أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: ابن آدم ! تعهـدت أن تكون إنساناً .. فاحذر أن تعـود بشراً !

  1. #1
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي ابن آدم ! تعهـدت أن تكون إنساناً .. فاحذر أن تعـود بشراً !


    ابن آدم ! تعهـدت أن تكون إنساناً .. فاحذر أن تعـود بشراً !



    متى تـُستخـدم .. كلمات : بشرية – آدمية - إنسـانية .!

    وهل تؤدي كل كلمة من هذه الكلمات الثلاث .. معنى الكلمتين الأخريين .!


    أشار أحـد علمائنا الأفاضل – ذات مـرة – ولـو بإيجـاز .. إلى أن هذه الكلمات تُشير إلى مـراحـل خلـق الإنسان ...

    قال تعالى ..

    { الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ } السجدة7 .


    وقد قمتُ بهذا البحث والتحليل الموجز حول هذا الموضوع، فوجدتُ ..

    أن كلمة (بَشَر )هي بالأساس– وصفٌ دقيقٌ للمـرحلة الابتدائية-الأولية- من مراحل خلق الإنسان.



    فكلمة بشر مشتقـّة من البَشَرَةِ، وهي الطبقة الخارجية المنظـورة – والمغطاة في ذات الوقت- من جسم الإنسان. وهي الطبقة التي يـُحافظ الإنسان على التستر عليها ومواراتها عن الآخرين – وكأنه بذلك يستـر عيـباً فيه – لكي لا يراه الآخـرون ..، وكأن الآخـرين لا يعلمون به، أو كأنهم لا يحملون ذات العيب – إذا اتفقنا على أنه عيب.



    والبشرة في جسم الإنسان - مُـعـدّة ومُـصممـة لمقاومة ومواجهة الظروف الخارجية، .. أي أن وظيفتها هي حمـاية الأجزاء الداخلية من جسم الإنسان.

    ولكن الإنسان اعتبرها هي أيضاً من الأجـزاء الداخلية..، ولذلك فإن - خلف هذه التغطية، وهذا التحفـّظ على البشـرة – تـوجـد أسرارٌ عجيبة - سهلة ربما – وربما استحال فهمها .

    فكأن الإنسان يحتفظ بسـرٍ، ويفتخـر بصونه لذاك السـر– وهو يعلم أنه ليس سـراً.

    وكأنه هـروبٌ .. من أمـرٍ يـُذكّـره بمرحلته السابقة - البشرية - ربما لحظة ولادته، أو زلاته الجنسية، أو معصية أبينا آدم التي أدت إلى ظهور عورته- هو وزوجه ) ..

    فكأنه هروبٌ من كل ما يُذكّره بتلك اللحظات التي ترفــّع عنها .. والتي يتنكّـر لها، ولا يذكرها باعترافٍ وتمعّن إلا في خلوته.


    ففي حين أننا ننظـر إلى الحيوانات فنـراها جميلة رغـم أنها عـارية، ولا نخجل من اصطحابها، والتصوير بجانبها ..

    إلا أننا لا نتقبل رؤية الإنسان عارياً (بشراً ) ، ولا يقبـل هـو ذلك.


    ولعلنا نلاحظ أن أول –أو أكثـر ما يفعله الإنسان حين يفقد عقله –هو- خلع ملابسه ( أي إظهـار بشرته ، .. وكأن الإنسان أو الآدمي .. يعـود بشراً بفقدانه لعقله ).


    ونلاحظ أنه حتى أولئك الذين يرتدون من الملابس ما يُظهر شيئاً من بشرتهم، فإنهم إنما يفعلون ذلك بدواعي ليست نبيلة .. فهي إما للإغراء، أو للتفاخر .. أو بسبب انحلالٍ أخلاقي - خلل ثقافي.

    ونلاحظ أنهم إذا ما تم إبلاغهم بعيبٍ في ملابسهم – يُظهر بشرتهم – دون علمهم، فإنهم يُسارعون لإصلاحه وإخفائها .


    وكل ما يتعلق بالبشرة – وهو كثير- فإنه يدخل ضمن قائمة ما لا نرغب أن يراه فينا الآخرون- لأنه معيب.

    ومن اسم البشر اشتقت كلمة المباشرة ( عُـذراً .. مباشرة الأزواج ) .. بمعنى أنه لا حائل بين البشرة والبشرة.

    وكـذلك .. كلمـة البث المباشـر .. الذي يعني أن الخطـأ والمفاجأة – مُتوقعة، وأن سترها غير ممكن.



    ولو تتبعنا صفة- بشر- في القرآن الكريم - لوجدنا أنها- كلما وردت بصورة اعتيادية- فإنها تحط وتنتقص من قـدر الإنسان .. فمثلاً – نرى النسوة اللاتي استكثرن على البشر - جمال- سيدنا يوسف عليه السلام ..


    قال تعالى .. ( فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم )- يوسف\ 31)

    .. فقد كان حُكْمُهُـن عليه من خلال ما بدا لهن من بشرته .. فاستكثرن جماله على البشر الذي يعرفن.!


