في مكتب أمانات مسلخ ومذبح المدينة عثر على وصية هذا الكبش الذي طلب قبل التضحية به أن يمنح كآخر أمنية -إضافة للوجبة الأخيرة و شربة الماء -أن يمنح خمس دقائق للاختلاء شرعا مع نعجته للمرة الأخيرة-حفاظا على السلالة- ولكتابة وصيته لأبنائه الخراف والحملان كما أصر على أن يذبح ذبحا حلالا...وهذا حق تضمنه القوانين الدولية... جاء في الوصية:
ولدي وصلت الى المسلخ هربا من الذئاب التي احاطت بنا من كل حدب وصوب ولم يعد لدي خيار آخر وقد تمكنت من عقد مؤتمر مع كبار الخرفان ونخبتها وعددها يقارب العشرين ونيف -وكلهم من أعمامك الأفاضل- و ينتظرها نفس المصير الذي وصلت أنا إليه.. فخرجنا بالمقررات وبالوصية التالية( فاحفظها أنت وانقلها بدورك لأجيالكم القادمة إن بقيتم..)
ولدي الخروف الغالي إليك وصيتي (ووصية الأفاضل أعمامك العشرين الذين معي):
• ولدي حبيبي: تحية الميع والماع مع أجمل الثغاء
ومن بعد التحية والسلام:
• فإنه لما كانت الشجاعة في الغنم ليست من سماتنا فابتعد عنها وتسلح بالخوف واتخذه مذهبا وعقيدة وآمن به بلا حدود ولا تنس عادتنا في أن نحيا بكل ذل الغنم وإذلال الذئاب لنا ,و اعلم أن رفع الرأس وتقليد الأسود ليس من شيمنا ونحن نعاف أن نحيا حياتها ونحب الزريبة وقيودها
ولدي لذلك:

• كن دائما بين الخراف وسر في وسطها مطأطئا وحقق مراد الذئاب واحتم بالكلاب إذا أردت أن تعمر طويلا فإياك إياك ومفارقة القطيع أو مخالفة الكبش
• لا ترفع صوتك في وجه الطغاة أو الولاة ولا تتحرك ياولدي حتى لو داسوك فإنك بهذا الشكل تخالف إن فعلت دستور وشيم الغنم وتعاند قدر الأنعام وأمنحهم صوفك دوما وكذلك حليب أولادك وروثك كمصدر للطاقة وخصص للذئاب قرابينا من أولادك وتثاب على ذلك وقد تؤجل التضحية بك لأبعد مناسبة ممكنة

• لاتصغ يابني لأقوال الطائشين او تصدق حكاياتهم عن البطولات كذبوا فلا عنترة منا وليس منا الزير ابتعد عنهم يابني وإلا فإنك ستكون من الهالكين وما نحن إلا خراف وديعة فلا تأخذك الظنون بعيدا ولا تغرك القرون واعلم أن أكبرهمنا هو أن نملأ البطون ونجتر الشجون ولا نبحث عن عزة الأحرار فهي من الوهم وأضغاث الأحلام ولم يذكر لنا التاريخ خروفا واحدا عزيزا
• إن هاجمت الذئاب قطيعكم يوما وراحت الذئاب تبقر بطون أخوتك فعليك بالهرب وذلك للنجاة بنفسك فأ نت بغنى عن ألم الظفر والناب, أو الموت وإن سمعت الشتم فإياك والرد على الشتيمة وعليك بالصبر واحترام العهود والمواثيق التي تفرض عليك لأن في ذلك أجر وثواب إن أنت أتقنت الهرب وتفننت فيه فإنك تعيش ابد الدهر خروفا سالما غانما بعيدا عن السين والسكين وتأمن القيل والقا ل(أي أن نصرك في هروبك) وتضمن أن تصبح كبشا وتحظى بوسيمات الشياه
ولا تقم وزنا لزعل أولاد عمك الخرفان لأن الخراف تنسى بوجبة تبن وشعيركل الأحقاد

• تحاشى بحكمة ودهاءغضبة السلطان وذلك بحضورك لكل الإحتفالات ونافق مثل باقي الخراف وتملق وصفق وإن رايت الأخرين تنهق فانهق
• انظر حولك واعتبر أفلا ترى أن الأغنام لا يسيئها غياب الكرامة وهي ترعى وتجتربسعادة وسكينة وتجري الى مذبحها وهي منتشية بصوت الثغاء أما العزة والعرض فهي كلمات جوفاء لا معنى لها عندنا وليس هناك قرف في الإنبطاح واعلم أن الخروف الحكيم يجب أن يكون جل همه أن يسقى ويعلف وإن كان غير ذلك فالأسلم له أن يصمت و إلا فإنه سيموت(ومائة مرة كلمة جبان ولا كلمة الله يرحمه واحدة)