ثلاث وخمسون عاما..

ثلاث وخمسون شمعة..
تف..تف..تف...............تف
قبل نصف قرن ..في السنوات الثلاث الأولى..
كان الاستعمار قد بدأ يستعد للرحيل..
لاأتذكر ما فعل..
في الخمسين ..قنبلة لاتزال في الجبال مخفية..
قبور هجرت..أصبحت بلا أسوار..بلا رحيان..
كنت في الست الأولى ..
طفلة تركض مع الراكضين..
كبار ..صغار ..بنات.. صبيان..
وفي موكب أعلام الأولياء والصالحين كنت أمضي..
الأم لاتعلم..الأب عسكري لايرحم..يغيب ويظهر..
أعود ..أحمل اللحم والسكر..
كنت طفلة صغيرة ..
استظل بظلال مناديل خضراء..حمراء..
علقت..في سماء الدرب العتيق..
كأنها أوراق الشجر..
تحملها ريح أساطير الأولين..
تطرد الجن..
لا أتذكر..
تقدم ذبيحة للعسكر..
لحارسة الماء ..تلك التي لاتقهر..
لها الدم يهدر..
ثور ..يكفي لإطعام بلدة ..
كانت البلدة كقصر خليفة..
تحيط بها البساتين والوديان..
لها سبعة أبواب..
وقرون من الجبال..
عيون ..متفجرة..وأسوار..
يسكنها بالنهار الإنس ..
وبالليل الجان..
يحرسون أهل الدار..
خمسون عاما مرت..
وثلاث.سنوات..
تف..تف..تف...تف...............تف
أطفأت الشموع..
أنا الآن أتذكر..
كل شيء تغير..
لم أعد طفلة..
أصبحت عجوزا تتأمل..
كل شيء تغير..
كل شيء تغير..

العزيزة فاطمة ..
تخليد هنا لهمجية الانسان ككل ، فهولاء الذين صنعوا ورموا بالقنابل ، لم يكونوا يوما اسوأ من الذين منعوا الناس حرية الرأي ، بل منعوا اخرين من أن يعيشوا بسلام وامان على ارض هي منذ ان عرف التاريخ بانه تاريخ لهم ، هكذا تتوارث الاجيال البشرية صناعة الموت ممن سبقوا ولا لوم على احد ، لا لوم ، فاما ان نعرف البشرية كلها بطبعها وهكجيتها في ازهر عصورها ، واما ان نقف موقف عجائز بيسابور من كل ما حدث ويحدث.

دمت بخير
محبتي
جوتيار

هنا أرى ...
شهيدا و شاهدا


اكليل من الزهر يغلف قلبك
هشــــــــام

لم أعد طفلة..
أصبحت عجوزا تتأمل..
كل شيء تغير..
كل شيء تغير..

العقل يختزن الصور ، لتعود للذاكرة كلما مرت صورة مشابهة ، وتتسع الرؤيا كلما كبرنا نضج العقل ..
ونتدارك المواقف بعد فوات الأوان ..

تحيتي أختي فاطمه ..