كشف المستور ... خليك مع تصريحات الكذاب نوري المالكي لغاية باب ( الاتفاقية الأمنية )


المثل الشعبي الدارج والقائل " خليك وراء الكذاب لحد باب الدار " والذي تناقلته الأجيال من الموروث الشعبي الحكواتي هو أقرب للحقيقة اليوم حول خفايا وأسرار ما يسمى بـ ( الاتفاقية الأمنية ) المزمع توقيعها أو تمريرها في ما يسمى بالبرلمان ( العراقي ) خلال الساعات القادمة على الرغم من معارضتها الشكلية في العلن من قبل بعض المشاركين في العملية القومية والطائفية المذهبية السياسية لغرض تحقيق بعض المكاسب المادية والمعنوية والقيادية لغرض ضمان بقائهم على كرسي الحكم لأطول فترة ممكنة والموافقون والمطبعين عليها في الخفاء إلا المستقلين منهم والذين يمثلون التيار العروبي الوطني والتيارات الليبرالية الأخرى التي ترى بتمرير هذه ( الاتفاقية الأمنية ) المشبوهة تقديم صك انتداب مجاني وعلى طبق طائفي ومذهبي صدأ وبأوجه استعمارية جديدة تريد قوات الاحتلال الأمريكية " النازيون الجدد " تطبيقها في العراق أولآ كتجربة تستحق معها تطبيقها والانطلاق من العراق لدول الجوار وبقية دول المشرق العربي الجديد وفق تقسيمات يراد لها اولآ وأخيرآ ضمان توفق الكيان الصهيوني الاستيطاني المغتصب للأرض العربية لأطول فترة ممكنة من عمر التاريخ الحديث القادم .

ومع تعليقات وتصريحات صحفية يتم تسريبها لوسائل الإعلام في كل ساعة حول خفايا وإسرار هذه " الاتفاقية الأمنية " وما تتضمنها من بنود وفصول سرية احتوتها بين نقاطها الكثيرة والتلاعب في الكلام والعبارات والألفاظ , كذلك الفرق الواضح بين النسخة العربية والنسخة الإنكليزية خصوصآ أن الجانب الأمريكي المحتل ما يزال يرفض نشر النسخة الإنجليزية الرسمية من هذه الاتفاقية إلا بعد التوقيع عليها وهذا ما يؤكد أن هناك نسختين فيها فروق كبيرة جدآ وإلا لماذا يخاف الأمريكان بعدم نشرهم نسختهم الإنكليزية وتوزيعها حتى على مجلس الشيوخ الأمريكي , على الرغم من أن ما يسمى برئيس الوزراء نوري المالكي قد صرح علنآ لوسائل الإعلام الثلاثاء 18 ت2 2008 بأن " لا وجود لبنود سرية أو ملاحق سرية في هذه الاتفاقية , ولن تكون هناك قواعد عسكرية أمريكية دائمة في العراق ولا هجمات عبر الحدود على الدول المجاورة , وأن العراق سوف يكون له بداية قوية لاستعادة سيادة العراق الكاملة خلال ثلاث سنوات والنسختين العربية والإنكليزية متطابقة حرفيآ في جميع ما ورد فيها " هذا كلام نوري المالكي كما سمعها الجميع بالصوت والصورة وكما يقول المثل الدارج " خليك وراء الكذاب ـ المالكي ـ لحد باب الدار ـ الاتفاقية الأمنية " وحسب تصريح المالكي فأن سحب قوات الإحتلال من كافة المدن العراقية تمامآ سوف تتم نهاية شهر حزيران 2009 وأن الانسحاب