|
أُقَلِّبُ طَرْفًا فِي الحَيَاةِ وَلَا أَدْرِي |
أَوَاسِعَةُ لِي أَمْ بِهَا ضَيِّقٌ صَدْرِي! |
وَتَخْتَلِجُ الأَشْجَانُ تَأْكُلُ أَضْلِعِي |
بِكُلٍّ اهْتِياجٍ كَالخَلِيجِ مِنَ البَحْرِ |
أُكَابِدُ عِلَّاتِي مَكُوثًا عَلَى الأَسَى |
وَأَقْصُدُ حَاجَاتٍ يُنَغِّزْنَ لِي نَحْرِي |
فمَا السَّعْيُ مُبْقِينِي رَضِيَّا ولا الوَنَى |
عَدَا أَنَّنِي أَقْضِي البَقِيَّةَ بِالصَّبْرِ |
أَمُوتُ وَأَحْيَا كُلَّ يَوْمٍ كَأَنَّنِي |
أَرُوحُ وَأَغْدُو مِنْ حَيَاتِي إِلَى قَبْرِي |
فَمَا قَرَّ لِي عَيْشٌ هَنِيءٌ وَلا أَرَى |
سِوَى كَالِحِ الَأَيَّامِ يَدْفَعُهَا فَجْرِي |
وَكَمْ أَدَرْأُ الأَرْزَاءَ عَنْ سَاحَةِ التُّقَى |
وَأَنْسُجُ لِلْإِنْسَانِ دِيْبَاحَةَ الطُّهْرِ |
أُعَالِجُ إِشْكَالَ الأُمُورِ لِصُحْبَةٍ |
وَأُسْعِدُ مَهْمَا عَيَّرَتْنِي الوَرَى غَيْرِي |
وَلَكِنْ مَتَى فَتَّشْتَ لَيْلِي وَجَدْتَنِي |
يُؤَاكِلُنِي بَعْضِي مُؤَاكَلَةَ الجَمْرِ |
كَتَمْتُ هُمُومِي غَيْرَ أَنَّ عَظِيمَهَا |
أَفَرَّ لِسَانَ البَوْحِ مِنْ بَكَمِ الثَّغْرِ |
فَمَا كَانَ بِالنَّاسِ العَزَاءُ إِذَا طَغَى |
عَلَى المَرْءِ حِسُّ الرَّوْعِ مِنْ هَيْبَةِ الدَّهْرِ |
يُؤَرِّقُنِي إبْصَارُ أَهْوَاءِ أُمَّةٍ |
تُسَيِّرُهَا فِي لَهْوِهَا ضَحْلَةَ الفِكْرِ |
وَتَدْريِجِهَا طَمْسًا عَلَى لُغَةِ الخَنَا |
وَإِكْثَارِهَا اللَّذْاتِ تَجْرَأُ بِالجَهْرِ |
وَحَرْبٍ ضَرُوسٍ بَيْنَ أَبْنَائِهَا عَلَى |
هُوِيَّتِهَا وَالحَقُّ يُكْفَلُ بِالنَّصْرِ |
وَلَكِنَّ مَنْ يَخْضَعْ لَمَعْمَعَةِ الوَرَى |
يَضِلَّ ذَلِيلًا ثَمَّ يُعْقَبُ بِالخُسْرِ |
خَلَوْتُ بِنَفْسِي إِنَّمَا العَيْشُ خَلْوَةٌ |
تُسَلٍِّي أَسِيَّ القَلْبِ مُسْتَعْصِيَ السِّرِّ |
عِيَافَةَ أخْلَاقِ البَرَايَا قَبِيحَةً |
حِذَارَ اجْتِرَارِ الضُرِّ مِنْ كَثْرَةِ الشَّرِّ |
وَمَا أَنَا مِنْ بَيْنِ الخَلَائِقِ مُصْلِحٌ |
فَقَدْ يَدَّعِي الإِصْلاحَ مُسْتَبْطِنُ الكُفْرِ |
وَقَدْ يُصْلِحُ المَرْءَ الفَسَادُ إِذَا طَغَى |
وَلَا يُصْلِحُ الإِصْلَاحُ مُسْتَعَبَدَ البِطْرِ |
كَأَنَّي وَتَهْيَامِي وِكِتْمَانَ بُغْيَتِي |
مَقَادِيْرُ إِنْجَاعٍ مُكَتَّمَةُ القِدْرِ |
