أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: المذاهب النقدية : ثورة ، شك ، عبثية ،، قراءة في أسباب نشوءها

  1. #1
    الصورة الرمزية وائل بن يوسف العريني قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Sep 2006
    المشاركات : 32
    المواضيع : 14
    الردود : 32
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي المذاهب النقدية : ثورة ، شك ، عبثية ،، قراءة في أسباب نشوءها

    بسم الله الرحمن الرحيم


    يصف بعض العلماء والنقاد العصر الحديث بأنه : ( عصر النقد ) ، وما ذاك إلا لبروز النقد واتساع مجاله وكثرة طُرُوقِه ، ولدخول النقد في علوم كثيرة ونشاطات متعددة بمفهومه الذي يعني التقويم والحكم وإظهار العلل وإبراز المحاسن والتطلع إلى الجيد واستشراف التطور وفق معايير وأسس معينة ، ورؤىً واضحة محددة .

    والنقد الأدبي بوصفه أحد فروع النقد وأكثرها انتشاراً وسيراً في الآفاق كثر وتعددت مدارسه ، واختلفت فلسفاته ، حتى أصبحت المذاهب تتغير وتتبدل بمرور الزمن وتقادم العهد، وكأنها ألبسة وأمتعة تخلَقُ فتُبدَّل بغيرها .

    ولعل من أسباب نشوء المذاهب النقدية والأدبية ما يلي:

    1- الثورة بمفهومها الواسع ، وابتدأت الثورة بالثورة على الكنيسة وسيطرتها على الحياة ، ثم الثورة الصناعية ، حتى أصبح مصطلح ( ثورة ) يدل على كل ما هو حسن وجيد ، ومن هنا ثار الأدباء على النظام السائد في الأدب والنقد ، بهدف التجديد ومحو السابق إما لقدمه فقط ، أو لعدم إيفائه بتطلعات إنسان اليوم .
    وقد كان لنجاح الثورات الكبرى كالثورة الصناعية أثر في إذكاء الروح الثائرة المتطلعة للخروج عن بوتقة القديم وكسر حاجزه ، والتخلص من منطلقاته وأفكاره التي كانت سائدة فترة من الزمن .

    2- كما أن العداوة سبب آخر ولها ضلع ظاهر في نشوء المذاهب الأدبية والنقدية ، إذ كثيراً ما كان الدافع لنشوء مذهب ما الوقوف في وجه مذهب سابق له ، أو عداوة بين أقطاب المذاهب حتى يستقل آخر بمذهب جديد ويقرر له فلسفته ونظريته ، وما نشوء الرومانسية إلا وقوف في وجه الكلاسيكية التي محضت الأدب للغير ، فجاءت الرومانسية تنادي بأن يكون الأدب ذاتياً ينبع من النفس ويعالج قضاياها ويغوص في أعماقها ويعبر عنها . وما لبثت الرومانسية أن هوجمت من قبل البرناسة ( مذهب الفن للفن ) إذ جعلت الأدب – كما يرى أصحاب الفن للفن – وسيلة للتعبير عن الذات ، بينما الحق أنه غاية ومطلب في حد ذاته – في رأي أصحاب الفن للفن - ، وهكذا استمرت السنة مع التفكيكية مثلاً في ثورتها على البنيوية ، وهلم جرا .

    3- ولعل من أبرز الأسباب وأكثرها إعانة على تعدد المذاهب وتطاحنها فيما بينها : سهولة النشر والطباعة ، وكثرة الكتاب والمؤلفين الذين ينطلقون في كتابات عقلية يقررون ويضعون الأسس للأدب من خلال نظرة قد لا تكون بالضرورة صحيحة، بل قد تكون ضرباً من الجنون والعبثية ، ثم ما تلبث تلك الرؤى والأفكار التنظيرية أن تخرج في كتاب ويترجم وتروج سوقه ، ثم يقرّض ويمدح أو يذم ، وهذا يقود إلى السبب التالي :

