أحدث المشاركات

قراءة فى مقال هستيريا» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نكوص» بقلم الفرحان بوعزة » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»» لن أفقد الأمل.» بقلم أسيل أحمد » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»» قراءة فى مقال مونوتشوا رعب في سماء لوكناو الهندية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» حصـانة» بقلم محمد ذيب سليمان » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» تدقيق في المعاني النحوية» بقلم خالد أبو اسماعيل » آخر مشاركة: خالد أبو اسماعيل »»»»» السّر الدّفـين: كيف أنشأ الخليل نظامه العَروضي..؟» بقلم ابو الطيب البلوي القضاعي » آخر مشاركة: ابو الطيب البلوي القضاعي »»»»» هل عقلية الخليل عقلية رياضية؟ وهل لها علاقة باللغة والعَروض؟» بقلم ابو الطيب البلوي القضاعي » آخر مشاركة: ابو الطيب البلوي القضاعي »»»»» قصة ابن زريق البغدادي مع قصيدته اليتيمه» بقلم هائل سعيد الصرمي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» نسجل دخولنا بذكر الله والصلاة على رسول الله» بقلم عوض بديوي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»»

النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: الوعي والوعي الفكري

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jan 2009
    المشاركات : 13
    المواضيع : 4
    الردود : 13
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي الوعي والوعي الفكري

