوفك:
تعرف على سبب خوفك ومن ثم تحدث عنه قبل أن تدخل في موضوع الغضب, إذا وافتك الشجاعة لفعل ذلك فسوف تستفيد بعدة طرق:
*ستبني بداخلك الثقة و الشخصية المتكاملة:
إذا اعترفت بكل من خوفك و غضبك, فأنت صادق تماما, وكامل الحضور, وتتصرف بطبيعتك الفعلية, وستطور شخصيتك من ناحية الصفات الأخلاقية و الزوجية التي تساعد على الشعور و التعرف بطبيعتك.
*ستجعلك تشعر بشعور جيد تجاه نفسك و تجاه ما فعلت:
عندما تعبر عن كل من خوفك و غضبك ستشعر بالطاقة, وستشعر بأنك تمتلئ قوة مستمدة من أمانتك, ويعزز نمو شخصيتك.
*ستجعل من السهل عليك التعبير عن غضبك:
الصراحة التامة و التواضع يأتيان بالاستجابة المتعاطفة معك.
الخطوة الثالثة: صف الإساءة:
هنا أنت تصف شعورك عما حدث و ليس شعورك ممن أغضبوك, ولذلك لا تناديهم بأسمائهم ولا تلومهم ولا توجه إليهم الاتهامات.
الخطوة الرابعة: أخبر من أغضبوك بما تريد منهم:
ربما سيكون أول شيء تريد منهم أن يفعلوه هو الاعتذار. الهدف هو أن تجعلهم يواجهون فشلهم في احترامك, وأن تجعلهم يأخذون على عاتقهم أمر التغيير, وكما هو مشروع لك فأنت تريد منهم أن يتوقفوا عن الإساءة لك.
عندما تسأل الآخرين أن يعاملوك باحترام, فأنت تطلب منهم أفضل ما عندهم بدون إنكار حريتهم, فأنت لا تقول لهم ما يجب أن يفعلوا, ولكن ما تريد منهم أن يفعلوه, وقد لا يعطوك ما تريد بالطبع, ولكن المهم بالنسبة لهم أن يعرفوا ما تريد منهم, العلاقات الصحيحة تتطلب منك أن تحترم الآخرين, و تتوقع من الآخرين أن يعاملوك باحترام في المقابل.
افترض أن الطريقة لم تنجح
البعض قد يرفض الاعتذار أو إعطائك أي إشارة إلى أنهم سوف يعاملوك باحترام في المستقبل. ولكن حتى لو لم يعتذروا فقد يتوقفون عن معاملتهم لك بطريقة غير محترمة, وهذا بالطبع هو واحد من أهم أهدافك.
البعض الآخر قد لا يقطعون علاقتهم معك ولكن قد يستخدموا أساليب متعددة ليبرروا سلوكهم, وقد لا يحاولوا إيجاد الأعذار لأنفسهم عن طريق توضيح إنك لا يجب أن نشعر بأنه قد أسئ لك: فهم لم يفعلوا ما قلت إنهم فعلوه, لقد أساءت الفهم, لم يدركوا ما أردت.
بعض الأشخاص يصبحون عدوانيين و يحاولوا تغيير الأدوار بأن يتهموك بالضعف أو الأنانية أو الخوف كما لو كنت أنت المشكلة, يمكنك أن تتفق معم أنك تعاني من مشكلة أو أنك أنت المشكلة, و لكن إذا أردت علاقة سليمة, يجب عليك أن تتمسك بإصرارك على أنهم يسيئون إليك وان الحق معك في أن يغيروا سلوكهم تجاهك.
إذا حدث و عالجت غضبك بصورة سيئة و تريد أن تعتذر, فقم بذلك على الفور و بصراحة بقدر ما تستطيع, أما إذا كنت مقتنعا بأنك قد عوملت بطريقة سيئة فلست بحاجة أبدا لان تحد من غضبك بالاعتذار عنه, الهدف من تقدير غضبك بالاتفاق مع كرامتك ومع قوته, لكي تغير أسلوب معاملة الأشخاص لك.
إذا أصروا على متابعة سلوكهم, فعلى الأقل, يمكنك تجنب المواقف التي تمنحهم الفرصة ليسيئوا إليك.
