أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: حوار مع الكاتبة المغربية مالكة عسال

  1. #1
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2006
    الدولة : فلسطين المحتلة
    المشاركات : 431
    المواضيع : 33
    الردود : 431
    المعدل اليومي : 0.07

    Exclamation حوار مع الكاتبة المغربية مالكة عسال

    حوار مع الكاتبة المغربية مالكة عسال
    أجرى الحوار الكاتب / شجاع الصفدي

    الأدب والكتابة رسالة الإنسانية التي يحملها أصحاب الفكرة , رسل الكلام واللغة
    وما نفعله في حياتنا هو ما يُبقى الأسماء خالدة , لا شيء لنا يبقى خالدا سوى الكلمات والفكرة التي تجعل من نهجنا طريقا يسلكه الباحثون عن الحقيقة وعن النور ..
    وحتى نكون شركاء في إضاءة وتنوير ممرات الحياة علينا أن نسافر فيها ونخوض العتمة لنصل للنور
    ونبحر في الشك لننال اليقين ...
    وسفرنا اليوم عبر طريق شقته أديبة مغربية ذات نكهة مثيرة للجدل رغم الهدوء الذي تمتاز به روحها إلا أن صخب قولها يثير خلفه عاصفة , فتثور ثائرة الظلاميين الذين لا يعجبهم شروق شمس الحقيقة فيخطئون التقدير محاولين حجب الشمس بغربال فتسقط عبثا محاولاتهم
    الأديبة المغربية مالكة عسال أرحب بكِ أولا
    مالكة عسال
    - الاسم سيد نفسه دون ألقاب يوصم بها أو أوصاف تلصق به
    قولٌ أؤمن به , فما رأيك ؟ أيكفي الاسم ليقولكِ بالهيئة التي تحبينها لنفسك ؟


    ولى زمن كان فيه المبدع أو الاسم هو المعني لدى الأدباء والقراء عامة ،والنقاد خاصة ،وأصبح اليوم العمل الإبداعي هو سيد الموقف،يعطي الهيئة لنفسه قبل صاحبه،أي أن الإبداع في الواجهة وصاحبه وراء الباب الخلفي،واسم مالكة عسال لا حضور له، بل إبداعها النابض النابع من الصدق والذي يترك الأثر في نفسية المبدع .



    - وعلى ضوء مالكة عسال
    لو قلنا الكاتبة المثيرة للجدل مالكة عسال
    هل يزعجك هذا الوصف ؟ أم أنكِ ترين أن إثارة الجدل هو الطريق للوصول لحقيقة الكلام وسبر لأغوار المنطق؟


    أبدا لا لن يزعجني لم لان القارئ أذكى من المؤلف نفسه ،وهو يستسيغ الكتابات الإبداعية بثقة كبيرة في نفسه ،وأنا أثق فيه ،وفي شهاداته وألقابه للمبدع ..هذا من حافة ،ومن حافة أخرى فالجدل بكل خاصياته ،يفتح القميص عن أفكار جديدة ،ومتنوعة مما يثريه ..لذا ترى في ندوة ما أو محاضرة تذيل بالجدل والنقاش... ما ينبغي التأكيد عليه هو النقاش المنطقي دون تحريف أو تزوير ،أو إضافات مشوهة تُنسَب للكاتب وهو بريء منها ..



    - أين أنتِ ؟ أين ترى مالكة عسال نفسها على خارطة الأدباء في العالم العربي عامة والمغرب العربي خاصة ؟

    مالكة عسال كذاك القطار الذي أثبت عجلاته على السكك ،وانطلق يسابق المراحل ،وكأنها تريد تعويض ما فات بحرق اللحظات ..فمهما قطعت من أشواط فحين تمعن في التجارب ،تجد نفسها تحت السفح ،وعليها أن تسابق الريح لتمسك بقافلة الأدباء وتستل من بينهم نصا أو نصوصا جميلة ..ومرآة القراء أو الأدباء أو الجمهور عامة هي التي تنضاح عليها تجربة مالكة عسال ،وآراؤهم بالتحديد ،هي التي تضع إبداعها داخل إطار، أو خارطة الأدب عربيا أو عالميا ...