    وكذلك نجد أن الأقوام الذين استكثروا على رسلهم شرف الرسالة .. فقال تعالى فيهم ..

    ( ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد .) - التغابن \6)

    فلو لم يرَ القوم بشـرة رُسلهم - لما استكثروا عليهم شرف الرسالة. فكأنما عافوهم لكونهم بشراً.


    ولو وضعنا كلمة بشر المجـرّدة – تحت مجهـر العقل – فسنجد أنها تعني - ذلك الكائن الحي الذي يشتمل على جميع

    عيوب ونقائص الحيوانات، .. في حين أنه لا يتصف بأي ميزة من مزاياها .. تقريباً.

    فحتى مُخلفات وفضلات الحيوانات يُستفاد منها - ناهيك عن لحمها ولبنها وصوفها ...الخ .

    ولا نتضرر من الحيوانات إلا بقـدر جهلنا بها، أو بإرادتنا ..

    بينما نتضرر من البشر دون إرادتنا، وبغض النظر عن جهلنا أو معرفتنا به، وحتى عند إحساننا له ..،

    ولا نستفيد من البشـر إلا عمله وعلمه إذا كان صالحاً - وحينذاك لا يقال عنه بشر.!


    فالبشر هي المرحلة التي كان خلالها الإنسان ضعيفاً ومجرداً من العقل والمعرفة ..

    وهي المرحلة التي تساءلت واستهجنت فيها الملائكة استخلافه في الأرض، لعلمهم بأن كل صفاته قبيحة.

    ولم تكن الملائكة على علم بما يُخبئه - الخالق عز وجل- من أسرار ومزايا ستغيّر من واقع هذا المخلوق .. في مراحله اللاحقة – والتي تؤهله للخلافة في الأرض، ودخول الجنة .. إن هو- أحسن استخدامها.


    وهنا تأتي مرحلة الآدمية .. وهي المرحلة التي كـرّم الله سبحانه وتعالى – فيها - آدم بالعقل والمعرفة،

    حيث تفـوّق على الملائكة - بأن أنبأهم بأسمائهم – بإذن الله – وقال حينها الحق - لملائكته ألم أقل لكم إني أعلم ما لا تعلمون ( يقصـد عن البشر- هنا).


    وكما هـو معلومٌ -أو مُتـفـق عليه - فإن اسم آدم مُشتق من أديم الأرض (أي مكونات قشرة الأرض ).

    والآدمية هي المرحلة التي استكبر خلالها إبليس عن أمـر ربه – وأبى السجود – لآدم عليه السلام ...

    حيث إن إبليس– قـد ركن للتجريد والتجسيد – هنا، فقال كيف يسجد من خـُلق من نار– لمن– خـُلق من تراب ...

    ولم يفعل ما ينبغي عليه فعله .. وهـو طاعة أمـر الله دون تجـريد للأمـور من أسرارها، ودون تجسيد للأمـر في شخص آدم وظـاهـره المنظور.



    وهي ذاتها المـرحلة التي عصى فيها آدم ربه – غـيّـاً ونسيانا .. فأكل هو وزوجه حواء \عليهما السلام - من الشجرة التي نهاهما الله تعالى - عنها .. فبدت لهما بسبب ذلك - سوءاتهما ..( أي أنهما عادا إلى مرحلة البشـر .. مرحلة الجسد المجـرد من حكمة العقل وجماله، ومن سمو نفخة الروح الإلهية).


    وكان ذلك بمثابة درس وتجربة لهذا المخلوق - قبل أن يبدأ رسالته - بخلافته وحياته على الأرض .. ليعرف من خلالها مؤهلات واستحقاقات دخـول الجنة، .. وهي الطاعة والخضوع الكامل لأوامـر الله، وعـدم نسيان ميثاق الأمانة.

    وليعلم أن العصيان لا يتوافق مع قوانين الحياة في الجنة، وبذلك وجب على الإنسان أن يحيا في الدنيا حياة المُسـيّر – رغم أنه مُـخـيـّر .. ليكون مـؤهـلاً ويستحق بذلك حياة الجنة الأبـدية ...


    فالآدمية .. هي مرحلة الاختيار بين الصواب والخطـأ- بالنسبة للإنسان، .. فهـو مهيأ لهـذا وذاك.

    وهي مرحلة استثمار العقل،.. ففيها يعلم الإنسان واجباته – ويعلم ما يترتب على إخفاقه في أدائها.


    ولذلك فإن .. كلمة ( آدم ) .. كلما وردت في القـرآن الكريم – نجـدها إما مقرونة بتحـذير الله له.. ، أو بتذكيره بتكريم الله له، أو بالأمـر والنهي ، أو بذكـر ظلمه وأنانيته ...


    قال تعالى (وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين ) .. البقرة\ 35 .

    وقال تعالى ..( واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين ) .. المائدة \ 27.

    وقال تعالى .. (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون ) .. الأعـراف \ 26.

    ولعل الآية الأخيـرة هنا .. تـُوضـح بشكل جلي ومباشـر .. أن اللباس المادي - ورغم أهميته في إخفاء سوأة الآدمي – إلا أنه لا يكفي، ولا يحجب كل العيوب، فإذا حجب – فهو يحجب عـورة الآدمي عن أخيه الآدمي .. الذي يحمل ويفعل العيوب ذاتها ..

