ها أنا من جديد أحاول أن أكتب إليك شيئا، لكن الكلمات لا تسعفني إنها تتبعثر في ذهني ولا أستطيع أن أجمع شتاتها لأجعل منه كلمات بل جمل تحمل أفكارا.
حبيبتي: هذه المرة لست عاديا، ولا شك أن رسالتي غير عادية كذلك. سيدة فؤادي اسمحي لي لأقول لك إن تلك الكلمة التي أرددها كثيرا أو نرددها معا في لقاءاتنا لم أفهم منها شيئا أو بالأحرى لم أعد أومن بها. فما معنى أن نحب في مثل هذا العالم؟.. ما معنى أن نحب؟.. ثم ماذا نحب ؟..لا شك أن هذا كله مجرد كلام بل أوهام. نظل نحلم بالحب دوما..تعرفين لماذا؟..
لان في قلوبنا مكانا فارغا يتنافس لملأه الحب والكره كما في البرلمان تماما.لكن حزب الكره يظل هو المسيطر، ويحظى بشرف الرئاسة تحت غطاء الحب لأنه لا يستطيع أن ينزع النقاب عن نفسه اقتناعا منه ببحث الناس المتواصل عن خصمه ومن تم من البلادة والغباوة أن يثني نفسه عن رغبة الناس ماداموا هم من سيختار هذا أو ذاك استنادا إلى قانون التصويت.
حبيبتي: كنت تقولين إن الحب لا علاقة له بالمادة، وتقولين إنه غذاء الروح ولا يمكن أن نعيش بدونه. كنت تقولين إن العلاقة يجب أن تنبني على التعارف العميق.. المحبة..الصدق ..الوفاء.. الإخلاص..الخير...كنت أعارضك في هذا، أنكر وجوده لكن بدهائك استطعت إقناعي فصرت أومن بالسراب.. لأكتشف أنك مجرد مخادعة تتلاعبين بي كما تشائين. فبالله عليك هل يوجد كل ما تقولين به في هذه الدنيا ؟ أم أن مكرك وصل بك إلى أقصى درجاته ؟ أم أنك لست إلا مخدوعة تخدعين السذج أمثالي؟
أيتها الماكرة: كل شيء بالمال .. أين الروح التي تتحدثين عنها؟ وإلا لم أنا مهمل هكذا، مرمي في الأزقة، أمشي مهرولا من هنا إلى هناك، لا من ينير طريقي ولا من يرشدني، الكل يتحدث بضمير المتكلم المفرد! لا مكان لي بين هؤلاء .. إنهم في عالم و أنا في آخر لا لشيء إلا لأنني فقير و ابن فقير أي بلا مال الذي كنت تقولين إنه ليس عنصرا أساسيا في الحياة. و ما العنصر الأساسي: كلامك الفارغ و خداعك المتواصل !؟ المال هو كل شيء يا من كانت حبيبتي ، إنه المعبود الواحد الأوحد في دنيانا..يذكر المال فترتعش أيديهم ..إنه اللغة الرسمية للكرة الأرضية. لقد صوت العالم كله ب "نعم" على دستور اسمه "المال"..اتفقوا على أن يكون الهدف منه : "تفقير الفقير وإغناء الغني" .الكل صوت بنعم حتى الفقراء أمثالي باعوا أصواتهم ؛ تعرفين مقابل ماذا أيتها الماكرة ؟ مقابل المال.
حبيبتي ( رغم كل شيء)_ ليس لأنك حبيبتي ولكن لأن اسمك من الآن فصاعدا هو حبيبتي _: إنني أجتاز مرحلة صعبة و ظروفا حرجة للغاية ..ذئاب تحوم حولي، كلاب تنهش لحمي. لم اعد قادرا على التحمل . أنهار يوما بعد يوم، لا أمل لي فيها يسمونه السعادة، الأحزان تلاحقني. أحاول أن أتخــلـص منها دون جدوى. أستغيث ولا من يرد . أنا غارق في بحر المشاكل والمشكل الأكبر أنني لا أجيد السباحة في هذا البحر.. سأضيع ولاشك.. سأفشل..سأغير ذاك الشعار الذي كنت رفعته. ليس من يعرف الأمل لا يعرف المستحيل .فالتشاؤم هو الفائز في الانتخابات، والتفاؤل يبكي هزيمته المدبرة، وأنصاره كما أنا يعيشون موتة الأحياء .
آه يا حبيبتي لو تشاركينني همومي..إذا رفضتني فسأموت هذه المرة ..لا تشمئزي مني كما تشمئزين من الأزقة الضيقة المتزاحمة التي كنا نجوبها في الماضي. تلك الأزقة التي تجعلك تقتربين مني أكثر وتلتحمين معي؛ فاستشعر دفأك؛ ونعومة جسدك. هكذا كنت في أوقات الشدة أجدك إلى جانبي تحاولين تهدءتي بأحلى الكلمات و أعذب الألحان.
حبيبتي إياك ونسياني فانا في انتظار عودتك...
واليك أزكى سلامي مرفقا ببطاقة ورد عطرة
والى رسالتي قادمة .
الــــتـــــــــــــــائـ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــه
23 /11/2000