    - وزارة الثقافة المغربية , ماذا تقولين للقائمين عليها ؟

    باختصار شديد أقول لها:- يا أم الثقافة ،افتحي شرفاتك للمبدعين: الشباب خاصة ،فمخطوطاتهم حبيسة الرفوف ،ليخرج سوسنها إلى الحدائق،ويشم المتعطش للحرف عطرها ... فما مهمتك إن لم تفعلي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    - دعمي بعض المؤسسات الثقافية الجادة ،التي تنحت من جلدها ركنا ثقافيا ،يستمع فيه الأدباء لهسيس أوجاعهم ...ولكن هل لها آذان صاغية ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟



    - المغرب العربي يعج بالأدباء والشعراء والمجتهدين الطامحين أيضا
    ونلاحظ أن شبكة الإنترنت باتت قِبلة هامة يُيّمم هؤلاء وجوههم نحوها لنشر كتاباتهم والتعبير عن آرائهم ولم يقتصر الأمر على مجالات الأدب بل تخطاها لمجال السياسة و نقد الدولة والتعبير عن الرفض لما لا يرونه مناسبا لمصالح البلاد , كلٌ حسب رؤيته الخاصة طبعا. .
    هل هذه التوجهات من وجهة نظرك تخدم التطور الثقافي من جهة والتعبير الديمقراطي من جهة أخرى ؟ أم أنها لا تعدو عن كونها فقاعات مرحلية سرعان ما تتلاشى إما تلقائيا أو بسيف السلطة؟



    الانترنيت عالم افتراضي ،أتى بأشياء هامة ومفيدة ،أولها جعل العالم كله بملكوته ،بإنجازاته ،بتناقضاته ،بخبراته في قبضة يد ...بلمسة أيقونة يقول لك :العالم كله بين يديك،وعليه فللمبدع الحرية المطلقة التي هي شرط من شروط الإبداع لتداول ما في وجدانه ،وإعلاء صيحته شاجبا أو رافضا أو معلقا أو منتقدا وضعيات أو ممارسات مقلقة ،دون حسيب أو رقيب ..ففي رأيي هذه المبادرة لا تخدم التطور الثقافي فحسب ،بل والتعبير الديمقراطي بحرية يطال الجوانب الأخرى الاجتماعية والسياسية والفنية وما شابه ذلك


    - في ظل الترهل الثقافي الحالي في الوطن العربي تجري محاولات من بعض الأدباء والناشطين في مجالات الفكر والثقافة من أجل التغيير ومن أجل إحداث حراكا ثقافيا , وهناك من يكتفون بالتفرج على ما يدور دون التدخل لإصلاح ما يفسد , فهل تعتبر مالكة عسال نفسها من المتفرجين على الانتهاكات بحق الثقافة العربية ؟ أم أن مالكة بصفتها الشخصية كأديبة تسعى وتطمح لإحداث تغيير ما , وما هي الفعاليات التي تقوم بها مالكة عسال في هذا الاتجاه وما مدى النجاح الذي تحققه ؟


    فعلا أتفق معك أن هناك من يحترقون، ينفقون وقتهم وأموالهم ويحرقون أعصابهم و مجهوداتهم، من أجل إنجاز ثقافي يلتحم تحت ظله المبدعون ،دون تسطير أهداف بغرض الشهرة أو الربح المادي ،بينما في الناحية الأخرى من يقفون ليس للتفرج فحسب أو للإصلاح ،بل أحيانا يتدخلون بنية الهدم ..أو يضعون أمامك حجر العثرة ،ليوقفوا سير الحراك الثقافي ،وهم ينتشون اللعبة/المهزلة ،وأنا يثقل لساني عن تصنيف ووصف هذا النوع من السلوك ..
    وأنا كشبه أديبة أنبذ مثل هذه السلوكيات المشينة ،لأن مسألة إلحاحي في تدبير أجدى اللحظات ،يعانق فيها الأدباء صوت الجراح في لحمة واحدة ،ينصتون فيها لدبيب المشاعر في توحد مطلق ، لتجري في دمي، وأسعى إليها عن طواعية ،بل وأركب أنفي في وجه كل التحديات، لتكون تطبيقات الحراك الثقافي ناجحة ومتميزة ،وفعلا فكل الأنشطة توجت بنجاح باهر ،وأعطت أكلها بما يرضي الضمير ونية العمل ..
    والنجاح الذي حققته وأنتشي لذاذاته هو مكسبي الكبير لجمهور طويل /عريض داخل الوطن وخارجه ، يحب مالكة عسال ويقف معها في محنها مساندا ،أو في تظاهراتها مشجعا ومدعما ..فأقيمت دراسات حول أعمالي ،وأقيمت معي حورات ،وكُرِّمت في أكثر من منبر ،وترجمت أعمالي ....



