أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 17

الموضوع: عندما يموت الراعي ( من يوميات حمل وديع)

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد نديم شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 915
    المواضيع : 187
    الردود : 915
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي عندما يموت الراعي ( من يوميات حمل غير وديع)

    عندما يموت الراعي
    ( من يوميات حمل غير وديع)
    بقلم محمد نديم علي
    وديعا كنت وما زلت ،تعشقني المراعي لنزقي وشقاوتي ونعومة فرائي ، فصرت وسط القطيع حملا مطيعا.أنصت لنغمة الناي إذ يطمئن لها قلبي ، فأنساب وسط أفراد القطيع نلتهم الحشائش عن رضا ، ونسير وفق إشارة راعينا عن طيب خاطر. كيف كان يبدو ؟ هل كان طيبا ؟ هل كان ودودا؟ لا ندري. لم يكن مسموحا لنا أن نقترب منه ولم نكن نجرؤ أن نحلم بالنظر إلى وجهه.
    ********
    كانت وسيلة الحوار بيننا هي العصا ، يهش بها علينا، فنلزم القطيع ، وصوته الجهوري يصيح فينا فنسير معا ، نحو العشب في كل أرض قاحلة ، كتلة واحدة ملتصقة بزيت الصمت.
    *********
    كانت مسؤوليته وحده أن يقرر إلى أين نتجه ، وكانت نظرته هي التي تحدد أين موقع الزاد ، وكان حدسه بوصلة تمكنه من أن يتوقع منابع الماء فيهرع بنا إليها، و مكامن الخطر ،ومرابض الذئاب فينأى بنا عنها . وكنا نلزم الطاعة ، نضع رؤوسنا بين أقدامنا الأمامية وندس أنوفنا في تراب الأرض، نفتش عن طرف عشبة هنا أو رأس نبتة هناك.ونعود أكثر صمتا ، وأثقل حركة كي تكتظ بنا مهاجعنا المسكونة بالرتابة والعطن، دون أن نرفع الرؤوس.
    ********
    (الراعي ما زال يغني)
    مرت مواسم التسمين حلوة هنية ، ولم نشعر أننا قادمون على مواسم للذبح المنهجي، دون أن يجرؤ أحد منا على الاعتراض.القطيع يهيم إلى حيث تشير العصا،والحملان تكبر ، وتنتفخ بطون النعاج ، وتتضخم قرون الكباش ، وما زلت بين الحملان التي تركض فرحة ببعض العشب وقليل من الماء. ما زلت غريرا ، لكن بقدوم الربيع شعرت بأنني متميز،وما زلت ، إذ لا أطيق الحدود والخطوط والعلامات على طريقي ، كنت وما زلت عاشقا للريح لا تحدها صيحة، ولا تمنعها عصا راعٍ متسلط.أعشق حياة حمل نزق لم ينضج بعد ، و أرفض وبشدة أن أشب عن الطوق إلى مرحلة الكباش ، خوفا من أن يكون لي قرنان كبيران لا فائدة فيهما.
    ********
    وتمر مواسم للتسمين تتلوها مواسم للذبح.
    (والراعي ما زال يغني ...)
    ذات العزف على نايه المشروخ، وذات الوعود في أغانيه ، وذات الأماني يخدعنا بها أن يسوقنا نحو مروج لا تذبل حشائشها ، وأرض لا ينقطع مطرها ، وتلال لا ذئاب وراءها
    (.لم يصدقه قلبي الصغير، رغم حلمي المشروع بما وعد ليل نهار.)
    *****
    (ما زالت الكباش تشتبك بقرونها، في صراع مقيت على النعاج ، ولكنها تنحني وتذوب طاعة أمام الراعي.أما النعاج فحدث ولا حرج ، فهن آلات حاسبة مثالية و قوية الذاكرة : حملا ووضعا وإنتاجا للحليب.كم تمنيت شربة لبن من نعجة قالوا أنها أمي ، وتمنيت أمنا بين صوف كبش ذي قرنين هائلين قالوا إنه أبي.كيف له إذن أن يهملني؟!!)
    (كيف له أن يتسبب في إنجاب حملان نابهة وطموحة مثلي ، وقد كان مكتنز اللحم ، وكان خصيا؟)
    *********
    كنت وما زلت ، راسخ الاعتقاد بأنني كنت وما زلت ابنا للشمس والنسيم والمروج، وصديقا للنبع الصافي ، والعشب الطري، والفراشات الملونة، والأرانب البرية.
    فلا أنا ابن نعجة ولا أنا سليل الكباش.
    *****************
    وننتظر المطر القادم من خلف حدود الغيب ، ونحملق في اللحظات .
    (والراعي ما زال يغني .)
    ******
    أشيع في مرعانا والمراعي المتاخمة أن راعينا قد .. عقد صفقة سلام غير قائم على العدل مع الذئاب ...كي يتفرغ للعزف على الناي ومطاردة الفراشات ، واصطياد إناث الأرانب خلف التلال.
    ( ماله والذئاب ؟ !! ماله ووجع الرأس؟)
    ليتفرغ للغناء كي يستحث المطر أن يسقط ، والنماء أن يعم ، ومخازن غلاله أن تنتفخ ، ولنا أن نسمن استعدادا لمواسم الذبح.
    (يشاع في مرعانا والمراعي المتاخمة أن راعينا كبش خصي مكتنز اللحم)
    ************
    (والراعي ما زال يغني )
    حينما درت وراء التل ،علِّي أجد وراءه عشبا نسيت يد القحط أن تخنق ماء الحياة فيه ، أو أصادف نبتا جافا ما زال منتصبا بين حبتي رمل.هناك سمعته يغني ، و رأيته للمرة الأولى رأي العين ، نعم رأيت الراعي ، كبشا ذي قرنين هائلين ، وهو يطارد إناث الخراف وراء التل ، فشممت ريح الذئاب تعم المكان ، وتسمم الهواء برائحة عوائها المقيت.
    ************
    (الراعي ... هل كان يغني؟)
    عندما عدت فزعا عند الغروب ،لم يكن أحبائي في القطيع حولي ـ لم أجدهم جميعا ، التمست ريحهم ، فرأيت فراءهم فوق الأرض القاحلة ، مبعثرا ، قاني اللون ممزقا. وعلى البعد تناهى إلىَّ صوت الراعي يتمزق إربا إربا في جوف الذئب
    .

