أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الطريق المسدود .. والسلام المفقود : د / لطفي زغلول

  1. #1
    الصورة الرمزية لطفي زغلول شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2007
    المشاركات : 217
    المواضيع : 128
    الردود : 217
    المعدل اليومي : 0.03

    Exclamation الطريق المسدود .. والسلام المفقود : د / لطفي زغلول



    الطريق المسدود .. والسلام المفقود

    د / لطفي زغلول

    نابلس / فلسطين


    كثيرون من المسؤولين الفلسطينيين الذين يخوضون معترك مفاوضات الحل النهائي ، لم يعودوا على يقين بأن الإسرائيليين جادون بتطبيق التزاماتهم بموجب ما تفترض تطبيقه خارطة الطريق التي رسمتها الإدارة الأميركية في عهد الرئيس الأميركي الحالي جورج دبليو بوش قبل سنوات ، وأعادت التأكيد عليها في لقاء أنابوليس الأخير الذي عقد في نهاية العام المنصرم 2007 ، على اعتبار أن هذه الخارطة هي المرجعية والدليل إلى أية عملية سلمية محتملة بين الفلسطينيين والإسرائيليين .

    وقد كان من المفترض لو صدقت النوايا أن تقوم الحكومة الإسرائيلية بتجميد المشروعات الإستيطانية ، والتوقف عن الإجتياحات التدميرية المتكررة للمدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية ، والبدء بتخفيف الحواجز العسكرية بكافة أشكالها كمرحلة أولية لإزالتها نهائيا . إلا أن شيئا من هذا القبيل لم يحدث على الإطلاق ، والمحصلة لقاءات غير مجدية بين المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين . وما زالت المعاناة على كافة الصعد الحياتية هي سيدة المشهد الفلسطيني العام .

    وقراءة لهذا المشهد الفلسطيني ، ومثالا لا حصرا فإن موجة غير مسبوقة من المشروعات الإستيطانية إبان لقاء أنابوليس وامتداداته ، قد أخذت في التوسعين الأفقي والرأسي في الأراضي الفلسطينية المصادرة بعامة ، ومنطقة القدس بخاصة . أما ما يخص الإجتياحات والحواجز العسكرية فهي ما تزال على حالها ، إغتيالات واعتقالات ، وإعاقات وتحكم في الدخول والخروج .

    واذا كانت هذه هي إجراءات دأبت كل الحكومات الإسرائيلية أيا كان لون طيفها السياسي على السير الحثيث بها ، فهناك كانت على الدوام تلك اللاءات الإسرائيلية المعروفة لحق العودة ، وحدود العام 1967 ، وتفكيك المستوطنات التي أقيمت على أراض فلسطينية مغتصبة ، وإعادة القدس الشرقية للفلسطينيين ، إضافة إلى رفض تخليها عن المعابر والحدود ومنطقة الأغوار ، ومصادر المياه والثروات الطبيعية ، والهواء ، وغيرها .


    وفيما يخص خارطة الطريق تحديدا ، يجدر التذكير أن الحكومة الإسرائيلية ، وكانت آنذاك برئاسة الجنرال شارون ، قد رفضت في حينها هذه الخارطة ، أو بصحيح العبارة قد وضعت أربعة عشر تحفظا عليها . وليس هذا مستغربا فثمة أساسيات في السياسة الإسرائيلية تجاه القضية الفلسطينية لم تخضع مضامينها للتغيير برغم تغير كثير من الظروف والأجواء ذات العلاقة بالقضية .

    وكان من المفترض أن يشكل مؤتمر مدريد في العام 1991 ، وما أعقبه من حالات وعلاقات جديدة على الساحتين الفلسطينية بخاصة والعربية بعامة مفترقا ومتغيرا خطيرين بقبول العرب معادلة الأرض مقابل السلام والإعتراف بدولة إسرائيل . وقد نصت المبادرة العربية صراحة على خيار السلام مع الكيان الإسرائيلي ، وقد أعادت الأنظمة العربية التأكيد على هذا الخيار مرات عديدة .

