رسالة من الأب الأسير لابنته
عبر الأثير
يا زهرتي
طال الفراقُ و أحرقتني لوعتي
قلبي رهينُ الشوقِ لا
يُروي ولا
يستوقفُ الدقاتِ عن عبثٍ
يجاوزُ قدرتي
والليلُ ضاق بأمنياتي و الحنينْ
فردّهُ قسرا إلي صدري
يعابثُ مهجتي
فاستعبرت روحي وكم
نزفت ألم
آهٍ من الذكري إذا
تستوطنُ الأنفاسِ
تسلكُ كلَّ دربٍ في عروقي ..للخلايا
تختبئْ خلفَ الزوايا
تستفيقُ صبابتي
ترافقني في ليالي الهجيرِ
وتنثرُ ملحا علي كلِّ جرحِ
تغلّفُ بالدّمعِ أغنيتي
وآهٍ من الشوقِ يا زهرتي
أُحنُ إليكِ
أُحنُ أذوبُ أموتُ اشتياقا
لطيفِ ابتسامِ
للثغِ الكلامِ
لثغركِ إذ يلتقي وجنتي
حبيبةُ قلبي أتدرين بي ؟
تقاسيمُ وجهي ..
ولمسةُ كفّي ...
عيوني وصوتي ...
هل تذكرين ؟
إذا جنَّ ليلٌ عليكِ وخفتي ..
تنادين باسمي ؟
أم ضاعَ اسمي ..
من القلبِ ضاعت ..
كالعينِ من قبلهِ صورتي ؟
وما حيلتي ؟
أحاولُ رغم اشتدادِ السوادِ
بأن أبصر الغدَّ في مقلتيكِ
فأرسمُ بالوهمِ دربا إليكِ
وأشعلُ روحي علِّي أراكِ
فيرتدُّ ليلٌ عن وحدتي
أحبكِ جدا فهل تعرفين
أصلي لأجلك في كلِّ حين
أصيرُ خفييييفا إذ تحضرين
نطيرُ سويا و تبتسمين
ولكنْ سريعا سريعا أعودُ
أفيقُ علي القيدِ يشنقُ حلمي
وينسلُّ وهمي من قبضتي
سامحيني ابنتي
فأقدارنا تنتقينا ونبقي ...
علي العهدِ مهما تحومُ المنايا
وما نقمةُ الجلادين مني
إلا لأني
أمانيّ فاقت حدَّ التمني
فمهما تدوسُ نعالُ الكلابِ علي هامتي
سأعلو وأعلو
وأسمو بقيدي و قضيتي
فلا تحزني أبدا و اذكري
ذهبتُ ولكنْ
تركتُ لكِ إرثَ حريتي
هنا أزرعُ الفجرَ كي تحصديهِ
وأغزلُ أملا بقلبِ السرابِ
وأخفي عن اليأسِ بعضَ الأماني
وبعضَ ابتساماتٍ واهناتْ
لأنثرهنَّ بحلمٍ إليكِ
رجوت الأثيرَ بأن يحمله
بعثتُ إليكِ به قبلتي
وطيفا من الأمسِ ما أجمله
كتبتُ علي الحلمِ اسمي وسنِّي
وكلَّ تفاصيلِ بطاقتي
ولكن نسيتُ بأن أكتبه
محلَّّ الإقامةِ و التاريخ
تاريخَ موتي أو عودتي
بدأتُ أخرّفُ أفقدُ رشدي
وتغزو كياني شيخوختي
وباقي اصطباري فلولٌ فلول
وعمري يهرولُ نحو الأفول
وأن نلتقي جلُّ أمنيتي
تراني أموتُ ودونَ اللقاءِ
قضيبٌ عنيدٌ بزنزانتي ؟