أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: محمود درويش باق وإن رحل

  1. #1
    الصورة الرمزية حسين أحمد سليم قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Oct 2008
    العمر : 71
    المشاركات : 163
    المواضيع : 130
    الردود : 163
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي محمود درويش باق وإن رحل

    محمود درويش باق وإن رحل

    حسين أحمد سليم


    يعتبر الشاعر الراحل محمود درويش قيمة شعرية كبيرة، ورمزا بارزا من الرموز الشعرية العربية المتألقة في المقاومة الفلسطينية، وهو بمكانته الفكرية تجاوز مساحة الآفاق الفلسطينية، وتعدى النطاق القروي الذي ولد فيه،

    ليلمع نجمه في كل أنحاء الوطن العربي الممتد، بحيث يتوج بشعره المميز، شاعراً عربياً كبيراً، له حضوره الفاعل بالكلمة الشعرية، و له تجربته الشعرية الخاصة، والتى لها شخصيتها الخاصة، والتي تتميز بالإحساس الصادق، عاكسة الشعور المشبع بالشفافية، لتشكل للقاريء مشهديات جريئة، تعبر خير تعبير لكل ما يجرى من حدود الماء إلى حدود الماء، فى إمتدادات الواقع العربى، والشاعر محمود درويش يتميز بالكثير من الإمكانات الفنية، التي توجته شاعرا عظيما، والتى جعلت من شعره ثقافة جديدة مستحدثة، قابلةً بكل موضوعية أن يتلقاها ويتقبلها الإنسان العادى، ويقدم على الخوض في غمارها الأديب المثقف، وهذا ما يعكس أسلوب الشاعر محمود درويش، المميز ببساطته وسهولة تناوله وعذوبة وقعه وسماعه أو قراءته، إنه شاعر عصري كبير واحد شعراء الحداثة، الذى كان يعى بعمق معنى الإضافة الشعرية، ويعي أكثر معنى تطور القصيدة، وخبير بإمتياز في حبك العمل الشعري الدرامى.

    الشاعر الراحل محمود درويش هو من كبار الشعراء في الوطن العربي الممتد، حمل الكثير من قضايا الأمة، وتفتقت قريحته بالكثير من الأفكار في شأن الأمة، وتناهت لخواطره المعاني الرفيعة، التي ساهم من خلالها في التجديد في اللغة العربية، وإستطاع خلال حياته الفكرية أن يساهم فعليا في تجديد الحركة الشعرية العربية والإنسانية، على أكثر من صعيد وأكثر من مستوى، سيما في الأسلوب الصياغي والبنية الهارمونية والأفكار قوام القصيدة، كما نجح بإمتياز في الجمع الحاذق بين قيمة الكلمة وجمالياتها، مما توجه بتجاربه ليحقق السبق بين أقرانه نثرا وشعرا، فأتى نثره رائعا كما شعره، ليغني معجمه الشعري بالكثير الكثير، ويصبح من أوسع وأغنى المعاجم لدى الشعراء العرب، مما أعطى بنبوغه وحضوره الفكري القيمة الكبرى للقضية الوطنية الفلسطينية والعربية.

    الشاعرالراحل محمود درويش علامة فارقة من العلامات البارزة في الشعر العربي المقاوم، وبارقة وضاءة في الأدب العربى، منح الحالة الشعرية العربية الحديثة بعضا من التطوير بشكل عام، بحيث اختار لكينونة الشعر العربى العصري طريقا خاصا بالغ الأهمية، ينطلق بداية من نقطة تحويل كينونة الكلمة الشعرية إلى فعل صيرورة حركة مغامرة ثورية، تتجسد فيها الحالات الإبداعية، التي تتساوى فى مشهديات جمالها، وديناميكية فعاليتها مع حركة الفعل الثورى. كون أن الثورة في واقع الأمة العربية المعاصر، والممتدة حتى يومنا هذا، لم يكن ممكنا تواصلها وإمتددادها الروحي، دون أن ترفدها الفنون الأدبية والفنون التشكيلية بوحدات فاعلة من منظومات الخلق والإبداع، فالشعر المقاوم شعر أدبي ثوري ملتزم وهادف، وهو ما جسده الشاعر محمود درويش في خطابه الأدبي وملاحمه الشعرية المتواصلة على مدى سنوات جهاده الفكري والشعري، والذي تمكن من خلاله تحويل القصيدة العربية من وشاح الشعر العربي ونقلها إلى آفاق الترجمة للغات الأخرى، وتحريرها من القيود المحلية لتنقل للعالم قضية الأمة وتعممها على الفضاءات العالمية.