    - بين قوسين " الصحافة " , السلطة الرابعة , يراها البعض مهنة النزاهة والحقيقة و يراها آخرون أنها مهنة الكذب والتلفيق والدسائس والفتن , فمع أي الرأيين تتفق مالكة عسال ؟


    هناك مثل قوي نتداوله اليوم، نحن المغاربة إرثا عن الأسلاف ،وهو أن الإنسان "حجر وطوب"والمقصود به الإنسان المتصلب /العنيد والمرن ..أو الشديد /الصلب واللين ..أو الخبيث والطيب، ونعني بذلك الذميم والقبيح،أي الشيء ونقيده ،إذن لا يمكن أن نعمم أيا من القولين على الصحافة برمتها ،فهناك الصحافة المتميزة والجادة التي تحترم أخلاقيات المهنة ،ولا تتعدى الخطوط الحمراء ،تحافظ على أمانة المقال دون تحريف أو تشويه أو تزوير ،وفي المقابل يوجد من الصحفيين ،من يركبون لقب الشهرة بأساليب مغلوطة ،ضاربين في العمق مبادئ العمل الصحافي بقلب المفاهيم ،أو تشويه المقال أو الحذف والإضافة بنية مبيتة هدفها الإثارة وخلق الجدل ،وهذا لعمري قمة الرداءة في العمل ...


    - هل ترين في صحافتنا العربية سبيلا لدعم الثقافة والفكر والمبدعين أم أنها قد تكون أحيانا وسيلة لهدمهم ؟


    كما سبق في السؤال آنف الذكر الصحافة لا تسير على خط واحد من أجل بناء المبدع ،كما لا تسلك مسارا موحدا لهدمه ،،فهي كما أكرر متفاوتة في العمل ،حسب الضمائر المهنية وجدية العمل ،ونوعية الأساليب المنتهجة والأهداف المرسومة


    -حسنا , وعلى ضوء حديثنا عن الصحافة , هل اصطدمت مالكة عسال بالصحافة بشكل سلبي من قبل ؟

    مالكة عسال فعلا سبق أن تعرضت لموقف محرج في الصحافة الافتراضية (الانترنيت ) ،بإثارة موضوع من طرف شاب، بين قوسين لاداعي لذكر اسمه ،ولا نوعية الموضوع ،لأنه بكثرة استهلاكه أصبحتُ أخجل من طرحه ،ومن حافة أخرى، احتراما للصحافة الجادة ،التي بكل آلياتها الإذاعية والتلفزيونية والورقية وحتى الافتراضية، أعطت لمالكة عسال حقها الإعلامي بكل احترام وتقدير، حسب ما تستدعيه المهنة الصحفية الحقيقة ،ومن هذا المنبر أحييها وأكن لها كل التقدير ...

    - ما السبب؟

    السبب يبقى لدى الصحفي في اختيار الموضوع بالذات ،والخلفية من ورائه في توجيهه لمالكة عسال بالضبط؟