التعامل مع المسائل غير المنتهية
ماذا لو تحمل بداخلك البغضاء لأشخاص فارقوا الحياة أو انتقلوا لمكان بعيد أو خرجوا من حياتك؟..إذا شعرت بذلك و تريد التحرر من هذا الشعور فأمامك أشياء تقوم بها:
*عبر عن غضبك بطريقة غير مؤذية:
يرى البعض أن تلك الحالة مرثية, غير أن العديد من الناس يقولون أن التعبير عن الغضب (بواسطة ضرب الوسادة أو الصراخ في غرفة خالية) يساعدهم.
*سامح من أساءوا إليك و رحلوا من هذه الحياة:
التعبير عن الغضب بهذه الطريقة التي قمت بوصفها منذ قليل قد نشعر بالتحسن المؤقت, لأنك تخرج فيها الضغط السلبي بداخلك, و لكن قد لا ينتهي غضبك لأنك لم تتعامل مع الاتجاهات المتبقية وهي الضغينة, ستحصل على ذلك عن طريق مسامحتك لمن أساءوا إليك, ولكن من أين تأتي الرغبة و بالقوة لتسامحهم؟.
قد يكون من السهل عليك المسامحة إذا ما شعرت بالتعب الشديد بسبب حملك لهذه البغضاء, وأصبحت مستعدا لعل أي شيء للتخلص منه, وقد تكون أكثر استعداد للتعبير عن العفو إذا...
•رأينا بوضوح, أن كل البشر يمكن أن يكونوا أنايين و مسيئين بصورة جنونية, وينضم غليهم الأشخاص اللطفاء مثلي و مثلك.
•علمنا أننا ننتهك أحيانا حدود الآخرين و نحتاج منهم العفو.
•اقتناعنا بأن الأحقاد المدفونة تنخر ساس سعادتنا, وأنها تؤذينا ولا تؤذي الأشخاص الذين نحمل لهم هذه الأحقاد.
و لكن ماذا نفعل لو لم نقدر على تحمل فكرة مسامحتهم؟..
المسامحة شيء هام و حساس لمعيشة مستقبل يستحق المعيشة, إنها سلبيلنا الوحيد لتحرير أنفسنا من الألم الذي أصابنا و التخلص من عبء تحمل الضغينة المضعفة لنا, و يمكننا توليد السلام بداخلنا كما لا يفعل أي شيء آخر. انتظر للحظة لتسمح لمشاعرك السلبية أن ترتفع إلى السطح من ضغينتك, ومن ثم اختر ما إذا كنت تريد الاستمرار في حملها أم لا؟ إذا كنت لا تريد, اغفر لمن أساؤا إليك ومن ثم قارن بين مشاعرك الجديدة و المشاعر التي تولدت عن غضبك التي طالت فترة كبته.
*جرب محادثة للتسامح:
إذا وجدت نفسك راغبا في المسامحة و لكنك لا تبدو قادرا على ذلك, فقد ترغب في تجربة حديث تخيلي مع من أساؤوا إليك. تخيلهم متواجدين معك و بأنك تتحدث معهم.
*اجعل مسامحتك رمزية و تخلص من ضغينتك:
إذا وجدت أن رغبتك في المسامحة, وحواراتك الذاتية المتخيلة و محاولاتك العديدة لم تجعلك تتخلص من ضغينتك, قد تحكي قصتك على صديق متعاطف معك أو إلى جماعة مساندة. يؤدي التكلم ( وليست الكتابة) إلى الوضوح و الشجاعة, وهذه الوسيلة من التعبير تقدم مزايا من المساندة و البصيرة من عدة منظورات مختلفة.
يحتاج اختيار وسيلة التعامل مع الغضب الفوري و المستمر على الفكر و الطاقة, والخطوات قد تكون صعبة و قد تسبب التعب في البداية, وفي الحقيقة, فنحن لا نوقف بسهولة العادات التي تستمر معنا مدى الحياة دائما, و لكن مع قليل من التأمل و الصبر و التمرن سنستطيع في الحال إيجاد عادات إيجابية قائمة على شيء أكبر من النوايا الحسنة, وعندما تفعل ذلك ستشعر بشكل دائم انك أكثر طبيعية و ستهنئ نفسك على تطورك و ستستمتع بنفسك أكثر.