    ولكن هذا اللباس المادي لا يحجب عيوب الآدمي التي أمره ربه بإخفائها - ليكون إنساناً جديراً بدخول الجنة .. ، ولذلك فقد قال عز وجل ..

    ( ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون .) ..

    .. فلباس التقوى إذن – هـو الذي يستر عيوب الآدمي التي أمـره الله بمواراتها، وعـدم إظهارها ..

    وعندما تختفي عيوب الآدمي تلك .. فإنه ينتقل إلى مـرحلة الإنسانية ..


    فمـرحلة الإنسانية تعني بلوغ ابن آدم مرحلة حمل الأمانة وجدارته بها .. وسعيه باتجاه الكمال والسمو بدافع من المعرفة - النابعة من نفخة الروح الإلهية فيه..



    ولذلك فنحن نلاحظ أن كلمة إنسان، وإنسانية .. تأتي دائماً مع كل أمـر يتعلق بالكرامة والحرية والعـزة والحقوق المعنوية، وكل ما يتعلق بالشرف والأخلاق والرفعة والذوق والـرُقِي والعلم والإحساس والمبادئ والمشاعـر النبيلة.



    فالإنسانية .. هي بلوغ الإنسان مـرحلة من الـرُقِي الروحي والوجداني في التكامل والتوفيق بين الاحتياجات المادية والروحية.




    ففي مـرحلة الإنسانية .. ينبذ الإنسان ويشمئز ويحتقـر- كل أمـرٍ يُـسيء إلى الحب والخير والصواب والعدل والسلام والتسامح والمساواة والعطف والرفق والنبل والعفة والطهارة.


    فالإنسان الذي يعيش مرحلة الإنسانية بوجدانه وعقله .. نـجـده يـخجـل ويكاد يموت كمـداً وألمـاً .. من كل ما يجـرح كبرياءه وكرامته .. حتى لو كان ذلك الشيء .. يسيراً واعتيادياً وخـارجـاً عن إرادته.


    ومـرحلة الإنسانية .. هي الأرضية المناسبة للإيمان الذي يُـرضي الله عـز وجل، وهي المرحلة التي يكون خلالها الإنسان مسئولاً - مُدركاً مُتعمداً- لما يقول ويفعل ..

    قال تعالى ..

    { وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً } الإسراء13 .

    { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً } الكهف54 .

    { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً } الأحزاب72 .


    ولعل مدلول هذه التعريفات والتحليلات .. يتضح أكثـر ويجـد صـداه .. في نفوسنا ..

    عند مقارنتهـا .. بما اهتدت إليه الفطرة الإنسانية من توحيد لاستخدامات هذه الكلمات ...


    فنجـد .. أن كلمة بشرية .. إنما تـُستخدم كلما تعلق الأمـر بالحقوق الأساسية الأولية - للإنسان، وكلما تعلـّق الأمـر بمقارنته بغيره من المخلوقات، وكلما تعلـّق الأمـر بجذور الإنسان، وكلما كان الأمـر يتعلـّق بالناس جميعاً من حيث البقاء والفناء.


    ونجـد .. أن كلمة آدمية .. إنما تـُستخـدم .. كلما تعلـّق الأمـر بتصرفات الإنسان وحاجياته الحياتية، وعند الحث على الحكمة، والتذكير بالعقـل، والمساواة بين الناس، والنهي عن التكبر .. كأن نقول .. كلنا لآدم وآدم من تراب.


    ونـجـد .. أن كلمة إنسانية .. إنمـا تـُستخدم .. كلما تعلـّق الأمـر بالحقوق المعنوية، والتطـوّر والتحضـّر والتقـدّم والأخلاق والمُـثـُل والقِـيـّم النبيلة.


    والله تعالى أعلم بأسرار خلقه منهم ..


    ... مع تحياتي ...

    إذا سرَّكَ ألا يعود الحكيم لمجلسك .. فانصحه بفعلِ ما هو أعلم به منك !

  2. #2
    الصورة الرمزية نورية العبيدي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Nov 2005
    الدولة : العراق
    المشاركات : 653
    المواضيع : 32
    الردود : 653
    المعدل اليومي : 0.10

    افتراضي


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوبكر سليمان الزوي مشاهدة المشاركة

    ابن آدم ! تعهـدت أن تكون إنساناً .. فاحذر أن تعـود بشراً !







    \
    /

    فنجـد .. أن كلمة بشرية .. إنما تـُستخدم كلما تعلق الأمـر بالحقوق الأساسية الأولية - للإنسان، وكلما تعلـّق الأمـر بمقارنته بغيره من المخلوقات، وكلما تعلـّق الأمـر بجذور الإنسان، وكلما كان الأمـر يتعلـّق بالناس جميعاً من حيث البقاء والفناء.

    أخي الكريم ،،، صباحك خير وبركة ان شاء الله ..


    لا تنسى قوله تعالى ؛ (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ) ،،،



    نلاحظ أن الله سبحانه وتعالى يخاطب رسوله الكريم (ص) ويطالبه أن يقول أنه بشر .


