أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: العجوز

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Dec 2008
    المشاركات : 33
    المواضيع : 11
    الردود : 33
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي العجوز

    أنظر إليها مشدوها . لم أتوقع قط أن تكون بهذه الروعة . أدقق في تفاصيلها بافتتان . يباغتني السؤال :
    - ماذا أسميتها ؟
    ألتفت إلى محدثي . أجيب منوما :
    - العجوز .
    يقول (ويهمني رأيه ) بنصف ابتسامة :
    - ينقصها شئ ما . من بعيد تبدو رائعة , و لكن عندما تدقق فيها .... لا أدري ...لا يبدو عجوزا جدا .
    لوحة أخرى اسمها الدهشة تفترش ملامحي . تجوث عيني في تفاصيل الأولى . تطالعني الملامح .. لون الجلد .. التجاعيد التي تكاد تنطق بالحياة .
    أهز رأسي . أتناول الفرشاة مجددا . أضيف تجعيدة جديدة عند زاوية الفم . أنظر إلى محدثي , يقول ( ويهمني ما يقول )بنصف ابتسامة إلا قليلا :
    - ليس هذا . السر هنا
    ويشير إلى اللوحة , بالضبط إلى .........
    - العينان (يقول) السر في العينين . انظر ! إنهما تنطقان بالحيوية .. برقهما اللافت , وتلك النظرة التي تشتعل بشغف لا نهائي بالحياة !
    بالله كيف استطعت أن ترسم هاتين العينين ؟! ياصديقي .. هاتان عينا شاب .. شاب !
    أنظر بافتتان (له هذه المرة ) ثم أعاود النظر للوحتي . أري حرفيا ما يقول . ألتقط الفرشاة . يبدو التعديل صعبا , ولكن ...
    عندما اضع الفرشاة , يقول (ويهمني ان يقول ) بابتسامة اتسعت لآخر مدى :
    - رائع ... هاتان عينا عجوز !
    كما توقعت , حظيت لوحة العجوز اهتمام غير عادي في المعرض . وقال لي أحدهم "وأنا أصدقه لأنه أستاذ كبير " :
    أنت عبقري ! كيف يستطيع شاب مثلك أن يصل لمثل هذا المستوي الرفيع من الاتقان ؟! إن لوحة العجوز هذه وحدها حكاية ! قل لي ما السر في روعتها ؟ لماذا يبدو حقيقيا اكثر من أي عجوز رأيته في حياتي ؟!
    أتذكر نصيحة صديقي , وأبتسم , بينما يكمل محدثي :
    - ولكن ... لا أعرف لماذا أشعر أن ..... أن فيها شئ يشبهك ؟
    شئ يشبهني ؟! ما هذا التخريف ؟ أنتزع اللوحة من مكانها بجزع .عند أقرب مرآة أحملها بجوار وجهي . أتطلع لوجهينا في حيرة . تنزلق نطراتي علي جلدي المشدود في نعومة , لتغوص في ملامحه , وتتعثر بين تجاعيد وجهه . أين ذلك التشابه الذي يتحدث عنه هذا المأفون ؟! ثم ...
    يا إلهي ! العينان !

  2. #2
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,793
    المواضيع : 393
    الردود : 23793
    المعدل اليومي : 4.02

    افتراضي


    قصة تحمل أكثر من مرمى ...
    صراع مع النفس في مقاومة الزمن
    فمحادثه هنا هو (النفس)
    فالكاتب يأبى الرضوخ للأمر الواقع وهو العجز ,
    وحاول رسم اللوحة مع الإحتفاظ بملامح الشباب في العينين
    تلك العيون اللغة الصافية التي لاكلام فيها ,
    النظرة التي يستطيع أن يقوم بها الجميع دون عناء المرض أو الكِبَر
    هكذا وصلت لي القصة
    لوحة رسمت الحياة بتسلسل رائع
    الأديبة الرائعة / فدوي
    سردية شيقة تحمل كل مقومات القصة
    استمتعت بقراءتك
    دمتِ مبدعة
    ودي