و ستظل شخصا لطيفا
الخطأ #5.. التعقل لحظة الاندفاع
عندما يعتقد الناس بأننا قد تعدينا عليهم أو هددناهم, يسمعون أصواتا داخلية تخبرهم بسرعة أن يقيموا نزاعا بأي ثمن. نحن لا نستطيع أن نتوقع متى يهاجمننا الناس بتهور, أو الشكل الذي سيتخذه هذا الهجوم, فقد ينتشر غضبهم و يزول بسرعة, تاركا إياهم غاضبين و متراجعين, أو قد يرفعون ضدك قضية قانونية, وقد يتحدثون مع الآخرين عنا أو يتشاجرون معنا وجها لوجه, وقد يهاجموننا بعنف مثل المدافع التي لا ضابط لها, وترتد عواطفهم المتفجرة وهتافهم الأعمى في مواجهتنا, وقد يتهيجون ببساطة ويطنعوننا في الظهر غدرا, فنشعر بأنهم فد قاموا بتشويه شخصيتنا واسمنا, وهددوا سمعتنا.
ومثل هذه الهجمات, مهما كان نوعها, تتركنا مجروحين, وخائفين, وغاضبين, وبالطبع , كأشخاص لطفاء, فنحن لا نثأر عن طريق غضبنا على الذين وجهوا لنا الاتهام, وقد نبوح للآخرين على أمل أن نكسب تأييدهم ولكن مع هؤلاء الذين يبادروننا بالكلام نتحكم في استجاباتنا.
وحتى نتأكد, فلدينا أسبابنا الخاصة لنكون عاقلين. فنحن نريد منطقنا الهادئ مهاجمينا وأن نستوعبهم وهم يقدمون لنا سيلا من الأسباب ليبررون هجومهم, لذلك فنحن نريدهم أن يروا الأسباب الوجيهة في سبب عدم تبريرنا لأفعالهم, وفي نفس الوقت, فكما يبدو الناس لنا غير منطقيين في مثل هذا الوقت, ولكن لطفنا يصر على أن نمنحهم ميزة الشك ومعاملتهم على أنهم ناصحين, بدلا من تحدي دوافعهم أو الافتراض بأن هناك شيئا خاطئا في تفكيرهم, وبعد ذلك نأمل عن طريق كسب قضيتنا منطقيا, أن يعترف بسلامة منطقنا و أنا نقيم أسسا مقبولة لسلوكنا في المستقبل.
والتذرع بدفاع منطقي في مثل هذه المواقف هو خطأنا, ولكن بما انه الامتداد المثالي لظروفنا و يظهر الأمل السليم الذي نقوم به, فمن الصعب بالنسبة لنا أن نراه خطأ. ولذلك فقبل الاستمرار, انظر لماذا يتصرف الآخرون كذلك؟.
أسباب توضح: لماذا تعتبر العقلانية خطأ؟
*لا تجدي الاستجابة العقلانية مع التهور:
ونعتقد بأننا لو أوضحنا الأمر فسيفهم مهاجمونا فجأة وجهة نظرنا, ويسقطون تهمهم علينا, و نعتقد لو أننا عقلانيون, فإنهم سيكونون عقلانيين, ولو شرحنا سبب قيامنا بما فعلناه وبالرغم من ذلك فمازالوا على خلاف معنا, فسيكونون سعداء لأنهم اتفقوا على عدم الاتفاق.
*مهاجمونا غير مهتمين بسماعنا ندافع عن أنفسنا:
فمطالبهم الفورية هي أن يعرفوا أننا نسمعهم, وأننا نقدر آلامهم, وأن نتفهم أن لديهم الحق في أن يغضبوا, وعندما ندافع عن أنفسنا, فإننا نتجاهل هذه الاحتياجات, وهم يعرفون ذلك, فهم يريدون منا أشياء محددة, ونحن نقول لهم شيئا لا يريدون سماعه , ولذا فهناك فجوة بيننا وبينهم.
*التعقل هو شكل من أشكال قمع الغضب:
فنحن غاضبون, وهم لا يعلمون ذلك, لو كلمناهم على أنهم نالوا منا, فسيعرفون أنهم كانوا مغضبين لنا, وبما أننا لطفاء, فنحن نتصرف بهدوء كما لو أننا لسنا غاضبين, ونحاول الدفاع عن أنفسنا, ولذلك يتم دفن غضبنا و الخلاف, وينتهي, وبدون حل.