    - أهنالك ما تقولينه للصحفيين الذين يمتهنون حرفة اختلاق الأخبار المزيفة ؟

    أوجه قولي ليس إلى الصحفي في اختلاق الأخبار الكاذبة ،بل إلى كل من ينتهج أساليب مغشوشة في العمل ،للوصول، أو لتحقيق الاسم في أي ميدان كان بطريقة وصولية ،أن يتحلى بالعمل الجاد ،والحرص على الصدق فيه ،لأن أساليب الحيل والمراوغة والكذب تفجر الأمر ساعته ،وبعده يتحول إلى رماد تدهسه الأقدام ،والعمل الصادق هو الخالد في النفوس ،وهو الذي يرقى بصاحبه إلى أعلى مستوى،دون تملق أو تزييف أو غيرهما ،ما يدخل في سياق العبث بالعمل ...وهناك أمر آخر يجب أن أضيفه بإلحاح ،وهو أن وراء كل منا وكل عمل ، تاريخ يسجل ،ولا تنفلت منه أدق دقائق الأشياء ،يدون ولو ذرة واحدة إيجابية كانت أو سلبية ....


    - هل توجد فعلا صحف صفراء ؟

    بل أقول ذابلة أو جثثا هامدة ، بعض مقالاتها تصيب القارئ بالغثيان ،وفي المقابل تجد أخرى نابضة تتناول بعض المواضيع في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية سواء خارج الوطن أو داخله ،بشكل موسع ودقيق يشبع نهم القارئ ..

    - حسبما أرى من خلال حديثك عن الصحافة الصفراء والصحف المقيتة , أشعر أنكِ مررت بتجارب مريرة مع هذه النوعيات من الصحف خلال رحلتك كأديبة , وهذا أمر مفروغ منه , فجميع الأدباء والكتاب والمبدعين لهم تجارب مع الإعلام تتباين من شخص لآخر ..
    فما هي التجربة التي مرت بها مالكة عسال مع الصحافة وتعتبرها تجربة مريرة تتمنى لو أنها لم تمر بها ؟

    أنا حين أمر من مشكلة تكون خطوة ماسة لقصّ بعض أوراق الخجل من مالكة عسال ،وتزويدها بشحنة من التحديات ،وحين أركب شط التجاوز ،لا أعود إلى الخلف إطلاقا لمضغ بصورة استهلاكية حيثيات الذي مضى ،بل أردمها في قبر منسي تماما ،كي لا أنبش الرمل عن الألم مرة أخرى ،كما أضع أو أختلق لها أسبابا وتبريرات واهية أنسبها إلى أنها هي المفجرة ،كي أهنأ براحة بال...

    - في سياق آخر , يردد البعض من أعداء المرأة أنه لا يوجد شيء إسمه أدب أنثوي , وأن النساء اللواتي يمارسن الكتابة هنّ مجرد هاويات يطمحن لإثبات وجودهنّ في مجال لا يليق بهن , مع أن هنالك الكثير من الدلائل التي تجزم بعكس ذلك إلا أن هذه الأصوات لا تقتنع ...
    ما هي ردة الفعل التي يجب أن تكون لدى الأديبات من النساء على هذه الفئة التي تحارب نجاح الأدب الأنثوي ؟
    الأدب الحقيقي الناجح لن ينثني لأية عاصفة حربية ،إن كان للمرأة أو للرجل ،والأديب يجب ألا ينتبه لمثل هذه التشويهات والتشويشات التي قد تنال منه أو تُصِبه بالإحباط ،بل عليه أن يتجاوز ،ويركب معارج التحدي راكضا نحو نصوص أرقى ،وأقول بعبارة أخرى كإضافة الضربة التي لا تقسم الظهر تقويه...
    - وماذا تقول مالكة عسال كأديبة لهؤلاء وكيف تبرهن بشكل منطقي أن الأدب لا يمكن أن يكون ذكوريا بحتا حتى وإن كان المجتمع ذكوريا ,ولكن بعيدا عن المثالية في القول , أتمنى أن تصارحنا الأديبة مالكة عسال بحديث واضح وصريح في هذا الشأن ؟