    الوعي والوعي الفكري
    د.أشرف يوسف

    مفهوم الوعي :
    إن استخدام المفاهيم يتطلب تحديد دقيق لمضامينها و توضيح لأبعادها، حتى لا يؤدي ذلك إلى الارتباك في الفكر والاضطراب في الفهم والخلط بين المفاهيم، ويؤدى بالتالي إلى الخطأ في إطلاق الأحكام على الناس والأشياء، ومن القواعد المعروفة أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره ، فإذا لم تكن القضية المطروحة للبحث قد اتضحت معالمها في الأذهان وتحددت أبعادها فإن الحكم فيها سيكون حكما بعيدا عن الصواب ، لذلك لابد من تحديد مفهوم الوعي .
    فالوَعْيُ: حِفْظ القلبِ الشيءَ. و عَى الشيء والـحديث يَعِيه وَعْياً و أَوْعاه: حَفِظَه وفَهِمَه وقَبِلَه، فهو واعٍ، وفلان أَوْعَى من فلان أَي أَحْفَظُ وأَفْهَمُ. وفـي الـحديث: " نَضَّر الله امرأً سمع مَقالَتـي فوَعاها، فرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعى من سامِع"ٍ ، وأُذُنٌ واعِيةٌ. وفـي حديث أَبـي أُمامة: لا يُعَذِّبُ قَلْباً وَعَى القُرآنَ ، قال ابن الأَثـير: أَي عَقَلَه إِيماناً به وعَمَلاً، فأَما من حَفِظَ أَلفاظَه وضَيَّعَ حُدوده فإِنه غير واعٍ له .
    ووردت الوعي في السنة ولها معني الإدراك والفهم للعمل فعندما سأل الحارث بن هشام رضي الله عنه رسول الله صلي الله عليه وعلى أله كيف يأتيك الوحي فقال الرسول الله صلي الله عليه وعلى أله أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشد على فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول.
    وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلي الله عليه وعلى أله "استحوا من الله حق الحياء قال قلنا يا رسول الله إنا نستحي والحمد لله قال ليس ذلك ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى ولتذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء" .
    ويقول سبحانه وتعالى: ﴿لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ ، وقال قتادة:{ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } عقلت عن الله فانتفعت بما سمعت من كتاب الله ، ومعظم المفسرين يؤكدون على أن (تعيها) تعني تحفظها وتعقلها وتفهمها ، وأن الأُذن الواعية هي الحافظة لما تسمع، وهي التي تعقل عن الله وتنتفع بما تسمع، فالأُذن تسمع ما يصل إليها من أخبار، خيّرة كانت أو شريرة، فتنقلها إلى العقل ليجري المحاكمات اللازمة في ضوء ما لديه من المفاهيم والمقاييس والقناعات، ثم تصدر عنه الإجابات التي ما أن تختلط مع أحاسيس القلب ومشاعره وتتجاوب مع العقل وقناعاته حتى تحقق الانسجام الكلّي في شخصية متكاملة متميزة ، ويتحقق بذلك الوعي القائم على اثر القناعات المؤدي إلى تأثير الاطمئنان .
    وعرف البعض الوعي بأنه " إدراك المرء لذاته ولما يحيط به إدراكا مباشراً وهو أساس كل معرفة " .
    ومن كل ما سبق نقول أن الوعي هو الفهم والإدراك للأشياء والوقائع وتفاصيلها ، والأسباب الكامنة وراءها ، والأحداث التي صاحبتها في إطار من المفاهيم والمقاييس والقناعات .
    وقد اخذ مدلول (الوعي) يتفرع ويتوسع، ليدخل العديد من المجالات النفسية والاجتماعية والفكرية، فقد كثرت المجالات التي يضاف إليها الوعي، فهناك الوعي الاجتماعي والوعي الطبقي والوعي الفكري والوعي السياسي........ ،
    الوعي الفكري :
    إن الأفكار في أي امة من الأمم هي أعظم ثروة تنالها الأمة في حياتها إذا كانت امة ناشئة وأعظم هبة يتسلمها الجيل من سلفه إذا كانت امة عريقة في الفكر المستنير ، وأما الثروة المادية والاكتشافات العلمية والمخترعات الصناعية ، وما شاكلها ، فإن مكانها دون الأفكار بكثير بل يتوقف الوصول إليها على الأفكار ، ويتوقف الاحتفاظ بها على الأفكار ، والمراد بالأفكار هو وجود عملية التفكير عند الأمة في وقائع حياتها بأن يستعمل أفرادها في جملتهم ما لديهم من أفكار يبدعون باستعمالها في الحياة فينتج عندهم من تكرار استعمالها بنجاح طريقة تفكير منتجة .
    وقد وردت الآيات الكثيرة في القرآن الكريم التي تحض على التفكير يقول تعالى :﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾ ، وقال تعالى : ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى﴾ ، وقال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾،وقال سبحانه : ﴿كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ ، وقال تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ ، وقال تعالى : ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.
    فالقرآن خاطب العقل وحض على التفكير وذم الذين لا يعملون عقولهم ولا يفكرون ، قال تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ ، وقال جل في علاه : ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾.
    والتفكير المطلوب لا بد أن يكون مستنداَ لأساس فكري أو قاعدة فكرية حتى يكون تفكيراً منتجاَ ؛ والذي يبدأ بالإحساس بالواقع إحساساً فكرياً يكون الفكر مصدرا له ، وليس هو مجرد الإحساس بالشيء الذي يأتي طبيعيا لمجرد الشعور بالواقع فيتجاوب معه الإنسان من غير نظر أو تفكير ، أي إحساساً ناتجاً عن فهم ومعرفة وإدراك في إطار ما لديه من مفاهيم وقناعات ومقاييس ، وهذا هو المكون الأول للوعي الفكري .
    إلا أن مجرد فهم وإدراك الواقع لا يكفي لإيجاد الوعي الفكري ، بل لا بد من فهم وإدراك المعالجات لهذا الواقع ، والواقع البديل لهذا الواقع في إطار المفاهيم والقناعات والمقاييس ، سواء بالتغيير أو التحسين ، وهذا هو المكون الثاني للوعي الفكري .
    والإنسان دائم التفكير بمستقبله سواء القريب أو البعيد ؛ المتعلق منه بالحياة الدنيا أو بما بعد الحياة الدنيا ، والتفكير بالواقع سواء بتغييره أو تحسينه أمر ضروري للإنسان والحياة ؛ لان التغيير هو الحركة والحركة هي الحياة ، لذا كان لا بد لكل أمة من التفكير بتغيير الواقع والعمل على تغيير أحوالهم ، يقول تعالى : ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾ ، ومن هنا كان الوعي الفكري بمكونيه معرفة وفهم وإدراك الواقع ، وفهم وإدراك البديل لهذا الواقع ومعالجاته في إطار المفاهيم والقناعات والمقاييس هو الأساس في التغيير ، وكلما ازداد الوعي عند الأمة كلما ازداد إحساسها بالقضايا الفكرية .