من العراق كليآ سوف يكون قبل 31 كانون الأول 2009 مع كافة مجرمي جنود الإحتلال والبالغ عددهم 150 ألف مجرم وقاتل , ولكن هنا يتبادر لنا السؤال حول الدور الحقيقي بالنسبة للمرتزقة الإرهابيين الذين يعملون لدى الشركات الأمنية الخاصة والبالغ عددهم أكثر من 75 ألف قذر , وخصوصآ مع ورود عبارات مموهة ومبطنة بين دهاليز البنود في الاتفاقية و هل سوف يلحقون بجنود الإحتلال أم سوف يكون لهم وضع قانوني خاص مع أن هذه ( الشركات الأمنية الإرهابية ) أصبحت لها مصالح تجارية واستثمارات وشركات تجارية مشتركة بالباطن مع أكثر من وزير ونائب في البرلمان والحكومة ( العراقي ) وعدد من الشخصيات السياسية المتنفذة في مجلس الرئاسة , وكذلك مكتب أمانة رئاسة الوزراء , والجدير بالذكر أن المالكي نفسه عندما تم استدعائه إلى الأردن لغرض لقاء جورج بوش كان قد وقع على هذه الاتفاقية وما احتوتها من بنود سرية مخفية بتاريخ 26 ت2 2008 وأن زمرة حزب الدعوة وزمرة الائتلاف وزمرة البرزاني والطالباني كانت قد انفردت وحدها بدون المشاركة الفعلية مع بقية غرمائهم التقليدين في الحكم بالتفاوض مع الأمريكان وان حزب الدعوة حصرآ كان يتفاوض مع الأمريكان طول الفترة الماضية بلسان إيراني مبين أي أنهم تفاوضوا بالنيابة عن القيادة الإيراني في طهران للحفاظ على مصالحها المستقبلية في العراق وكان دور العراق ومصلحته السياسية والاقتصادية والسيادية العليا هو دور ثانوي فقط ومكمل للدور التدخل الإيراني في الجرح العراقي النازف .
ولكي تمرر هذه الاتفاقية على الشعب العراقي المغلوب على أمره تم استخدام فتاوى الأفيون الدينية والتصريحات المخدرة من قبل المرجعية الدينية الأجنبية المحنطة في النجف والتي يمثلها المراجع الأجانب الأربعة " الإيرانيان ولباكستاني والنجفي " أم صوت المرجعية العراقية العربية الحقيقية فأنها مغيبة بالكامل بفضل سياسة القمع والاعتقالات والمداهمات بمساندة فرق الموت الحكومية وقوات الاحتلال لكي لا يكون لها صوت مؤثر على رأي الشارع العراقي الذي لا يعرف عن هذه الاتفاقية الأمنية أي شيء إلا أسمها فقط حسب ما رأينا خلال الساعات الماضية على شاشات قنوات التلفزة الإخبارية .

المضحك في الأمر أن نوري المالكي يسارع إلى أخذ موافقة المرجعية الأجنبية في النجف وذلك بإرسال النائبين الشيخ خالد العطيه والإيراني علي زندي ( الأديب ـ أبو بلال ) إلى النجف لغرض لقاء المرجع الإيراني الشيخ علي السيستاني والمغيب تمامآ عن أي حدث خارج غرفته في النجف , وإنما هناك دور الحاشية الفاسدة الخطير والتي يمثلها التاجر الديني ابنه محمد رضا السيستاني وبيده مفاتيح وأختام الموافقة على أي مشروع من عدمه لضمان مستقبل استمرار مرجعية والده على رقاب الشعب العراقي .