    إلا أن تجارب العقد الأخير من القرن العشرين والعقد الحالي الذي أوشك على الإنتهاء من القرن الحادي والعشرين ، قد أثبتت أن السياسة الإسرائيلية لا تخضع لقوانين التغير أو التغيير كونها ترجمة واقعية لاستراتيجية نابعة من فكر معين . ومحور هذا الفكر نابع من الأسس الأولى التي قامت عليها دولة إسرائيل . وهذه الإستراتيجية تتضمن ثوابت خاصة بها باعتبارها خطوطا حمراء تقف عندها كل الاطياف السياسية ، لا فرق في ذلك بين يمين ويسار ووسط ، اللهم إلا في الشكليات التي لا تنتهك حرمة هذه الثوابت الآنفة الذكر .

    فيما يخص هذه الثوابت السياسية الإسرائيلية ، فلم يعد خافيا على أحد أن أولاها تخص الجغرافيا والديموغرافيا اللتين تشكل الأرض من منظورها إسرائيل الممتدة من البحر إلى النهر على أقل تقدير لها . والديموغرافيا تعني الجغرافيا السكانية بلون التهويد الصارخ . ولقد كانت السنوات العشر الأخيرة التي اعتقدت الأنظمة العربية أنها زمن السلام هي بمثابة العصر الذهبي للجرافات الإسرائيلية التي افترست الأرض الفلسطينية ، ورسمت على ترابها خارطة استيطان كثيفة . وهذه الجرافات لم تكن لتتأثر بأي شكل من الأشكال بلون الطيف السياسي الحاكم يسارا كان أم يمينا أم أية تشكيلة أخرى .

    واستكمالا فإن هذه الثوابت تتمثل في أن أي حل للقضية الفلسطينية لا ينبع وفق منظورها من الإعتراف بمسؤوليتها عن النكبة الفلسطينية ولا التهجير . وهي لا تعترف بأية حقوق تخص الفلسطينين المبعدين عن أوطانهم ، مضافا إلى ذلك كله أن القدس خارج نطاق أية تسوية ، وليس أدل على ذلك من هذا المد الإستيطاني المتمثل في مشروع واجهة القدس الذي يهدف إلى الإستحواذ على هذه المدينة المقدسة .

    لقد برعت إسرائيل في إيهام العالم أنها أعطت الفلسطينيين الكثير ، وأنها تنازلت تنازلات مؤلمة إكراما لعيون السلام . وتمكنت من تصوير ردود الأفعال الفلسطينية على سياساتها الإحتلالية على أنها أعمال عنف وتخريب وإرهاب . كما أنها أقنعت حلفاءها وفي مقدمتهم الولايات المتحدة أن المشكلة الرئيسة بينها وبين الفلسطينيين هي أمنية في الدرجة الأولى ، وصورت أمنها على أنه الوحيد المعرض للخطر ، وأن أصابع الإتهام مصوبة تجاه الفلسطينيين الذين يهددون هذا الأمن ويستهدفونه ، ملتفة بذلك على ممارسات احتلالها القمعية التي تمارسها منذ أن احتلت بقية الوطن في العام 1967 .

    اما في ما يخص السلام العادل الذي ينشده الفلسطينيون والقائم على إنهاء الإحتلال الإسرائيلي واسترجاع الأرض ومنظومة الحقوق الاخرى ، فمن المؤكد ان صانعي قرارات السياسة الاميركية قد التزموا المنظور الاسرائيلي ، وسعوا الى تسويقها عربيا وفلسطينيا باساليب عدة . الا انها بكل اتجاهاتها ظلت منحازة انحيازا استراتيجيا الى هذا المنظور القائم على سياسة فرض الأمر الواقع .

    فيما يخص مفاوضات التسوية النهائية ، وقيام الدولة الفلسطينية القابلة للحياة ، فقد أعلن مرارا وتكرارا أن العام 2008 سيكون هو الحد النهائي لها . وها قد مضى شهران من هذا العام ، وحتى اللحظة لم تبد في الأفق أية بادرة أمل لتحقيق هذا التوجه المفترض . إن كل الرياح تجري بعكس هذا التوجه الذي تتلاعب به السياسة الإسرائيلية وفق أهوائها وأهدافها وأجنداتها المعروفة مسبقا .

    وفيما يخص الإدارة الأميركية التي يفترض بها أنها راعية هذا التوجه ، فقد دخلت في طور الكمون ، ولم تعد القضية الفلسطينية – وهي لم تكن في يوم من الأيام – تحتل حتى ذلك الإهتمام المشكوك فيه . إن السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض ، قد بدأ ، والإنتخابات التمهيدية وما سيليها من منافسة بين المرشحين ، ستكون هي وحدها الشغل الشاغل للولايات المتحدة الأميركية على كثير من الصعد .