عَلَى النَّارِ لِلْطَّاوِينَ تُسْوَى وَقَدْ وَرَتْ |
تُلَسِّعُه حَتَّى يُرَجَّلَ بِالحَرِّ |
بَذَلْتُ قُصَارَى الجَهْدِ أَجْبُرُ خَاطِرِي |
وَلَكِنَّنِي زِدْتُ البَلاءَ عَلَى كَسْرِي |
تُمَزِّقُنِي عَنْدَ البَلاءِ مَشَاعِري |
أَلا لَيْتَنِي كُنْتُ الصَّفِيَّ مِنَ الصَخْرِ |
وَلَيْتَ زَمَانِي سَامَنِي كُلَّ فُسْحَةٍ |
عَلَى أَنَّ لَي مِنْ طُولِهِ رَيِّقَ العُمْرِ |
سِنِيِّي مَضَتْ كَاللَّمْحِ لَمْ أَقْضِ صَفْوَهَا |
فِصِرْتُ أَهَابُ الصَّفْوَ يَسْلُبُنِي فِكْرِي |
وَزَادَتْ عَلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ كُلْفَةٌ |
وَحَاجَاتُ إِنْسَانٍ تُرَامُ عَلَى قَسْرِ |
وَقِلَّةُ نَزْعٍ وَافْتِقَارُ مَصَادِرٍ |
وَمُسْتَلْزَمَاتٌ تُحْوِجُ المَرْءَ لِلْوَفْرِ |
خَلِيًّا وَلَكِنْ مِنْ طُمَأَنِينَةِِ الرِّضَى |
شَجِيًَّا وَلَكِنْ بِالمَخَاوِفِ والإِصْرِ |
وَمَا زِلْتُ ذَا عِشْرِينَ أَرْقُبُ فِي غَدِي |
حَيَاةً بِهَا الحَاجَاتُ تُحْصَلُ بِاليُسْرِ |
وَمَا مُتْعِبِي إِلَّا امْتِعَاضِي مِنَ الأَسَى |
وَإِلْجَامِيَ النَّفْسَ الجَمُوحَةَ لِلْوَطْرِ |
وَكَتْمِيَ مَا يُؤْذِي الضَّمِيرَ وَقَدْ جَرَى |
عَلَى كَتْمِهِ رَغْمَ اشْتِدَادِ البِلَى إِصْرِي |
بِعَيْنِكَ يَا أَمَّاهُ وَجْهًا مُسَهَّدًا |
يُسَيِّرُهُ بَيْن الوَرَى جَسَدِي المَبْرِي |
ولَوْلَا معَابٌ لَارْتَمَيْتُ لِأْبْتَدِي |
بِحِضْنِكِ مِشْوَارَ الحَيَاةِ مِنَ الصِّفْرِ |
فَشَرُّ الذي أْلْقَاهُ أَنْ كُنْتُ مُعْوِزًا |
وَعَن مَّا يُقِيمُ الحَالَ أُصْدَرُ بِالجَبْرِ |
فَلَوْلَا أَخٌ مَا أَرْفَعُ الطَّرْفَ دُونَهُ |
لَأَنْهَكَنِي دَيْنِي وَأَهْلَكَنِي قَهْرِي |
وَلَسْتُ أَرَانِي أَشْكُرُ الدَّهْرَ صُنْعَهُ |
وَلَكنَّ أَجْرَ اللهِ أَعَظْمُ مِنْ شُكْرِي |
وَإِنِّي إِلَى ابْنِ العَمِّ والَوُدُّ بَيْنَنَا |
عَلَى رَحِمٍ لَا نَجْتَزِي بَعْضَناَ الصِّهْرِ |
لَبَرُّ مَتْىَ أَلْقَى إِلَى البِرِّ حِيلَةً |
وَمَا كَانَ مِنْهُ لَا يُقَدَّرُ بِالأَجْرِ |
فَهَلْ مِنْ سَبِيلٍ أَحْفَظُ المَاءَ بِالتِي |
بِعِزَّةِ نَفْسٍ تَحْفَظُ المَاءَ لا تُزْرِي |
كَأَنَّيَ لَمْ أعْرِفْ سِوَى الشِّعْرِ صَنْعَةً |
وَعَيْبٌ بِحَقِّي أَنْ يُكَسِّبَنِي شِعْرِي |