    همسة
    اضع - أضع
    الاتقان - الإتقان
    ومراعاة الهمزة
    ليكتمل الإبداع
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Dec 2008
    المشاركات : 33
    المواضيع : 11
    الردود : 33
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    أستاذة رنيم
    أشكر أولا تواجدك المميز , وقراءتك الواعية
    لك أن تستخلصي من النص ما تشائين
    ولي أن أسعد بهذا الرقي في استنطاق المعني
    ويبقي أن هناك نظرة ما وسؤالا أردته أن يعلق بذهن القارئ
    وهو : من العجوز حقا ؟ ومن رسم من ؟
    أشكرك ولا يكفي
    دمت بخير
    وعيد مبارك

  4. #4
    الصورة الرمزية د. نجلاء طمان أديبة وناقدة
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    الدولة : في عالمٍ آخر... لا أستطيع التعبير عنه
    المشاركات : 4,224
    المواضيع : 71
    الردود : 4224
    المعدل اليومي : 0.66

    افتراضي

    أنظر إليها مشدوها . لم أتوقع قط أن تكون بهذه الروعة . أدقق في تفاصيلها بافتتان . يباغتني السؤال :
    - ماذا أسميتها ؟
    ألتفت إلى محدثي . أجيب منوما :
    - العجوز .


    كثيرًا ما يطغي العقل الباطن على العقل الحاضر ويفرض نفسه دون وعي منا ودون إرادة على أبجدياتٍ تعبر عنا؛ على القلم فيكتب؛ على اللسان فيعبر؛ على الفرشاة فترسم بأمره لا بأمرنا. هنا رسم صاحب اللوحة ولم يصدق أبدًا أنه من رسم لأنه وبكل بساطة كان يستجيب بأنامله لعقله الباطن وليس لإرادته المتيقظة.


    يقول (ويهمني رأيه ) بنصف ابتسامة :
    - ينقصها شئ ما . من بعيد تبدو رائعة , و لكن عندما تدقق فيها .... لا أدري ...لا يبدو عجوزا جدا .
    لوحة أخرى اسمها الدهشة تفترش ملامحي . تجوث عيني في تفاصيل الأولى . تطالعني الملامح .. لون الجلد .. التجاعيد التي تكاد تنطق بالحياة .


    ولأن العقل الباطن هو المحرك الأساسي فالعقل الواعي يبحث عن شئ ناقص في الصورة فيسأل بطل القصة محدثًا, ودوماً يهمه رأيه, وقد عبر عن ذلك بواسطة عبارة تناولتها القاصة وأشارت إليها أكثر من مرة لتبين لنا حاجة بطل القصة إلى رأي الآخر لحيرته من ناحية وليستمد منه إجابة بالفعل يحتاجها ولكنه لا يجدها. هي أبجدية الحائر ورد فعله النفسي الطبيعي.


    أهز رأسي . أتناول الفرشاة مجددا . أضيف تجعيدة جديدة عند زاوية الفم . أنظر إلى محدثي , يقول ( ويهمني ما يقول )بنصف ابتسامة إلا قليلا :
    - ليس هذا . السر هنا
    ويشير إلى اللوحة , بالضبط إلى .........
    - العينان (يقول) السر في العينين . انظر ! إنهما تنطقان بالحيوية .. برقهما اللافت , وتلك النظرة التي تشتعل بشغف لا نهائي بالحياة !



    البطل يشعر بذات الحيرة وتبدأ فرشاته بالتعبير فيرسم تجعيدة عند الفم, فلماذا هذه الإضافة بالذات؟؟. إن البطل يشعر بأن اللوحة ينقصها الهرم الذي يتجسد في كل مكان إلا في منطقة واحدة في الوجه. تأتي إجابة الآخر لتحدد لبطل القصة موطن الحيرة, وهو العينان.

    بالله كيف استطعت أن ترسم هاتين العينين ؟! ياصديقي .. هاتان عينا شاب .. شاب !
    أنظر بافتتان (له هذه المرة ) ثم أعاود النظر للوحتي . أري حرفيا ما يقول . ألتقط الفرشاة . يبدو التعديل صعبا , ولكن ...
    عندما اضع الفرشاة , يقول (ويهمني ان يقول ) بابتسامة اتسعت لآخر مدى :
    - رائع ... هاتان عينا عجوز !
    كما توقعت , حظيت لوحة العجوز اهتمام غير عادي في المعرض . وقال لي أحدهم "وأنا أصدقه لأنه أستاذ كبير " :
    أنت عبقري ! كيف يستطيع شاب مثلك أن يصل لمثل هذا المستوي الرفيع من الاتقان ؟! إن لوحة العجوز هذه وحدها حكاية ! قل لي ما السر في روعتها ؟ لماذا يبدو حقيقيا اكثر من أي عجوز رأيته في حياتي ؟!



