أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 12

الموضوع: قصة : جميل بثينة

  1. #1
    الصورة الرمزية ابراهيم السكوري أديب
    تاريخ التسجيل : May 2008
    الدولة : المغرب
    العمر : 43
    المشاركات : 350
    المواضيع : 25
    الردود : 350
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي قصة : جميل بثينة

    جميل بُثينة

    حسن أشهر من نار على علم داخل أسوار ثانوية "ليلى العامرية" وخارجها، قيل عنه تلميذ عبقري وقيل عنه نابغة وقيل...ولكن حسن لا يرى في حسن إلا فقيرا بن فقير، أتيحت له فرصة الدراسة وعليه أن يكد ويجتهد ليحقق طموح أبيه الذي يوفر له جزءا من لوازم الدراسة بتعب وعناء لا يطاقان، يعرف جيدا أن أباه مجرد عامل كادح يعيش ويعيش من عرق جبينه وقوة عضلاته، ومع ذلك يفتخر حسن بعمل والده الشريف لأنه لا يمد يده ولا يترك أبناءه يسألون الناس نقيرا.
    ما كان لحسن أن يعرفه جل التلاميذ وتحيط به التلميذات لولا علاماته الدراسية التي تميزه عن غيره من تلاميذ المؤسسة، ولهذا لا أحد يبالي بثيابه البالية الرثة : قميص أصفر وسروال فضفاض وحذا طويل، الملابس نفسها كل يوم وحسن يمسك دفاتره في يده يتوجه إلى القسم ثم بعده إلى الخزانة المدرسية ليستبدل كتابا استعاره أمس، ثم يتجه صوب ركنه المعتاد بقاعة المطالعة بالقسم الداخلي. ومما عرف عنه كذلك أنه مشاكس فكري داخل الفصل، يضطر الأساتذة غير ما مرة إلى قمع فضوله ليتمكنوا من إنهاء الدرس في وقته المحدد.
    السنة الحالية سنة مهمة وحاسمة لكل التلاميذ، إنها سنة الباكلوريا، وحلمهم جميعا النجاح لتنفتح أفاق أخرى أمامهم، وحلم حسن الحفاظ على تفوقه سعيا إلى تحقيق حلمه الأكبر.
    وفي السنة عينها قدم المدير الجديد ووفدت إلى الثانوية "بثينة" ابنة المدير.
    بثينة تلميذة نجيبة، وكونها ابنة المدير فهذا يشعرها بنوع من التعالي على بقية الزملاء وكما أخبرت زميلاتها فهي تحتل الرتبة الأولى - دائما- في مؤسستها القديمة. وما كان من الأصدقاء إلا أن ينتظروا ما ستكشفه الأيام في مواجهتها مع حسن، فهي تدعي أنها ستظل في الريادة، وحسن بلغه الخبر دون أن يعلق عليه. ومنذ الدروس الأولى بدا لبثينة صعوبة سحب البساط من تحت أقدام حسن داخل الفصل، فهو متفوق في جميع المواد ومشاركته فعالة في الدروس بل إنه التلميذ المحوري الذي يشارك الأستاذ أكثر من غيره في بناء الدرس.. وبالتالي فهو يحظى بأكبر نصيب من حب الأساتذة وتقديرهم . وتأكد لدى بثينة هذا الإحساس بعد اختبارات المراقبة المستمرة الكتابية،أمر لم تصدقه ابنة المدير مما ملا قلبها غيظا وحقدا لهذا "المتشرد" العبقري.
    ***
    * ذات يوم *
    عاد حسن إلى سريره بالقسم الداخلي وفتح دفتره ليراجع دروسه فوقعت عينه على ورقة ناصعة البياض محشوة في دفتره بطاقة جميلة مرسوم عليها قلب أحمر يخترقه سهم أسود وفي أسفل الرسم كتبت عبارة هيجت مشاعر حسن: « I Love You Hassan »
    بسرعة طوى الدفتر مخافة أن يراه أحد زملائه، ولكن ما لبث أن أعاد فتحه، وبدأ يتأمل الورقة وقلبه ينبض بقوة وبدنه يقشعر، وسافر بفكره إلى عالم "قيس بن الملوح"و"جميل بثينة"و"روميو وجولييت". وكلما ابتسمت له تلميذة قال في نفسه لعلها هي.
    صارت هذه الورقة كتاب حسن المفضل ودروسه المقررة ونسي أو كاد الامتحان الوشيك...ثم تاه حسن.
    الكل يستغرب أساتذة وتلاميذ ويردد في داخله لماذا تراجع حسن !؟ وحسن لا يبالي بأحد ولم ينبئ أحدا بما يجري في فؤاده، إنما انصب على كتابة شعر الغزل وقراءة الروايات الغرامية.
    أما بثينة فقد احتفلت في خوالجها بنجاح مكيدتها ولمعان نجمها في الثانوية، بعدما تربعت على قمة لوائح الناجحين في الدورة الأولى مخلفة حسن وراء ظهرها.
    صُفع حسن صفعة قوية ولم يدر ما يقع له. وبعد انطلاق الدورة الثانية بأيام جاءه صديقه "مخلص" من القسم الآخر رسولا من أستاذ التربية الإسلامية، انفرد الأستاذ بحسن وأصر على معرفة أسرار تلميذه بعدما نبهه إلى تراجع مستواه واضمحلال نشاطه وأفول نجمه، بينما أصر حسن على الكتمان مكتفيا بقطع وعد على نفسه أمام الأستاذ باستعادة بريقه كله...
    ***
    اختلى حسن في ركنه بعد مدة من هجرانه ونظم قصيدة شعرية غرامية تسلب الألباب وتفتت الأحجار وتذوب الصخور، عنونها ب" حبيبة قلبي" وفصل بين كل صدر وعجز بوردة حمراء وفي الأسفل أبدع في رسم قلب كبير واضعا وسطه نقطة سوداء أشار إليها بسهم وكتب "حبك هنا" ووقع الرسالة بلقب "المتيم بحبك".
    تجلد حسن وأعاد كتابة الورقة نفسها مرات عديدة، ووزع الورقة على كل تلميذات القسم إما عبر رسائل مجهولة وإما بوضعها خلسة في حقائبهن، ثم تنهد وتنفس الصعداء.
    ***
    لم تتجرأ إحدى التلميذات على إخبار أقرب صديقتها حتى لا تنافسها في حب حسن - إن كان هو صاحب الرسالة- وما إن ينظر حسن إلى إحداهن حتى تطأطئ رأسها خجلا وهي تبتسم.
    أنهت بثينة قراءة القصيدة والعبارات المرافقة لها بشوق كبير وضمت الرسالة إلى
    صدرها وسافرت بمشاعرها وقالت لنفسها أنا "بثينة" وهو" جميل" .
    ***
    تاهت بثينة فأقبلت على مشاهدة المسلسلات المكسيكية المدبلجة والاستماع إلى موسيقى "الراي".