    وفاة الشاعر الراحل محمود درويش في هذه المرحلة، تعتبر خسارة كبيرة لا تعوض للشعر العربى، كونه من واحد من أبرز وأكثر الوجوه الشعرية الفاعلة بحضورها وكلمتها في الساحة الشعرية، التي هيأت له الحشد الأكثر حضورا على إمتداد الوطن المقيم والمسافر، لتتكون نافذته الكبرى من هذه الجماهير المتذوقة لشعره، والتى التقت حوله وأحبت قصيدته ورحبت بها، لأنها إكتشفت فيها ضالتها. وهو ما توج الشاعر الراحل محمود درويش كشاعر بارز من شعراء المقاومة الفلسطينية والعربية، سطع نجمه منذ كشف النقاب عن شاعريته الفذة، فكان بالإضافة لموهبته الشعرية الكبيرة ذكيا، عرف منذ البدء كيف يجب عليه أن يحافظ على إبداعاته، وكيف يمكن له أن يواصل نجوميته.

    سجل الشاعر الراحل محمود درويش نجاحا ملموسا فى تجديد القصيدة الشعرية، عبر مساراته الفكرية المتواصلة، تجلى هذا النجاح فى اكتساب مساحة جديدة، وتجسد في إضافة تقنيات جديدة، أدخلها للفن الشعري، برزت جميعها في محطات عديدة من كتاباته وقصائد كثيرة من شعره، بحيث أتت كل محطة شعرية لتكون معبرا للتحول، ومسارا للتمرد على قصيدته، فإضافته الشعرية وإنجازاته في هذا المجال تعتبر ذات قيمة كبيرة بكل المقاييس. لأنه استطاع بموهبته الشعرية أن ينتقل من القصيدة الغنائية الرومانسية في كتاباته الأولى ودواوينه إلى الحالة الشاعرية الأكثر تماسكاً والأكثر قوة ونضوجا، ويسجل له في نتاجه الشعري أنه استطاع أن يكتب القصيدة الطويلة في دواوينه وهو ما يسمى بالملحمة، واللافت في تراث درويش الشعري، أن البعض من قصائده تأخذ الشكل العمودى المعروف في لغة القريض، بلغة هي لغة درويش تتمايز بالبساطة من جهة وتتسم بالعمق من جهة أخرى. وفي الكثير منها تتجلى رؤيته للموت كهاجس يدركه، يعيش دقائقه ويكتبه في كلماته وكأنه على موعد معه يوم السبت، يدونه في قصائده محددا الحدث.

    قصيدة الشاعر الراحل محمود درويش مدرسة في الإعجاز الشعري كبيرة للحرية الشعرية الخالقة للأشكال والصور، تجاوزت المقاييس، وشعره ألبس لباس التجديد بلباقة شاعرية فريدة، وفي عباراته الشعرية مجهود مميز وبارز فى مشهديات الصور وفي سياق العبارات، مما خلق مدرسة شعرية خاصة بمميزاتها، من الصعب أن تنتسب إلى أحد وبها تفاؤل كبير، هذا الشاعر الراحل هو فى بداياته ابن الشعر الفلسطينى المقاوم، الذى تحول لاحقا ليصبح مستقلاً عن المؤثرات الخارجية، ساعيا بإستمرار إلى التمرد على ذاته، والعمل على تغيير جلده الشعري وتقنياته، ليصنف شلعرا عربيا عالميا ضد الركود، ويصبح في كينونته الشعرية النبع الفوار في إيحاءاته، للكثير من الشعراء والملهمين.

    الشاعر الراحل محمود درويش الذي شرفت به كل الجوائز العربية، وآخرها جائزة مهرجان الشعر فى القاهرة التى كان حصوله عليها وكانه بداية لنهايته، لكنه مازال حيا، قائما بيننا بشعره الذي لم ولن يذهب أو يندثر أو تخبو أضواءه، بعد غياب جسده ورحيله من دار الفناء إلى دار البقاء، لأن ما أضافه دويش اليوم لحركة الشعر العربى المعاصر يوازى ما فعله قبلا المبدعون الكبار فى العالم.