    فلماذا نعزل البشري عن الآدمي عن الانسان ، لماذا لا يكون الفرد منا كل متكامل يجمع بين البشرية والادمية والانسانية كما خلقه الله تعالى ... !! وان كان خلقه على مراحل ، فهل يمكن أن نقسم المخلوق على مراحل كلما تطور نرمي بالجزء السابق ونُبقي على الحديث منه ..؟! هل يمكن ذلك ؟! وهل أراد الله ذلك ؟ ولم إذن خلق البداية ؟ هل يمكن اهمالها فيما بعد لعدم صلاحيتها ؟!



    تحياتي مع تقديري لك
    عيني على وطني
    د. نورية العبيدي

  3. #3
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    الأخت العزيزة، والأستاذة القديرة \ نورية العبيدي ..

    أسعد الله كل أوقاتكِ، وأعاد البسمة إلى شفاهكم - إخواننا في العراق الجريح، وطمأن الله قلوبكم على مستقبل أبنائكم ومجتمعكم ووطنكم الحبيب..

    أختي الفاضلة:
    لا تنسى قوله تعالى ؛ (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ) ،،،

    نعم، فالموقف هنا، يتطلب التواضع، والتذكير بالأساسيات( بشر)! ولذا نجد أن الله سبحانه وتعالى، قد أمر رسوله، أن يتذكّـر ويُذكّـر المكذبين برسالته، .. يُذكّـرهم بالجذور التي أتوا منها جميعاً.. كي لا يتوقعوا ولا ينتظروا أو يطلبوا منه أكثر مما هو مُهيأ له كبشر، أو أكبر مما يحق لهم طلبه كبشر - هم أيضاً !
    واستعمال الله لكلمة بشر في حق الرسول- بدل كلمة إنسان، له دلالة كبيرة على الفرق بين بشرية الآدمي (أي بدايته وجذوره)، وبين إنسانيته ( أي تحضّره ورُقيّه) .

    ويحضرني هنا، القول المأثور عن الرسول صلى الله عليه وسلم، عندما قابله شخص،
    وبدت علامات الدهشة والارتباك والخوف على ذلك الشخص حينما عَلِمَ أن الذي أمامه هو الرسول، .. فقال له الرسول، هوّن عليك، فما أنا إلا ابن امرأة من قريش، كانت تأكل القـدّيد !!
    فالرسول هنا، لا يقصد الحط من قدر من يأكل القـدّيد، بقدر ما أراد تذكير ذلك الشخص، ببداياته المتواضعة، مُقارنة بمكانته الرفيعة التي آل إليها واستحقها -برحمة الله- ثم بسبب صدقه وأمانته وأخلاقه العظيمة!


    فلماذا نعزل البشري عن الآدمي عن الانسان ، لماذا لا يكون الفرد منا كل متكامل يجمع بين البشرية والادمية والانسانية كما خلقه الله تعالى ... !! وان كان خلقه على مراحل ، فهل يمكن أن نقسم المخلوق على مراحل كلما تطور نرمي بالجزء السابق ونُبقي على الحديث منه ..؟! هل يمكن ذلك ؟! وهل أراد الله ذلك ؟ ولم إذن خلق البداية ؟ هل يمكن اهمالها فيما بعد لعدم صلاحيتها ؟!

    أقول ..
    نحن اليوم لا نحاسب الإنسان على سقطاته وعيوبه وزلاته المُصاحبة لمولده وسنين طفولته وصباه، وربما حتى سنين مراهقته وشبابه ..

    ولكن، حينما يكبر الإنسان ويدخل دائرة العقل والمسئولية، .. فإننا لا ننسى أنه كان طفلاً، ولكننا لا نجد له عذراً لأخطائه وزلاته، بل نحاسبه ونعاقبه عليها .. ونصفه بأنه غير عاقل، وبأنه صبياني السلوك ! .. وكأننا نعيّره بأنه لم يخرج من الدائرة التي كُنا فيها جميعاً !

    فهل يحق لنا أن نقول بأن سلوكيات الطفولة والصبا، هي من مكونات الإنسان، ولا يجب محاسبته عليها، ولا فصلها عنه بعد بلوغه ! .. كلا !

    أعتقد بأن صفة البشرية في قاموس الإنسانية الأساسي، تعادل في مفهومنا المحدود - بصورة أو بأخرى- صفات المولود والطفل في قاموس العاقل! ..
    فهي بدايته التي لا يُنكرها، والتي تمثّل له مرحلة تخلو من المسئولية، .. أي تخلو من الثواب والعقاب، ولا يعرف خلالها قيوداً ولا حدوداً للحرية ...، أي أنها المرحلة التي مرّ بها، ولم يعد يحق له العودة لها والتمتع بمميزاتها بعد اجتيازها ! بفعل العقل !