ومن المعيب والمخجل أن لا يستشير المالكي أو يشرك أي شخصية وطنية عراقية مختصة بالقانون الدولي أو القانوني القضائي العراقي أو القانون الجنائي ومن المحترفين وهم حتمآ بالمئات ومن كافة الاختصاصات في التفاوض حول الاتفاقية على الأقل من الناحية القانونية والقضائية , ولكن فضل إشراك أشخاص مشبوهين يتكلمون مع الأمريكان بلسان إيراني أعجمي مبين , وهذا ما عبر عنه صراحة نقيب المحاميين العراقيين ضياء السعدي في بيان أصدرته نقابة المحاميين العراقيين الثلاثاء 25 ت2 2008 قالت من خلاله إن " الاتفاقية التي يؤمل أن يتم التصويت عليها في البرلمان تنتهك القوانين العراقية النافذة ، وإن تطبيقها يجعل من ممارسة الولاية القضائية العراقية التي تشكل جزأ أساسيا من السيادة الوطنية ، معلقة عمليا " وذكرت النقابة في بيانها أنه " جاء التزاما منها بمبدأ سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي ولحرصا على سيادة العراق وخاصة في جوانبها القضائية والقانونية وتأكيدا من النقابة على عدم الإنجرار وراء المواقف السياسية للكتل البرلمانية " وأشارت النقابة في بيانها إلى أن " ملاحظاتها تقتصر على الجوانب القانونية التي تتصل بسيادة القانون وخاصة سيادة العراق على تطبيق قوانينه الوطنية وعدم التنازل عن جزء من هذا الالتزام الوطني المبدئي " وقال نقيب المحامين العراقيين ضياء السعدي إن" المادة 12 من الاتفاقية عالجت مسألة الولاية القضائية بصورة واسعة ولكنها مشوبة بالكثير من الغموض ويقود تطبيقها إلى المساس بسيادة العراق القضائية مبينا أن هذه المادة نصت على تعبير الحق الأولي لممارسة الولاية القضائية بدلا من استخدام تعبير الحق الحصري وإن قراءة متأنية لهذه المادة تبين بأن حق العراق السيادي في الولاية القضائية غير وارد وأن تفاصيل نصوص هذه المادة تؤكد ذلك " وأوضح نقيب المحامين العراقيين أن " الفقرة 9 من المادة نفسها نصت بأن تقر سلطات الولايات المتحدة عملا بالفقرة 1 و3 ما إذا كانت الجريمة المزعومة قد وقعت أثناء حالة الواجب وفي تلك الحالات التي تعتقد فيها السلطات العراقية أن الظروف تقتضي مراجعة هذا التقرير يتشاور الطرفان فورا من خلال اللجنة المشتركة وبين انه في حين نصت الفقرة 10 الأخيرة من هذه المادة بأن يراجع الطرفان الأحكام الواردة في هذه المادة كل ستة أشهر بما في ذلك أي تعديلات مقترحة لها آخذين بعين الاعتبار الوضع الأمني في العراق ومدى انشغال قوات الولايات المتحدة بعمليات عسكرية ونمو وتطور النظام القضائي العراقي والتغييرات في القانون الأمريكي والعراقي " وقال نقيب المحامين السعدي إنه " من الواضح جدا من أحكام هذه المادة بأن ممارسة الولاية القضائية العراقية والتي تشكل جزأ أساسيا من السيادة العراقية معلقة عمليا، شارحا لأنها تشترط أن لا تكون الجريمة قد وقعت أثناء الواجب والأمر يعود في ذلك إلى السلطات الأمريكية " واستطرد السعدي قائلا " إن الأمر الذي يمس سيادة العراق القضائية يتمثل في جانبين ، الأول أن السلطات العراقية عندما تقبض على أحد أفراد القوات الأمريكية بعد ارتكابه جرما عليها تسليم المتهم إلى القوات الأمريكية حيث يبقى محتجزا لديها وليس لدى السلطات القضائية العراقية ، مبينا انه يحضر إلى جلسات التحقيق أو المحاكمة فقط " وأردف أما الأمر الثاني " فيتمثل بأنه عند محاكمة أي فرد من القوات الأمريكية أمام القضاء العراقي يجب تطبيق القانون الأمريكي عليه بالإضافة للقانون العراقي ، موضحا أن ذلك يعود إلى ما ستضعه اللجنة المشتركة من تعليمات " وشدد نقيب المحامين العراقيين على أن هذه الملاحظات القانونية تشكل انتهاكا للمادة 6 من قانون العقوبات العراقي النافذ رقم111 لسنة 1969 المتعلقة بالاختصاص الإقليمي التي نصت بوضوح على تطبيق القانون العراقي واختصاص القضاء العراقي على الجرائم التي تقع في الأراضي العراقية " وذكر السعدي أن نقابة المحامين لفتت انتباه الجهات القانونية إلى هذه المادة من الاتفاقية قبيل اعتمادها من مجلس النواب ، مبينا أنها تحتفظ بحقها بتقديم دراسة شاملة وقانونية عن الاتفاقية لورود مشروع الاتفاقية المطروحة على مجلس النواب متأخرا جدا مما تعذر الاطلاع عليها من قبل النقابة ولجانها المتخصصة وعموم المحامين لإبداء الرأي والملاحظات القانونية ومتابعة سير تشريعها في الوقت المناسب .