  2. #2
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2005
    المشاركات : 724
    المواضيع : 171
    الردود : 724
    المعدل اليومي : 0.10

    افتراضي

    وعرف البعض الوعي بأنه " إدراك المرء لذاته ولما يحيط به إدراكا مباشراً وهو أساس كل معرفة " .
    ومن كل ما سبق نقول أن الوعي هو الفهم والإدراك للأشياء والوقائع وتفاصيلها ، والأسباب الكامنة وراءها ، والأحداث التي صاحبتها في إطار من المفاهيم والمقاييس والقناعات .
    وقد اخذ مدلول (الوعي) يتفرع ويتوسع، ليدخل العديد من المجالات النفسية والاجتماعية والفكرية، فقد كثرت المجالات التي يضاف إليها الوعي، فهناك الوعي الاجتماعي والوعي الطبقي والوعي الفكري والوعي السياسي........ ،
    موضوع شيق فيه معلومات لايمكن ان يستغني عنها كاتب او باحث اجتماعي او سياسي

  3. #3
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    الوعي الفكري =
    - الإحساس بالواقع إحساساً فكرياً يكون الفكر مصدرا له
    - فهم وإدراك المعالجات لهذا الواقع ، والواقع البديل لهذا الواقع في إطار المفاهيم والقناعات والمقاييس ، سواء بالتغيير أو التحسين

    وكلما ازداد الوعي عند الأمة كلما ازداد إحساسها بالقضايا الفكرية .


    د.أشرف
    مقال مهم و منهجي لنا بإذن الله معه وقفات ووقفات

    وهو للتثبيت
    تظل جماعات من الأفئدة ترقب صباح الانعتاق,لترسم بسمة الحياة على وجوه استهلكها لون الشحوب و شكلها رسم القطوب ,يعانقها الشوق و يواسيها الأمل.

  4. #4
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    للدكتور المرحوم مالك بن نبي كتاباً هاماً

    مشكلات الأفكار في العالم الإسلامي

    وضع فيه اليد على الجرح .

    \


    لك بالغ الشكر أخي ألحبيب ... وجزيت الجنان .