    ولا ينبغي الذهاب بعيدا ، فها هم الإسرائيليون يعلنون صراحة ، أنه ليس بالإمكان إيجاد تسوية نهائية مع الفلسطينيين هذا العام ، نظرا لاعتبارت كثيرة تخصهم وحدهم ، وإن أقصى ما يمكن التوصل إليه هو مجرد إعلان مبادىء .

    كلمة أخيرة . إن السياسة الإسرائيلية وكما وضعها منظروها الأوائل ، وسار عليها كل ساسة الأطياف السياسية لم تأخذ بالحسبان إلا حساباتها ، وأسقطت حسابات الآخرين وهم دائما أصحاب الحق الفلسطينيون . لقد أثبتت هذه السياسة فشلها سواء اعترف أصحابها أم لم يعترفوا كونهم في الأساس لم يضعوا بدائل لها ، وهذه البدائل تخص الحقوق الفلسطينية التي تجاهلتها .

    وحقيقة الأمر إن إسرائيل جراء سياستها هذه ، يمكن القول بما لا يدع مجالا للشك أنها ليست ناضجة للسلام الحقيقي الذي وحده يجلب لها الأمن والسلام ، وهما ما تفتقر إليه منذ قيامها . ووصفة الأمن والسلام هذه لا توجد إلا في منظومة الحقوق الفلسطينية الشرعية . وعنئذ ستدرك إسرائيل أن سياستها هي الطريق المسدود والسلام المفقود .






  2. #2
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لطفي زغلول مشاهدة المشاركة

    .................................
    كلمة أخيرة . إن السياسة الإسرائيلية وكما وضعها منظروها الأوائل ، وسار عليها كل ساسة الأطياف السياسية لم تأخذ بالحسبان إلا حساباتها ، وأسقطت حسابات الآخرين وهم دائما أصحاب الحق الفلسطينيون . لقد أثبتت هذه السياسة فشلها سواء اعترف أصحابها أم لم يعترفوا كونهم في الأساس لم يضعوا بدائل لها ، وهذه البدائل تخص الحقوق الفلسطينية التي تجاهلتها .
    وحقيقة الأمر إن إسرائيل جراء سياستها هذه ، يمكن القول بما لا يدع مجالا للشك أنها ليست ناضجة للسلام الحقيقي الذي وحده يجلب لها الأمن والسلام ، وهما ما تفتقر إليه منذ قيامها . ووصفة الأمن والسلام هذه لا توجد إلا في منظومة الحقوق الفلسطينية الشرعية . وعنئذ ستدرك إسرائيل أن سياستها هي الطريق المسدود والسلام المفقود .
    د/ لطفي زغلول
    سياسة الغالب و المغلوب
    المنطق النفعي العنصري
    تحياتي
    تظل جماعات من الأفئدة ترقب صباح الانعتاق,لترسم بسمة الحياة على وجوه استهلكها لون الشحوب و شكلها رسم القطوب ,يعانقها الشوق و يواسيها الأمل.

المواضيع المتشابهه

  1. السلام المفقود .. والمسؤولية الأمريكية : د . لطفي زغلول
    بواسطة لطفي زغلول في المنتدى نُصْرَةُ فِلِسْطِين وَالقُدْسِ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 09-02-2013, 03:24 AM
  2. رمضان .. شعائر وذكريات : عبد اللطيف زغلول / والد الشاعر د . لطفي زغلول
    بواسطة لطفي زغلول في المنتدى مُخْتَارَاتٌ شِعْرِيَّةٌ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 31-08-2010, 11:25 PM
  3. عًٍ ى دًٍ
    بواسطة اسماء محمود في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 28-10-2008, 04:11 PM
  4. رمضان .. شعائر وذكريات : الشاعر الراحل عبد اللطيف زغلول .. والد الشاعر لطفي زغلول
    بواسطة لطفي زغلول في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 23-09-2007, 05:18 PM
  5. تحرير الأسرى .. والسلام المفترض : لطفي زغلول
    بواسطة لطفي زغلول في المنتدى نُصْرَةُ فِلِسْطِين وَالقُدْسِ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 13-08-2007, 01:56 AM