عليك أن تتعلم كيف تستجيب للتهور السلبي بطريقة لا تدع استقامتك سليمة فقط, ولكن أيضا تصلح علاقتك, أبدأ بأن تلتزم بفهم هذه الهجمات, وكيف أن استجابتك في حاجة لأن يتم تشكيلها.
وفي البداية.. انظر إلى خمسة أشياء تعرفها عن هذه الهجمات:
1- قد يهاجمك الناس لعدة أسباب:
•فربما فسروا خطأ شيئا فعلته على أنه ضار و يمثل تهديدا.
•يعانون من أزمة نفسية أو عاطفية مؤقتة, الأمر الذي شوه ملاحظتهم عن الواقع.
•عدم الاتفاق مع أفكارك التي عبرت عنها عن العواطف, أو السياسة, أو الدين, الأمر الذي يؤدي إلى عدم قدرتهم على التفكير السليم أو أن يسيطروا على مشاعرهم.
•يجدونك تقف في طريق صالحهم.
•أن يغضبوا بسبب أخبار تلقوها منك.
•ينقلون لك مشاعر الذنب أو الغضب التي تحثها فيهم.
•يشعرون باستياء حيال أنفسهم لكن لا يستطيعون لوم أنفسهم.
•يريدون شيئا منك لا تستطيع إعطائهم إياه (أو لا تريد).
•يعتقدون أن لديك سطوة عليهم, وأنت بذلك تقرع مخاوفهم بخصوص عدم كفاءتهم.
•يريدون التحكم فيك وأنت ترفض أن تدعهم يقومون بذلك.
•ينظرون إليك على أنك مثالي وأنت تخيب آمالهم الغير واقعية.
•يحكمون عليك مسبقا بناءا على جنسك, وأن نوعك أو توجهك الجنسي, أو السمات الجسدية, أو شيء آخر ليس من المفروض أن تحاسب عليه.
•يتناولون عقاقير تجعلهم مضطربين و غاضبين.
•أن يكونوا مرضى عقليين, مدمنين, أو ضحايا مدمرين لعنف خطير جعلهم غاضبين بطريقة مستمرة.
2- تحديد أسباب الهجوم قد يساعدك على الاستجابة بطريقة أكثر براعة:
الأسباب المتنوعة تثير استجابات متنوعة, مثلا, فالهجوم الذي ينجم عن سوء تفاهم بسيط, يحتاج إلى استجابة تختلف عن الاستجابة لسوء التفاهم الناجم عن مرض عقلي.
3- بالرغم من أن اتهامات متهميك منافية للعقل, ولكنها ذات معنى بالنسبة لهم:
لسوء الخط, فأنت عادة لا تتعامل مع اختلال وظيفي ثنائي.. (1)هجمات لا عقلانية, (2)اقتناع المهاجمين أنهم كانوا منطقيين و بمجرد أن تفهم ذلك, تستطيع التصرف معهم بصبر و بجهد وبفاعلية أكبر. ولذلك فمن المهم أن تكون حساس حيال هذا الأمر عند تعاملك مع أصدقاء لا تريد أن تخسرهم.
4- يشعر الذين اتهموك بالأذى, ويصبحون خارج نطاق السيطرة:
إن شعورهم بالإهانة و الاضطراب العاطفي ليس في نفس التهم المتهورة التي ألقوها عليك, و بما أن الجرح والغضب يسبقون التهمة, فأنت تحتاج إلى الاستجابة إلى المشاعر قبل أن تتولى أمر التهمة نفسها.
5- أنت مشترك في عملية ديناميكية, حيث تعتبر الحساسية والتوقيت والمرونة أشياء مهمة:
تحتاج هذه العملية منك دائما أن تحدد مشاعرك وتقرر كيفية التعبير عنها, و تتطلب منك أيضا أن تقرر التغيرات الوقتية لحالة مهاجمك العاطفية, والتي نجمت عن استجابتك, بالإضافة إلى أنها تعني تمييز ما يستطيع مهاجمك القيام به حيالك في أي وقت, ومن ثم تحدد متى تتحدث ومتى تتراجع.