    ما تركه الشاعر الراحل محمود درويش من نتاج شعري، غنى به فلسطين الوطن والأمة والحب والثورة، سيظل حاملاً اسمه يكرز به من جيل إلى جيل، ليتبوأ المكانة الرفيعة بجوار عظماء الشعر العربي، وسيبقى شعر درويش سيمفونية يرددها كل مجاهد يطمح بالبذل والعطاء والتضحية والمساعدة والمساهمة في نضال شعب مازال يحلم بوطن وبأرض وبحقه فى الحياة.

    الشاعر الراحل محمود درويش هو أشهر صوت أدبى فى العصر الحالى الذي عبر عن قضية أكسبها حياة متجددة، محافظا على شعره وقضيته كما حفاظه على الشعر الجديد، فموته ليس نهاية له، وإنما بداية لخلوده بين أبناء الأمة العربية كلها، وبين مثقفى العالم وأدبائه. لأن شعر محمود درويش أكسب القضية الفلسطينية الوهج واللمعان، بصوته المتميز عبر حقبة زمنية معينة، الصوت الذى ارتبط بحركة المقاومة الفلسطينية، والتى جسدها بقصائده تحديا وصلابة ومواجهة. بحيث راهن على أن العبقرية الشعرية العربية قد وصلت إلى العالمية، بكل المعايير... ليعتلي درويش صهوة الشاعر العالمى، الذي نال احترام قراء الشعر وأدباء العالم، وأعظم تكريم ناله درويش هو إقبال الجمهور على دواوينه.

    الشاعر الراحل درويش شاعر مجدد كبير، ترك فى مجرى نهر الشعر العربى ملامحه واضحة، بعد أن ساهم بقوة في التغيير من الصيغة الشعرية التى ارتبطت بصوته وخياله، ممتلكا القوة الفذة على فعل الارتقاء بالقصيدة الشعرية المعاصرة. وهو ما يميز علاقة الشاعر الراحل درويش بالقضية الفلسطينية، التى حملها هما مصيريا في فكره وكلمته وقصيدته، مبتعدا بها عن العنتريات الكلامية والخطابات الحماسة، ليحولها إلى قضية إنسانية بحتة، تعبيرا صادقا وبينا عن حق الإنسان الكامل، فى أن يكون له وطن يحمل هويته، وبيت يلجأ إليه، وصديقة يتكامل بها، وحبيبة يبثها الحنين والشوق، وعمل جاهدا ما بوسعه ليخرج بالقضية الفلسطينية من حدود المحلية الضيقة، ليضعها على الخريطة الإنسانية العالمية، متمثلا ما سبقه من حركات فعل الشعراء العالميين.

    محمود درويش باق في كلمته وحاضر في قصيدته ومستمر في مدرسته... وإن رحل بجسده...
    حسين أحمد سليم
    hasaleem

  2. #2
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    عبد الله الغذامي طرح فكرة خطيرة :

    حين قال :

    ان الشعر العربي فايروس فكري ..

    أنا أوافقه فقط من زاوية حرجة واحدة ... حينما يلهث الشاعر المثقف خلف جمهوره والمفترض أن يسبقهم لينير عتمة الوعي ...

    ربما كان الراحل محمود يرتقي تلك المراتب من الهرولة خلف منصتيه إلى التقدم على فوازع واقعه وواقعهم بجرأة

    أقول :

    ربما ..

    سأتحرى الأمر ..

    \

    تقبل بالغ مودتي
    الإنسان : موقف

  3. #3
    الصورة الرمزية حسين أحمد سليم قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Oct 2008
    العمر : 71
    المشاركات : 163
    المواضيع : 130
    الردود : 163
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خليل حلاوجي مشاهدة المشاركة
    عبد الله الغذامي طرح فكرة خطيرة :
    حين قال :
    ان الشعر العربي فايروس فكري ..
    أنا أوافقه فقط من زاوية حرجة واحدة ... حينما يلهث الشاعر المثقف خلف جمهوره والمفترض أن يسبقهم لينير عتمة الوعي ...
    ربما كان الراحل محمود يرتقي تلك المراتب من الهرولة خلف منصتيه إلى التقدم على فوازع واقعه وواقعهم بجرأة
    أقول :
    ربما ..
    سأتحرى الأمر ..
    \
    تقبل بالغ مودتي
    بورك يراعك على البوح المفيد