    أنا فعلا من الذين يقرون أنه لا وجود لإبداع أنثوي ،ليس من باب انعدامه ،ولكن من حافة تفرقة الأدب إلى إبداع أنثوي وآخر ذكوري ،أنا فعلا أحتار في هذه التفرقة ،حين أدرك تماما وعن اقتناع تام، أن الكتابة هي إفراز مشاعر وقلق ،وأفق معرفي يمتلكه الأديب كخزان ،وطريقة الحبك ،وتناول التيمات ،الشيء الذي تتقاطع فيه المبدعة والمبدع ،في بعدها التام على الجانب الفزيولوجي ،كما تتقاطع فيه المبدعة والمبدعة ،والمبدع والمبدع ، حيث يحصل التمايز بين إبداع وآخر انطلاقا من هذه الخاصيات..
    - تتهم بعض الأقلام وزارات الثقافة في الدول العربية واتحادات الكتاب بأنها تحابي الأديبات النسوة على حساب الأدباء , ولكل شيء ما يقابله من ثمن ..
    هل هذه الأقلام تعني ما تقول أم أن هذا يدخل برأيك ضمن الحرب المعنوية ضد الأدب الأنثوي ؟

    أنا لا أنتبه إلى هذه الأشياء ،أجدها مضيعة لوقتي ،فالوقت الذي أنفقه في تدقيق هذه المواضيع ،وبحثا عن أدلة تثبت ما تفعله الوزارات الثقافية واتحادات الكتاب للأدب النسوي ،يستحسن إنفاقه في تناول كتاب جيد، أو في نص راق أقرؤه ،أو إبداع نص، أنا أومن بشيء واحد ،وهو أن الأدب الصحيح الراقي مهما كان مغمورا ،أو مهمشا ،سيأتي عليه حين من الدهر فتطلع شمسه ،والأدب الفارغ للرجل كان أم للمرأة ،مهما نفخت في صوره جهة معينة ،سيهوي ...

    - هل حقا يمكن لمسؤول في مكان هام كوزارة الثقافة في أي بلد كان ,أن يقدم مساعدات معينة لأجل إشهار أديبة أنثى مثلا لأي غرض كان ؟

    أخي المحترم تمنيت لو ابتعدت عن الأنثى قليلا ،لأن الخشونة من طبع بعض البشر في أي مجال وفي أي عمل ، ومن طرف الجنسين معا ،فكم من رجل اعتلى مناصب بطرق مغشوشة في الانتخابات ،وكم من آخر أكل أموال الشعب بتحايل وتزوير ،وكم من غيره تملص من ضرائب بالصداقة والزبونية ،فهذه السلوكيات ليست في الأدب وحده ،وليست من شيم الأنثى وحدها ،بل للذكر حظه أيضا في الغش عن طريق الصداقة والزبونية ،للظهور على مسرح الأدب بطرق غير لائقة ،وإشعاع اسمه إعلاميا أو بتوقيعات وما شابه ذلك


    - سيدتي , أنا لا أناقش الأنثى بحد ذاتها بل أناقش أمرا واقعا ينطق به لسان الحال في الوسط الثقافي العربي , ولا يمكننا أبدا التغاضي عن ذلك أو الاكتفاء بالحيادية على الأقل من جانب أصحاب الشأن ألا وهم الأدباء من الجنسين .. نحن نواجه ظاهرة سيئة لا بد من الالتفات إليها قبل أن تستفحل أكثر وتودي بالأدب العربي إلى ما لا نتمنى ..
    وتجاوزا لهذه النقطة في حوارنا دعيني أسألك عن مكان قلمك من السياسة , أو بشكل آخر حددي موقع مالكة عسال من القلم السياسي وهل تؤمن بدورها كأديبة في التأثير على السياسة لتلائم الشعب ؟
    ألا يحمل الأدباء رسالتهم من أجل الجمهور ؟

    إذا كان المبدع جادا في عمله الإبداعي ،وله صلة حميمية بالإنسان حسا ووعيا ،خاصة بالأوضاع المزرية ،ويتغلغل في بعدها رافضا شاجبا مسبباتها انطلاقا من موقف ما،فالمبدع بصورة أو بأخرى يمارس ضمنيا فعلا سياسيا ...ومالكة عسال ملتصقة بهموم الإنسان اليومية والمرحلية ،فهي إلى جانب من طاله التهميش،تساند من يعيش تحت عتبة الفقر ،تصرخ مدعمة من تدهسه آلة الظلم الجهنمية ،تندد مُحَرّضة مَن سُلّ بساطُ وطنه من تحت أقدامه ،تواسي من يلعق طمي الغربة عن طريق النفي أو التهجير ،أو أحيط بأسلاك الحصار ...

