الله اللهأخى وحبيبى وصديقى المناور (محسن المناور)
هنا ألقاك يا صديقى وقد أتعبك البكاء
*
*
ظهر هذا التعب من عنوان القصيدة
(يا قدس إنا مترعون من الأسى)
ثم ازداد هذا الإيحاء فى بداية القصيدة
إذ أن القصيدة تبدأ بمناجاة ونداء لله سبحانه ؛ ثم يطلب الشاعر العفو من الله ويزيد أن إعياءه قد هده وأنه الضعيف المكبل بالشقاء وكأن الذنب ذنبه وحده ؛ ثم يذكر ما كان من ذنوب كثر أثقلت كاهله حتى أتي على الله مثقلا بالذنوب والخطايا. مناجاة هى تفيض أسى وحسرة فقد طرق الشاعر كل الأبواب فأغلقت إلا الباب الذى لا يغلق.
لكن النظرة الأولى توحى بأن التعب والإرهاق
إنما هو بكاء على القدس (يا قدس إنا مترعون من الأسى)
والقدس جرح الشعراء.
****
ثم يزداد الأنين قسوة عند الإنتقال من المناجاة ونداء الرب إلى نداء المجهول (الأمل) ورغم أنا نرى ذلك الأمل قريبا إلا أن شاعرنا يراه (القريب النائى) وهنا قدرة الشاعر على الإيحاء من خلال متضاداته.
ثم يزداد البكاء ويزداد الشقاء.
ويتكبد الشاعر المزيد من المعاناة حينما يتذكر الجرح الاكبر
(إنى أنا العربى فى زمن الخنا) وهنا أذكر قول الشاعر:
أنا يا صديقة متعب بعروبتى فهل العروبة لعنة وعقاب؟؟؟
ورغم هذه القسوة .....
إني انا العربي في زمـن الخنـا جردت من إسمي ومـن أشيائـي إسمـي أنـا ألـم وهـم كنيتـي والأرض ظلي والسماء غطائـى
رغم هذا كله لا يزال الشاعر يحمل صفاته العربية التى لا يزال يفخر بها.
لكننـي هـذب الخصـال معتـق مابعت أرضي أورهنـت إبائـي
وهنا تتجلى شاعرية الشاعر وهنا تتحدث العروبة
فرغم كل هذه الصعاب لا يزال الشاعر متمسكا بصفاته العربية الأصيلة ليس فقط من خلال الإلتزام بها وإنما أيضا من خلال
أرضعت أطفالي لبـان عروبتـي لا لم أكن شبحـا مـن الدخـلاء
ثم يواصل الشاعر حديثه عن ذلك الوطن الكبير الواسع
أمي العروبة وابتليـت بطهرهـا وأبي عريق الأصل من صنعـاء ماحيلتي والنيل يجري في دمـي وهوى الجزائر يمتطي إغرائـي في القدس سارية النضال ركزتها وتركتهـا رمـزا بكـف فــداء حيفا ويافـا والخليـل مدائنـي والضفتان اليوم بعـض عنائـي
ولست أدرى إن كان الشاعر قد ذكر كل هذا وطاف بنا فى أرجاء الوطن العربى مباهيا متفاخرا بوطنه الكبير العريق أم باكيا على ما آل إليه الحال فى هذا الوطن هنا تتجلى قدرة شاعرنا وبلاغته ولو سألناه أينا تقصد سيجيب أقصدكم جميعا. ثم يبرهن على أنه يقصدنا جميعا من خلال (فى القدس سارية النضال) فهو يذكرنا رغم فخره بعروبته وأصله بالحال فى القدس وهو يفخر أيضا بأهله الذين لا يتكاسلون فهم يرفعون سارية النضال فهنا فخر وتذكرة وبكاء.