البدء في عملية بديلة
*الخطوة الأولى: خذ بعضا من الوقت لتهدأ:
هدفك الأساسي هو عدم السيطرة على مهاجمك أو الدفاع عن نفسك, ولكن السيطرة على رد فعلك حيال الهجوم المشروع قد يكون خارجا عن نطاق السيطرة, ولكنك أيضا غاضب و تشعر بالضيق, و مصدوم. لذلك تستطيع أن تقول لنفسك, اهدأ, حتى تهدأ. وعندها تحظى بجو أصفى تستطيع أن تجيب من خلاله, فأنت لا تريد أن تصبح صامتا بخصوص مشاعرك للأبد. وأنت لا تريده أن يعنفك أكثر وأكثر, ولكنك تدرك انه من المهم أن تحل النزاع بفاعلية بدلا من حله فوريا, والوقت في صالحك, لذلك تستطيع أن تهدئ نفسك.
*الخطوة الثانية: تفاعل مع مهاجمك عاطفيا:
وان تكون مرهفا تجاه مشاعرك, لا تتحمل المسئولية عنه أو تحل مشاكله, ولا يعني ذلك أنك تشعر بالأسف له, أو أن تعبر عن الشفقة, أو كما ينجم عن التعاطف, الانسجام مع مشاعره, فالتعاطف و التقمص العاطفي استجابتان مختلفتان تماما.
التقمص العاطفي يتضمن تصعيدا للاستجابات التي تستطيع من خلالها ان تتحرك من مستو إلى آخر كما لو انك تصعد درجات السلم, ضع نفسك في موضع ترتبط فيه بمهاجمك بفاعلية اكبر و تقارب أكثر:
-على المستوى الأول, يتطلب التقمص العاطفي منك أن ترى الأشياء من منظوره:
استخدم خيالك لتقف في مكانه وفي نفس موقفه, وهذه هي الخطوة الأولى للفهم.
-على المستوى الثاني, التقمص العاطفي هو أن تحظى بالشفقة من أجله:
الشفقة تعني ( أن تعاني معه),أي انك تحترمه و تعتني به بدرجة كافية لتعاني معه في ألمه, و تتفهم و تشعر بالقوة المخيفة للألم الذي يشعر به. وحتى تجد الشفقة, لابد من أن تستمع لكلماته التي يستخدمها, تنتبه لمشاعره التي تكمن وراء كلماته, تلاحظ نبرة صوته, وحركات جسده و تعبيرات وجهه.
-على المستوى الثالث, تستطيع أن تعكس مشاعره له مرة أخرى:
لو أنك قادر على أن تهدئ غضبك, و استمع لقصته و تجنب الدفاع و تعّرف إلى ألمه, ثم بعد ذلك دعه يعرف أنك مدرك لقلقه, وعن طريق القيام بهذا ستجرده من العديد من أسلحة غضبه لأنه سيعلم انك تأخذ الأمور بجديه وتؤمن بأنه يستحق وقتك واهتمامك.
-على المستوى الرابع, تأييد مشاعر مهاجمك عن طريق قبول تجربته:
هذا لا يعني أنك تتفق معه, ولا يعني هذا أيضا أن تعتذر له. إن تأييد مشاعره يعني ببساطة قبول تجربته كشيء حقيقي ومشروع وان تخبره بذلك. فلو قمت بالاقتباس العاطفي بمستوياته الأربعة فإنك ستربح جزءا كبيرا من حلمه العاطفي و سيصبح الاتصال به أسهل, وقد يؤدي هذا إلى تصالح فوري, وإن لم يجد هذا, فلابد على الأقل أن تكسبك ثقته, وبالتالي تستطيع في الوقت المناسب, أن تتناقش معه. فالتقمص العاطفي يتضمن احترام حريته, ويثير الاستجابات الإيجابية منه, وتتطور أكثر إلى حل النزاع أفضل من مجهوداتك للدفاع عن موقفك العقلاني.
*الخطوة الثالثة: عبر عن الأسى بخصوص ألمه:
تمضي بك هذه الخطوة إلى أبعد من مجرد التعرف على مشاعره, فهي تدعه يعرف أنك أيضا تشعر بالاستياء حيال ما جعله يشعر بهذا الشعور. دعه يعرف أنه قد سمع و تم تقديره.
*الخطوة الرابعة: اطلب منه أن يشترك معك في تبادل مستمر للمشاعر:
هدفك هو إنشاء نموذج للاستماع, لذلك تستطيع أن يتفهم كلاكما الآخر عاطفيا مثل موقف كل منكما بأن تبدأ بقول مشاعرك أولا بدون مقاطعة, ثم تستمع بدورك إلى مشاعره أيضا بدون مقاطعة.