    - لا بد وأنهم أيضا يشرعون تلك الأقلام لتكون إشارة التوقف حين يخطئ الساسة بحق الناس .. أم أن الأدب لا دور له في ذلك برأيك ؟

    الأدب كلمة، والكلمة نهضت بها أمم وسقطت بها أخرى ،الأدب صرخة قوية في وجه المعتدي ،في وجه الواقع الضحل ،يعري عن تورمات ملوثة ،تلحق الأذى بالإنسان،يكشف عن جبروت بعض المتسلطين، الذين يتلاعبون بالكرامة والحقوق الإنسانية ، ليقروا مصالحهم ،بامتصاص الدم في أنانية صارخة مطلقة .ودور الأدب يكمن في نشر ثقافة الوعي بالحقوق والواجبات ،وغرس شوكة النضال في نفوس المظلومين ،ودعوتهم للذود عن حقوقهم وانتزاعها بقوة ..

    - في الكتابة هنالك دائما أنماط جديدة , كأي شيء آخر قابل للتحديث , هل هذا الكلام صحيح ؟

    الإنجازات الإنسانية برمتها في أي مجال من المجالات: الاجتماعية والسياسية والثقافية ،خاضعة لسيرورة تاريخية في ماديتها الجدلية المستمرة /إنشاء الجديد على أنقاض القديم ،من خلال إيجابيته طبعا ،وإلا توقف التطور ،وأصبح الدوران داخل حلقة مفرغة ،والكتابة إنجاز إنساني يسري عليها نفس نمط التحديث ،وإلا بقيت متردية ،وخاضعة لكل ألوان الجمود ... لكن التحديث دون أن تقطع حبلها السري مع الجذر/الأصل ،أي لابد من خيوط رفيعة جدا من القديم يحملها في طيه ،وإلا اتصف بالغرابة والبرانية ...
    - وإن كان صحيحا هل ترى الأديبة مالكة عسال دافعا لدى من يهاجمون أي نوع جديد من الأدب ويعتبرون أن القديم هو الأصالة اللغوية دون غيره ؟
    الأمر عاد جدا ،حين يضرب الجديد أطناب القديم تكون صاعقة كبرى
    على المتشبثين بالقديم ،ومهما كان التصلب والتعصب فالسيرورة التاريخية المفروضة ،تجبرهم على الرضوخ شاؤوا أم كرهوا، قد يتراجع البعض عن مواقفه ويلتحق بالركب ،وقد يتعنت الآخر لرأيه ما يؤدي به إلى العزلة ..حتى إن كان البعض يهاجمون الجديد تحت يافطة القديم هو الأصالة اللغوية، فلا أرى هذا مبررا صحيحا لسببين:
    1- أن اللغة العربية سابقا لم تكن مطلقا ضد التيارات الفكرية ،بل عانقت المنطق الأرسطي ،وصافحت الفارسية ،وعلقت بتلابيبها ألفاظ غريبة ،ولم تتغير أصالتها ،بل على العكس كانت تتجدد باستمرار ،مع الحفاظ عليها ...
    2-اللغة العربية كسائر اللغات قابلة للتجديد واحتضان مصطلحات جديدة من كل فروع المعرفة دون أن يحدث خلل بها أو بأصالتها ...

    - القصة , أدب المسرح , الرواية، الشعر , النثر , السرد, المقال , غيرها من الأنماط الأدبية المختلفة
    لمالكة عسال تجارب أدبية مختلفة , لربما في معظم ما ذكرت, أين ترى مالكة عسال نفسها ؟

    مالكة عسال تجتاحها ثوائر إبداعية لا تختارها بنفسها ..
    فهي تمسك آلتها المجهرية التأملية بكل ما تملكه من حدس ووعي ،لأرجاء الكون في بعديه الطبيعي والإنساني ،وحين تقف على ظاهرة تستفزها ،وتقلب مواجعها ،ترتعش ،تقلق ،تتوتر ،تطفئ لهب الانفعال في الورق ،فيخرج قصيدة، أو قصة ،أو أغنية طفل ،أو مسرحا، أو رسما كاريكاتوريا ..