    أما صفة الآدميّة في قاموس الإنسانية الأساسي، فهي - تقريباً - ذاتها في مفهومنا البسيط، فهي تتعلق بالصورة المادية الظاهرية المحسوسة المخاطبة - من الإنسان ..
    تلك الصورة التي لا نختلف في فهمنا لها، حيث نعلم متى تحضر ومتى تغيب، وندرك كيف تعيش وتكبر وتمرض وتموت، فنفرّق بواسطتها بين الإنسان وغيره من المخلوقات ..
    وهي الصفة التي نذكره بها - تمييزاً وتكريماً -عندما يَرِدُ ذكره في سياق الحديث عن الحيوانات مثلاً ! ..
    كحرمة الجسد الآدمي وضرورة دفنه بعد مماته؛ وكالحلال والحرام والضار والنافع والصالح والفاسد .. من المأكولات ...
    فنقول مثلاً: هذا الطعام لا يصلح للاستهلاك الآدمي. ونقول يجب احترام آدمية الإنسان - عند مُعالجته أو معاقبته أو حتى عند أو بعد إعدامه...
    أي أنه يجب مراعاة اختلافه الظاهري عن الحيوان، لأن شكله الآدمي (جسده الطيني) - ورغم أنه ظاهرة مؤقتة ستُدفن في التراب وتُداس بالأقدام- إلا أن كرامتها تتأتى من كونها الوسيلة الوحيدة التي تستطيع حواسنا استشراف إنسانيته من خلالها !

    ... ... ...

    يطيب لي الحوار مع من هم أطول مني باعاً علمياً، وأبلغ وأفصح حرفاً لغوياً!

    أشكر مرورك الذي سـرّني كثيراً، وأرحب دائماً بالنقد والتصحيح والاعتراض والاستفسار ..

    وأُقـدّر الظروف والانشغالات وتعدد الاهتمامات التي تعيق مواصلة الحوار وتبادل الأفكار ..

    ومع ذلك فإنني أتطلع إلى مزيد من الحوار معك.. فأنا أدرك مقدرتكِ العلمية والمعرفية ..

    تقديري واحترامي ..

  4. #4
    الصورة الرمزية يسرى علي آل فنه شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2004
    الدولة : سلطنة عمان
    المشاركات : 2,428
    المواضيع : 109
    الردود : 2428
    المعدل اليومي : 0.33

    افتراضي


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أخي الراقي الكريم أبو بكر الزوي

    وجدت هنا رؤية طيبة تستحق التوقف وجهد يستحق الإشادة

    أخذني التفكير لأبعاد كلمة إنسان في سورة العصر فأحببت أن أطرح هذه الفكرة

    يقول الله تعالى :-
    ( والعصر ، إن الإنسان لفي خسر ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتوصوا بالحق وتواصوا بالصبر )

    ووجدت أن الانسان جاءت عامة تشمل الكافر والمؤمن دون أن تكون دالة على رقيه

    فنحن ندلل على ماحولنا فنقول هذا قلم وهذا حيوان وهذا انسان

    وليس بإمكاننا ان نسلب كلمة انسان عن أي شخص لكن نقول هذا انسان سيء وهذا انسان طيب

    وعليه أضيف ..لقد خلق الله تعالى الإنسان في أحسن تقويم وميزه بالعقل الذي بإمكانه إن استفاد منه أن

    يصل به لمراتب الفوز التي يريدها الله تعالى له في الدنيا والآخرة

    هي مجرد وجهة نظر أتمنى أن تكون في محلها

    احترامي وتقديري لك
    سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

  5. #5
    الصورة الرمزية نورية العبيدي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Nov 2005
    الدولة : العراق
    المشاركات : 653
    المواضيع : 32
    الردود : 653
    المعدل اليومي : 0.10

    افتراضي

    أخي الفاضل الاستاذ ابو بكر
    اسعدتني درجة الرقي التي ادركتها اخلاقك الانسانية ، والدرجة التي احرزتها بالمعرفة الحقة ، التي تتسم بالحجة والبرهان والموضوعية ... وقد لمست فيك سمة الانسان المسلم بابعاد عديدة ...

    بارك الله بك واسعدك..

    وأود أن اضيف في هذا المقام ، أن الاسلام الذي جاء رحمة للانسانية ، قد جعل الانسان المسلم يفوق الانسان العادي بدرجة ، فقد نطالب اي فرد أن يكون انسانا بتعامله مع الاخر او الاخرين وفقا لمعايير الانسانية التي حددها الله سبحانه وتعالى في اكثر من موقع وفي اكثر من كتاب منزل منه تعالى- آخذا سبحانه بالحسبان ان الانسان هو انسان فقط- لكن المسلم يطالَب بأكثر من ذلك ، ويتحمل مسؤولية أكبر، لأنه أكثر من غيره ثوابا واجرا ومقاما في الاخرة ، وهذا بالتأكيد لن يأتي بالسهل أو بضربة حظ أو لأنه سجل بشهادة الاحوال المدنية انه مسلم، او لأنه قال الشهادتين ، او أدى اركان الاسلام الاساسية فقط .. انما مسؤوليته ستزداد عن ذلك بقدر المكافأة التي وعد بها ، وبمستوى تلك المنزلة التي وعده الله بها . فمثلما نعرف ، كلما كان طموح الانسان إلى الارتقاء اكثر ، ونيل مقام اعلى كلما كان جهاده اكثر ...!! وهكذا على الانسان الذي يطمح ان يصل الى درجة (مسلم ) عند الله ، فضلا عن كونه (انسان )، عليه ان يرتقي -بتعامله مع الاخرين- عن مستوى (التعامل الانساني) الى مستوى (التعامل الانساني الاسلامي) .. !