*الخطوة الخامسة: اطلب استماع عادل لقصتك:
لقد استمعت إلى قضيته ضدك باحترام, وبمجرد أن تستمع إلى مشاعره, فهو يحتاج إلى سماع وفهم موقفك كما فعلت معه, و عندما تفكر في انه مستعد لأن يكون عاقلا, اشرح له موقفك.
*الخطوة السادسة: إن لم يستطع الاستجابة بصورة إيجابية, فربما تستطيع إيجاد جو من الاتفاق على عدم الاتفاق:
الرغبة في توضيح دورك في القصة قد يعزز تكرار رد فعله الأصلي, وإن حدث ذلك, فربما تحتاج بعض الوقت مرة أخرى, وأن تتقمص عاطفيا لتوضيح المشاعر. وقد يكون هذا كل ما تستطيع عمله حتى يصبح عاقلا, الأمر الذي قد لا يحدث أبدا. و تستطيع الاستمرار في البحث عن التفاهم , ومع هذا, ففي ظل الافتراض بان كلاكما يريد حل الخلافات, وباستثناء إنه سيكون راغبا في قبولهم.
و إن أظهر علامات على كونه عاقلا, ولكن مازال غير موافق, ذكر نفسك بان هدفك هو علاقة مبنية على الاتفاق, ولكن بناءا على اهتمامك بالتفاهم, والتفاهم المتبادل والأمانة, لذلك فبعد أن تهدأ الأمور وتجد نفسك مازلت غير موافق, فربما تتراجع. وعندما تقول له هذا مباشرة وبهدوء, فأنت تنقل له فكرة:"أن عدم الاتفاق شيء طبيعي", ومن المفيد أن يحظى كل منكما بآراء مختلفة ثم التعبير عنها وقبولها.
*الخطوة السابعة: دعه يعرف أنك تسمح بأن تتم مهاجمتك:
بمثل هذه الوقفة, فأنت تظهر الاحترام لنفسك, تحترمه أيضا عند عمل ذلك. اخبره مباشرة ما تنوي القيام به, و ادعوه لإعادة بناء علاقتكم حينما يرغب في ألا يسيء معاملتك.
مجهوداتك سواء كانت ناجحة أم لا, ستجعلك تشعر بالرضا عن نفسك, و بالمناسبة,وفي غمار المعركة, بلا شك, ستخرج عن شعورك, وقد تتفوه بأشياء خاطئة, أو تفشل في أن تقول كل أنواع الأشياء التي ترغب عاجلا في قولها, ولو أن الأمر كذلك فاعرف جيدا انك قد بذلت جهدا, وستكتشف طريقة جديدة للاستجابة بطريقة أكثر إرضاءا وفاعلية عن محاولة الدفاع عن نفسك بعقلانية.
وستظل شخصا لطيفا
الخطأ #6.. الكذب البسيط
الأناس اللطفاء لا يكذبون ولكن يتجملون كثيرا لضرورات, كإصلاح بين اثنين في ظل ظروف تهديدية, قد يتجملون على الأشخاص المندفعين بخصوص أمور لا تعنيهم, والأكثر شيوعا, قد يخفون شيئا من الحقيقة لتجنب الشجار مع هؤلاء الأشخاص المهمين بالنسبة لهم, وبالتأكيد فسيتجملون في أوقات ليكسبون مشاعر أناس لطفاء آخرين.
تكذب عندما تعتقد انك لا تستطيع أنك لا تستطيع أن تحكي الصدق و تكون لطيفا في نفس الوقت, ولا شك أن هذا سلاح ذو حدين, وهو كذلك. إن لدينا مواقف اجتماعية تقدم لنا خيارين, و يبدو كل منهما سيء على حد سواء. وفي هذه الأنواع من المآزق, كلا الخيارين, لطيف وليس صريحا, وصريح ليس لطيفا, وهذا شيء يبدو غير مكتمل, ولكن عندما تقع في الفخ ولا تعرف كيف تهرب, وكشخص لطيف تختار أن تتجمل برفق.
هناك حقيقتان وراء هذه المآزق اللطيفة, الحقيقة الأولى: وهذه تحدث عندما يفشل الناس في الوفاء بالتزاماتهم نحونا أو لا يتناسبون مع توقعاتنا المعقولة. الحقيقة الثانية: تظهر هذه المآزق عندما نتوقع من الآخرين استجابات لا تعكس مشاعرنا أو أفكارنا الحقيقية.