    - في أي تصنيف من هذه التصنيفات تعتبر أنها تقدم أدبا متقنا وإبداعيا أكثر من الأنماط الأخرى ؟
    هذا الإجراء يبقى للجمهور عامة ،وللقراء خاصة ،وللنقاد على وجه التحديد ..ولن أقَيّم عملي بنفسي حتى لا أركب جسر النرجسية ...
    -وهل التصنيف يهم مالكة عسال ؟ أم أن الأهم هو طبيعة ما تقدمه سواء سميت قاصة أو كاتبة أو شاعرة أو أي شيء آخر ؟
    التصنيف كما قدمت له مالكة عسال مقاربة تفسيرية سابقا ،لم يكن اختياريا ،ومالكة عسال حين تبدع لا تؤطر إبداعها داخل إطار ما ..
    لا تنتبه للتصنيف
    لا تكتب تحت الطلب
    بل تمسك كالجندي المحارب خيط الإبداع ،تراوده لتصل إلى النهاية ،والخيط يتمدد ،ومالكة عسال تركض ترمي خلفها أكوام السرد والشعر وغيرهما، بطريقة عفوية حسب اللحظة الضاغطة ،وتوازي الإبداع بالبحث والقراءة كي تنتج نصوصا جيدة

    - الأديبة الكريمة مالكة عسال
    من خلال تعايشك مع الوسط الثقافي العربي والمغربي هل يمكن القول أن هذا الوسط يعاني ترهلا ؟
    وبصيغة أخرى هل نحن الآن في هذه الحقبة الزمنية نعيش نهضة ثقافية أم انتكاسة من وجهة نظر مالكة عسال_ وحبذا لو فصلتِ لنا وجهة نظرك بإسهاب_ ؟
    الثقافة إنجاز إنساني تستند على الإيمان بحرية فكرية ،ولهل دور تنويري تغييري في مواجهة نظام الحكم من جهة ،وتعرية أوضاع الواقع المعاش وفضحه من جهة أخرى ،غير أنها تعاني الأمرين :إما مواجهة نضالية وتحمل تبعات زجرية ،أو السكون وهذا ما يؤدي بها إلى الترهل نظرا لعدم الوفاء بدورها ..وكجانب آخر فبعض مجتمعاتنا تعاني من قهر مدقع فعوض شراء كتاب لتغذية العقل ،يجب شراء رغيف لتغذية البطن أولا ...فباختصار شديد لكي تعيش الثقافة نهضتها ،يجب نشر وعيها بين كافة شرائح المجتمع ،انطلاق من المدارس ..ثم رفع الرقابة السياسية والاجتماعية ،وإقرار حرية التعبير ودمقرطتها بشكلها الصحيح ....لكن ورغم كل المعوقات والإكراه ، فالساحة الثقافية شهدت مؤخرا تقدما ملحوظا عما كانت عليه سابقا ..حيث تضاعفت الإصدارات ،وعجت المكتبات العربية بالعديد من المؤلفات في مختلف المجالات ..كما أنشئت عدة مؤسسات ثقافية تراهن على اللقاءات والملتقيات والمهرجانات الثقافية مما يبشر بالخير ..


