بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة:
إن الحمد لله نحمده، نؤمن به و نشكره لا نكفره، نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ونسأله الزيادة من كل خير، والمعافاة من كل شر، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له ولن تجد له من دون الله ولياً مرشداً ، وأشهد أن لا إله إلا الله إقراراً به وتوحيداً ،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إيماناً به وتصديقاً تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك ولا يتنكبها إلا ضال فصلاة ربي وسلامه عليه وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار وعلى من سار على هديهم إلى يوم القرار وبعد:
إن ما تمر به الأمة اليوم من مصائب وشدائد وهزائم، إنما هو بسبب إبتعادها عن المنهل الصافي،والمعين الكافي عن كتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم، لذا كان لا بد لكل مسلم من وقفة إيمانية نحاسب فيها أنفسنا ، ونتحسس نقاط الضعف لكي نحاول محاولة الجاد المتوكل على الله أن نغير ما بأنفسنا حتى يغير الله حالنا ، وكانت من ثمار مثل هذه الوقفات الإيمانية هذه الرسالة الموجزة التي تحمل في طياتها وبين سطورها كثيراً من القضايا المهمة التي غفل عنها الكثير من أبناء المسلمين اليوم ، وآثرت في كتابتها أن أنقل عن كبار العلماء المشهود لهم بالنصح للأمة ، وجعلت جل إعتمادي بعد كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على كلام شيخ الإسلام تقي الدين احمد بن تيمية الحراني، وتلميذه الإمام ابن القيم ، والشيخ المجدد المجاهد محمد بن عبد الوهاب_رحمهم الله جميعاً _ وضمنت في هذه الرسالة الموجزة ما يهم للمسلم أن يعرفه في خضم هذا البحر المتلاطم حتي يحيا من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة،وأسميتها { قضايا مهمة في حياة الأمة }
وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجعل كلماتي هذه خالصة لوجهه الكريم وأن يغفر لي الخطأ والزلل وهو أعلم بالعمل.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
بقلم:عدنان أحمد البحيصي
المبحث الأول
العبودية وواقعنا المعاصر
لا شك أيها الأحباب أن الله تعالى لم يخلق الإنسان عبثاً وإنما خلقه لغاية نبيلة ، ومهمة عظيمة، فقال تعالى :{ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} الذاريات آية56
إذن فالغاية من خلق الجن والإنسان العبادة، والعبادة اسم جامع شامل لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة منها والباطنة، وحتي تكون العبادة مقبولة ينبغي أن يتوافر فيها شرطان هما:
1_ إخلاص النية لله تعالى لقول جل جلاله :{ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } البينة آية 5، وتكون إخلاص النية لله تعالى بتوجيه العمل لله تعالى ونسب الفضل له في أن وفق العبد لهذا العمل وعدم إرادة المخلوقين بهذا العمل.
2_اتباع النبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى:{ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } آل عمران آية 31
فلا يجوز مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا ينفع اخلاص بغير اتباع، ولا ينفع اتباع بغير إخلاص.
ومعلوم أن العبودية لله توجب على العبد الإتصال الوثيق بالله تعالى، بحيث لا يرد العبد لله أمراً، بل تصبح نفسه نذراً لله تعالى، فهو يعيش لله ويمشي في الله ويذبح لله ويُقتل في سبيل الله مصداقاً لقوله تعالى:{ قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين}الأنعام آية162، حياة متصلة بالله تبارك وتعالى.
إنها العبودية التي تُلزم العبد أن يقول :{ سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير}البقرة آية285.
لا معني حقيقي للعبودية من غير: عبادة واستسلام وانقياد للمعبود وهو الله جل جلاله لا معبود بحق في الكون إلا هوتعالى .
إن العبد المسلم يستشف مظاهر هذه العبودية ويعبر عنها بالسجود للواحد الأحد ويعلمها علم اليقين عندما يدعو بآرئه تبارك وتعالى قائلاً :" اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن امتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضائك"رواه أحمد.
انظر رحمك الله إلى معاني العبودية والإنقياد والاستسلام والإيمان بقضاء الله والتسليم بحكم الله.