    فطبيعي - مثلا- إن نتعامل مع الاخر وفقا لمبدأ العين بالعين والسن بالسن... فهنا نسير وفقا لنظام انساني - سوي- لا جدال فيه ، ولن يلومنا بشأنه احد.

    لكن حين نرتقي عليه ، الى درجة التعامل الاسلامي فسنصل الى درجة تفوق هذا المبدأ ، فلا نقابل العين بالعين ، ولا السن بالسن ، بل نقابل البخل بالكرم ، ونقابل الاساءة بالمغفرة ، وقطع صلة الرحم بالتواصل، والكذب بالصدق ... وننسى مبدأ الانتقام والاخذ بالتأثر بكل اشكاله الاجتماعية والشخصية من اخينا المسلم وشريكنا في المجتمع ، ونعوض عنه بالعفو عند المقدرة ...وما الى ذلك ..

    وفقنا الله جميعا أن نكون نماذجا للانسان المسلم في كل مكان نحل فيه ..

    وشكرا على المساحة الواسعة التي عرضها هذا الموضوع لتضم وتحتوي مختلف الرؤا بشأن الانسان ...


    وتحياتي بود وتقدير...

  6. #6
    في ذمة الله
    تاريخ التسجيل : Jan 2008
    المشاركات : 2,240
    المواضيع : 61
    الردود : 2240
    المعدل اليومي : 0.38

    افتراضي

    الاستاذ ابو بكر سليمان الزوي

    مَ قولك ان اصل كلمة بَشَر هي إنسان بـــــــ(شَرْ)

    واول الشرور هو شر نفسه..!!

    والبقية تاتي..!


    مقالك كان غاية في الافصاح والاجادة..

    شكرا لك..


    تقبل محبتي واحترامي
    الفكـرة ُ..العالـية ُ..
    لا تحتاجُ.. لصوتٍٍ..عـال ٍ..

  7. #7
    أديب
    تاريخ التسجيل : Sep 2008
    الدولة : أرض الله..
    المشاركات : 1,952
    المواضيع : 69
    الردود : 1952
    المعدل اليومي : 0.34

    افتراضي

    الأستاذ الفاضل أبوبكر..
    تحليل عميق ؛جميل ينم عن ثقافة رفيعة..
    ولكن الموضوع شامل ..لاتحده معاني الكلمات..
    بناء عليه:
    لاأعتقد أن القضية ستكون محل إجماع..
    إنس ـ إنسان ـ ناس..
    لماذا ورد الإنسان بالمثنى..؟؟
    والإنس من الأنس وكأن الإنسان لايعيش منعزلا..ولايرتاح إلا مع الروح التي تكمله ..مثلما تكاملت روح الأبوين ..آدم ـ حواء..
    للأمانة العلمية..وأظن ؛ولست متأكدا..والظن لايغني مع اليقين شيئا..أن الشيخ المرحوم ..جهبذ العصر ..متولي شعراوي..يعيدها إلى أن المخاطب ربما..ذكر وأنثى..أرجو البحث في الكلمة..
    أنا العبد الضعيف ..أجزم ..بكل تأكيد ..أن هابيل..الذي/ تقبل منه /..كان أكثر حضارة مني..
    نال رضى الله ..أم أن الحضارة لاتعني..رقي الخلق..وسموالروح..وشدة الإنابة والتوكل؟؟
    آدم ـ عليه السلام ـ هبط إلى الأرض بعقل تام..غير منقوص..والدليل أنه استوعب براثن المعصية ..
    أحسن عبادة الله..فتاب عليه..
    فهو إنسان راق بإنسانيته..
    من ذا منا يقول بينناـ الآن ـ أنا أفضل تحضرا من آدم ـ عليه السلام ـ ؟؟
    الحضارة أراها حضارة قيم ..معنوية..
    منذآدم الفضيلة فضيلة ..و الرذيلة رذيلة..
    أما الوسائل المادية فليست مقياسا ..إنما هي تطور اصطناعي متتابع ..متكامل..
    الذي يسكن الكوخ بيننا ـ اليوم ـ قد يكون أحسن تحضرا ممن يسكن القصر؟؟
    ولآانكر أبدا أن تحليلكم كان غاية في التألق..وبذهنية متفتحة..وهي عربون حضارتكم الآنية ..
    أستاذنا الكريم ..
    زدنا مما وهبك الله ..ونحن قراء.. نبدي الآراء..
    حبيبي وأخي في الله أبوبكر ..حفظك الله ..تحياتي اللامتناهية ..