ثم ينتقل الشاعر إلى شعره وكيف أنه (مداد من دمه) فهو لا يكتب إلا ما يشعر به فالمداد من دمه ؛ والأصل فى الشعر الشعور. ورغم كل ما افتخر شاعرنا به إلا أنه يريد أن (يخط رثاءه). ثم يوضح اهمية شعره فما كان ليتشاعر أو ليكتب ما لا يشعر به فما كان يزعن للمعانى لو دنت يوما تساوره لبعض عطاء. فما كان لشاعرنا أن يكتب الشعر لو لم يتمكن الشعر منه ولو لم تتغلغل القصيدة فى أعماقه ؛ فهو لا يهاجم الشعر ولكن الشعر يراوده فيكتبه.
لكنى لا أوافق الشاعر فى هذه الأبيات
فرغم ما بهذه الأبيات من جمال إلا انها تعد قصيدة مستقلة ؛ ولا تقبل أن تكون حشوا بهذه القصيدة وأكاد أجزم أن شاعرنا قد كتبها مستقلة ثم أضافها لهذه القصيدة بدليل التصريع فى البيت الأول ؛ ثم أنها كانت فاصلا أخرجنا من الجو النفسى للقصيدة.
ولقد تركـت الشعـر للشعـراء ونهيت عـن تقريضـه أبنائـي وكتبت حتى للصغـار وصيتـي ضمنتها قبـل الممـات رجائـي فوجدت أصغرهم أصيـب بعلتـي ويقول ماقبـل الفطـام رثائـي
ثم نعود مع الشاعر ثانية لجرحة الذى يبكيه أو يبكى منه أو يبكى عليه
جرح وما أقساه من جرح فشاعرنا هنا يبكى على دياره وعلى حقه الضائع فيا لهذه الصورة
ياقدس إنا مترعون مـن الأسـى نشكوالهوان وسطـوة الأعـداء غفل الرعاة لشأننا فاستنسـرت زمر البغاث تعيث فـي الأرجـاء عشرون سارية وألـف مصيبـة تنتابنـا بالقهـر كـل مـسـاء ( باراك ) يمرح في عواصمنا أخا وأخو العراق اليـوم نـد عـداء ويعـود يشتمنـا بعقـر ديارنـا واخو العروبة مرهف الإصغـاء
فكأن شاعرنا يقف بعيدا يراقب عدوه الذى اغتصب بيته وهى من أجمل الصور فى القصيدة فكأنا نراه على لوحة أو على شاشة تلفاز يراقب ما يدور ببيته الذى أجبر على الخروج منه ؛ وعدوه منعم فى بيته الذى هو حقه ؛ وأخاه الذى لا يبالى (واخو العروبة مرهف الإصغـاء) ونذكر هنا قول المصطفى (والبخيل من سمع اسمه ولم يصل عله) (إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). صورة باكية كادت تنطق أو تصرخ أو تبكى.
ثم يعود شاعرنا بذاكرته للوراء يراجع تاريخه الذى يحق له أن يتباهى به لكنه لا يرى فى التاريخ عظمة الملوك ولا النصر والإستقلال وإلا عد ذلك خروجا على الجو النفسى للقصيدة لكنه تغلب على ذلك ببراعة الشاعر الذى تمكن منه القريض فيقول
أبصرت نور الله مـن صفحاتـه وبيـان حـق واضـح بجـلاء قرآننـا وحـي بـه دستـورنـا وعدالة الإسـلام نهـج صفـاء وحبيبنا نـور الوجـود محمـد خير الأنـام وأعـذب الأسمـاء
فهو يفخر بالحق الذى كان سائدا فى أمته بين أبناء وطنه وأبناء دينه ؛ يفخر بالدستور (القرآن) ؛ يفخر بالعدالة (عدالة الإسلام) ؛ يفخر بكونه على دين نبى الله محمد الذى قال عنه أحد المستشرقين (لو كان محمد حيا لقام بحل جميع مشاكل الدنيا وهو يحتسى فنجانا من القهوة).
ثم ينتقل بنا الشاعر إلى فاصل من المدح النبوى
ورغم الإنتقال من غرض إلى غرض فإن الشاعر قد انتقل ببراعة حيث لم نشعر بالإنتقال وإنما سرنا معه نكمل الرحلة التى بدأها والتى طاف بنا بها من قبل حول وطنه (العربى الكبير).