فِإِنَّ أُجُورَ القَوْلِ تُحْقِرُ رَبَّهُ |
وَإِنْ كَانَ فِي الأَلْبَابِِ أَغْلَى مِنَ الدُّرِّ |
فَصَبْرًا عَلَى العِلَّاتِ يَا نَفْسُ إِنَّمَا |
يُنَالُ نَجَاءُ المَرْءِ بَالسَّعْيِ وَالصَّبْرِ |
وَمَا جَعَلَ اللهُ البَلَاءَ نِكَايَةً |
وَقَدْ خَلَقَ الأَشْيَاءَ مُحْكَمَةَ القَدْرِ |
فَمَا كُلُّ إِعْطَاءٍ دَلَيْلٌ عَلَى الرِّضَى |
وَلا كُلُّ مَنْعٍ مِنْهُ يَحْصُلُ لِلْضُّرِّ |
وَلَكِنْ شُؤُونُ اللهِ تَحْكُمُ خَلْقَهُ |
إِلَى فَصْلِهِ بَيْنَ الوَرَى سَاعَةَ الحَشْرِ |
وَكُلٌّ لَهُ فِي العَيْشِ أَعْدَلُ قِسْمَةٍ |
فَإِمَّا إِلَى عُسْرِ الحِسَابِ أَوِ اليُسْرِ |
فَلا تَطْمَعِي يَا نَفْسُ بَالمِالِ واقْنَعِي |
وَلا تَجْزَعِي مِنْ فَاقَةِ الحَالِ وَالعُسْرِ |
وَأَدِّي حُقُوقَ الوَاحدِ الحَقِّ وَاحْمَدِي |
عَلَى النِّعَمِ المُزْجَاةِ بِالحَمْدِ والشُّكْرِ |
فكُلُّ الذِي تَلْقَيْنَ فِي العَيْشِ هَيِّنٌ |
إذَا نِلْتِ مِنْ بَعْدِ الشَّقَا عِظَمَ الأَجْرِ |
وأَعْظَمُ أَجْرٍ مِنْ كَرِيمٍ مُعَظَّمٍ |
عَلَى قَدْرِ صَبْرِ المُبْتَلَى بَالغِ الإِثْرِ |
وَأَنْدَى حَيَاةٍ لِلْفَتَى مَا تَعَسَّرَتْ |
حَيَاةٌ مِنَ الإِيمَانِ تُمْلَأُ بِالذِّكْرِ |
فَيَا رَبِّ لا تَخَْفَى عَلَيْكَ سَرِيرَةٌ |
وَلا غِيَبُ الأَزْمَانِ وَالبَحْرِ وَالبَرِّ |
لَكَ الَأمْرُ كُلُّ الأَمْرِ مَا لمَشِيئَةٍ |
إِذَا لَمْ تَشْأهَا مِنْ قَضَاءٍ وَلا فَطْرِ |
وَمَا يَأْمَنُ الإِنْسَانُ لَوْلاكَ عَيْشَهُ |
وَلا الرَّاسِياتِ المُخْرَ فِي ظُلَمِ البَحْرِ |
إِلَيْكَ الْتِجَائِي وافْتِقَارِي وَوُجْهَتِي |
عِيَاذًا بِكَ اللهمَّ مِنْ سَطْوَةَ الفَقْرِ |
وَمِنْ سَخَطٍ يُرْدِي العِبَادَ أَصِحَّةً |
وَإِبْلِيسَ مَا أَغْوَى وَذَنْبٍ بِلا غَفْرِ |
وَنَارٍ تَلَظَّى لَا يُطَاقُ لَهِيبُهَا |
وِمِنْ قَبْلِ هُولِ الحَشْرِ مِنَ وُحْشَةِ القَبْرِ |
فَأَنْتَ الذِي يجْزِي وَأَنْتَ الذِي يَقي |
وَغَيْرُكَ مَحْكُومٌ بِمَا شِئْتَ مِنْ أَمْرِ |
وَمَا مَرَّتِ الأَيَامُ أَيْقَنْتُ أَنَّنِي |
وَكُلٌّ عَلَى مَا شِئْتَ مِنْ حِكْمَةٍ يَجْرِي |
أَعِيْشُ وَلا أَدْرِي سِوى أَنَّنَي أَدْرِي |
بَأَنْ لَيْسَ مِنْ حَوْلٍ بِلاكَ وَلا سَتْرِ |