بسم الله الرحمن الرحيم
خصوصيات ربانية لخير البرية
الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين . وصلاة وسلاما دائمين متلازمين على المبعوث رحمة للعالمين ، سيدنا ومولانا محمد ، وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذرياته واتباعه إلى يوم الدين .
وبعد
فتشريفا لليراع ، وسموا بنتاج القلم ، نجول في فىء ظليل ، بل وجنة وارفة الظلال ، متنوعة الثمار ، من اهتدى إليها طاب مسعاه ونجا وكان من الفائزين .. ومن ضل عنها خاب ممشاه وهلك وكان من الخاسرين .
إنها سيرة المصطفى ، صفوة الخلق أجمعين ، سيدنا ومولانا محمد صلي الله عليه وسلم ، الذي قال فيه ربنا تبارك وتعالى :
" ان الله وملائكته يصلون على النبي " . الأحزاب 56 ،،،،،،على سبيل الدوام والاستمرارية . وفى هذا إخبار لنا وللخلق أجمعين بصلاة الله تعالى وملائكته على النبي .
ولهذا نقول حين سماع اسمه أو لقبه أو كنيته – على سبيل التصديق – صلى الله عليه وسلم ،،
ثم يتبع ربنا سبحانه وتعالى هذا الخبر بقوله تعالى :
" يايها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " .
وهنا يأخذ القول المقدس صيغة الأمر ،، ولهذا فعلينا أن نجيب بقولنا :
" اللهم صل وسلم عليه " ، وذلك بأية صيغة من صيغ الصلوات ، والتي من أشهرها وأكثرها ذكرا وقولا ، تلك التي تقال في التشهد عند كل صلاة ، ( الصلاة الإبراهيمية ) .
وحيث أن هذه السيرة المقدسة الطاهرة الجامعة المانعة التامة الكاملة ، أوسع من أن يحاط بها في كتاب ، أو توفى حقها في سفر ، فإن التقصير عن بلوغ ذلك ، عذره منه ، ومبرره فيه ...
إذ من ذا الذي يمكنه ذلك ؟
وقد قال فيه ربنا تبارك وتعالى :
" وإنك لعلى خلق عظيم " . القلم 4 ،،،،
وقال هو عن نفسه :
" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق "
وعليه ..
فان ما سبق لا يعتبر إلا اعتذارا مقدما لذاته الشريفة ، لتقصيرنا عن أن نوفيه بعضا من حقه ، كما يستحقه ، مهما حاولنا مخلصين ، إذ لا يعرف قدره ومقداره إلا خالقه رب العالمين.
وعليه أيضا ،،،
فإن لنا مندوحة واسعة ، وعذرا متقبلا ، حين يكون تجوالنا في رحاب سيرته الطيبة المباركة ، على غير تسلسل زمني أو مكاني ،
فجنة هذه السيرة الطيبة المباركة ، ذات شعب كثيرة ، تغرى بالتوغل دائما ولزاما ، لنيل وقطف الثمار الجنية الطيبة اليانعة .
على انه ينبغى علينا بداية التعريف بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم :
نسبه الشريف :
هو : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن حكيم (الملقب بكلاب ) ابن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .........
قال العلماء :
إن النسب الشريف إلى عدنان ثابت بإجماع الائمة . وما بعده موضع خلاف .
فجملة أجداده عشرون عدا ابيه عبد الله ..
جاء فى ( نهج البردة وعليه وضح النهج ) للإمام الأكبرشيخ الأزهر الأسبق الشيخ سليم البشرى رحمه الله تعالي أن الزهرى قال :
أبوه عبد الله الملقب بالذبيح ..إن عبد الله كان أجمل قريش . فذكر لآمنة بنت وهب جماله وصفته . وقيل لها هل لك أن نزوجيه . فاجابت . فمضى به أبوه فزوجه إياها .
وجاء فى تاريخ الإسلام للإمام الذهبي رحمه الله ، ان محمد بن كعب القرظى روى أن عبد الله خرج إلى الشام إلى غزة فى عير تحمل تجارات ، فلما قفلوا ، مروا بالمدينة وعبد الله مريض فقال : اتخلف عند اخوالى بنى عدى بن النجار .
فاقام عندهم مريضا مدة شهر .
فبلغ ذلك أباه عبد المطلب ، فبعث إليه الحارث ، وهو أكبر ولده ، فوجده قد مات ودفن فى دار النابغة ، أحد بنى النجار ..والنبى صلى الله عليه وسلم حمل على الصحيح .
وعاش عبد الله خمسا وعشرين سنة ...
قال الواقدى رحمه الله : وذلك أثبت الأقاويل فى سنه ووفاته ..
وترك عبد الله من الميراث أم ايمن وخمسة أجمال وغنما ، فورث ذلك النبى صلى الله عليه وسلم .
