|
شيخَ المعـرةِ في أحداقِكَ اتقَــدَت |
شمسُ البصيرةِ في عُمـقٍ مـنَ العَجبِ |
عينـانِ تختـزلانِ الكونَ فلسفـةً |
عينٌ من الفكرِ معْ عينٍ مــنَ الأدبِ |
والعقــلُ بينهُما ، جــارٍ بقافيةٍ |
من ألفِ عــامٍ كنهرٍ طافَ بالحقبِ |
نجواكَ رَجعُ أنينٍ صاغَـهُ وجــعٌ |
لفَّ الحيـاةَ بحـزنٍ ذابَ في الكتبِ |
بل صغتَ روحكَ نبراساً بمـا وهَبَتْ |
شمسٌ بروحكَ أغنَت أمـةَ العـربِ |
في مُقلتيكَ خُيوطُ الشمسِ ما غزلت |
ثوبَ الضياءِ على جَفنٍ مـن الكَرَبِ |
يُمنَــاكَ تأخذُ بالدنيـا تُطوِّفُهَــا |
يُسراكَ كفٌ على عودٍ مـن الخشبِ |
فأنتَ والكون في حـالٍ مبعثــرةٍ |
بين الخلـودِ وبينَ المـوتِ والغضبِ |
من محبسيكَ شعــاعُ الروحِ منبلجٌ |
فالشمسُ عندكَ مــا زالت ولم تغبِ |
آثارُ نوركَ في الأفكارِ مــا انطفأت |
يا مؤمنَ الروحِ مهما غُصتَ في الكأبِ |
هـذا شعاعكَ في الآفــاقِ يخبرُنا |
عـن كلِّ ســرٍّ دفينٍ لاذَ بالحُجُبِ |
صَيَرتَ فكركَ أشعاراً رفعتَ بـها |
بُـرجَ الخلودِ بغيرِ المــالِ والحسبِ |
مـن مَـرَّ مثلكَ فوقَ الأرضِ يحفظهُ |
سِـرُّ الدرايـةِ بين العينِ والهُــدُبِ |
بالفلسفاتِ قَهَرتَ الليــلَ فانبعثَت |
روحُ التمردِ في جسمِ مـن النصبِ |
الفكرُ بعــدكَ مقموعٌ ومُرتَـزقٌ |
والكونُ يغرقُ في بحرٍ مـــن التعبِ |
ما جئتَ تبحثُ عــن كأسٍ وغانيةٍ |
بل جئت تدركُ سرَّ الـراحِ في العنبِ |
بل جئتَ تسـألُ عن أعماقِ طينتهِ |
عن قطرةِ السيلِ في غصنٍ من الحطبِ |
عن سرِّ روحٍ أنينُ الطهرِ عَذَبَهــا |
في لحظـةِ الشـكِ بينَ الطينِ واللهبِ |
روحٌ تَئِنُ على أعتــابِ محبسِهـا |
في غربةِ الطينِ في دنيا مــن الكذبِ |
شيخَ الزمانِ حكيمَ الدهرِ كم ولِدت |
من نسلِ آدمَ عبرَ الدهـرِ من عُصَبِ |
والرملُ يطحنُ ما جادت بــه أممٌ |
والفكرُ عندكَ لم يهـرمْ ولـم يَشِبِ |
لو عـادَ بالكوزِ خَـزَّافٌ لمصـدرهِ |
هل كانَ في دورةِ الأزمـانِ جسمُ أبي |
والروحُ كالشمعدانِ ، النـارُ تأكلُهُ |
والجسـمُ ذاوٍ على عودٍ مـن النُوَبِ |
الليلُ عندكَ أســرارٌ يذوبُ بـهِ |
هَـمُّ النهارِ على قنديـلِ مُغتَــرِبِ |
قنديــلُ عقلكَ شعَّ النورَ في قبسٍ |
مـدَّ العقـولَ بفكرٍ لاحَ كالشهـبِ |
رَسْمُ الدخـانِ على بِلَـورِهِ فِكَرٌ |
طافت عليـهِ بأمـواجٍ من السُحبِ |
أعماق فكركَ كم غاصَت بهـا أممٌ |
من فكرِ (دنتي) إلى (الخيامِ) في طربِ |
ما زلتَ تروي عقولَ الأرضِ قاطبةً |
والدهرُ يسبِكُ مـا سيَّلتَ من ذهبِ |
راقٍ بشككَ في محــرابِ مؤمنـةٍ |
منهـا بلغتَ رفيـعَ الصدقِ والرُتبِ |
من فكرةِ الشكِ لاحَ الحقُ من كِسَفٍ |
لـو أُنطِقَ الصمتُ لم ينطِق ولم يُجِبِ |
بينَ اليقينِ وبينَ الشكِ كنتَ تـرى |
نبـعَ الصفـاءِ بمهـدِ الفطرةِ الرَحِبِ |
تَسمـو بشككَ للعلياءِ مُرتَـقيـاً |
والناسُ تحسبُ أن الشيــخَ في ريبِ |
والناسُ أهٍ مــنَ الناسِ الألى نَهشَوا |
روحَ الأديبِ فضـاقَ الفكرُ بالكَلَبِ |
ما قصةُ العمرِ ؟ ما الآلامُ ؟ في دمِنـا |
تجري الحيــاةُ بكهفٍ مُنهكٍ تَعِبِ |
دربٌ على طُــرقِ الآلامِ أنهكنـا |
عمرٌ من الحزنِ في دارٍ مـن الصخَبِ |
لكم شقيتَ بسرِ الموتِ لـو كَشَفَت |
روحُ الحيــاةِ عـن الأسرارِ لم تَهَبِ |
فاهتزَ أيــكُ وريقِ الغصنِ عذبـه |
فــأسُ المنيةِ في كفٍّ لمحتطِــبِ |
جَـزَّ الحيـاةَ بغصنٍ أخضرٍ نَـضِرٍ |
أو راحَ يُشعِـلُ نارَ الموتِ في الرَطِبِ |
إن الحقيقــةَ في سلطـانِ هيبتِهـا |
لــولا تجَلـت بغيرِ الشكِ لم تَطِبِ |
فَرُحتَ تنزعُ أستـاراً تُغلفَهـــا |
باسمِ المعارفِ مــن أغلالِ مُغتَصِبِ |
والموت حصنٌ منيعٌ كيفَ تَـقحمُـهُ |
والناسُ تهرعُ بين الخلــقِ والعطبِ |
والمؤمنونَ تُخومُ الشـكِ تَـفصِلُهُم |
بين السعيرِ وبين المرتـعِ الخَصِــبِ |
لكنَ عقلكَ ردَّ القلبَ مُنشرحـاً |
صوبَ الحقيقةِ في ثوبٍ مــن الريَبِ |
في منطقِ الشكِ مِفتاحٌ لمعجـــزةٍ |
تاهت عـن العقلِ في تصديقِ مرتقِبِ |
لكنها بزغت من شكِ معتقـــدٍ |
في لحظةٍ جُعلت مجهولـــةَ السببِ |
فاكتم جراحـكَ في سردابِ مؤمنةٍ |
واخشع بصمتكَ في حـالٍ من العتبِ |