    4- ما يمارس في الصحف من نفخ وتمجيد لمذاهب جديدة أو منطلقات نقدية وأدبية حديثة ، فحين تكثر الصحف ويتعدد المحررون والصحفيون وتحكمهم الأهواء و (الشللية) فما يقوله فلان – بالنظر إلى شخصه لا ما جاء به – هو الصواب والنظرة الجديدة المتوافقة مع المدنية أو الحضارة أو الحداثة أو غيرها من التسميات البراقة التي لا تنطوي على كبير معنى أو أثر . وهذا ساهم في نشر وانتشار مذاهب من يُعيد النظر فيها يجدها لا تستحق ما خُلع عليها وما وهبت من مدح وثناء وإشادة ، أو على الأقل لا تستحق بعضه .

    5- صدور أصحاب المذاهب الأدبية عن فهم سقيم للأدب ، أو قل : عدم فهم الأدب على حقيقته عند أولائك الكتاب والنقاد – إن صحت التسمية - ، كما أن لضعف الدين أثر في ذلك الفهم السقيم والغفلة عن أهداف الأدب ومهامه في الحياة ، حتى نشأ جيل لا يرى ضرورة في أن يتصل الأديب بالمجتمع ، ولا يهم أن يُخاطب أدبه النخبة – إن فهموا أصلاً – دون غيرهم ، المهم أن يطبِّق الأديب تلك الفلسفة ويسير على نهجها ، حتى يصل الحال بالأدب إلى ألفاظ لا تعقد على معانٍ ، أو معانٍ لا تنطوي على فائدة ، أو فائدة تهدم ولا تبني وتحط ولا تسمو .


    ثم إن لكل مذهب أدبي – مهما كان مصدره أو ادعاءات أصحابه – فلسفة وعقيدة يدور عليها ذلك المذهب ، ونظريات فكرية ينعقد عليها ذلك المنهج ، وإن ادعى من ادعى إلى ضرورة الفصل بين العقائد والأديان وبين الأدب ، وإن بكى من بكى أدلجة الأدب وتسييسه وضرورة البُعد عن تمييع الأدب في العلوم الأخرى دينية أو سياسية أو اجتماعية أو غيرها .

    ثم إن سُلِّم لهم جدلاً إبقاء الأدب خلواً من العقائد والأديان والمذاهب ، لو سُلِّم لهم ذلك جدلاً فإن مقومات تلك المناهج ستنطوي على عقائد جديدة إلحادية عابثة ، دينها اللا دين ، وعقيدتها تمجيد الإنسان والوصول به إلى مراتب الألوهية – جل ربنا عن الشريك والمعين والصاحب والولد - .

    إن المذاهب الأدبية في العصر الحاضر – وأهمها الحداثة وما بعدها – لتتخبط في ظلمات الحيرة والشك والاضطراب – إلا من رحم الله - ، يوم أن تخلت عن دينها وعبدت هواها ، وهدمت أي يقين وأي سلطة كانت سائدة ، حتى صار العقل وحده المحور في هذا الكون ، وهو الذي يملي على الإنسان علاقاته وتقديره للأشياء ، وغدا العقل – على ضعفه وقلة إدراكه – مشرِّعاً وساناً للقوانين التي يجب أن يسير عليها الإنسان في هذه الحياة ويأتمر بأمرها .

    تلك هي سمات وأسباب نشوء المذاهب الأدبية ، التي ضاعت وضيعت معها الكثيرين ، ويريد أبناء الإسلام السير على منوالهم والخطو على طريقتهم ، مع أن الفارق شاسع ، والبون ظاهر بين عقيدتهم وعقيدتنا ، الحقيقة في الإسلام ظاهرة واضحة لا غموض فيها ولا شك ولا تدليس ، إن المسلم حين يُسأل عن الكون يُسأل عن معلوم لديه ، وحين تُطرق بحضرته مشكلات العصر وقضايا المجتمع يجد لها – بإذن الله – حلولاً ، لا يتردد في ذلك ولا يتلعثم ، تلك هي العقيدة الإسلامية الواضحة الصريحة ، فهل يعي أبنائنا ذلك ويتركوا تقليد الغرب ؟ ، وهل يلتفت الأدباء لمنهج الإسلام في الأدب ويسيروا وفق سنن الحياة التي شرعها الله لعباده؟، اللهم اكتب ذلك وأرنا من إخواننا أوبةً إلى سبيل الحق وطريق الفلاح .