وأمه هى السيدة كريمة الحسب والنسب / آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن حكيم
( الملقب بكلاب ) ،
وإذن ،،،، فأبوه وأمه يجتمعان فى هذا ال ( حكيم ) ...
وافهم تغنم ...
يقول الذهبى رحمه الله تعالي فى ( تاريخ الاسلام ) :
إن آمنة توفيت بالابواء ( مكان يبعد عن المدينة نحو اربعين كيلو مترا ) وهى راجعة به صلى الله عليه وسلم إلى مكة من زيارة أخوال أبيه بنى عدى بن النجار ، وهو يومئذ ابن ست سنين ومائة يوم . وقيل ابن اربع سنين ..
فلما ماتت ودفنت . حملته أم أيمن مولاته إلى مكة الى جده ، فكان فى كفالته ، إلى أن توفى جده . وللنبى صلى الله عليه وسلم ثمان سنين ، فأوصى به إلى عمه أبى طالب .
وفى ( سيرة آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم ) ، للدكتور حمزة النشرتى والشيخ عبد الحفيظ فرغلى ، جاء أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يعى أمه تماما ، ويعى زيارته إلى يثرب ،
ففى خبر ساقه ابن سعد رحمه الله تعالي في ( الطبقات الكبري ) ، قال :
لما نظر النبى صلى الله عليه وسلم إلى أطم ( حصن ) بنى عدى بن النجار عرفه ، وقال :
" كنت وأنا طفل ألاعب أنيسة ( جارية من الانصار ) على هذا الأطم ، وكنت مع غلمان من أخوالى نطير طيرا كان يقع عليه " ،
ونظر إلى الدار فقال :
" ههنا نزلت بى أمى . وفى هذه الدار قبر أبى عبد الله بن عبد المطلب . وأحسنت العوم فى بئر بنى عدى بن النجار " ......
وكان قوم من اليهود ينظرون إليه ، فقالت أم أيمن ( حاضنته ) رضي الله عنها وأرضاها :
فسمعت أحدهم يقول :
هو نبى هذه الأمة ، وهذه دار هجرته ، فوعيت ذلك كله من كلامه .
وقد زار النبى صلى الله عليه وسلم قبر أمه فى أثناء عمرة الحديبية ، إذ مر بالأبواء فى طريقه . وقال :
" إن الله قد أذن لمحمد فى زيارة قبر أمه فأتاه صلى الله عليه وسلم ، فأصلحه ، وبكى عنده وبكى المسلمون لبكائه ، فقيل له فى ذلك فقال :
" أدركتنى رحمتها فبكيت " .
وقبل أن نسترسل ...يجمل بنا أن نقف ، ونتوقف ،،
.. بل ويطيب لنا ويحلو أن نطيل الوقوف ....
ذلك أن الله تعالى ، رب البرية ، اختص حبيبه ، خير البرية بخصوصيات كثيرة متنوعة........
من هذه الخصوصيات :
تقلبه بين أصلاب الرجال وأرحام النساء ، بنكاح لا سفاح فيه . وذلك بنص حديث نبوى شريف .
اختاره من خير البيوت ، فى خير القبائل ( من بنى هاشم بن عبد مناف ، من قبيلة قريش ، سدنة الكعبة التى يقدسها الناس جميعا ) .
وقريش هي القبيلة الوحيدة التى ذكرت وأنزلت باسمها سورة ، قرآنا يتلى ، ويتعبد بتلاوته الى يوم الدين .
اسم أبيه ( عبد الله ) ،، اختيار إلهى ، لم يكن اسمه عبد شمس ، أو عبد قمر ، أو عبد حجر ، أو عبد شىء ،،،،
كان اسمه عبد الله .
وهو الوحيد من بين أنبياء الله ورسله أجمعين الذي اسم أبيه ( عبد الله )
اسم أمه ( آمنة ) ،، من الأمن والأمان والأمانة ،
أبوها ( وهب ) ،، من الهبة ،، والهبة هى العطاء بغير عوض
..وأمها اسمها برة ..
يجتمع أبواه فى جد اسمه ( حكيم ) ،، من الحكمة والحكومة والحاكمية والإحكام .
قبل أن يولد بأيام ، ( قيل إنها خمسون ليلة على الصحيح ) ، هزم جيش أبرهة الاشرم ، الذى أتى ليحطم الكعبة المشرفة ، فكفى الله تعالى شر هؤلاء القوم ، إذ انتصر سبحانه وتعالى لبيته وبلد نبيه ، مع كون دين أهل مكة حينذاك عبادة الاوثان على أصحاب الفيل مع كونهم أهل كتاب ارهاصا لكرامة مولده ، وتعظيما للبيت الحرام .
كان اسم قابلته ( الشفاء بنت عمرو ) ،، وهى ( أم عبد الرحمن بن عوف ) ،
فقد كان مولده شفاء للبشرية كلها من كل داء ألم بها ، أو قد يعتريها .
يــــــــــــــــــــتـــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــبـــــــــــــــــ ــــــــــــــــــع