أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: سؤال عن العلمانية .. هل هى فكر أم منهج

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    العمر : 46
    المشاركات : 705
    المواضيع : 83
    الردود : 705
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي سؤال عن العلمانية .. هل هى فكر أم منهج


    سؤال عن العلمانية .. هل هى فكر أم منهج ؟


    جاء سؤال عن العلمانية يطلب الإيضاح هل هى فكر أم منهج ..
    وبعد الشكر والتقدير اللازم لمن توجه بالسؤال لثقته .. فسأحاول تلخيص الإجابة فى حدود السؤال لتشعب القضية
    فالسؤال نفسه خاطئ فى صياغته ..
    لأن يطرح خيارين هل هى فكر أم منهج وهذا معناه أن الفكر والمنهج كلمتان مختلفتان .. وليس هذا بصحيح .. بل هما تعبيران متكاملان ..
    فالفكر هو المشروع أو الخطة أما المنهج فهو التطبيق العملى له

    وبهذا يتضح لنا أن العلمانية فكر إنسانى له منهج لأنها عرفت التطبيق فى دول أوربا وقامت أنظمة الحكم فى بعض دولها على أساسها وكان التطبيق الصارخ لها بداية فى فرنسا ثم روسيا ثم تركيا
    ويجدر بنا قبل التعرض للفكر أو التطبيق أن نتحدث عن دافع ظهوره
    وهل يصلح هذا الفكر لبلاد الإسلام أم لا
    وهل يصلح لسائر البلاد حتى من غير المسلمين أم لا
    ؟!
    وفى البداية فلنتعرف على أسباب ظهوره من خلال تجربة منبعه الأصلي وهو الغرب

    العلمانية فى الغرب

    العلمانية بفتح العين منسوبة إلى العالم وليس كما يظن البعض منسوبة إلى العلم وهى ثقافة خاطئة حكمت بعض العلمانيين العرب ممن ينتهجون المناهج الغربية لمجرد أنها غربية ولا يطالعون أصل الفكر عند أهله ؟!
    وهو فكر خرج هو وفكر الشيوعية والصهيونية من مشكاة واحدة ألا وهى إبعاد الدين عن سائر قضايا الحياة فلا يكون الدين رقيبا أو حكما أو مشرعا بل يصبح أمرا شخصيا يخص صاحبه داخل جدران منزله فحسب بمعنى أنه لا يقبل أن يخرج بتدينه إلى خارج حدود المنزل
    ورأينا هذا واضحا بالطبع فى قضية رفض فرنسا لحجاب المسلمات وتعطيل الآذان بتركيا !

    وقد قامت حمى العلمانية بأوربا بعد عصور الظلام مباشرة وعند بدء عصرالنهضة كرد فعل طبيعى على الكوارث التى تسببت فيها الكنيسة ومحاكم التفتيش على مدى قرون فحاربت الكنسية كل منهج وبسطت سلطتها على سائر شئون الدولة فأفسدتها
    وفى نفس الوقت وفى مقابل عصور الظلام كانت الحضارة الإسلامية فى قمة تألقها بالفكر الإسلامى والحكم الإسلامى الذى يعود بالسلطة ومصدر التشريع لأحكام المشرع وهو الله جل وعلا وحده وما أنزله فى رسالته الخاتم بعكس الأسلوب الكنسي القائم على حق الحاكم فى السلطة بمقتضي الحق الإلهى وهى نظرية قانونية جعلت من الحكام والأباطرة حاكمون باسم الله
    وقامت الثورة الفرنسية وهدمت سلطة الكنيسة وأعلنت العلمانية منهجا وبالمثل قامت الثورة البلشفية فى روسيا وأسقطت الدين من حساباتها بدستورها الناص على أنه لا إله والحياة مادة ..
    ونفذت أوربا تجربة العلمانية بعد قرون التخلف التى تسلطت فيها الكنيسة والرهبانية ومحاكم التفتيش وكلها أمور تم إستخدامها من العلمانيين العرب فى مواجهة الإسلام عن جهل عنيف ومغالطة مقصودة لأن هذه المفاهيم لم يعرفها الإسلام فى أى عصر من عصوره بل قامت أحكامه على أن كل بن آدم خطاء
    ومنذ تسعينيات القرن الماضي تنبه الغرب لحقيقة فادحة أفصح عنها وركز عليها تركيزا شديدا وهى أنهم فى ظل المادية البحتة عطلوا كل منافذ الروحانيات الضرورية وهى الأمور التى فشلوا فى التعبير عنها بمفهومها الأصلي وهى غياب الدين عن شئون الحياة لأنهم خرجوا من خطأ إلى خطيئة
    فبدلا من أن يعدلوا عقيدتهم الفاسدة للعقيدة الصحيحة رفضوا العقائد فى مجملها فتكشفت لهم نتيجة ذلك فى إحصائيات مفزعة تبين انتشار معدلات الإنتحار لدرجة الهوس وتفكك المجتمع وإنحلاله وغياب القيم لأن غياب الدين معناه غياب الدافع التقليدى الحاض على الفضيلة فغاب الضمير وبقي فقط الخوف من القانون ..
    ومهما كانت مواد القانون حازمة ودقيقة ومهما كان المنفذون واعون لهذا فلن يستطيعوا أن يراقبوا كل شخص بكل وقت
    وظهر العلماء والمفكرون ليطرحوا المسألة على مائدة البحث فى ظل بحوث البروفسور أنوكى الذى شرح أن المخ له نصفان أيسر مسئول عن الماديات ومخ أيمن مسئول عن الروحانيات والمعنويات وهو النصف الذى صار معطلا بفعل الإهمال
    وعبر أحد المفكرين عن تلك النتيجة قائلا " أن أوربا الآن منذ عصر النهضة تعيش بنصف مخ فقط "
    وكانت النتيجة التى نقلها لنا د. مصطفي محمود أن العلماء بالغرب اتخذوا قرارا جوهريا بدئوا بتطبيقه ألا وهو إعادة النظر فى المنهج كله والعمل على تخريج أجيال تهتم بالفص الأيمن المعطل لأن الحضارة ليست فى الأجهزة والأبنية بل هى فى الفكر وحده .. وأوربا ذاتها عندما تفخر بتاريخها إنما تفخر بنتاج فلاسفتها ومفكريها لا مهندسيها وأبنيتهم
    وكان من نتيجة ذلك أن بدأ الغرب يحاول أن يتدين على حد تعبير أحد المفكرين الإسلاميين ..