    ولي عودة.
    الإنسان : موقف

  5. #5
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jan 2009
    المشاركات : 13
    المواضيع : 4
    الردود : 13
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    أهمية الوعي الفكري في حياة الأمة .
    قال تعالى : ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ ، هكذا وصف الله سبحانه وتعالى الأمة الإسلامية أنها خير امة أخرجت للناس ، إن قوله تعالى ]كنتم[ هو للتقرير وليس إخباراً عن الماضي، أي: أنتم خير أمة أخرجت للناس ، وهذا التقرير مستمر، ولا ينتهي عند جيل الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ، وجعل سبحانه وتعالى هذه الأمة شاهدة على الناس كل الناس ، قال تعالى : ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ﴾ ، وهذا الوصف (خير أمة) ، ( شاهدة على الناس) ليس وصفاً لحاله موروثة بالفطرة تتسلمه جاهزة ، وإنما هو استحقاق مكتسب ، لا يجيء إلا نتيجة مجاهدة واجتهاد وكد ومثابرة ومصابرة، والأمة الإسلامية لا ترتقي للمكانة التي أرادها الله لها إلا إذا اتبعت المنهج كما حدده القرآن الكريم في خطابه للأمة لامتلاك الوعي الصحيح على مبدأها وكيفية مواجهة الأفكار الأخرى ، والوعي على ما يدور من حولها وما تقوم به الأمم الأخرى من أعمال وما تتخذه من مواقف ، فالأمة التي لها رسالة تحملها وتدعو لها فهي أمة واعية معطاءة تعطي ولا تأخذ ، متحركة نشيطة لها أفكارها ومفاهيمها وقناعاتها ، أما الأمة التي لا رسالة لها أو أن لها رسالة ولكنها لا تعمل بها ولا تدعو لها ، فهي أمة ميتة تخلو من الوعي ولا تدرك ما يدور حولها ، مثلها كمثل النائم يكون حيا ولكنه غير واع ما دام نائما .
    وسنة الله في الأمم لا تتغير يقول تعالى : ﴿ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً﴾ ، وهذه السنة يحددها القرآن بقوله تعالى : ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ ، ومفهوم الآية أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما يحملوا من أفكار ومفاهيم وقناعات ، والأمة الإسلامية بعد أن سارت فترة من الزمن مبتعدة عن أفكارها ومنقطعة عن طريقة تفكيرها في وقائع الحياة ، ضعفت أفكار الإسلام الصحيحة في نفوس أبناء الأمة ، مما أدى للضعف الذي طرأ على الأذهان في فهم الإسلام ، ودب فيها الضعف الفكري ، والذي أوجد في عقليات أبنائها فراغاً فتح لأعدائها فرصة توصيل أفكارهم وترسيخها في قسم من هذه العقليات لتكون بديلا عن أفكار الإسلام ، والمسلمون عندما فقدوا وضوح التصور للإسلام ومنهجيته في النهضة، فإنهم وقعوا في غياهب التخلف والضمور حتى أضحت أمة الإسلام إلى ما هي عليه الآن .
    والخطر الحقيقي الذي تواجه الأمة ليس كامناً في أن يكون لهذه الأمة أعداء ، (فالصراع بين الخير والشر ، وبين الحق والبطل ، سنة من سنن الحياة ) ، بل يكمن في أن يكون لها أصدقاء سذج سطحيو التفكير لا يمتلكون الوعي الفكري حيث يتحرجون في غير تحرج ويصمتون في غير موضع صمت ، ويقفون أمام الأحداث والأفكار مندهشين لا يستطيعون فعل شيء .
    فصمام الأمان للأمة للمحافظة على أفكارها نقية صافية محافظة على مبدأها لترتقي للمكانة التي أرادها الله لها هو امتلاك الوعي الفكري في كيفية التصدي للعقائد الباطلة والنظم الفاسدة، ولقادة الضلال، ومواجهة المجتمع بالأفكار السائدة فيه والنظم المطبقة فيه والحكام الذين يحكمونه، والعادات والتقاليد والأعراف السائدة فيه ، فالوعي الفكري على المبدأ الإسلامي وعلى فساد المبادئ الأخرى هو الذي يدفع لإقامة المبدأ الصحيح وفيه كل معروف وإزالة المبادئ الفاسدة وكلها منكر، وهذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بهذا الشكل الراقي المحدد ضروري للأمة الإسلامية في كل زمان ومكان .
