يتصارعون على بقايا دماء تجمع بينهم، تعلو أصواتهم، تمتزج لتشكل لوحة متداخلة قاتمة الألوان، يخنقني صراخهم، تذبحني كلماتهم،.. وأبكي بصمت.
أسرق المسافات أسأل العظام المكسوة بالديدان لم الرحيل والنار مشتعلة تحصد الدماء وتطالب بالمزيد؟ يحاورني الفراغ وبقايا ذكريات تقتات من جسدي المنهك.. وأجدني رفقة الشاهد أبكي بصمت.
أعود أدراجي، أسمع صراخهم المقزز يخترق طبلة أذني كطنين نحلة، كفحيح أفعى، يهشم جسدي كواجهة من زجاج.. أسقط بصمت.
تمتد يد أمية عوقها الزمن وأبرز عروقها، تمسح على جبيني برفق تتلو بعض التراتيل ممزوجة بدموع وارتجاف، ينتفض جسدي صمتا ويستكين صخبا.
أبحث عن شرائط موسيقية حالمة أهرب من خلال كلماتها من أرض الصراخ، فيعذبني الحلم. أمسك الفرشاة وأرسم لوحة، فأجدني فيها منعدمة الملامح.
قررت أن أرسم أغنية بنفسي، جهزت أعضائي؛ قلبي العليل قائد الفرقة الموسيقية، مشاعري المبثورة، كبدي المغدور، رئتي المثقوبة..فرقة عوجاء...أفتح لساني فتتصاعد دوائر الصمت خانقة... دمعي يرقص نارا على مرقص الخد وأنتفض صمتا. التفت نحوها متسائلة:
أمي هل صرخت عند ولادتي؟
- لم أر أحدا يصرخ مثلما صرختِ
- لا عجب من صمتي إذا.
وليدة اللحظة.