    وائل العريني
    15/12/1427هـ
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    الصورة الرمزية عبدالملك الخديدي شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    الدولة : السعودية
    المشاركات : 3,954
    المواضيع : 158
    الردود : 3954
    المعدل اليومي : 0.60

    افتراضي

    الأستاذ : وائل العريني
    بورك فيك على هذا الموضوع الرائع والمهم .. ولعله فقط ملخص لموضوع أشمل وأكبر .
    تطرقت إلى جوانب مهمة خاصة ما يتعلق بالتجاوزات التي تحدث في أكثر الصحف والنشرات المتخصصة|.
    تقبل التحية والتقدير.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    أديب وناقد
    تاريخ التسجيل : Oct 2006
    الدولة : الكويت _ مصر
    المشاركات : 133
    المواضيع : 5
    الردود : 133
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    الأخ الفاضل الأستاذ وائل
    سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
    قرأت ما كتبت هنا ومن قبل , واسمح لي أن أسأل :
    ألا ترى في الأدب بفنونه الشعر والرواية والقصة .., وفي النقد بمذاهبه كلها , سوى الانحراف والشذوذ والفجور والضلال والعبث والشك ؟
    ما الهدف من كل هذا ؟
    ألا يقرأ الناس شيئا , وألا يعرفوا شيئا عن الفنون؟
    اطمئن أخي فنحن أمة اقرأ التي لا تقرأ.
    و أن أكثر الكتب مبيعا في العالم العربي لا يطبع أكثر من 3000 نسخة, وأن رواية واحدة في أوربا (ولا أسميها إشفاقا من سهامك ) طبعت 300 مليون نسخة( أي مايعادل عدد سكان العالم العربي )
    هل أزيد فأقول : إن ما يصدر في العالم سنويا هو مليون و250 ألف عنوان تقريبا
    ونصيب العالم العربي منها لا يزيد عن عشرة آلاف عنوان , بما فيها العناوين المدرسية التي نجحت في تحريض الأجيال على عدم القراءة
    قليلا من الرحمة أخي الكريم
    أدعوك لأن تقدم لنا شيئا جميلا من الأدب أو من الحياة , ننتظر منك ذلك لأن المسلم إنسان حضاري وأهل لإضاءة العالم بنور الفكر والفن
    ودمت بكل خير

  4. #4
    الصورة الرمزية وائل بن يوسف العريني قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Sep 2006
    المشاركات : 32
    المواضيع : 14
    الردود : 32
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    الأخ عبد الملك الخديدي
    أشكرك على إطلالتك وأهلا وسهلا بك

    د إيهاب النجدي

    شكرا لك على هذه المداخلة الصريحة ،، وأقول الصريحة والهجومية بعض الشيء ، ولعل هاهنا سوء فهم

    تقول يا رعاك الله وحفظك :

    ألا ترى في الأدب بفنونه الشعر والرواية والقصة .., وفي النقد بمذاهبه كلها , سوى الانحراف والشذوذ والفجور والضلال والعبث والشك ؟
    وأنا أقول من قال هذا ؟؟! ،، ليس الأدب بموضوعه ومعالجته يوصم بهذا، ولعله يلزمك هنا إيراد البرهان على ما قلته ، أنا قلت المذاهب النقدية ، وأظن أن هناك فرقاً بين المذاهب النقدية والأدب الذي هو محل النقد ، ثم أنا قلت قراءة في أسباب نشوئها ، وهذا ليس تجنٍ مني أو مغالطة ، واقرأ إن شئت أي مؤلف صغر أو كبر في دراسة المذاهب النقدية سينبيك عن تلك الأسباب بشكل أو بآخر ، واقرأ إن شئت أي مذهب من داخله وتاريخه وتاريخ منظره وأنت تستنبط دون أي مساعدة السبب الذي دعا هذا الناقد أو ذاك إلى التنظير لمذهب جديد ،، فقليلاً حفظك الله من هذا الهجوم غير المبرر والتعميم غير المقبول .

