ألف تحية لنيافة المطران عطا الله حنا - مطران القدس المبجل
"كم من رجل يعد بألف وكم من رجال يمرون بلا عداد"
إن هذا الرجل المقدام الشهم الإنسان بكل ما لهذه الكلمة من معنى ‘ رجل الدين والعلم والإيمان‘ الرجل الوطني المخلص لربه ووطنه فلسطين وعروبته‘ الأب الروحي الشامخ الأشم‘ المتصدي والمتحدي للاحتلال وللصهيونية العالمية القديمة والحديثة‘ الرجل الذي ما فتيء يناصر الحق ويدافع عن المظلومين ويدحض افتراءات المحتل الصهيوني بالحجة والبيان‘ الرجل الذي يثني دائما على الخليفة العادل عمر بن الخطاب ويستشهد بالعهدة العمرية في كل مقام ومقال‘ الرجل الذي يدافع عن عروبة المسجد الأقصى المبارك وعن الأوقاف الإسلامية جنبا الى جنب مع دفاعه عن كنيسة القيامة وعن كنيسة المهد وعن الأوقاف المسيحية في كل أنحاء فلسطين الأرض الأقدس‘ هذا الرجل الذي رفض اوسلو وكل ما تبع اوسلوا من مصائب وويلات‘
إن كل مطلع على ما يدور في وطننا المحتل في الداخل وعلى ما يحاك له في الخارج يرى ويسمع ويعرف مواقف هذا الرجل الوطني رجل الدين المسيحي الأصيل‘ المطران الدكتور الاب عطاالله حنا الذي كان وما زال من الرجال القلائل الذين وقفوا وقفة رجولة وشجاعة مع القائد الشهيد البطل أبو عمار أثناء حصاره والذي ظل يوده ويزوره ويشد من عضده أثناء أسره وطلية حصاره مع العلم بان الكثيرين ممن كانوا يعدون من المقربين للشهيد الحي كانوا قد تخلوا عنه ومنهم من لم يقم بزيارته ولا حتى بالاتصال به لأكثر من عام كامل‘
وعندما استشهد الاب والأخ القائد أبا عمار ذرف عليه المطران الدمع الصادق المخلص لا كما عمل بعض المنافقين الذين سبق وان تخلوا عنه في محنته لا بل تآمروا عليه في حياته حتى مماته‘ وعند استقبال جنازته مشوا فيها ليذرفوا عليه دموع التماسيح الكاذبة أمام الكاميرات ومحطات الإعلام والذين بعد فترة وجيزة تناسوه بل ضربوا بكل تعاليمه وأعماله الوطنية عرض الحائط‘
كما يجب علينا نحن الفلسطينيين والعرب أن نثمن وقفة المطران الأخيرة أثناء حصار غزة العزة قبل أن يفجر الأبطال النشامى جدار الحدود مع الإخوة المصريين في رفح‘
إن هذا الرجل المقدام الذي ينادي بأعلى صوته كل يوم مطالبا بعودة اللاجئين ووقف بل هدم المستوطنات (المغتصبات) والإفراج الفوري عن كل الأسرى الأبطال بدون قيد أو شرط‘ يحق له علينا وعلى كل فلسطيني وكل عربي التقدير والتبجيل والاحترام على مواقفه الوطنية النبيلة المشرفة‘
نحن هنا لسنا بصدد مديح لهذا الرجل لأنه اكبر من كل مديح‘ وإنما لكي نسرد القليل‘ القليل من حسناته وصفاته‘ لله دره من رجل دين وأخلاق ومودة وشهامة‘ إنه نعم الفلسطيني العربي‘ الخطيب المفوه‘ صاحب الكلمة الشجاعة كلمة الحق التي تخترق أسماع الأعداء والمنافقين والمرائين قبل الإخوة والأشقاء والأصدقاء‘
ايها المطران المبجل والاب الروحي لإخواننا المسيحين الفلسطينيين والشرقيين الشرفاء إن ما ذكرنا عنك آنفا وهو القليل من أعمالك الوطنية الشجاعة ما هو إلا نقطة في بحر أعمالك الوطنية الخيرة‘
ايها المطران المحترم لو لم تقم بأي عمل وطني إلا رفضك استقبال القاتل المجرم الصهيوني الجديد والمتجدد المدعو جورج بوش دبليو عندما دنس أرض الوطن المقدس وداس بأقدامه المغارة المقدسة في رحلته الأخيرة فقط‘ والذي كان عملا عظيماً مقداماً ومشرفاً فانه يكفي بان يجعل تاريخك المشرف مكتوبا بحروف من نور على جبين الإنسانية عبر العصور‘ مع العلم ايها المطران المحترم بأن الكثيرين من قادة وزعماء العرب وللأسف الشديد كانوا قد استقبلوا المجرم بوش بالأحضان وبكل حفاوة وتكريم ورقصوا معه بالسيوف وضرب الدفوف وأغدقوا عليه الهدايا من صقور ومجوهرات وسيوف والمخفي أعظم‘ كأنهم يكافئونه على احتلال العراق وقتل الأبرياء في العراق وأفغانستان وقتل أبنائنا وأهلنا في فلسطين بالسلاح الأمريكي الذي تمد به بلده أمريكا للصهاينة كل يوم‘ وكائنهم يكافئونه على اتخاذ حق الفيتو في مجلس الأمن وكل محفل دولي كلما كان القرار لصالحنا نحن شعب فلسطين‘ واكبر دليل على مكافئتهم له ما ترتب على زيارته من قتل وحصار وظلام وتجويع لأهلنا في غزة الصمد والتحدي‘
كلنا نعلم يا نيافة المطران المحترم أنك لو تصرفت لا سمح الله وحاشى وكلا كما تصرف الآخرون‘ لكان وجب على الملعون بوش أن يقبل يدك الكريمة ويجثو على ركبتيه أمامك لكي يتعرف بذنوبه وآثامه التي لا تعد ولا تحصى‘
ولكنك ايها الرجل المقدام المؤمن بربه وعروبته وحقوق شعبه ووطنه تأبى عليك نفسك وكرامتك ويأبى عليك ضميره الحي اليقظ أن تتنازل عن شرف الحق وقدسية الوطن المحتل المغتصب‘ واني لجازم لو لا سمح الله ولا قدر أن فرضت عليك الظروف ايها المطران المحترم أن تستقبل المجرم والقاتل بوش وبالصدفة المحضة واضطررت وضع يدك الكريمة في يده الملوثة بدماء الأبرياء لغسلت يدك سبع مرات إحداها بتراب حتى تعيد لها طهرها المعهود‘
كم نحن ممتنون لك ايها الأسد الهصور ايها المدافع والمقاوم عن عروبة فلسطين وحقوق اهلك وشعبك ووطنك فلسطين‘ بوركت وسعدت وبالعز والرفعة والعافية والسؤدد دمت ذخرا للوطن وللأهل والربع والعشيرة والمقدسات الإسلامية والمسيحية ايها المقدسي المبارك‘ فمزيدا من النضال لتحير القدس الشريف وكل ارض الوطن امضي قدما ربنا معك وكلنا معك مسلمين ومسيحيين نحن في فلسطين كما أنت لا نفرق
في عروبتنا ووطنيتنا بين دين ودين‘ الدين لله والوطن لجميع الفلسطينيين‘
لك خالص مودتي وتقديري واعتزازي.
العقيد/المهندس فهمي حمدالله - أبو المعتصم
4-10-2008