أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: الصــنــبـــور

  1. #1
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Nov 2005
    الدولة : هنا .. تماماً !!
    المشاركات : 603
    المواضيع : 45
    الردود : 603
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي الصــنــبـــور

    الصنبور


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    الأحد
    الثانية بعد منتصف الليل

    ليلة أمس بدأ هذا الصوت في زيارة أذني . أصابني الأرق رغم جميع محاولاتي الفاشلة في تجاهله. إنه صوت تساقط قطرات من صنبور المياة. أعصابي تناديني في رجاء لوقف هذا التساقط المزعج .اتّخذت قراري و ذهبت إلى الحمّام - شفقةً بأعصابي – عبر الطرقة الفاصلة بين غُرف النوم و الحمّام . فتحت بابه الموارب و ولجت - رغم كُرهي للأبواب المواربة أو المغلقة أو حتى المفتوحة على حد سواء!- في عصبية . نظرت إلى الصنبور قبل أن تُدرك أذني أن الصوت قد توقّف.!!
    الأثنين
    الثانية و النصف بعد منتصف الليل

    نفس الصوت تكرر منذ قليل. لم تكن خيالات إذاً ليلة أمس.!! ، ذهبت مرة أخرى إلى الحمّام ، و فور دخولي الحمّام توقّـف الصوت أيضاً. تفحّصْت حوض الاغتسال جيداً ، و لكني – متعجّبة – لم أجد أي أثر للبلل.!!! ما الذي يحدث بالضبط.؟؟
    بدأ الخوف في رحلة النمو داخلي ، و أنا أحاول جاهدةً في إيجاد تفسير منطقي. احتمالات مُفزعة تتخابط داخل عقلي المرتعش. هل هناك أرواحاً شريرة في هذا المكان مثلاً؟. انتفض جسدي و أنا أفكّر في هذا الأمر ، عُدت أدراجي متحاشية النظر إلى المرآة أعلى حوض الاغتسال ، أخشى أن أرى قاتلاً خلفي يهم بقتلي ، أو أن أجد وجهي بدأت عليه آثار تَحوّل.!! منعت نفسي من الصراخ - في طريقي إلى غرفتي - و أنا ألعن في سري أفلام الرعب التي شوّهت إحساس الشجاعة المفترض وجوده في نفسي.
    الثلاثاء
    الواحدة بعد منتصف الليل

    عندما عُدت إلى البيت عصر اليوم ، سمعت والديّ يتحدّثان عن اكتشاف الشرطة – بُناء على بلاغ ما - لجثة جارنا القاطن في الطابق العاشر من البناية، غارقة في مسبحه منذ ثلاثة أيّام.!!. بعض الهمسات عن تورّطه في السحر و الشعوذة. لم أشترك في هذا الحوار ، و لكني علمت – من خلال محاولاتي لجمع المعلومات – أن الشرطة لم تُفصح عن معلومات أكثر. كما فَهمت أن لا أحد في المنزل سواي يزوره هذا الصوت.!!
    لم أشأ أن أخبر أياً من أفراد أسرتي عمّا أسمعه ، خاصةً بعد أخبار جارنا الغارق ، إلا أنني قررت أن أخبرهم إذا ما تكرر الصوت مرة أخرى ، فأعصابي لم تعد تحتمل . قمت ببعض الإعدادات تحسّباً لصدور الصوت ، و لتأمين رحلة الذهاب و العودة إلى الحمّام ، تركت مصباحاً ضعيف الإضاءة في الطرقة ، كما قُمت بفتح باب الحمّام عن آخره. انفرجت أساريري مع مرور الوقت دون سماعي لهذا الصوت.
    الثلاثاء
    الثانية بعد منتصف الليل

    اكتشفت أنني ساذجة ... مازال الصوت ينبض في سخرية. أطرافي لا تُطيعني في استخدمها للوقوف. خفقات قلبي تُشارك صوت الصنبور في عزف سيمفونية الرُعب داخلي. مَرّ الوقت بطيئاً و أنا في غُرفتي لا أقوى على الخروج ، إلا أن الصوت لم يتوقّف. يُصارع الانهيار العصبي كي يحظى -بموافقة عقلي- بصرخة مُدوّية مِنّي ، إلا أن نظرة أهلي – التي انطبعت في عقلي – و هم ينظرون بشفقة كَون الخيالات تتحكّم فيّ ، قد أفشلت مُهمّته. لم يعد أمامي سوى الذهاب إلى الحمّام. في تلك المرة اكتشفت أن الصوت لم يكن مصدره صنبور حوض الاغتسال ، و إنما كان صنبور المسبح.!!
    الأربعاء
    الواحدة و النصف بعد منتصف الليل