    العلمانية عند العرب

    أطرف ما يمكن أن يواجهه المرء حال مطالعته لتجربة العلمانيين والماركسيين العرب هى الجبن المعنوى الهائل الذى يحكمهم فلا يعبرون عن صريح ما ينادون به أبدا ويحاولون مرارا الخروج من المأزق بابتكار الشبهات التى تدفعنا للتسليم لهم بأن الشريعة الإسلامية للصلاة والصوم والزكاة وغير ذلك من أمور شخصية لا تحكم شأن المجتمع
    وبداية الأمر تكون مع التساؤل المنطقي الذى لم نجد له إجابة منهم مطلقا
    لقد استوردتم العلمانية ودعوتم بدعواتها الرافضة لرهابنية رجال الدين وتدخلهم فى شئون الحكم وتسلطهم بصكوك الغفران بل واستخدمتم نفس تلك المسميات كحجة أمام تطبيق الشريعة الإسلامية دون أن توضحوا لنا أين هذه الأمور فى الإسلام ؟
    هل هناك من شيوخ الإسلام من نصب نفسه راهبا متحكما كراسبوتين بروسيا ؟!
    وهل هناك صكوك غفران فى الإسلام ؟!
    وهل عانت الحضارة الإسلامية فى ظل الشريعة ما عاناه الغرب فى ظل الكنيسة
    أم أن الإسلام كان هو السبب الرئيسي فى تكوين الإمبراطورية الإسلامية والفكر الإسلامى فى سائر المجالات والتى لا زالت حتى يومنا هذا أساسا لعلوم الغرب باعتراف رجال الغرب لا اعترافنا نحن

    وعندما شن الغرب مختلف حملاته الصليبية قديما وعندما وقف جورج بوش يعلن أنها حرب صليبية جديدة تلك التى يشنها على بلاد المسلمين لم نستمع من العلمانيين تفسيرا لدعواتهم باتباع الغرب والتخلى عن الدين وفكره فى حين أن هذا التخلى هو هدف كل تلك الحملات منذ ظهور الإسلام وحتى اليوم
    أما الجبن المعنوى الذى أشرنا إليه
    فيتمثل فى أنهم أجبن من الملحدين فالملحد يعلن صراحة أنه لا يؤمن بإله مشرع .. بينما هم يعيشون فى مجتمعات إسلامية لا يستطيعون معها إعلان هذا وإلا عانوا من الإزدراء ولهذا حاولوا أن يعربوا العلمانية وفشلوا بالطبع نتيجة للتضارب العنيف بينها وبين الشريعة الإسلامية والفطرة الطبيعية لأى مجتمع يدين بها
    فالسؤال المنطقي للعلمانيين الذين يتشدقون بأنهم ليسوا ضد الدين وليسوا ضد التشريع الإسلامى ..
    هل آمنتم بالله على أنه الخالق الرازق وأنكرتم عليه أنه الحكم العدل ؟!
    وكيف نقول بلا إله إلا الله ثم نطلب أن يكون لنا تشريعنا الخاص بغض النظر عن قول الشرع فيه ؟!
    وماذا نفعل فى قول الله تعالى
    [وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا] {الأحزاب:36}
    وماذا نفعل فى قوله تعالى
    [وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ] {الذاريات:56}
    وكيف تقولون بلا إله إلا الله ثم تطلبون علانية ألا تقام حدود الله قصاصا ولا يتم تنفيذ تحريم ما حرم الله من الفساد والإفساد والربا وضوابط مشاركة المرأة للمجتمع ومكانها من التشريع فى الشهادة والأحكام التوريث ؟!
    وليتهم طالبوا مثلا وبشيئ من الحياء ألا يتم تطبيق الحدود لأن ظروف المجتمع لا تسمح بل إنهم طالبوا بإسقاطها على إعتبار أنها فقه يحكم القرن الثالث الهجرى ولا يصلح لعصر الإنفتاح
    وكأنى بهم يعتقدون أن تلك الأحكام من بنات أفكار الفقهاء
    وبشأن الفقهاء أوقعونا ضحكا من مآخذهم عليهم إذ يتهمونهم بالتدخل فيما لا يخصهم من علوم عندما يبدى أى مفتى رأيه بشأن يخص المجتمع وفى نفس الوقت لا يستحوا أن يتحدثوا فى أمور الفقه وكأنها مجال متاح للعامة