    يدرك بطل القصة (الرسام) مكان التناقض وهو في العينين التي تظهر كعيني شاب لا كعيني عجوز, ويحاول التعديل ومع كون التعديل غاية في الصعوبة لكنه ينجح في التعديل ولكنه نجاح معقود بعقدة القصة كلها التي ستظهر فيما بعد.


    أتذكر نصيحة صديقي , وأبتسم , بينما يكمل محدثي :
    - ولكن ... لا أعرف لماذا أشعر أن ..... أن فيها شئ يشبهك ؟
    شئ يشبهني ؟! ما هذا التخريف ؟ أنتزع اللوحة من مكانها بجزع .عند أقرب مرآة أحملها بجوار وجهي . أتطلع لوجهينا في حيرة . تنزلق نطراتي علي جلدي المشدود في نعومة , لتغوص في ملامحه , وتتعثر بين تجاعيد وجهه . أين ذلك التشابه الذي يتحدث عنه هذا المأفون ؟! ثم ...
    يا إلهي ! العينان !


    في الحقيقة وببساطة متوشحة بالروعة القاصة عبرت عن ركن مظلم في جوانيات بطل القصة وهو إحساسه بالشيخوخة برغم جلده المشدود, فاستجابت أنامله ووجهت اللوحة ترسم احساسه وتترجمه في لوحة يظهر فيها العجوز ولم يتصور أنه رسم نفسه كما يراها؛ عجوزًا وبكل بساطة.

    بدءً من العنوان ثم استهلال المدخل وتدرجًا في الحبك حتى النهاية طرحت القاصة في براعة الحيرة ثم عقدة الحبك ثم فك العقدة التي ما إن انفكت حتى ظهرت عقدة أخرى أشد تعقيدًا وهي مشاعر الكبت التي تسيطر على شريحة كبيرة من إنسان العصر الحديث, فيتم التعبير عنها بألف طريقة بدءًا من الصمت, فالصراخ , فالرسم, ف........ حتى الانتحار.

    أبهرتني طريقة التكثيف التي تناولتها القاصة, وبرغم التكثيف الرائع إلا أنه لم يخل بالحبك ولا بالسرد.
    من أجل ذلك كله استحقت القصة التثبيت.

    يرعاكِ ربي مبدعة, وأتمنى أن أرى مستواكِ القصصي في تألق .
    الناس أمواتٌ نيامٌ.. إذا ماتوا انتبهوا !!!

  5. #5
    الصورة الرمزية حسام القاضي أديب قاص
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر+الكويت
    العمر : 63
    المشاركات : 2,213
    المواضيع : 78
    الردود : 2213
    المعدل اليومي : 0.33

    افتراضي

    أختي الفاضلة الأديبة / فدوى فكري
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    عمل يدل على قاصة متمكنة من أدواتها..
    بلا مقدمة ألقيت بنا في آتون الحدث مباشرة
    لنعيش هذا الصراع الذي لا نعرف كنهه
    إلا مع اسدال ستار العمل ، وهكذا نجحت في تشويقنا
    واجبارنا على المتابعة مشدوهين حتى النهاية
    لنعرف منها ما عمى علينا في البداية أيهما ينتصر :
    الجسد أم النفس؟ .. نفس عجوز في جسد شاب ، وصراع فريد
    أجادت اختنا الفاضلة الأديبة / د. نجلاء في تحليلها العميق
    للعمل والذي أضاء جنباته ، وأشيد بهذا ، ولكنني هنا بصدد الحديث
    عن فنيات القص ؛حيث جاء السرد مشوقاً ، والبناء محكماً بالاضافة
    إلى تلك النهاية والتي كانت في الوقت نفسه لحظة التنوير في القصة ، فجاءت قوية
    وفي مكانها تماماً لتكلل هذا العمل الجميل.
    عمل يستحق التثبيت بالفعل
    تقبلي تقديري واحترامي
    حسام القاضي
    أديب .. أحياناً

