علاء".. "مكرمة ربانية" في بيت لحم
بيت لحم(الضفة الغربية)- سليمان بشارات- إسلام أون لاين.نت/ 2- 12-2003
علاء يتلقى قبلة من والده
"هذا الفتى تكتبُ الأمجادُ سيرتَه
فيأتيه فخرًا بالعلاء علاءُ"
لم يكن الشاعر الذي رثى الشهيد الفلسطيني "علاء الدين حسن عياد" بهذا البيت من الشعر منذ شهور يعلم أن السماء ستلبي نداءه، لتشهد مدينة بيت لحم بالضفة الغربية "مكرمة ربانية" يتوافد على رؤيتها الآلاف الذين يؤمّون أحد البيوت الكائنة بمخيم عايدة للاجئين لمشاهدة طفل رضيع اعتبره البعض "معجزة" رزقت به عائلته في ليلة القدر بشهر رمضان الماضي 1424هـ (نوفمبر 2003).
ولفت الطفل المعجزة "علاء" الأنظار إليه؛ حيث ولد وعلى وجنته علامة كبيرة تشكل حروف اسم عمه باللغة العربية "علاء" -وهو الاسم الذي سُمي به المولود أيضا- أحد أعضاء حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الذي قتلته القوات الإسرائيلية بعدما زعمت أنه خطط لعملية فدائية، فيما اعتبرت الأسرة أن المولود رسالة إلهية لدعم الفلسطينيين ضد إسرائيل.
وقال إياد حسن عياد -30 عاما- والد الطفل لـ"إسلام أون لاين.نت": "لقد رزقنا به في ليلة مباركة، ليلة القدر، ونسأل الله أن يجعله من أهل الخير والبركة".
وأضاف أن "أول ليلة ولد بها الطفل حضرت جدته وأخبرتنا أن وردة مرسومة على خد الطفل، فهي لم تشاهد ملامح الكتابة بشكل واضح، وعند ذهابنا للمستشفى في اليوم التالي إذا بالاسم واضح بشكل جلي".
ويضيف الأب الذي يعمل في محجر: "لقد دهشنا من هذا المنظر، حيث كان غريبا علينا بالبداية، حتى إننا توقعنا أن الأمر طبيعي ولا يوجد أي شيء مميز، لكن بعد أن دققنا على خده الأيمن وجدنا كلمة علاء موجودة عليه".
أما عن اسم الطفل، فيقول والده: "كنا بالبداية نرغب بتسميته محمدا، وذلك بناء على طلب والدي، إلا أننا نزلنا في النهاية عند وصية شقيقي الشهيد وأسميناه علاء".
وأضاف: "عندما شاهدت ذلك أيقنت أن هذه هدية بدلا من أخي علاء الذي عُرف بشدة تدينه، وصيامه وتمسكه بالدين".
أما الأم فتقول: إن نوم علاء به شيء من الإعجاز "كأنه إلهام رباني، فطوال الوقت يبقى نائما على جهة الشمال، كأنه يريد أن يقول للجميع انظروا إلى خدي الأيمن"!.
"هدية من السماء"
أما أبو عماد -60 عاما- (جد الطفل)، فقد مثل علاء بالنسبة له "هدية من السماء". وقال الجد: "منذ أن استُشهد ابني علاء، وأنا أفتقده كثيرا، فله مكانة كبيرة في قلبي، وعندما استقبلت حفيدي الجديد وهو يحمل اسمه على خده استبشرت خيرا، وأسأل الله أن يكون قد قبل علاء شهيدا في الجنة".
ويضيف الجد: "هذه المكرمة سيكون لها الأثر الكبير في نفسية اليهود القتلة الذين يحاولون النيل من أبنائنا، وستوصل لهم رسالة يعرفون من خلالها أن شهداءنا كرماء في حياتهم ومماتهم".
وتابع: "أريد أن أقول لـ(رئيس الوزراء الإسرائيلي إريل) شارون إنه إذا قتل أبناءنا وأزالهم من الوجود فهم منقوشون في قلوبنا وعلى أجساد أطفالنا الأبرياء".
ورأى علاء "المعجزة" النور في المستشفى الفرنسي بمدينة بيت لحم حيث بلغ وزنه عند ولادته 3.8 كيلوجرامات، فيما يبلغ طول العلامة الظاهرة على وجه الطفل والتي تحمل اسم الشهيد علاء حوالي 10 سنتمترات، حيث تبدو الأحرف الثلاثة الأولى من اسم الشهيد علاء في غاية الوضوح، في حين يظهر الحرف الرابع "الهمزة" خلف الأذن بشكل واضح.
وقالت جدة الطفل عائشة عياد -58 عاما- وهي تحمله بين ذراعيها: إن ابنها انضم سرا إلى حركة حماس بعد تعرضه للضرب من جانب القوات الإسرائيلية بفترة وجيزة.
وأضافت أن العلامة دليل على أن "الجنود الإسرائيليين يستطيعون قتل أبنائنا، ولكن ليس أرواحنا".
وأعربت عن أملها في أن يحقق الإسرائيليون والفلسطينيون سلاما، وأن يكبر حفيدها بعيدا عن العنف.
نور للهداية
أما عن مدى تأثر الناس بهذا المشهد فقص والده علينا حكاية طريفة، يقول فيها: "حضر أحد الشبان إلى البيت وشاهد علاء، ثم انصرف وعندما قابل أحد الشبان وأخبره بما رأى لم يصدق الشاب هذه الحكاية، فتعاهدا إن كانت هذه القصة حقيقية أن يقبل على الصلاة وأن يعود عن كل أعماله الشيطانية".
الشهيد علاء
وكان عم الطفل علاء الذي ينتمي إلى كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، قد استشهد بالإضافة إلى ثلاثة آخرين بينهم طفلة في العاشرة من عمرها في 25-3-2003 في عملية لجيش الاحتلال الإسرائيلي بالقرب من فندق "شبرد" بمدينة بيت لحم بالضفة الغربية.
ومن المفارقات أن الشاعر الفلسطيني محمد شحادة رثى الشهيد علاء بعد قتله بيومين بأبيات شعرية توقع فيها أن تخلّد السماء اسمه وتبعث بـ"علاء" جديد.
وتوافد أكثر من 6 آلاف مواطن من محافظات بيت لحم والخليل والقدس -بينهم مسلمون ونصارى، منهم أطباء وأكاديميون من الجامعات المحلية، إضافة إلى عدد كبير من الصحفيين ومحطات التلفزيون- على منزل العائلة لرؤية الطفل.
وتلقت العائلة -أيضا- اتصالات هاتفية من عدد كبير من المواطنين والمؤسسات المحلية والإقليمية والأجنبية.