  2. #2
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2006
    العمر : 54
    المشاركات : 3,604
    المواضيع : 420
    الردود : 3604
    المعدل اليومي : 0.55

    افتراضي

    نص رغم انها قصه الا انني لمحت موسيقا خفيه اخذتني بعيدا جدا
    لله در قلمك
    مرور وتحيه
    فرسان الثقافة

  3. #3
    الصورة الرمزية وفاء شوكت خضر أديبة وقاصة
    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : موطن الحزن والفقد
    المشاركات : 9,734
    المواضيع : 296
    الردود : 9734
    المعدل اليومي : 1.48

    افتراضي

    إسقاط سياسي بأسلوب لا يتقنه إلا أنت ..
    أخي الكريم انديم لحرف ..
    هكذا نحن نعاج في حظائر تنتظر مواسم الذبح راضية مستسلمة ..

    بارك الله بك وأدام عليك الصحة والعافية ..
    رائع كما أنت دوما ..
    //عندما تشتد المواقف الأشداء هم المستمرون//

  4. #4
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Mar 2008
    المشاركات : 42
    المواضيع : 5
    الردود : 42
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    فعلا أختي وفاء، نحن نعاج ننتطر الذبح.
    شكرا لعمق نصك و هذا الفكر الذي تحمله اخي المبدع
    محمد نديم
    تحيتي و تقديري

  5. #5
    الصورة الرمزية محمد نديم شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 915
    المواضيع : 187
    الردود : 915
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريمة الخاني مشاهدة المشاركة
    نص رغم انها قصه الا انني لمحت موسيقا خفيه اخذتني بعيدا جدا
    لله در قلمك
    مرور وتحيه
    الأستاذة ريمة الخاني
    امتناني لتواصلك الراقي.
    فبه أشرف.
    النديم

  6. #6
    الصورة الرمزية محمد نديم شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 915
    المواضيع : 187
    الردود : 915
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وفاء شوكت خضر مشاهدة المشاركة
    إسقاط سياسي بأسلوب لا يتقنه إلا أنت ..
    أخي الكريم انديم لحرف ..
    هكذا نحن نعاج في حظائر تنتظر مواسم الذبح راضية مستسلمة ..
    بارك الله بك وأدام عليك الصحة والعافية ..
    رائع كما أنت دوما ..

    وفاء دمت بخير
    تواصلك العذب يرقي معاني الحروف
    ويبث ودا لا يذوب.
    لك ألف باقة ورد.
    وسلام.

  7. #7
    الصورة الرمزية محمد نديم شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 915
    المواضيع : 187
    الردود : 915
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بديعة بنمراح مشاهدة المشاركة
    فعلا أختي وفاء، نحن نعاج ننتطر الذبح.
    شكرا لعمق نصك و هذا الفكر الذي تحمله اخي المبدع
    محمد نديم
    تحيتي و تقديري
    أهلا بديعة
    تواصل أعتز به ورأي به أفخر
    دمت بخير
    لك الود أزاهيرا لا تذبل.

  8. #8
    الصورة الرمزية سعيدة الهاشمي قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Sep 2008
    المشاركات : 1,346
    المواضيع : 10
    الردود : 1346
    المعدل اليومي : 0.24

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

    أخي المبدع محمد نديم،

    تسليط سياسي مميز على واقع أغبر، تجيد التلاعب بالحرف كما قلت لك مسبقا لتجعله خادما تسخره

    كيفما تشاء في التعبير عن رأيك وإيصال فكرتك..