ودعونا أيها الأحباب أن نعرج بكم قليلاً لنرى أمثلة من حياة الصحابة رضوان الله عليهم ، لنرى كيف كان الواحد منهم يطبق العبودية حق التطبيق،فهذا الصديق رضي الله عنه يخرج ماله كله في سبيل الله، وهذا عثمان رضي الله عنه يجهز جيش العسرة، وهذا عمرو بن الجموح يأبى أن يتخلف عن الجهاد وهو صاحب العذر قائلاً :"لأطئن بعرجتي هذه الجنة"، هكذا هم الرجال الذين عرفوا معني العبودية لله والأمثلة كثيرة تضيق عن الحصر.
إن العبودية لله أيها الأحباب تعني التجرد من هوى النفس ، بل جعل هذا الهوى موافقاً وتبعاً للشرع كما قال الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم:"لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجميعن "رواه مسلم
إن العبودية ليست كلمة تلكوها الألسن فقط، إنما هي تطبيق واقعي وعملي، ما فائدة أن أقول أني عبد الله وقلبي معلق بشهوات زائلة،ما الفائدة أن أدعي العبودية لله تعالى_وهي شرف للعبد_ وحياتي مجردة من معاني الحب في الله ورجاء الله، وخشية الله والإستسلام لأمر الله.
ما الفائدة وأنا اجزع عند اول مصيبة وأول حادث ودعونا نقولها صريحة: إنه من تعلق قلبه بالدنيا كانت مصائب الدنيا أشد عليه من أن يصاب في دينه.
لقد تعلق شباب الأمة اليوم بالتوافه من الامور، تعلقوا بالمطرب الفلاني، والممثلة الفلانية، وبفريق الكرة الفلاني، وبعضهم قد تعلق بالمركز الفلاني، وبالمنصب الفلاني ، وغيرها.
ثم يأتي بعض هؤلاء مدعياً محبة الله تعالى وصدق من قال مخاطباً إياهم:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا لعمري في القياس شنيع
إن كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع
إننا بحاجة اليوم إلى أن نجدد إيماننا، ليرضى ربنا عنا فيغير أحوالنا، فإذا أردنا فعلاً لمنهج الله أن يقوم فلا بد ان نقيمه أولاً في أنفسنا، كما قال الشيخ الشهيد سيد قطب رحمه الله :"(أقم دولة الإسلام في قلبك تقم على أرضك).
المبحث الثاني
الإسلام والكفر
قال تعالى:{ قلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين} البقرة آية36
آية من كتاب الله تعالى تبين لنا حقيقة الصراع بين الإنسان والشيطان ، العدو الأول للإنسان الذي حدده الله لنا كعدو دائم، لنحذره ، لماذا؟ لأن تحديد العدو ضروري في الإنتصار عليه.، فمثله كمثل داء يصيب الإنسان، فيسعى الإنسان إلى تشخيصه ومعرفة ماهيته، لتحديد الدواء الناجح ، وهكذا العدو لا بد من تشخيصه لاستخدام الإسلحة المناسبة لقهر هذا العدو.
ومن هذه البداية، بداية الصراع بين الشيطان والإنسان ظهرت بداية الصراع بين الحق والباطل، حينما اختارت طائفة من البشر سبيل الشيطان، فانقسم البشر إلى قسمين: أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ، وفي ذلك يقول الحق تعالى :{ الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله، والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا اولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً } النساء آية76
ولكن هل يشترط في أعضاء الحزب الشيطاني أن يعلنوا ولائهم الكامل والصريح للشيطان؟
إن حزب الشيطان هو كل من خرج عن منهج الله ودينه، وليس شرطاً أن يعلن أعضاء المحفل الشيطاني ولائهم الكامل، بل تجد منهم من يلعن الشيطان، ولكن حياته تسير وفق المنهج الشيطاني لا المنهج الرباني، فهو من حزب الشيطان وإن كان لا يعلم ولا يشعر.
إن المسألة مفهومة، فكل مبدأ ومنهج وعقيدة وطريق مخالف لمنهج الإسلام فهو طريق الشيطان، فإنما هي إحدى الطريقين، طريق الإيمان أو الكفر ولا مرتبة بينهما، نعم هنالك صنف من البشر قد يوافق المنهج الشيطاني في أشياء ولا يوافقه غي أشياء أخرى، فهذا الصنف إن كان أصل العقيدة عنده صحيح فهو مسلم قد عميت بصيرته وتلزمه التوبة، فهو من حزب الشيطان منهجاً لا عقيدة، ويخشى عليه ان يصبح من حزب الشيطان منهجاً وعقيدةً، أما إن كان أصل العقيدة عنده فاسداً فهو من حزب الشيطان عقيدة ومنهجاً.