  2. #2
    الصورة الرمزية حسام القاضي أديب قاص
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر+الكويت
    العمر : 63
    المشاركات : 2,213
    المواضيع : 78
    الردود : 2213
    المعدل اليومي : 0.34

    افتراضي

    اخي الفاضل الأديب / ابراهيم السكوري
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    سرد مشوق واثق..
    جميلة هي تلك الفكرة ، والرتبطة بالعنوان "جميل بثينة"
    وهي فعلا كذلك ولكن بشكل عصري..
    ..(وداويني بالتي كانت هي الداء)
    تلك هي القصة وتلك نهايتها.
    تقبل تقديري واحترامي.
    حسام القاضي
    أديب .. أحياناً

  3. #3
    أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 9,079
    المواضيع : 101
    الردود : 9079
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي

    السكوري المبدع...

    التفاتة موفقة ، وعنوان يفي بالغرض ، لانه بالفعل ادخل النص برغم اتجاهاته العديدة والتي يمكن ان يخرج عن الاطار العادي لفهم هذا النص ، الا انه ابدع في حصر الرؤية داخل جدران بثينة جميل ، بثينة حسن.
    المدارس ، وهكذا علاقات ، وهذا الخبث وهذا التنافس ، ومن ثم ماهية التواجد معا ، والفقر ، وامور اخرى كلها تنصب في خانة واحدة ، وتعمل من اجل ابراز جمالية القصة .

    دم بخير
    محبتي
    جوتيار

  4. #4
    الصورة الرمزية ابراهيم السكوري أديب
    تاريخ التسجيل : May 2008
    الدولة : المغرب
    العمر : 43
    المشاركات : 350
    المواضيع : 25
    الردود : 350
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي الأديب حسام

    شكرا لك على قراءاتك المتواصلة .... فهذا يسرني و تزداد غبطتي كلما وجدت ردك.........
    أنا نفسي لا أذكر من أين استوحيت قصة جميل بثينة بالضبط...غير أنني أدرك أن التنافس لا يكون دائما شريفا و ان مكر الحساد يتجاوز ما نحتسبه و قد يظهر في ثوب الحب....................قد أكون عشت التجربة و إن بشكل مختلف......... ولمخيلة الأديب واسع النظر.........