  8. #8
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يسرى علي آل فنه مشاهدة المشاركة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أخي الراقي الكريم أبو بكر الزوي
    وجدت هنا رؤية طيبة تستحق التوقف وجهد يستحق الإشادة
    أخذني التفكير لأبعاد كلمة إنسان في سورة العصر فأحببت أن أطرح هذه الفكرة
    يقول الله تعالى :-
    ( والعصر ، إن الإنسان لفي خسر ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )
    ووجدت أن الانسان جاءت عامة تشمل الكافر والمؤمن دون أن تكون دالة على رقيه
    فنحن ندلل على ماحولنا فنقول هذا قلم وهذا حيوان وهذا انسان
    وليس بإمكاننا ان نسلب كلمة انسان عن أي شخص لكن نقول هذا انسان سيء وهذا انسان طيب
    وعليه أضيف ..لقد خلق الله تعالى الإنسان في أحسن تقويم وميزه بالعقل الذي بإمكانه إن استفاد منه أن
    يصل به لمراتب الفوز التي يريدها الله تعالى له في الدنيا والآخرة
    هي مجرد وجهة نظر أتمنى أن تكون في محلها
    احترامي وتقديري لك


    الأخت الكريمة\ يسرى .. مرحباً بكِ وبافكارك، وبالغ الشكر لمرورك المتدبر . واعلمي أننا نبحث عن كل من يحمل فكراً أو يطرح فكرة ..

    بخصوص مداخلتكِ القيّمة أقول:
    أولاً، عند الاستشهاد بالقرآن، فإنني أنصح بنسخه من مكان رسمي، ولصقه في المشاركة؛ أو اتباع أسلوب التدقيق الشديد عند كتابته مباشرة، وذلك تفادياً للأخطاء الإملائية!

    ثانياً، ما تقولينه صحيح، ولا اختلاف بيننا من حيث المنظور العام! علماً أنني لم أتطرق لموضوع الكفر والإيمان عند حديثي عن الإنسان!

    أما قولكِ بأنه ليس بإمكاننا أن نسلب صفة إنسان عن أي شخص! فهذا صحيح كذلك من حيث المبدأ !
    ولكن لاحظي، بأننا متفقون جميعاً في قولنا عن المجرمين بأن أفعالهم ليست إنسانية!
    فماذا تكون إذن! .. ثم ألا يعني ذلك بأننا سحبنا منهم صفة الإنسانية!

    أشكر مشاركتك، وأهلاً بك دائماً ..

  9. #9
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي


    نعم متفقون، أستاذة نورية ..
    هكذا على الانسان الذي يطمح ان يصل الى درجة (مسلم ) عند الله ، فضلا عن كونه (انسان )، عليه ان يرتقي -بتعامله مع الاخرين- عن مستوى (التعامل الانساني) الى مستوى (التعامل الانساني الاسلامي) .. !
    ولذلك، فأنا قلتُ في صلب الموضوع الرئيس، بأن مرحلة الإنسانية هي الأرضية المناسبة للإيمان الذي يُرضي الله.
    وقلت إن
    مـرحلة الإنسانية تعني بلوغ ابن آدم مرحلة حمل الأمانة وجدارته بها، وسعيه باتجاه الكمال والسمو بدافع من المعرفة-النابعة من نفخة الروح الإلهية فيه..

    ملاحظة بسيطة: جُل المسلمين يحصرون عبادة الله ومفهوم الإسلام في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم!
    وهذه من وجهة نظري قراءة ليست دقيقة لمفهوم العبادة والإسلام والمسلم!
    فنحن نعلم أن الإسلام والمسلمين هي مفاهيم إيمانية أرسى قواعدها نبي الله إبراهيم عليه السلام!
    وصحيح أن الإسلام وفق رسالة محمد، هو آخر وأوضح وأنقى صورة موجودة للإسلام اليوم!
    ولكن لا ينبغي أن نقول بأن المسلمين وعباد الله على الأرض اليوم، هم فقط سدس سكانها(تعداد المسلمين)، فتلك مغالطة كبيرة، ولا يعلم الحقيقة الكاملة إلا الله!
    فلا ينبغي أن نتجاهل الآيات الصريحة في كتابنا العزيز:

    {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }البقرة62.

    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }النساء94.

    {لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً }النساء123.


    {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }الحج17.

    ولعل، أختي الكريمة، من أشد ما يحز في النفس، أن أجد الكثير من الزملاء هنا، والمسلمين عموماً، يتحسسون من ذكر الرقي والتقدم والتمدّن، فكأنهم يرفضون الغوص في عمق هذه المفاهيم، لأن مدلولاتها قد ارتبطت في أذهانهم بتقدم الغرب، فأصبحت محسوبة عليه حسب اعتقادهم ..
    حيث أجدهم يذهبون بخيالاتهم وكلماتهم باتجاه التقليل من شأن الإنجازات المادية والتكنولوجية!
    أي أنهم يعتبرون من يمتدح رقي الإنسان ويدعو إلى تقدمه، كأنما يدعو إلى تقليد الغرب!
    في حين أننا نتحدث هنا-مثلاً-عن جوهر الإنسان عموماً حيثما كان- زماناً ومكاناً، من حيث مدى فهمه لذاته ورسالته وأبعاد كينونته، ومدى رغبته وقدرته على إظهار قوته الإنسانية الأخلاقية الحبيسة المكبوتة داخله، ليعلن عن حقيقته، ويرقى بذاته وكيانه فوق مستوى رد الإساءة بالإساءة، وليخرج بواسطتها من ضيق أفقيه الثقافي و الفكري.

