اهالي منشية ناصر المنكوبين ينتظرون جثث موتاهم ولا يعرفون شيئا عن غدهم
07/09/2008 13h38
انتشال جثة طفل من تحت الانقاض بعد انهيار الكتل الصخرية في المقطم السبت
©اف ب- القاهرة (ا ف ب) - تحت اشعة الشمس الحارقة اخذ محمد وشقيقه احمد يخرجان على اكتافهما الاثاث المتواضع لبيت اسرتهم الذي قررت السلطات ازالته حتى تتمكن من فتح طريق للرافعات الضخمة التي ستقوم بازالة خمس كتل صخرية ضخمة من جبل المقطم انهارت السبت على منازل حي منشية ناصر (شمال شرق القاهرة) لتفن تحتها عشرات الاهالي.
كان محمد منشغلا تماما بانقاذ اريكة وكرسيين متهالكين امام اعين رجال الشرطة الذين انتشروا بكثافة في الحي المنكوب ومنعوا الصحفيين من التصوير وقال باقتضاب والعرق يتصبب من جبينه "سانقل الاثاث الى منزل احد اقربائي في المنطقة" وعندما سئل اين ستذهبون بعد اخلاء بيتكم اجاب باستسلام "لا اعرف بعد".
وتنتظر رافعات ضخمة على بعد امتار من موقع الانهيار لكنها لم تبدا العمل بعد اذ ان الكتل الصخرية محاطة بمنازل من جميع الجهات ولابد من ازالتها حتى تتمكن المعدات الثقيلة من المرور.
وعلى بعد بضعة امتار من الكتل الصخرية كان قرابة عشرين شخصا من افراد اسرة واحدة يجلسون على الارض في زقاق ضيق ومترب لا يزيد عرضه عن مترين في صمت تام وعلى وجوههم علامات الحسرة والاسى ولدى سؤالهم عن سبب تجمعهم رد بعضهم "لنا قريب ننتظر استخراج جثته من تحت الانقاض".
وبصوت خافت قال احد افراد الاسرة "كان ابن عمي يقطن غرفة هنا منذ عشر سنوات وعندما علمنا بالامر جئنا جميعا من محافظة المنيا وننتظر استخراج جثته فاكرام الميت دفنه ولكننا لا نعرف كم من الوقت سنبقى لانهم لم يفعلوا شيئا حتى الان ويمنعوننا من البحث عن موتانا بانفسنا".
واضاف محمد عبد الرحيم (37 سنة) وهو مدرس "كان ابن عمي يعمل في محل للعصائر في حي الحسين وتقدم بطلبات عدة للحصول على شقة من شقق المحافظة لكن لم تكن لديه واسطة (اي شخص لة علاقات بالسلطات يمكنه ان يساعده في تحقيق طلبه) وقد رحل وترك زوجته وابنة رضيعة عمرها ستة اشهر في قريته في المنيا".
ولا يعتقد رجال الانقاذ والشرطة المتواجدين في الحي المنكوب وجود امكانية لاخراج اي احياء من تحت الكتل الصخرية الضخمة.
وليس من وسيلة لمعرفة عدد الضحايا فالسلطات هي التي قامت بعملية حصر السكان الذين كانوا متواجدين في منازلهم عند سقوط الكتل الصخرية وهي تمتنع تماما عن اعلان عدد الذين يرجح وجودهم تحت الانقاض.
وقد اعلنت وزارة الصحة اليوم مقتل 31 شخصا على الاقل واصابة 47 في هذا الحي.
ويقول الاهالي ان قرابة خمسين منزلا اختفت تحت الصخور الضخمة بينما قدر عضو مجلس الشعب عن هذه المنطقة حيدر بغدادي عدد السكان الذين دفنوا مع منازلهم تحت الكتل الجبلية بما لا يقل عن 300 شخص.
وبدات وحدات من القوات المسلحة مساء امس في نقل السكان الذين نجت منازلهم من الانهيار الصخري الى معسكر للايواء مكون من قرابة ستين خيمة شيدت في حديقة عامة بمنطقة الفسطاط القريبة من منشية ناصر. واقامت اجهزة الامن طوقا حول المكان ومنعت الصحفيين من التصوير او الدخول او التحدث مع المنكوبين.
لكن احدى سكان المخيم وهي شابة في العشرين من عمرها تدعي نسمة قالت لوكالة فرانس برس عبر السياج الحديدي "معظم الموجودين هنا من سكان المنازل التي انهار الجبل فوقها ونجوا لانهم كانوا ذهبوا الى اعمالهم لحظة وقوع الكارثة".
وردا على سؤال عما اذا كانت تعرف كم من الوقت سيمكثون في المخيم والى اين سيذهبون بعد ذلك قالت "لا نعرف ..قالوا لنا اننا سنمكث هنا ثلاثة ايام اما بعد ذلك فلا نعرف شيئا".
وصاحت صبية صغيرة كانت تقف الى جوارها ببراءة "بيقولوا ان سوزان مبارك ستأتي" في اشارة الى حرم الرئيس المصري حسني مبارك التي كانت قامت بمشروع لتنمية حي الدويقة المجاور لمنشية ناصر.
ويتردد اسم قرينة الرئيس المصري كثيرا في الحي المكنوب فهي تبدو لبعض سكانه البسطاء وكانها المنقذ المنتظر. وقالت كثير من سيدات منشية ناصر لوكالة فرانس "نريد ان يصل صوتنا الى سوزان مبارك".
غير ان البعض الاخر يصب جام غضبه على السلطة ويحملها مسؤولية ما يحدث. وقال شاب في العشرين من عمره "الحكومة مسؤولة عما يحدث لنا فهي التي تركت الفساد يستشري وهي لا تهتم باحوال الفقراء" واضاف الشاب الذي رفض الافصاح عن اسمه متسائلا "هل هناك ما يضمن لي الا اعتقل من قبل رجال امن الدولة (جهاز تابع للشرطة) اذا نشر اسمي؟".
وكان رئيس الوزراء احمد نظيف صرح السبت بانه "كان من المقرر نقل سكان المنطقة التى وقع بها الحادث الى مساكن جديدة فى مشروع ضخم يضم 4 الاف وحدة سكنية قامت بإنشائها وزارة الاسكان والتعمير".
واضاف "كان من المقرر تسليمها لسكان المنطقة بعد أربعة أسابيع إلا أن القدر لم يمهلهم".
واكد نظيف "وجود الشقق السكنية التى تم توفيرها بالفعل عن طريق وزارة الاسكان" الا انه لم يحدد موقع هذا المشروع السكني الذي سيتم نقل المنكوبين اليه.
http://www.afp.com/arabic/news/stori....4dfdr65d.html
____________
إنا لله وإنا إليه راجعون