    وسطرت أناملك حفظك الله قولك :

    ما الهدف من كل هذا ؟
    ألا يقرأ الناس شيئا , وألا يعرفوا شيئا عن الفنون؟
    اطمئن أخي فنحن أمة اقرأ التي لا تقرأ.
    و أن أكثر الكتب مبيعا في العالم العربي لا يطبع أكثر من 3000 نسخة, وأن رواية واحدة في أوربا (ولا أسميها إشفاقا من سهامك ) طبعت 300 مليون نسخة( أي مايعادل عدد سكان العالم العربي )
    هل أزيد فأقول : إن ما يصدر في العالم سنويا هو مليون و250 ألف عنوان تقريبا
    ونصيب العالم العربي منها لا يزيد عن عشرة آلاف عنوان , بما فيها العناوين المدرسية التي نجحت في تحريض الأجيال على عدم القراءة
    أضحك الله سنك أخي الكريم وأستاذي الفاضل ،، من أين استقيت هذا الهدف الذي تتحدث عنه ؟؟ ، لم يخطر لي على بال ساعة تحرير المقال ولا الآن حين نبهتني إليه .
    وهل ندس رؤوسنا في التراب ونقول هي مذاهب نقدية أو أدبية والسلام ؟ ، لا شيء يقبل على وجهه أبداً إلا أخبار العصمة ونصوص القداسة ، ولا قداسة للأدب أياً كان قائله .
    أما ما قلته أننا أمة لا تقرأ فأظن أنك أدخلتها في موضوعنا دون سبب ظاهر وداع إلا أن تقول اترك الناس تقرأ لمجرد القراءة لأننا لا نقرأ ، ومن أراد أن يقرأ فليقرأ ما شاء وممن شاء ، وهذا رأيك على كل حال ولكن أحب أن أنبهك أننا لا نترك الصغير مثلاً يعبث بالنار لأننا نريده أن يلعب وأن يكتشف ما حوله وعلى ذلك فقس .


    وتقول :

    قليلا من الرحمة أخي الكريم
    أدعوك لأن تقدم لنا شيئا جميلا من الأدب أو من الحياة , ننتظر منك ذلك لأن المسلم إنسان حضاري وأهل لإضاءة العالم بنور الفكر والفن
    وأنا أقول : وأنت قليلاً من الموضوعية في تحليل الخطاب أياً كانت رؤية صاحبه وفكره ، فليس ثمة تعارض مع ما كتبته أنت وما كتبته أنا ، ويبدو أنك أخذت العنوان وشرحته دون أن تعير الموضوع وما قيل فيه أي أهمية ، لذا فإن العنوان وحده يمكن أن يؤول إلى عدد من المعاني التي ليس بالضرورة أن الفحوى يتضمنها

    وأشكرك على صراحتك مرة أخرى وإن كنت أود أن تتمهل ولا تهاجم إلا فيما يستحق الهجوم ،، وفي الختام أقول : اختلاف الآراء لا يفسد للود قضية ولا للمحبة عنواناً
    والله يرعانا وإياك
    17 / 1 / 1428هـ

المواضيع المتشابهه

  1. دائرة عبثية
    بواسطة د\أسماء علي في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 23-09-2018, 06:24 PM
  2. قراءة عَبَثيّةٌ للنّص ـ تركي عبد الغني
    بواسطة تركي عبدالغني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 31
    آخر مشاركة: 23-12-2012, 03:56 PM
  3. المذاهب الإسلامية وإشكالية حمل اللفظ على معنى ظاهره الحقيقي وبين ضرورة التأويل
    بواسطة صادق الشيحاني في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 15-05-2010, 09:26 AM
  4. ترنيمة عبثية . . في عبودية العشق
    بواسطة إسلام شمس الدين في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 14-07-2003, 03:22 AM