    زمن القطيع والراعي هذا، نجري وراء راعٍ مطأطئي الرأس نطيعه في خوف زائد وما هو إل واحد منا باع ذمته

    للذئاب طامعا في خير وربح أوفر من وراء هذه الاتفاقية الفاسدة، فيموت بإرادته أليس هو من سلم رقبته ورقاب

    القطيع للذئاب إذا فهو موت بإرادة، لكن الرياح تأبى إلا أن تذر رماد الموت ليطال القطيع بأكمله قبل أن يطاله

    في الأخير، لقد كان سيدا حتى لو "تقيأ" وأمر قطيعه بالتهام ما أخرجه من أحشائه المقززة سيفعلون بدون تردد،

    لكنه أعور التفكير أعرج البصيرة، أراد التفرغ للغناء والنعاج وأنثى الأرنب فذاب في كأس النشوة دما.

    في قصتك هذه كما في سابقتها "الديك والبيض ودائرة الاشتباه"، رغم مرارة الواقع هناك خيط أمل يتمثل

    في ذاك الرافض العاشق للحرية، كأنك ترمي إلى أنه مهما اسودَّ الواقع دوما هناك من يشقون بطنه لتلوح

    أشعة الشمس ولو خفيفة ضعيفة لكنها تحدث الفرق.

    تحيتي ومودتي.

  9. #9
    الصورة الرمزية محمد نديم شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 915
    المواضيع : 187
    الردود : 915
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعيدة الهاشمي مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

    أخي المبدع محمد نديم،

    تسليط سياسي مميز على واقع أغبر، تجيد التلاعب بالحرف كما قلت لك مسبقا لتجعله خادما تسخره

    كيفما تشاء في التعبير عن رأيك وإيصال فكرتك..

    زمن القطيع والراعي هذا، نجري وراء راعٍ مطأطئي الرأس نطيعه في خوف زائد وما هو إل واحد منا باع ذمته

    للذئاب طامعا في خير وربح أوفر من وراء هذه الاتفاقية الفاسدة، فيموت بإرادته أليس هو من سلم رقبته ورقاب

    القطيع للذئاب إذا فهو موت بإرادة، لكن الرياح تأبى إلا أن تذر رماد الموت ليطال القطيع بأكمله قبل أن يطاله

    في الأخير، لقد كان سيدا حتى لو "تقيأ" وأمر قطيعه بالتهام ما أخرجه من أحشائه المقززة سيفعلون بدون تردد،

    لكنه أعور التفكير أعرج البصيرة، أراد التفرغ للغناء والنعاج وأنثى الأرنب فذاب في كأس النشوة دما.

    في قصتك هذه كما في سابقتها "الديك والبيض ودائرة الاشتباه"، رغم مرارة الواقع هناك خيط أمل يتمثل

    في ذاك الرافض العاشق للحرية، كأنك ترمي إلى أنه مهما اسودَّ الواقع دوما هناك من يشقون بطنه لتلوح

    أشعة الشمس ولو خفيفة ضعيفة لكنها تحدث الفرق.

    تحيتي ومودتي.
    الأستاذة الناقدة المتفردة سعيدة الهاشمي
    تواصل راق ... ونقد مميز وإثراء لنص ما زال في رأيي في طور التجريب.
    أعتز بك قارئة وتاقدة ومتذوقة.
    وأهلا بك دوما هنا.
    ود لا يذبل.

  10. #10
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 391
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.14

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    قصة تبني واقع مرير يحمل إلينا هما يشق على الجبال حمله
    أعجبتني القصة ولفت نظري العنوان
    فأبيت الا المكوث هنا على حرفك حتى الإرتواء
    الأستاذ الأديب / محمد نديم

    حالة من الابداع خطها قلمك بتركيز وتكثيف شديدين ،
    مع عنوان جذاب آخاذ يشد المتلقي لير هذه الحالة الأبداعية ..
    تقبل خالص تحياتي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. عائلة الحاج وديع.
    بواسطة ابو زهير في المنتدى الأَدَبُ السَّاخِرُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 19-03-2010, 10:20 PM
  2. *على الحاجِزِ العَسْكريّ * (مِنْ يوميّات فلسطيني شاعرْ)
    بواسطة عمر زيادة في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 22
    آخر مشاركة: 12-03-2009, 04:29 AM
  3. عندما يموت كل شيء
    بواسطة راضي الضميري في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 18-12-2008, 04:57 PM
  4. رابطة الأدب الحديث تُكرم وديع فلسطين
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 22-05-2006, 09:42 PM
  5. وديع فلسطين: شاهد على عصره
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 28-03-2006, 07:30 AM