وكثير من الأمور يمر عليها المسلمون فلا يلقون لها بالاً مع أنها بالأهمية بمكان، ويحسن بنا في معركتنا مع الشيطان وحزبه أن نعرفها، وهي التي عبر عنها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بقوله (نوافض الإسلام العشرة) والتي سنذكرها بإذن الله رابطين إياها بحال المسلمين اليوم.
_قال الشيخ رحمه الله :( الناقض الأول من نواقض الإسلام العشرة: الشرك بالله تعالى قال تعالى:
{ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}النساء آية 116 ) .
واليوم نرى بعضاً ممن ينتسب إلى الإسلام يدعو غير الله، ويذبحون لغير الله ويستغيثون بغير الله، والبعض يدخل إلى قلبه الرياء وهذا نوع من الشرك، وكمثل أن يحب بعض الناس كحب الله يقول تعالى:{ ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله}البقرة آية165، وكذلك الإعتقاد بأن الموتى ينفعون الأحياء، والإعتقاد بالأوتاد والأغواث وغيرها وأنهم يقومون على حاجات الخلق، وكذلك سب الذات الإلهية، وشتم النبي صلى الله عليه وسلم فهذه كلها من الشرك بالله.
وكثير من هذه الأمور واقعة اليوم في بلاد المسلمين، نرى منهم من ينادي حسيناً، أو فاطمةً ، ومنهم من يذبح للقبور وغيرها ، فإن الأمة بحاجة إلى تصحيح عقيدتها والله المستعان.
_قال الشيخ رحمه الله:( الناقض الثاني من نواقض الإسلام العشرة: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعونهم ويسألونهم الشفاعة ويتوكل عليهم كفر إجماعاً ).
فبعض الناس يدعي أنه لا سبيل للوصول إلى مرضاة الله إلا عبر هذه الوسائط، ونترك بيان هذا للإمام ابن تيمية الذي يقول في رسالته القيمة "الواسطة بين الحق والخلق" :( إن أراد بذلك أن لابد من واسطة تبلغنا أمر الله فهذا حق، فإن الخلق لا يعلمون ما يحبه الله ويرضاه وما أمر به وما نهى عنه، وما أعده لأولياءه من كرامته، وما وعد به أعدائه من عذابه، ولا يعرفون ما يستحقه الله تعالى من أسمائه الحسنى وصفاته العليا التي تعجز العقول عن معرفتها وامثال ذلك إلا بالرسل الذين أرسلهم الله تعالى إلى عباده)(1)
إذن فشيخ الإسلام يقرر أن الواسطة بهذا المعنى أمر شرعي لا بد منه، فإن الأنبياء هم المبلغون عن ربهم لشريعته، الداعين لوحدانيته وعبوديته.
بل يقول رحمه الله :( ومن أنكر هذه الوسائط فهو كافر بإجماع أهل الملل )(2)
ثم يبين رحمه الله تعالى المعنى غير الشرعي لمعنى الواسطة والذي ينقل من الملة فيقول :( فإن أراد بالواسطة أن لابد من واسطة في جلب المنافع ودفع المضار مثل أن يكون واسطة في رزق العباد ونصرهم وهداهم يسالونه ذلك ويرجعون إليه فيه فهذا من أعظم الشرك الذي كفر الله به المشركين )(3).
فشيخ الإسلام رحمه الله يوضح أن الوسائط تنقسم إلى حق وباطل، فأما الحق فهم الرسل الذين يبلغون الدين للعباد قال تعالى:{ يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس}الحج آية 75، أما الباطل فهو إتخاذ الوسائط واعتقاد النفع والضر بهم فهذا كفر أكبر يخرج من الملة.
_قال الشيخ رحمه الله:( الناقض الثالث من نواقض الإسلام العشرة:من لم يكفر المشركين او شك في كفرهم أو صحح مذهبهم فقد كفر)وهذا أمر جسيم وقع فيه بعض المسلمين اليوم، إذ نراهم يوادون النصارى واليهود معتقدين أنهم ليسوا بكفرة، محتجين على ذلك بأنهم من أهل الكتاب، والرد عليهم من كتاب الله، قال تعالى : { لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد}المائدة آية 73، وقال عز وجل :{ ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير} البقرة آية 120ونسمع أصواتاً تنادي بالتقريب بين الأديان، ومن وراء هذه الدعوات والأصوات الماسونية العالمية، التي تسعى من وراء ذلك أن تهدم عقيدة الولاء والبراء في نفوس شباب الأمة الإسلامية، حتى ينشأ ضائعاً بعيداً عن أمجاد أمته السابقة، ولا يسعى لإعادة هذه الأمجاد، فلا يخرج من الأمة مجاهد، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون، فإن الجهاد ماض إلى يوم القيامة، ولابد لنا أن نقف صفاً واحداً لإبطال هذه الدعوات والمؤامرات الخبيثة، والله المستعان، وعليه التكلان.
