بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
قد يبدو عنواني غريب ، وربما قد يظن البعض أنني أهدي، وحتى إنا عنواني قد يغضب البعض،ولكن قد
تبادر لي هذا العنوان بعد رحلة صغيرة قمت بها من عين الترك وهي بلدية صغيرة تابعة لولاية وهران الى
وهران، فبينما أنا في حافلة النقل إذ سمعت رجل عجوز يقول لزميله: أنظر الى حال الشعب الجزائري كيف
أضحت ، أهذه هي الجزائر التي مات من أجلها مليون ونصف مليون شهيد ؟ لقد خربت كل المناظر الجميلة
التي كنا نفتخر بها ، إن الفرنسين قد ارتكبوا جرائم ولكنهم خدموا هذه البلاد فقد عبدوا الطرقات كما أنهم
يعرفون قيمة الأرض.
فرد عليه زميله الذي كان يجلس بجانبه :صح، انني أتذكر بيت أحد المعمرين ،لقد كان كالجنة وصاحبته كانت
كملكة تحسن التصرف ,تهتم ببستانها وتقلم الأشجار وتعد أحسن المؤكولات ، بالرغم من أنها كانت وحيدة
لاتملك لازوج ولا أولاد.
فقاطعه العجوز وقال : أرايت إنهم ليسوا كبنات اليوم لايجدن سوى تزين أنفسهم والتكلم مع كل منهب ودب.
فابتسم زميله وقال : وهل نسيت الشبان ومساوئهم ، إنهم ينامون طول النّهار وفي الليل يخرجون كالجراد
يتسامرون في مواضيع فارغة.
فرد العجوز : لأنهم ولدوا في ظروف سهلة، لوأنهم عانوا مثلنا ، لأدركوا النعيم الذي يعيشون فيه ،
وحمدو الله ليلا نهارا.
ثم توقفت الحافلة في مرسى الكبير ،فأخذ العجوز ينظر يمينا وشمالا، وقال:كل شيئبقي كما كان لم تتغير
الجزائر ، لو يأتي الآن جندي فرسي ، لن يتوه أبدا فكل ما تركوه لم يتغير سوى أن الجزائر أصبحت تكتض بالسكان فقط وبالأوساخ.
وبعدما سمعت هذا الحوار الذي أضحكني وبدا لي العجزوين ، كأبي الأرواح بطل رواية الزلزال
أحد روايات الكاتب المبدع طاهر وطار،فأبي الأرواح كان ينتمي إلى الطبقة البرجوازية وبعد
الإستقلال صدر قانون الإصلاح،فسافر إلى قسنطينة يبحث عن من يسجل أرضه باسمه وهذا لأنه كان عاقر
لا ينجب الأولاد ، فقداقترن بالعديد من النساء ولكنه لم ينجب، وقد كان أبي الأرواح يحن إلى أيام
الإستعمار ويرفض الوضع الجديد، وهذا ما نستشفه من خلال التسميات التي كان يطلقها على الجزائرين
فكان يقول: الوندال ــ التتار وغيرها من اللأسامي التي كانت تستعملها فرنسا ولم يقل أبدا المجتمع
الجزائري ، ويبدو ذلك أيضا من خلال تفسيره الى القران حسب مصالحه ، لهذا نجده دا ئما يقرأ سورة
الزلزلة، ويرى قسنطينة تغوص في حما الزلزال الذي سيصيبها.
و لكني أتعجب إلى هؤلاء الناس الذين يحنون الى مثل هذه الأيام ، والى هذا العهد وما حمله من مآسي
وآهات وفقر وجوع .
وأقول لهم إن المستعمر قد زين هذه الأرض ،ولكنه استغل خيراتها وثرواتها ولو بقي لما أمكنهم
حتى قراءة القران والصلاة في المساجد بحرية، وإن المنازل التي تحدث عنها هذا العجوز فقد
كانت تبنى بفضل جهود الجزائرين ، فصحيح إننا نعيش في نعيم الحرية ولكننا نشاهد ما يحدث
في العراق وفلسطين الحبيبة ، وتعلمنا درس مهم من التاريخ أنه ما من عدو يخدم أرض غنيمه
كما قال أحد الشعراء
والروم لايأتون ليمنحون الليمون.