    تحياتي

  5. #5
    الصورة الرمزية ابراهيم السكوري أديب
    تاريخ التسجيل : May 2008
    الدولة : المغرب
    العمر : 43
    المشاركات : 350
    المواضيع : 25
    الردود : 350
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي فقيه الأدب جوتيار

    أسعد دائما بقراءة ردودك على ما ينشر في هذه الواحة الفيحاء........شكرا على تواصلك المستمر فنحن نستفيد من نقداتكم و ملاحظاتكم .........
    يهمني كثيرفي قصة جيل بثينة ان يعي أبناء اليوم الذين يعيشون في زمن الماديات المحض أن الغنى لا يعني التفوق و الذكاء و النجاح...ولا الفقر يعني الكسل و الفشل و الجهل... إلى جانب شرف التنافس..

    محبتي و تحياتي

  6. #6
    الصورة الرمزية غسان الرجراج شاعر
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : المغرب
    المشاركات : 178
    المواضيع : 15
    الردود : 178
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    جميل جميل جميل أستاذي السكوري
    رائع ما كتبت هنا
    لقد عدت بنا إلى أيام المدرسة
    و الحب الأول
    بعد حب ابنة الجيران
    في قصة محبوكة مميزة
    و فيها من العبر ما فيها

    فخور بك
    يا ابن بلدي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #7
    الصورة الرمزية ابراهيم السكوري أديب
    تاريخ التسجيل : May 2008
    الدولة : المغرب
    العمر : 43
    المشاركات : 350
    المواضيع : 25
    الردود : 350
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي شكرا ياغسان

    سعدت كثيرا بمرورك يا أخي .. واشكرك كثير ا على تفضلك بقراءة القصة ...
    شكرا أيها الشاعر الكبير
    دمت شاعرا مناضلا
    مع تحياتي
    و رمضان كريم

  8. #8
    الصورة الرمزية عدنان أحمد البحيصي شهيد العدوان على غزة 2008/12/27
    تاريخ التسجيل : Feb 2003
    الدولة : بلد الرباط (فلسطين)
    العمر : 41
    المشاركات : 6,717
    المواضيع : 686
    الردود : 6717
    المعدل اليومي : 0.87

    افتراضي

    أخي الأستاذ إبراهيم السكوري

    هذه المرة الأولى التي أقرأ لك ، لكنك بكل صدق أجدت ، واستطعت أن تجذب انتباهي من أول القصة الإنسانية إلى آخرها ، بما استخدمته من أسلوب رائع من أساليب المراوغة الأدبية ، وكذلك من أسلوب المفاجئة ، حيث أنني وبكل صدق لم أكن أتصور أن النهاية ستكون على هذا الشكل

    أقر لك بأنك أديب متميز

    بوركت
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #9
    الصورة الرمزية ابراهيم السكوري أديب
    تاريخ التسجيل : May 2008
    الدولة : المغرب
    العمر : 43
    المشاركات : 350
    المواضيع : 25
    الردود : 350
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي شكرا أخي عدنان

    حياك الله يا أخي و رمضان كريم...
    سررت كثيرا بمرورك، و بما ابديته من ملاحظات و إعجاب...
    أجدد شكري لك .
    دمت أخا حبيبا و اديبا مبدعا.
    مع تحياتي..

  10. #10
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي

    نص إنساني المشهد متعدد أوجه المضمون بمدلولات كثيرة وايحاءات تنم عن دراية السارد وحرفيته
    العنوان خدم الرسالة ووجه للرؤية الإجمالية للنص بذكاء توظيف

    دمت بخير أيها الكريم

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. حب جميل
    بواسطة سلاف في المنتدى الشِّعْرُ الأَجنَبِيُّ وَالمُتَرْجَمُ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 22-12-2022, 06:55 PM
  2. يكاد فضيض الماء - جميل بثينة
    بواسطة نداء غريب صبري في المنتدى مُخْتَارَاتٌ شِعْرِيَّةٌ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 16-06-2014, 12:16 AM
  3. حوار مع مخلوق جميل
    بواسطة معاذ الديري في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 07-04-2006, 08:32 AM
  4. طائر جميل يسمونة الحب
    بواسطة رائد ابو مغصيب في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 13-07-2004, 10:00 PM
  5. اسرائيل اسم جميل
    بواسطة محمد سوالمة في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 13-12-2002, 02:21 PM