_قال الشيخ رحمه الله:( الناقض الرابع من نواقض الإسلام العشرة: من أعتقد ان هديه افضل من هديه صلى الله عليه وسلم، او أن حكمه أفضل من حكمه صلى الله عليه وسلم كالذي يفضل القوانين الوضعية عن قوانين رب العاليمن كفر إجماعاً)
فبعض الناس يصف شرع الله بأنه غير صالح للتطبيق في عصر الذرة والتقدم، ويصفونه بأنه رجعي او أنه وحشي، لأنه يقضي بقتل الزاني المحصن وقطع يد السارق، او أعتقد ان الإسلام عبادة فقد لا أنه نظام حياة كامل شامل كفر إجماعاً ونترك الكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مبيناً موقف الشرع من أصحاب الإيمان الجزئي فيقول :( ذم الله الذين أوتوا الكتاب لما آمنوا بما خرج عن الرسالة وتفضيل الخارجين عن الرسالة على المؤمنين بها، كما يفعل ذلك بعض من يفضل الصابئة من الفلاسفة والدول الجاهلية_جاهلية الترك والديلم والعرب والفرس وغيرهم_ على المؤمنين بالله وكتابه ورسوله، كما ذم المدعين الإيمان بالكتب كلها وهم يتركون التحاكم إلى الكتاب و السنة ويتحاكمون إلى بعض الطواغيت المعظمة من دون الله، كما يصيب ذلك كثيراً ممن يدعي الإسلام وينتحله في تحاكمهم إلى مقالات الصابئة الفلاسفة أو غيرهم،أو إلى سياسة بعض الملوك الخارجين عن شريعة الإسلام من ملوك الترك وغيرهم، وإذا قيل لهم
(1) الواسطة بين الحق والخلق_الطبعة الثالثة_ص 8 طبعة المكتب الإسلامي.
(2) المصدر السابق صفحة 10
(3) المصدر السابق صفحة 11
تعالوا إلى كتاب الله وسنة رسوله أعرضوا عن ذلك إعراضا). (1)
وكثير من حكومات اليلاد الإسلامية لا تصرح بالإلحاد، ولا بالتحاكم إلى الطاغوت، ولكنها تفعله وهؤلاء الذين عناهم الله تعالى في قوله :{ ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا يما انزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا ليكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً} النساء آية 60 ، وهذه الطواغيت هي كل ما عبد من دون الله أو أُطيع في غير ما أحل الله، وكثير من الحكام يصرح بأنه يريد دولته:علمانية ، ومنهم من يدعو إلى مناهج وأنظمة منافية لبعض احكام الإسلام في الحلال وفي الحرام فتحرم ما أحل الله، وقد بين علماء الأمة لهم عدم جواز ذلك ولكنهم أصروا نسأل الله لهم الهداية.
_قال الشيخ رحمه الله :( الناقض الخامس من نواقض الإسلام العشرة: من أبغض شيئاً مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ولو عمل به كفر والدليل قوله تعالى: { ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم}محمد آية 9 )
فنرى بعض المنتسبين للإسلام يبغض بعض شرع الله كأن يكره أن يعطي بناته حقهن في الميراث، وكأن يكره أن يؤدي زكاة ماله فيعتبرها أتاوة أو ضريبة أو خراجاً، كما اعتقد بها مانعوها على عهد الصديق رضي الله عنه فقاتلهم على منعها، فالإسلام كل لا يتجزأ، فيجب على المسلم أن يقبل الإسلام كلاً متكاملاً، بجميع احكامه وجزيئاته، نسأل الله أن يجعلنا ممن يسمع ويطيع ويسلم أمره لله.