    فالطريق الموصلة للأهداف المنشودة ، دعوة إلى الله على بصيرة ، قال تعالى : ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ ، وعي وبصيرة بالفكرة وأحكامها ونظمها وقوانينها وما جاءت به من أفكار ومعتقدات ، ووعي وبصيرة بالطريق بحيث يتم التعرف على كل خطوة يخطوها ، ووعي بالكيفية التي تنفذ بها الفكرة وأحكامها ، ووعي وبصيرة بالواقع الذي يعمل فيه لتغييره ، بحيث يحيط علماً وفهماً وإدراكاً بما في هذا الواقع من عقائد وأفكار ونظم ، وما فيه من أعراف وتقاليد ، حتى يعرف كيف يقتلعها من النفوس ، ويغرس بدلاً منها ما جاء به من عقائد وأفكار وأحكام .
    فيجب أن ندرك ونفهم كيف تنهض وترتقي الأمم ، ليتسنى لنا إدراك أهمية الوعي الفكري .
    فالذي يحدد الرقي والانحطاط في أي أمة ما هو حضارتها التي تقوم عليها ، والحضارة هي طريقة العيش وأنماط السلوك والعلاقات التي تتميز بها الأمم ، فالحضارة هي مجموعة المفاهيم والقناعات والمقاييس عن الحياة ، وهذا غير المدنية ، فالمدنية هي مجموعة الأشكال والوسائل المادية المستعملة في شؤون الحياة ، فالأساس في رقي ونهضة الأمم هو ما تمتلكه هذه الأمم من أفكار وطريقة تفكير منتجة في وقائع الحياة .
    فالأفكار هي سلاح الأمم ، تنهض بها حين تزدهر وتنشط ، وتتخلف حين تخبو وتضمحل ، و بقاء الأمم بدوام شعلة الفكر فيها ، و اضمحلالها بانطفاء هذه الشعلة ، وهذا التفكير الذي يجب أن يوجد في الأمة ليس هو البحث في الأمور غير المحسوسة أو إقامة الفرضيات والاستناد إليها، إنما هو التفكير المنتج في الوقائع التي تحصل للإنسان في كل يوم وفي كل ساعة، والتفكير في الأمور المحسوسة ، والبحث في الطبيعة وما فيها للاستفادة مما فيها من أشياء ولتأصيل الإيمان بالله تعالى عن طريق النظر والتفكير في مخلوقات الله ، هذا هو التفكير الذي يوجد لدى الأمة القدرة على الحياة الناهضة ، يؤدي إلى فهم وإدراك الوقائع و الأشياء والحكم عليها وتعيين المواقف منها ، ويؤدي إلى تحديد المعالجات ، وبالتالي إلى ترجمة هذه المواقف والمعالجات إلى أعمال مادية ، فالفكر هو الذي يترتب عليه عمل مادي ، وهو الذي يؤدي حتما إلى نتيجة محسوسة ، وذلك بالسرعة الكافية ، فإذا لم يكن للأمة مثل هكذا التفكير ومقدرة على تعيين المواقف وإقامة الأعمال المادية ، لم تكن الأمة جديرة بالحياة ، فغلبتها الأمم وتكالب عليها الأعداء ، دون أن تستطيع رد ذالك .
    لذلك كله يجب على العاملين لهذا الدين وعلى الأمة امتلاك الوعي الفكري علي أفكارها ومبدئها ، والوعي على الأفكار الوافدة والفاسدة لفهم وإدراك واقعها وصرعها وطرح أفكار الإسلام بديلا عنها ، حتى يتسنى للأمة وأبنائها النهوض وأن ترتقي للمكانة المرموقة التي أرادها الله لها " خير أمة أخرجت للناس " .

المواضيع المتشابهه

  1. مقال في الوعي السياسي :النظام الرسمي في عالمنا العربي الاسلامي عاجز لماذا؟؟؟
    بواسطة محمد دغيدى في المنتدى الحِوَارُ السِّيَاسِيُّ العَرَبِيُّ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 09-02-2008, 08:45 PM
  2. تيار الوعي - حكاية مدرسيّة
    بواسطة عبد الواحد الأنصاري في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 02-06-2007, 02:18 PM
  3. تيار الوعي : قراءة نفسية زمانية مكانية
    بواسطة د.مصطفى عطية جمعة في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 21-04-2007, 09:54 PM
  4. العوضي والرؤية الشعرية بين الوعي والمكبوتات في "ليلة النصف"
    بواسطة أحمد حسن محمد في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 05-03-2007, 07:52 PM
  5. صراعي ... وقصة تيار الوعي
    بواسطة محمد سامي البوهي في المنتدى قَضَايَا أَدَبِيَّةٌ وَثَقَافِيَّةٌ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 14-02-2007, 03:51 PM