اجل هي ذكريات
وتكون كلمات
تكتب على ورق وماء
لكنها حقيقة تسكن في حجرات القهر
اعرف كم محرج ان يكون البوح
لكنها العفوية
ساكتب ما كان
والى متى سيبقى الحزن؟
ليست قصة قصيرة
بل خاطرة تحملها ذاكرتي
كنا ثلاث فتيات
وكنت السمراء الصغيره
بيتنا على ناصية الحديقة العامة
كم فرحنا ...
وكم كان اللهو بعض من عشقنا الطفولي
اذكر في تلك الليلة حين جاء
فتحت الباب
لاني الصغيرة
كانت انفاسه كرائحة الجراب
عدت الى غرفتي مسرعة وكأنني الريح
اخذت استرق السمع
واتخيل ذلك الوجه الطولي القسمات
تذكرت ثمار البلوط فوق اسوار بيتنا القديم
وتذكرت وجه جارتنا حين عادت من التلال
بعد ان هاجمهما الذئب
كانت تحمل من الفزع
ملامح زوج أمي
بكيت
ولم اقدر سوى ان استرق السمع
فأخواتي كن على الاسرة
كالاغلفة البيضاء
ولم يبقى على مسمع السكون الا انا
سمعته يقول:
أين انت ؟
هل اختفى صوتك ؟
خرجت مسرعة اليه
كان الحديث يختصر حين يكون كالهمس
لم يكن بين الكلمات معه سوى الغثيان
ابتعد الحوار خلف الظلام
وعدت الى سريري
اذكر جيدا كم كنت خائفة أن يعود
واذكر اختي الوسطى
كانت تتجرأ على البقاء دون غطاء
حتى في الليالي الباردة
في تلك الليلة
سمعت وقع خطوات تترنح على الممر الخشبي
اغمضت عيوني وكأنني في حلم
اقترب من الباب
و ايضا من جسدها
ينظر بعيون تلهث
تحركت تلك البغيضة
اقترب اكثر
لم استطع ان احبس الانفاس المتسارعة
التفت نحوي
ثم سارع الى وضع الغطاء الابيض على الجسد الكاذب
وكأنه الاب الحنون
وكأنه اقترب ليكون كحلم ابيض
اشرقت الشمس في الصباح
وذهبت الى غرفة والدي
وذكريات اصبحت خلف عمري الصغير
الآن كبرت
صرت افهم معنى اليتم
اخرجت من خزانتي اوراق وصحف قديمة
كانت لوالدي
تصفحت ثم بكيت
اعجبتني في احدى الصحف قصيدة قديمة
قرأتها
كانت لكاتب لا اعرفه
يقول فيها :
من عامين
وأنا أعرض قلبي في سوق الحب
أتعشم أن تأتي عينان كعينيك
محملتان بأسرار الشعر
بزرقة بحر الشعر
وخضرة غابات الشعر
وأضواء الشعر الفيروزية
عامان...
وأنا أتعشم أن تمسح عرقي
كف حنطية
فأشم أريج الحناء
وأحس بأن العالم ... أجمل
عامان ..
وأنا ثاو في سوق الحب
كغصن مهمل
ينكسر الوقت ... وينكسر القلب
ويرشقني العشاق المبتهجون
بماء الجدول
فأعود يكبلني الغيظ
أضمد بالآهة جرحي
وأقرر:
ما زلت على قيد الحب الأول!
مصطفى غنيم
أجل هكذا كان اسمه
خاطرتي لم تكن سوى اعترافات صبية ...
وجدتها عند باب حديقتي
قالت في نهايتها
اقرأها لمن تشاء ...
حتى تعرف السماء
كم حزن العيون الصغيرة