    - انتشرت في الآونة الأخيرة حمى الروايات والكتابات العربية التي تميل للإباحية وتدخل ألفاظا جنسية حساسة وكأن الجنس بات عاملا للنجاح في وفرة التوزيع والانتشار للروايات والكتب ! ..
    هل تعتبر مالكة عسال هذا التوجه سلوكا شاذا وخارجا عن الخلق الأدبي أم أنكِ تؤمنين بحرية التعبير حتى وإن تجاوزت أي حدود ؟
    الجنس هو أسمى العلاقات الإنسانية تتويجا للحب ،وحفاظا على النسل ، موضوعه مذكور بالتفاصيل في القرآن الكريم ،وفي بعض الأحاديث النبوية الشريفة ،وفي بعض دروس الدين ،وتشخصه الكتب الطبية والعلمية ،ويُدَرّس لأطفالنا في المدارس ،فهو ظاهرة إنسانية أساسية للبحث فيها، والتحليل والتركيب للوصول إلى حل بعض الغموض فيها ،أو لوضع أساليب وقائية لتخطي أمراضها الفتاكة ،نتيجة ممارسة الجنس بشكل عشوائي ،وكم قُدّمَت نصائح طبية في هذا الباب لمراهقينا الشباب ..لكن ما ينبغي الإعراض عنه ،أو بعبارة أخرى أنا ضده جملة وتفصيلا ،هو تسمية الأعضاء أو التعبير عنها بمسمياتها ،أو تتداول بشكل سوقي دون خجل،فيستحسن تقديم المواضيع بلغة محترمة عربية فصيحة ...


    - من جهة أخرى اتجه بعض الكتاب من بعض دول عربية يقيمون في أوروبا لانتقاد مجتمعاتهم وإظهار عيوبها وفضح ما يدور فيها من خلال كتب ومقالات صحفية ودراسات وأشعار وروايات وغيره من أساليب , فهل ترين في ذلك ظاهرة جيدة لمحاربة مساوئ المجتمع في دول هؤلاء أم أن الأمر لا يعدو عن كونه مآرب للشهرة من طرفهم على حساب تشويه صورة شعوبهم أو على الأقل المبالغة في تصويرها كمجتمعات مغرقة في الجهل ؟
    وهل واقع الدول العربية مستور؟ فأقنعته ساقطة ووجهه مكشوف،ووسائل الإعلام تلعب دورها اليوم ،وخاصة الانترنيت بشكل قوي ،للاطلاع على الخفي والجلي ،وتعرية الأوضاع في كل المجالات ،بتحليل مطنب يقف على أدق دقائق الأشياء ،ومع ذلك لا أسمح لأي عربي ،أن يشوه سمعة بلده في أوروبا لعدة اعتبارات :
    1- أولها تحقير أوروبا لشخصه باعتباره عنصرا لا غيرة له على بلده ..
    2- فتح منافذ لأوروبا لاستفزاز العرب ،وأخذ نظرة قبيحة أو تكوين صورة مشوهة عليهم ...
    3- لا داعي لتشويه صورة العرب لدى الأوربيين ،لأنه لا أحد يأتي بالحل لأوضاع العرب ،غير العرب أنفسهم

    في الختام بمَ تذيّل مالكة عسال أعمالها , أهناك فلسفة معينة تنتهجها في الكتابة ؟

    أكرر ولادتي لأطرد طيور الشؤم .
    لو عرفت أن مخالب الذئب متجهة نحوي لغيرت المكان.
    أيها المثقف إن لم تغير الثقافة سلوكك فأعلم أنك لست مثقفا
    تلك مقولات أحب أن أذيل أعمالي وكتاباتي بها ومن خلال فلسفتها هذه أعبر بحر الكتابة.


    الأديبة الفاضلة مالكة عسال في ختام حوارنا لا يسعني إلا أن أشكرك على
    هذا الحوار ونتمنى أن تنجح الكلمة في أن تكون رسولا من أجل الحق والفكر والحضارة والحرية .

  2. #2

  3. #3

المواضيع المتشابهه

  1. حوار مع الشاعر مصطفى الجزار على صفحات مجلة فرح المغربية
    بواسطة مصطفى الجزار في المنتدى أَنْشِطَةُ وَإِصْدَارَاتُ الأَعْضَاءِ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 08-08-2010, 09:09 PM
  2. ياسمين شملاوي في حوار مع جريدة العدالة والتنمية المغربية
    بواسطة أنس إبراهيم في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 28-02-2008, 08:05 PM
  3. مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 27-09-2005, 10:25 AM
  4. رحبوا معي بأختي و صديقتي الكاتبة إيمان رجب
    بواسطة لحظة صدق في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 12-11-2004, 04:38 PM
  5. رحبوا معي بأختنا الفاضلة الكاتبة نسمة هوا
    بواسطة د.جمال مرسي في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 05-11-2004, 08:37 PM