شبح من الماضى
استاذ صابر --- هذا اسمه –
مدرس بأحدى المدارس الابتدائيه -- هذا هو عمله
اما هو شخصيا -- فهو رجل غامض-- يعيش فى عزله عن المجتمع -- يقطن فى منزل صغير يتكون من ثلاث حجرات ومنافعها كما يقال – يبدأ يومه بالاستيقاظ مبكرا جدا -- ثم الذهاب الى المدرسه ليلقى على مسامع التلاميذ ما تقرر من الدروس دون ان يعيرهم اى انتباه – الحياه عنده مجرد روتين يومى يؤديه بملل – ربما يعود ذلك الى شخصيته الكئيبه والتقلبات العصبيه والنفسيه التى يعانى منها منذ الصغر – منذ فترة الطفوله --- طفوله تعيسه -- عانى فيها كثيرا من الوحده وعدم القدره على التكيف مع المجتمع – كان يشبه نفسه بالنباتات الغير مرغوب فيها التى تنبت وسط الزراعات رغم انف الجميع – تتحدى الجميع لتنبت وتتشبث بالارض – هكذا كان يصر هو على اقتحام الحياه ويتخذ من تلك النباتات مثل اعلى
فى طفولته وبالاخص فى المرحله الابتدائيه كان يجلس دائما وحيدا فى الدرج الاول على يمين الفصل – لايتحدث الى احد ولا يتحدث احد اليه – او قل لا يشعر احد به الا اذا هو اجبرهم على ذلك
لم يختلف الامر كثيرا عندما اصبح شابا ثم مدرسا لتلاميذ نفس الفصل الذى شا هدا عذابه ونبذ التلاميذ له لاسباب لا يعرفها ولن يعرفها –
مرت به الايام هكذا الى ان جاء يوم تنبه الى طفل يشبهه تماما عندما كان صغيرا -- نفس الوجه -- نفس النظره الحزينه المملوءه بالتحدى -- كان الطفل يجلس فى نفس المكان -- الدرج الاول يمين الفصل -- هنا اقشعر بدنه وصرخ فى اعماقه –آآآآآآآآه ياربى سيتحمل هذا الصغير كل ما تحملته من عذاب --- لالا لايمكن ان اسمح بذلك -- يجب ان افعل شيئا -- هذا الطفل كتاب مفتوح امامى-- اعرف ما يدور بذهنه -- اشعر بعذابه وبما يعتصره من الم
قطع الطفل تفكيره قائلا.. يا أستاذ -- سرق منى الكتاب المدرسى -- تبسم الاستاذ صابر بسخريه-- وقال لنفسه تماما مثلما فعلت -- ادعيت سرقة الكتاب لاجد من يشعر بوجودى -- كانت سعادتى غامره وانا اجد من يسألنى ويستفسر منى كيف سرق الكتاب--اجبرتهم على الشعور بوجودى -- ها هو التاريخ يتكرر-- سيضع باكر صرصور فى الوجبه المدرسيه ويدعى انه وجد الصرصور فيها -- يجب ان اضع حدا لذلك – انها لعبته الحقيره ليعلن عن وجوده – ليشعر الكل به
فى اليوم التالى شاهد الاستاذ الطفل وهو يكتب تاريخ ميلاده ويكرره كثيرا على احدى صفحات الكراسه --- آآآآآآآآه ياربى انه نفس تاريخ ميلادى -- بعد يومان من الان -- يآآآه ستحدث الكارثه -- ستتفجر طاقات الغضب والشر فى نفسه – تلك مصيبة كبرى لايمكن ان اسمح بها-- يجب ان احذر التلاميذ -- سعاد -- التلميذه سعاد -- يجب ان احذرها مما سيحدث لها -- لالا التحذير لن يفيد -- يجب ان اتدخل -- سأنقذ الطفل من عذابه -- وسأنقذ التلاميذ من شروره -- سأقتل هذا الطفل -- نعم سأقتله – سأقتله-- هاهم التلاميذ قد انصرفوا -- لم يبقى فى الفصل غيرى انا وهو -- ها هى اللحظه المناسبه --
اطبق بكلتا يديه على رقبته-- حمله وصعد على الكرسى -- وضع الرأس فى انشوجة الحبل المدلى من سقف الفصل --الذى كان اعده خصيصا لذلك من قبل -- ركل الكرسى بقدمه بعيدا -- تأرجح الجسد فى الهواء
فى صباح اليوم التالى كانت صدمه كبيره للتلاميذ عندما وجدوا جسد الاستاذ صابر يتأرجح فى الهواء
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد الهواري