    ليلة أمس كاد الجنون أن يصيب عقلي ، هذا إن لم يكن قد أصابه بالفعل. لم أتوقّع أن يكون صنبور المسبح هو مصدر الصوت ، هذا يُضيف احتمالات مُخيفة لها وقع غير مُحبب في النفس. بالطبع لم يكن هناك أي أثر للبلل ، تفحّصْت المسبح جيداً. لا أثر لشئ غريب، باستثناء ذلك الشعور الذي انتابني لحظة انحنائي على المسبح . لوهلة خُيّل لي بأن ظلاً ما - و كأن أحد يهمّ بمُهاجمتي من الخلف - ارتسم على المسبح ، قبل أن يختفي فجأة . احتبست صرخة داخل حلقي و أنا أنتفض عند سماعي صوتاً من خلفي " ماذا تفعلين هُنا في تلك الساعة المُتأخرة؟!" . كانت أمي التي كاد ظهورها المُفاجئ أن يصيبني بذبحة صدرية . تنفّسْت الصعداء قبل أن أعتدل مُفسرةً وجودي لشكّي في وجود عطب أصاب الصنبور. تَفحّصَـته بدورها ثم ابتسمت في حنان قبل أن تتركني عند غُرفتي مُتمنّية لي أحلاماً سعيدة.!!!
    الأربعاء
    الثانية و النصف بعد منتصف الليل

    لا أدري لماذا لم أخبر أهلي بعد؟ و لكني لست نادمة على ذلك. لا أحب أن أظهر بصورة البلهاء المذعورة.
    الصنبور يُناديني من جديد. حاولت أن أقاومه ، لكن هذا الصوت الرتيب يكاد يُحطّم ما تبقى من أعصابي. قررت أن أذهب لأتفقّد الصوت مرة اخرى ، قد يكون رغبة مني في وقف هذا الألم في رأسي ، أو أنني قد بدأت أشعر بأن هُناك شيئ ما يرغب في أن يخبرني بشيئ . سأذهب إلى الصنبور علّني أجد ما يريحني.
    الأربعاء
    الثالثة بعد منتصف الليل

    .................................................. ........
    .................................................. ......
    تـمـّـت


    أحمد فؤاد
    10/03/2008


    نُشرت بجريدة الرأي العام الكويتية

    http://www.alraimedia.com/Templates/frNewsPaperArticleDetail.aspx?npaId=40773
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2

  3. #3
    الصورة الرمزية زاهية شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2004
    المشاركات : 10,345
    المواضيع : 575
    الردود : 10345
    المعدل اليومي : 1.42

    افتراضي

    نص جميل أرجو لك التقدم والنجاح في حياتك وفي كتاباتك أخي المكرم أحمد فؤاد
    أختك
    بنت البحر
    حسبي اللهُ ونعم الوكيل

  4. #4
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Nov 2005
    الدولة : هنا .. تماماً !!
    المشاركات : 603
    المواضيع : 45
    الردود : 603
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريمة الخاني مشاهدة المشاركة
    يسعدني ان اقرا لك
    نصا مميزا
    ومبارك النشر
    مع تقديري

    الأخت الفاضلة / ريمة الخاني
    سعيد بمروركِ الرقيق ، و أتمنى أن أكون عند حُسن الظن بي دائماً.
    كل الود
    أحمد فؤاد

  5. #5
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Nov 2005
    الدولة : هنا .. تماماً !!
    المشاركات : 603
    المواضيع : 45
    الردود : 603
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زاهية مشاهدة المشاركة
    نص جميل أرجو لك التقدم والنجاح في حياتك وفي كتاباتك أخي المكرم أحمد فؤاد
    أختك
    بنت البحر


    أشكركِ أختي العزيزة / زاهية على مروركِ الجميل الذي أسعدني حقاً ...


    و أعتذر على ردي المُتأخر ..



    تقديري

    أحمد فؤاد

  6. #6
    الصورة الرمزية سعيدة الهاشمي قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Sep 2008
    المشاركات : 1,346
    المواضيع : 10
    الردود : 1346
    المعدل اليومي : 0.24

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

    قرأتها منذ مدة فأعجبتني مساحة الخيال الخصبة المزروعة فيها، أحداثها مشوقة، ولغتها جميلة ومعبرة

    تتبعت الحدث حتى النهاية وتمنيت مكان علامات الحذف لو أجد شعاعا أو مفتاحا لحكاية الصنبور

    ومصدر تلك القطرات المبهمة.

    تحياتي لك أخي أحمد ودمت بكل ود.

  7. #7
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.27

    افتراضي

    الحالة السردية العالية ومحاولة إضفاء التشويق فيه وكذا إضافة لمسة من الغموض جعل النص القصصي هنا متميزا.

    أشكر لك هذه المقدرة المتميزة ، وأتمنى الاهتمام أكثر باللغة.

    أهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.


    تحياتي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  8. #8
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,131
    المواضيع : 318
    الردود : 21131
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    قصة مثيرة تلعب بالأعصاب في سرد مشوق يتميز بالغموض
    حبكة مكثفة وأسلوب سردي يثير رعب القارئ ويلعب بأعصابه
    قصة فنية ناضجة تحمل سمات الإبداع وهوية التميز
    بقلم فنان مبدع.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #9
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Nov 2019
    المشاركات : 3,455
    المواضيع : 237
    الردود : 3455
    المعدل اليومي : 2.15

    افتراضي

    نص اعتمد على الإثارة ويث الرعب عن طريق المزج بين الوصف الدقيق
    والسردالمعبر المثير للخيال والتأمل
    قصة أدبية متميزة وموفقة ــــ دمت بكل خير.