    وبكم نترقّى ومنكم نستفيد

  4. #4
    الصورة الرمزية يحيى سليمان شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2008
    الدولة : آن للمتعبِ أن يستريح
    المشاركات : 1,849
    المواضيع : 223
    الردود : 1849
    المعدل اليومي : 0.33

    افتراضي

    هذا الشاعر الراحل هو فى بداياته ابن الشعر الفلسطينى المقاوم، الذى تحول لاحقا ليصبح مستقلاً عن المؤثرات الخارجية، ساعيا بإستمرار إلى التمرد على ذاته، والعمل على تغيير جلده الشعري وتقنياته، ليصنف شلعرا عربيا عالميا ضد الركود، ويصبح في كينونته الشعرية النبع الفوار في إيحاءاته، للكثير من الشعراء والملهمين.


    مقال رائع
    فقط لو انتبه المثقفون
    إلى درويش المستقل عن المؤثرات الخارجية
    لكان لتاريخه الأدبي عناوين أخرى
    "أحبكِ خضراء يا أرض خضراء تفاحة أحبك خضراء تتموج في الضوء والماء ليلك. أخضر فجرك أخضر فلتزرعيني برفقٍ برفق يد الأم، في حفنة من هواء أنا بذرة من بذورك خضراء
    بالطبع الموقف ليس مناسبا لأستشهد بما نقله عن غيره
    ولكني بالفعل أشعر أن درويش وذاته الشعرية
    بذرة خضراء لعالم نتمناه
    سلمت يداك أستاذي

    ياصاحبيَّ هباءٌ صارَ من خدَعِي ولمْ أكنْ منصتًا والريحُ تصطفقُ

  5. #5
    الصورة الرمزية حسين أحمد سليم قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Oct 2008
    العمر : 71
    المشاركات : 163
    المواضيع : 130
    الردود : 163
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يحيى سليمان مشاهدة المشاركة
    هذا الشاعر الراحل هو فى بداياته ابن الشعر الفلسطينى المقاوم، الذى تحول لاحقا ليصبح مستقلاً عن المؤثرات الخارجية، ساعيا بإستمرار إلى التمرد على ذاته، والعمل على تغيير جلده الشعري وتقنياته، ليصنف شلعرا عربيا عالميا ضد الركود، ويصبح في كينونته الشعرية النبع الفوار في إيحاءاته، للكثير من الشعراء والملهمين.


    مقال رائع
    فقط لو انتبه المثقفون
    إلى درويش المستقل عن المؤثرات الخارجية
    لكان لتاريخه الأدبي عناوين أخرى
    "أحبكِ خضراء يا أرض خضراء تفاحة أحبك خضراء تتموج في الضوء والماء ليلك. أخضر فجرك أخضر فلتزرعيني برفقٍ برفق يد الأم، في حفنة من هواء أنا بذرة من بذورك خضراء
    بالطبع الموقف ليس مناسبا لأستشهد بما نقله عن غيره
    ولكني بالفعل أشعر أن درويش وذاته الشعرية
    بذرة خضراء لعالم نتمناه
    سلمت يداك أستاذي

    بورك بوحك أخي الفاضل

    أثريت الموضوع بما جاد به قلمك المبارك

المواضيع المتشابهه

  1. محمدٌُ باق ..
    بواسطة سارة هنية في المنتدى مُخْتَارَاتٌ شِعْرِيَّةٌ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 17-03-2011, 11:42 AM
  2. باقٍ على لَحني
    بواسطة سامي العامري في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 01-04-2010, 04:42 PM
  3. باقٍ غرامك
    بواسطة محمود فرحان حمادي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 04-07-2009, 09:39 AM
  4. باق على العهد
    بواسطة محمد العلوان في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 24
    آخر مشاركة: 15-04-2009, 06:45 PM
  5. الشعر باق ..
    بواسطة د. عمر جلال الدين هزاع في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 25
    آخر مشاركة: 10-09-2008, 12:53 PM