_قال الشيخ رحمه الله :( الناقض السادس من نواقض الإسلام العشرة: من استهزأ بشيء من دين الله ثوابه أو عقابه، أو آياته أو رسله كفر والدليل قوله تعالى: { قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم }التوبة آية 66،65 )فنرى أمة الإسلام إلا من رحم الله قد وقعت في الإستهزاء بالعلماء وطلبة العلم، ونرى بعض المنتسبين إلى الإسلام يصف الحجاب بأنه خيمة أو رجعية، ويصف شعائر الحج بأوصاف لا تليق، ونرى البعض يهزأ باللحى وأصحابها، وغير ذلك فليحذر هؤلاء أن تصيبهم نقمة من الله وعذاب أليم.
_قال الشيخ رحمه الله: ( الناقض السابع من نواقض الإسلام العشرة: السحر ومنه الصرف والعطف، والدليل قوله تعالى :{ وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر}البقرة آية 102 )وكثير من المسلمين اليوم يذهب إلى السحرة والدجالين والنبي صلى الله عليه وسلم يقول :" من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة " رواه مسلم، هذا إن لم يصدقه، فإن صدقه "قثد كفر بما أنزل على محمد" والواجب على العلماء أن يقفوا في وجه السحرة متوكلين على الله في حربهم والتحذير منهم .
_قال الشيخ رحمه الله :(الناقض الثامن من نواقض الإسلام العشرة: مظاهرة المشركين ونصرهم على المسلمين فمن فعل ذلك أو رضي به فقد كفر قال تعالى :{ ومن يتولهم منكم فإنهم منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين }المائدة الآية51 )وهذا ما وقع به حكام الأقطار الإسلامية من موالاة لدول الكفر ونصرهم على المسلمين مادياً ومعنوياً ، وتفضيل هؤلاء الكفرة وهم أهل الزيغ والفساد على المؤمنين وهم أهل الحق والرشاد، ففتحوا السجون للشباب المجاهد في سبيل الله، وهيئوا المعتقلات للعلماء والدعاة، ونصبوا المشانق لمن يأبى أن يقر حكم الطغاة، وهؤلاء الذين يظاهرون الكفار يصدق فيهم قوله تعالى :{ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا،أولئك الذين لعنهم
(1) مجموع فتاوى ابن تيمية 12/339
الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا}النساء آية 51.
_قال الشيخ رحمه الله: ( الناقض التاسع من نواقض الإسلام العشرة:من أعتقد أن في وسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه السلام كفر إجماعاً والدليل قوله تعالى :{ ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}آل عمران آية 85 ).
فبعض الناس يدعي أن وصل إلى مرحلة تسقط التكليفات عنه، زاعماً أنه وصل إلى مرحلة ما يسمى بالكشف،وهذا مشاهد عند بعض الدجالين، والجواب على هؤلاء: أن النبي صلى الله عليه وسلم سيد الخلق وأكرمهم على الله لم تسقط عنه التكليفات ، أفهذا المدعي خير من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن قال أنه خير منه كفر بالإجماع لأنه بذلك خالف صريح القرآن وصريح السنة.
أما بخصوص عدم اتباع الخضر لشريعة موسى عليه السلام فالجواب على ذلك من وجهين:
1_أن موسى عليه السلام بعث إلى قومه خاصة والخضر لم يكن من بني إسرائيل.
2_أن الخضر عند بعض أهل العلم نبي مستدلين بقوله تعالى :{ وما فعلته عن أمري}الكهف آية82 .
قال الشيخ رحمه الله :( الناقض العاشر والأخير من نواقض الإسلام العشرة:من أعرض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به والدليل قوله تعالى :{ ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون }السجدة آية22 ).
والمقصود بالعلم هنا علم ما لا يُعذر المسلم بجهله كعلم التوحيد، ولا يشترط في علم التوحيد معرفة العامة للرد على الخصوم ودحض حججهم فهذا علم لا يستطيعه الكل، إنما المقصود تثبيت العقيدة الصحيحة، وما هو معلوم بالدين بالضرورة كفرائض الإسلام وكأركان الإيمان.
ويدخل في هذا الناقض كل من حارب وصد عن درس العلم لقوله تعالى :{ ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها}البقرة آية 114
ثم يقول الشيخ رحمه الله :( ولا فرق في جميع هذه النواقض سواء الهازل منها والجاد إلا المكره)
وذلك لقوله تعالى :{ إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان }النحل آية 106.
فيا أبناء الإسلام، الحذر الحذر من هذه النواقض، ابتعدوا عنها وبينوها لمجتمعاتكم حتى يحذروا منها، وأبدؤا بأهليكم لقوله تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة } التحريم آية 6
هذا والله أعلم وأحكم وعليه التكلان وهو المستعان