  6. #6
    الصورة الرمزية علي عطية أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    العمر : 56
    المشاركات : 867
    المواضيع : 53
    الردود : 867
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    روعة التجول بين طيات تلك الرائعة والغوص معها في مكنون النفس
    والتجوال في غامض الذات والسياحة في ركنها المظلم الذي قلما يصل إليه الضوء
    لكن ببراعة مهندس الضوء على مسرح الرعب والغموض
    بدت الحقيقة في لحظة الختام تحت الأنوار الخافتة

    تمتعت بأدبية مشوقة حد التقصي والتيه

    بارك الله فيكم
    ودمتم بطهر غاية ونبل قصد وأدب أبداً

    أبو عباد

  7. #7
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Dec 2008
    المشاركات : 33
    المواضيع : 11
    الردود : 33
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    د. نجلاء طمان
    هذه قراءة تليق بأديبة مخضرمة
    فكما أن هناك قراءات تختزل جمال النص , هناك قراءات تزيده بهاء
    بعض القراء يبحثون عن نص فريد , وبعض الكتاب يبحثون عن قراءة فريدة
    أظنني حظيت بواحدة هنا
    هو الامتنان بلا آخر
    كل الود
    أستاذنا حسام القاضي
    وعليكم السلام ورحمة الله
    يبدو أن قدر نصي المتواضع أن يحظي بهذا الاستقبال الراقي
    جزيل الشكر علي تواجدك المميز
    تقديري
    أستاذنا علي عطية
    بل هي روعة حسكم وذوقكم الأدبي
    المتعة هي من نصيبي بهذا المرور
    كل التقدير

  8. #8
    الصورة الرمزية سعيدة الهاشمي قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Sep 2008
    المشاركات : 1,346
    المواضيع : 10
    الردود : 1346
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

    لعلي عاجزة عن الرد بعد التحليل المستفيض للدكتورة نجلاء حفظها الله، وللحضور المميز لباقي الإخوة والأخوات

    أدهشتني حقا تلك الصورة التي أبرزتها لوحة العجوز، بتفاصيلها الدقيقة العائمة في بحر عميق يسمى "النفس البشرية"

    كثير منا يعيش في إطار تلك اللوحة ينظر إلى المرآة فيجد جسدا متناسقا مشدودا، لكن ما إن يمعن النظر حتى

    يلامس أوجه التشابه بين جسده وصورته على المرآة والأخرى القابعة في ذاته "اللوحة"، ليكتشف أنه عجوز

    في جلباب شاب، ومن هنا تأتي مشروعية سؤالك من رسم من؟

    هل الشاب رسم لا إراديا وبرغم كل محاولات التعديل العجوز، أم العجوز القابع في ظلمة الذات سيطر على

    الشاب فتحكم في عملية الرسم لتظهر بتلك الصورة؟

    هل فعلا هي لوحة ناتجة عن تمازج أصباغ و فرشاة وورقة بيضاء؟ أم إنسان يعيشه آخر يحاول إخفاءه لكنه بطريقة أو بأخرى يتسرب ليصل إلى السطح.

    راقني ما قرأت، أتمنى لك التوفيق في المقبل من الأعمال بإذن الله.

    تحيتي ومودتي.

المواضيع المتشابهه

  1. الحلم العجوز
    بواسطة ركاد مبروك في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 07-03-2018, 10:51 AM
  2. العجوز..
    بواسطة بثينة محمود في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 06-11-2006, 02:18 PM
  3. الفصل الثالث من شاعر بلا عنوان/ العجوز والحجرة الزرقاء
    بواسطة سها جلال جودت في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 02-09-2006, 08:03 PM
  4. وصية العجوز المنافقة
    بواسطة د.إسلام المازني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 08-10-2004, 06:37 PM
  5. وصية العجوز المنافقة.. الجزء الثانى
    بواسطة د.إسلام المازني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 04-09-2004, 09:26 PM