أحد سياسي المنطقة الخضراء كنا قد وجهنا له سؤال سابق حول مدى جدية المعارضة على هذه الاتفاقية الأمنية التي نسمعها من قبل بعض الكتل النيابية المعارضة لهذه الاتفاقية حيث أكد لنا " أن أغلب هؤلاء المعارضين لهذه الاتفاقية يريدون ضمانات سياسية مكتوبة من قبل حكومة نوري المالكي ومن قبل الأمريكان تحديدا ومن السفارة الأمريكية المتمثلة بالسفير ريان كروكر بخصوص البقاء في مناصبهم والاحتفاظ بكراسي الحكم للفترة الانتخابية القادمة وان يتم دعمهم سياسيآ وإعلاميآ وماديآ " أما بخصوص قائمة الائتلاف والتي انتمي لها " فأن بعضهم يتمنى أن يتم التصويت على هذه الاتفاقية الأمنية في البرلمان العراقي بصورة سرية وليست علنية أو على الأقل طرحها للتصويت على الشارع العراقي ليس حبآ بالعراق ولكن بغضآ بالمتنفذين من النواب في قائمة الائتلاف ويريدون من خلال هذا الأمر إسقاط الاتفاقية لغرض خلط الأوراق عليهم ولكن خوفهم من التصفية الجسدية وعدم ترشيحهم في الفترة الانتخابية القادمة يتحتم عليهم السكوت والموافقة على مضض أذا كانت علنية " ثم يضيف لنا السياسي المتنفذ قائلآ " هناك بعض النواب من قائمة الائتلاف يحرضون سرآ الكتل المعارضة وهم جماعة حزب الفضيلة والتيار الصدري وجبهة التوافق وجبهة الحوار والقائمة العراقية والنواب المستقلين لإصرارهم على رفض قبول الاتفاقية لغرض تحقيق اكبر المكاسب المادية لان هناك مغريات مادية ومعنوية تم تقديمها للرافضين لهذه الاتفاقية من قبل رئاسة الجمهورية ومن قبل السفارة الأمريكية وهذه الموضوع فرصة جيدة لا تعوض للنواب الذين لا صوت مسموع لهم والذين يعتبرون أنفسهم أنهم مغبونين من حيث المناصب والامتيازات المادية وحقيقة الأمر أن هذا الصراع كله حول الموافقة من عدمها هي مسألة تحقيق اكبر عدد ممكن من المكاسب والامتيازات المادية على حساب وحدة وسيادة العراق ورفاهية الشعب العراقي لا أكثر ولا أقل " الحراب السياسي بين حلفاء الأمس وفرقاء اليوم سوف يتخذ في الأيام القادمة أشكال متعددة ومعارك داخلية لكسر العظم وسوف نلاحظه جليا مع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات والاقضية والنواحي والتي ستغير خارطة التحالفات السياسية حتى بين الحزب الواحد والقائمة الواحدة وكلهم يبحثون عن مصلحتهم الشخصية ليبقى المواطن العراقي هو الوحيد الذي يدفع الثمن وكما قلنا في مقالنا الذي نشرناه قبل أيام أن الاتفاقية الأمنية سوف يتم تمريرها بعيدآ عن المزايدات الإعلامية الرخيصة التي نسمعها , عجزت أن أحصي عدد تصريحات الكذاب المالكي حول أسرار وخفايا هذه الاتفاقية وكما قلنا سابقآ " خليك مع الكذاب لغاية باب الدار " .


سياسي عراقي مستقل
باحث في شؤون الإرهاب الدولي للحرس الثوري الإيراني
sabahalbaghdadi@maktoob.com