    وقد حاولوا الدخول من بوابة مغلقة عندما قالوا أن العلمانية هى الحل للصراعات الدينية وهذا حل عبقري يكشف مدى براعة العلمانيين الذين يرون أن الحل الوحيد لحوادث السيارات أن نلغي السيارات .. والحل الوحيد لكوارث الطائرات أن نلغي الطائرات ؟! وبالمثل الحل الوحيد للتيارات المتطرفة أن نلغي الدين !!

    وبالطبع أوقعتهم هذه التناقضات فى حرج بالغ لم يستسيغوا معه هزيمتهم الساحقة التى أفرزتها صناديق الإنتخابات فى مصر وتركيا والجزائر وفلسطين والكويت عندما انتصر التيار الإسلامى بشكل ساحق ينم عن أغلبية رائدة بالرغم من القمع الوحشي لسائر أنواع التيارات الإسلامية وحملات التشويه من الداخل والخارج بل وفى إعلام الدول الرسمى وفى ظل غياب تام للإعلام المعبر عن التيار الإسلامى ورغم كل هذا فالمجتمع أعلن أنه مع خيار الدين
    وآخر الأعاجيب هى أن الغرب ـ معقل العلمانية ـ أعلن أنها بالتطبيق المباشر أثبتت فشلها أما العلمانيون العرب فلا زالوا مثل إخوانهم من الماركسيين ينادون بأن الخطأ ليس فى النظرية ولكن فى التطبيق
    وهى كلمة حق أريد بها باطل لأن النظرية التى تفشل فى ميدانها الأصلي وفى سائر تجاربها هى نظرية فاشلة قطعا
    بينما النظرية التى أثبتت نجاحا كاملا ومبهرا على سائر المستويات وأسس حضارة لا تغيب عنها الشمس لهى النظرية التى ينبغي أن ندرك أنها الحق الكامل .. لأنها ليست من وضع البشر بل من وضع خالق البشر
    ولو تأملنا ببساطة شديدة كيف كان حال عالمنا العربي فى ظل الإسلام الصحيح وكيف أصبحنا نحن فى ظل التخلى عنه لما كان لنا نجادل كثير جدال مع هؤلاء المرضي النفسيين
    فالمعادلة بسيطة الإستيعاب لمن أراد الحق .. فلينظر كيف كنا مع الإسلام .. وكيف أصبحنا مع العلمانيين وتطبيقاتهم

    ودعواتكم لهم بالشفاء العاجل

    الإيميل الجديد للتواصل
    gadelzoghaby@hotmail.com

  2. #2
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    الناظر وهو منصف ...

    لأغلب حكوماتنا في دولنا الإسلامي ... سيقر أنها حكومات منهجها العلماني شديد الوضوح .

    ورغم ذلك ..

    نحن نسب ونلعن الظلام ...

    \

    خياراتنا الآن ..

    أن

    نفصل السياسة عن الدين
    ونفصل الثروة عن السلطة
    ونفصل العرف عن الشرع

    وبعدها يمكننا أن ننظر لمواجهة العلمانية ...


    \

    بالغ تقديري
    الإنسان : موقف

المواضيع المتشابهه

  1. فكّر ثم فكّر ثم فكّر
    بواسطة حيدر عراق في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 22-09-2012, 07:10 PM
  2. زمانيَ أشكو أمِ النائباتْ..؟! // أمِ النفسُ أشكو.. فقد أسرَفَتْ
    بواسطة زياد بن خالد الناهض في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 29-09-2011, 11:13 PM
  3. هلْ زارتِ الشمسُ الزقاقْ ؟؟
    بواسطة النواري محمد الأمين في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 04-12-2008, 12:56 AM
  4. هَل يُنصَرُ القَومُ مَهما ساسَهُم قِردُ
    بواسطة محمد أبو الفتوح في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 20-04-2007, 07:51 AM
  5. رمضان هلَّ .. فنحِّها يا ساقي
    بواسطة د.جمال مرسي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 03-10-2005, 02:46 AM