    وتحضرني هنا القصة المنسوبة لأحد فلاسفة اليونان- لعله سقراط-، حينما وجدوه يسير في أحد الشوارع، كأنه يبحث عن شيء ما، حاملا شعلة صغيرة في وضح النهار، فظنوا أنه قد أصيب بالعمى أو بالجنون.
    فقالوا له هل أصبت بالعمى، فلم تعد تفرّق بين الليل والنهار!
    فقال لهم إنني أبحث عن شيء لا يُظهره ضوء الشمس، ولا أظنكم ترونه، وأخشى أنكم لا تعرفونه! ..
    إنني أبحث عن شيء اسمه الإنسان!

    ورسالة هذا الفليلسوف المفكر، هي أن الإنسان محجوب داخلنا، فلا يُظهره ضوء الشمس لكي يراه الآخرون، وعلينا نحن أن نجسّده أفعالاً وأقوالاً بيننا، لكي نراه بنور الشمس، فلا نعود نحتاج إلى ضوء خاص لرؤيته!

    سـرّني مرورك، وإضافاتك، وقراءتك الدقيقة لما بين السطور وما فوقها!

    كوني بخير، مع كل المودة والتقدير ..


  10. #10
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ثائر الحيالي مشاهدة المشاركة
    الاستاذ ابو بكر سليمان الزوي

    مَ قولك ان اصل كلمة بَشَر هي إنسان بـــــــ(شَرْ)

    واول الشرور هو شر نفسه..!!

    والبقية تاتي..!


    مقالك كان غاية في الافصاح والاجادة..

    شكرا لك..


    تقبل محبتي واحترامي

    الزميل العزيز، والأخ الكريم\ ثائر الحيالي .. أعتذر منك أولاً في تأخري بالرد على مشاركتك القريبة إلى قلبي ..
    أما ما تفضلت به من أن بشر قد تعني إنسان بـ شـــر . فإنها محاولة أجدها من حيث المعنى صحيحة والواقع يؤيدها .

    ولكن أصدقك القول بأنني يمكن أن أعتبرها من الناحية اللغوية تصويراً أدبياً مجازياً.

    أما من الناحية الفكرية، فإنني أجدها تجسيداً للكلمة لحملها على تأييد فكرة مبنية مسبقاً، أو هي استخراج دلالة من داخل اللفظ لتأييد فكرة خارجية.

    أما قولك بأن أول الشرور هو شر نفسه ..
    فإنني لا أوافقك الرأي .. إذ ما هو الإنسان بدون النفس!
    فأنا أرى بأن النفس هي جوهر كل كائن حي، وهي حقيقته الكامنة التي لا وجود له بدونها.

    فالإنسان على الأرض كما أفهمه، هو عبارة عن نفسٍ مُغلّـفة بمستلزمات الحياة على الأرض، ومزودة بطاقة الحياة وهي الروح .

    وما يُميز النفس البشرية عن سواها هو العقل، الذي زودها الله به ليكون مُعيناً ومرشداً لها، وشاهداً عليها في ذات الوقت.

    والنفس هي ما يقبضه الله من الإنسان عندما تفارق الروح الجسد. وهي ذاتها التي ما سيبعثه الله يوم القيامة، وتكون يومذاك مُـزودة بما يُناسب الحياة الآخرة. ..
    فالإنسان إذن هو النفس. أما الجسد فهو وسطٌ مادي يُناسب الحياة على الأرض - فهو مخلوق منها، خُلق من طين لتتجسد فيه النفس البشرية وتستعمله في حياتها الدنيا.

    يقول الحق تبارك وتعالى:

    [color="darkred"] {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ }البقرة155 .[/
    color]
    لاحظ أن النفس هنا هي الأبناء والأحباب، حيث إن غيابها يُعادل غياب الأموال والثمرات، ويُعادل أو يُسبب الخوف والجوع .
    كما يقول أيضاً :

    {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الزمر42 .

    أشكر لك مشاركتك الجادة، وأنتظر مشاركاتك دائماً ..
    تحية أخوية صادقة ..أخي الحبيب

المواضيع المتشابهه

  1. لو مُثِّلَ الشَّوقُ في عينيَ إنسانا
    بواسطة عبده فايز الزبيدي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 24-09-2017, 02:41 PM
  2. قراءة في قصيدة الشاعر رفعت زيتون " يا ليل فاحذر جنود الفجر"
    بواسطة ربيحة الرفاعي في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 28
    آخر مشاركة: 25-04-2014, 01:56 AM
  3. يا ليلُ فاحذرْ جنودَ الفجرِ (إلى أسرى الحريّة)
    بواسطة رفعت زيتون في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 31
    آخر مشاركة: 21-02-2012, 03:08 PM
  4. ((لوْ لَمْ تَكُنْ ! لَوَدَدْتُ أنْ تَكونْ))
    بواسطة نجوى الحمصي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 22-11-2010, 05:50 PM
  5. إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ...
    بواسطة عبدالله في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-12-2004, 11:57 PM