ثلاث طرق للتعامل مع الحقيقة
الاختيار الأول: تهرب من الحقيقة
هنا محاولة التملص من هذه الورطة عن طريق تغيير الموضوع أو عن طريق استخدام كلمات غير واضحة. فحتى لو ابعدا هذا الخيار عنا للحظة, أو للأبد, فعادة ما نفشل: إننا إذا أعفينا الحقيقة من علاقاتنا, ضاع تكاملنا, ويظل المأزق بدون حل. فهو أسلوب يشعر الآخرين بأننا نتملق.
الخيار الثاني: قل الحقيقة بدون تحريف
الأناس اللطفاء لا يحاولون تجنب قول الحقيقة في أي مأزق أحمق, حتى لو اعتقدوا أنهم يستطيعون الإفلات منه, ولكنهم لا يختارون هذا الاتجاه أبدا, لأنهم تعلموا أن قول الحقيقة يؤلم الناس, لذا, فإنهم يحاولون جاهدين ألا يفعلون ذلك. بالطبع في المناسبات الهامة, فإن أكثر كياسة هو قول الحقيقة لأنه لن يفيد إلا الحقيقة, حيث أن هناك أحوالا تكون للأكاذيب نتائج قاسية مما يجبرهم أن يكونوا صرحاء.
الخيار الثالث: ضع الحقيقة جانبا
هذا ما يسميه اللطفاء كذبة بيضاء صغيرة. وهو ذكر ذلك الجزء من الحقيقة والذي لا يسبب ألما ولا مرارة, وإخفاء الجزء الذي إن ذكرناه صدمنا الآخرين, وبدونا غير لطفاء معهم.
الخيار الرابع: قل الحقيقة كاملة بتواضع و بحساسية و كن لطيفا أيضا
من المهم بالنسبة لك أنك تريد التوقف عن الكذب بشكل أكيد, ومرة أخرى, مثل باقي الأخطاء, فإن لم تلجأ إلى هذا الاختيار فهناك فائدة قليلة في الاستمرار, حدد التزامك و اكتبه.
التجاهل و الفظاظة .. كلاهما خطأ
في هذه المآزق, أي الطريقين الذي نختاره نخسر, ولكم بما أنه يجب علينا أن نختار, فنحن نتجمل لنكون ظرفاء, وقد نقول إن الحقيقة البديهية هي أن الصدق هو أفضل سياسة, ولكن عندما نتحرج ونواجه الأشخاص الذين أحبطونا أو الذين لا يريدون سماع الحقيقة منا, فنحن ننحي الصدق جانبا بعيدا ونقول أكاذيب صغيرة مشروعة.
ونحن نكذب باستمرار لأننا عادة ما نفشل في معرفة ما يصلح لنا ولعلاقتنا. وبداخلنا, فبالطبع, نعرف أن العلاقات الحقيقية تحتاج مجهودات مستمرة لزيادة قدرتنا على قول الحقيقة لبعضنا البعض. نعرف أن كذبنا على الناس لن يقدمنا إليهم بصورة طبيعية, مما يجعلنا نخجل من أن نفكر في الكذب بكل تداعياته.
واليوم هناك أشخاصا يصرون على قول ما يعتقدونه حقيقة, وان هذا التزام أخلاقي مفيد وضروري, ويفخرون بصراحتهم , ولا يبدو واضحا لهم أن ملاحظاتهم قد تكون خاطئة أو منحازة بدون وعي. أو أحيانا تكون أكثر أهمية أن نكون مراعيين لمشاعر الآخرين عن أن نضخ صراحتنا في حلوقهم. وقد نحسد الذين يقولون الحقيقة بدون تحريف على تلك السهولة التي يتكلمون بها في هذه المآزق.
لكننا نعرف أيضا أن الكذب عموما خطأ,ولا يهم مدى حسن نوايانا, ونحن نعرف أن الصراحة هامة بالنسبة للثقة, وأن العلاقات الوظيفية و علاقات الصداقة تحتاج الأمانة, ونحن نعرف كل هذا, عندما نفكر في إمكانية ضبطنا ونحن نكذب, حتى لو حاولنا أن نبرر الكذب على انه ذوق, فقد جعلنا هذا ملامين, وبالطبع, فنحن لا نكذب في المقام الأول لأن هذا مريح أو صحيح أو رائع,ولكننا نفعل ذلك لأن هذا أقل ألما من أن تخلق صراعا أو نؤذي مشاعر الناس, ببساطة فإننا أحيانا لا نجد طريقة أخرى أفضل.