وحبيبنا نـور الوجـود محمـد خير الأنـام وأعـذب الأسمـاء عمت سجاياه البـلاد وأشرقـت مذ عم سر الكـون غـار حـراء من قدس أرض الله شق طريقـه متجاوزا سبـع السمـا بسمـاء بـه بشـر الله الأنـام وخصـه بالمعجزات تعـم فـي الأرجـاء
ثم يتحدث عن النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) متجاوزا السماوات السبع (فى رحلة المعراج) والتى بدأت من (القدس) بعد رحلة الإسراء ؛ وهنا يعيدنا الشاعر ببراعة إلى ما بدأه من البكاء على القدس التى كانت بداية رحلة الإسراء
ثم يزداد بكاء شاعرنا حتى أنه يجهش بالبكاء على القدس
وعلى بطاح القدس هلت صبوتي لأرى الوجـود مكلـلا بـجـلاء وترابها طهـر الوجـود معمـد بالـورد والريحـان والحـنـاء فالقدس مذ فجـر الزمـان أبيـة وعصية حتمـا علـى الأعـداء
فالقدس المحتلة ترابها طاهر وستظل أبية قوية عصية على المغتصب الذى سيهلك على ترابها فـــ
سيطـل صنديـد يفـك إسارهـا يهدي الصباح لفجرهـا الـلألاء تاالله ما لانـت عزائـم إخوتـي رووا الثـرى لجلالهـا بـدمـاء لكنهـا أسـرت بليـل ضغينـة وتهـاون بتـخـاذل الجبـنـاء سنعيدها مهمـا تطـاول ليلهـا ونعيد مجـد الصخـرة الشمـاء
فالقدس ستعود لا محالة ؛ وما كانت لتحتل إلا فى ساعة من غفلة وتهاون بالعدو الذى إستغل ذلك فهجم فانتصر ؛ لكنها عائدة مهما طال الليل ؛ ثم يضع نقطة على الحرف الأخير مذكرا بطهر القدس ومكانتها الرفيعة مذكرا إيانا أن هذه القدس هى أرض عليها قبة الصخرة (الصخرة الشماء).
ثم ينتقل الشاعر ببراعته المعهوده ليشير إلى الطريق من بعيد وكأنها وصية حكيم فى آخر الزمان
القـدس نـورالله فـي عليائـه وخلاصهـا بقوافـل الشـهـداء
فالسبيل للخلاص واحد (قوافل الشهداء) وكما يقولون .......
(دماء الشهداء تروى غرس الحرية)
*****
ظهرت براعة الشاعر فى القصيدة فانسابت مشاعره بلا تكلف ومن ثم كانت صوره جميلة واضحة منها ما هو معتمد على خيال الشاعر ومنها ما هو معتمد على العاطفة التى تزداد أحيانا فتصل حد الزروة ومنها ما هو معتمد على اللفظ والتركيب لكن الصورة فى النهاية كانت صورة كلية كاملة لم تشبها شائبة إلا ما كان فى تلك الأبيات الثلاثة التى أشرت إليها فكانها حلقات الفضة فى عقد من الذهب.
*****
كان هناك شئ من الإستسهال فى القافية فى بعض الأبيات ربما كان لتسرع الشاعر فى الخروج بالقصيدة إلى النور.
******
كان هناك بعض الأخطاء اللغوية التى أثق تمام الثقة أن الشاعر سوف يقوم بتعديلها فمن بنى هذا الجمال قادر على ان يتمه ومن رسم هذه الصورة قادر على تلوينها وربما كان ذلك لتسرع الشاعر فى نشر القصيدة وأكاد أجزم أن الشاعر كتب قصيدته ثم نشرها فى اليوم ذاته.
*****
مـــــــا هـذا الألـــق أيها الوائل الجميل
جمال طافح ....
وربك أعجبني هذا الرد .بارك الله فيك
صدقت ايها الرائع بخصوص شاعرنا الكبير والأب الفاضل ...حين قلت ؟؟
وربما كان ذلك لتسرع الشاعر فى نشر القصيدة وأكاد أجزم أن الشاعر كتب قصيدته ثم نشرها فى اليوم ذاته.ولك مودتي يا عزيزي
ليوفقنا الله