اتجاهك الجديد حيال قول الحقيقة
من الآن وصاعدا, عندما تشعر بأنك محاصر ما بين الكذب أو أن تكون أمينا, فستتخذ الخطوات التالية:
•فكر في المشكلة الأساسية على أنها مشكلتك. فأنت تخشى من أن تكون أمينا مع الناس بخصوص عيوبهم أو توقعاتهم الغير حقيقية منك.
•ابدأ حوارك بالحديث عن الخوف المحدد الذي ينتابك عند قول الحقيقة الغير مريحة.
•تأمل في العوامل المتعددة لتعرف كيف ومتى وأين تبدأ بالكلام عن ما فعله الشخص الآخر ليضعك في مأزق:
-ما الذي حدث في الماضي بينك و بين هذا الشخص؟
-من أيضا كان حاضرا؟
-كيف تتحدث عن ما حدث على الآخرين؟
-ما هي القوة العاطفية للشخص في هذه اللحظة؟
-ما هي معادلة القوة في علاقتكم؟
-ما قدر الصراحة التي تتحملها علاقتكم؟
•أعرب عن احترامك للشخص, قم بوصف العلاقة السليمة التي تريدها وادعوه لمناقشتها, وإن تلقيت استجابة إيجابية, استمر في قول الحقيقة بذوق جم.
أفكار بخصوص تجنب المآزق
معظم هذه المآزق تزداد فجأة و بالتالي فهم يوقعونا في الشرك بسرعة ويجعلوننا نتصرف في ذلك الوقت بأفضل طريقة نعرفها, وعادة ما تكون عن طريق الكذب, ولكن من الآن فصاعدا, بالخطوات الأربعة السابقة سنتعامل مع الحقيقة, بدلا من أن نترك هذه المآزق تسيطر علينا, فربما تصبح قادرا على الاستجابة ببراعة وأن تكون أمينا أكثر من اللازم, بالإضافة إلى أن هناك أشياء تستطيع عملها لمنع بعض من المآزق من الحدوث, أو أن توقف تطورهم عندما يحدثون.
عندما تزرع علاقات مهنية مبنية على الأمانة, فستمنع بعض المآزق من الحدوث, و عندما تبدأ في الاندماج مع الناس, سواء في صداقة أو في علاقة عمل, تستطيع أن تبدأ بالحديث عن الصدق الذي تريده في علاقاتك. عندئذ تستطيع أن تقول العبارات التالية:
•أريد أن تعرف أنني أحاول أن أكون أكثر أمانة مع الناس بدون أن أكون غير مراعي لمشاعرهم أو جارح لهم.
•أريد أن نكون قادرين على أن نخبر بعضنا البغض بالحقيقة, ولكن هذا يستلزم الحرص, والالتزام, و الحساسية عند كلا الجانبين.
•أريدك أن تحد الغاية من علاقتنا, و بالتالي لا اضطر إلى جرحك بكوني أمينا أو غير أمين.
•لو حدث وخذلتك أو أردت مزيدا من التأكيد منك عن الذي تستطيع إعطائي إياه, أريدك أن تخبرني.
ومثل هذه الجمل الحازمة تمهد الطريق نحو إقامة علاقة سليمة, و بما أن هذه العلاقات مبنية على الحرية والمسئولية في تبادل المشاعر الحقيقية, فهي تقلل من إمكانية ظهور هذه المآزق.
الأفكار النهائية
حتى مع ناقشناه هنا, فستظل دائما الغير قادر على تجنب هذا المأزق , فلن تستطيع السيطرة على جميع العناصر في هذا المأزق, وأحيانا فبناءا على الوقت والمكان وطبيعة العلاقة تستطيع أن تستنتج أن كونك لطيفا ولا تكذب هو أفضل ما تستطيع عمله.
و بالطبع متى تقرر أن الأفضل أن تتحدث بتجمل, فالشيء المفيد الذي تستطيع عمله هو الاعتذار بسرعة:" أنا أقول الحقيقة, وأخشى أن أجرح مشاعرك وأجرح في المقابل. والأمر ليس جيدا لكنني أنا آسف, أتمنى أن تسامحني".
وستظل شخصا لطيفا