أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: مذكرات متشائل

  1. #1
    الصورة الرمزية راضي الضميري أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    المشاركات : 2,891
    المواضيع : 147
    الردود : 2891
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي مذكرات متشائل

    أحيانًا ؛ أنتظر أيام آذار على أحرّ من الجمر ، لكن هذا اليوم من آذار ليس كأي يوم عادي ؛ وهناك من يقول أنّ الأمس ربما يختلف كثيرًا عن اليوم الذي يليه ، والذي يأتي بعده ، لكنّني أخالف من يقول بذلك ؛ فلكل إنسان ظروفه الخاصة تسيّره وتحكمه بقوانينها وفق مشيئة الله تعالى ، وقد يكون أسوأ أيام حياتي هو من أسعد لحظات العمر بالنسبة لغيري ، لكن في أيام هذا الشهر تحديدًا ؛ شهر آذار وجدت الأيام كلها تشبه بعضها ، وكل يوم فيه يشبه هذا اليوم ، غاضب ومقهور من داخلي في شهر مولدي ؛ وشهري غاضب عليّ أكاد أجزم بذلك ، على الرغم من إشارة أرسلها إليّ وبشكل غامض تفيد عكس ذلك - ربما - بل تمنيتها أنْ تكون كذلك بعد موجة حزن وألم لم أعرف لها أي سبب ، فقلت ربما يكون مجرد عتاب من صديقي العزيز آذار ويذهب لحاله ، فتفلسفت وهذا لا يحصل معيّ لا أحيانًا ولا حتّى دائمًا؛ و أردت أن أكحّلها فأقول له وأنا أيضًا عاتب ، وبدلًا من ذلك عورتها ؛ فقلت فيها أنّني غاضب ، يا إلهي أين كان عقلي ؟
    في شهري الذي أحببته كثيرًا ؛ و قبل ساعات من بدء يوم نهار جديد تشرق فيه الشمس مع أمل برجاء عدم الرحيل ، كان الغضب قد أخذ مني مأخذه - من نفسي - إلى حدّ لا أستطيع أنْ أصفه – بسبب صديقي آذار - وقضيت معظم أيامه أسائل نفسي محاولًا اكتشاف الأمر وكيف حصل معيّ كل ذلك ؛ لا جدوى فأقترب من الإصابة بإحباط شديد ، وأتوجه بالسؤال إلى محارتي فتصدّ عني بوجهها الحزين هي الأخرى ، ثمّ ذهبت إلى شهري لأتفقد دقائقه وساعاته وأيامه فلعلّ شيئًا ما قد ارتكبته ولم أنتبه له ؛ فلم أجد شيئا ؛ ثمّ قرّرت بعد طول تفكير وسجال مرير وأخذ وردّ مع نفسي أنّني غاضب فقط وحتّى إشعار آخر..
    لا شيء جديد في هذا اليوم كما كل أيام شهري الطويل هذا ؛ باستثناء ما حدث مع صديقي آذار والذي آلمني إلى درجة أنّني لم أذق طعم النوم فيه وما زال يلاحقني طيفه ؛ بل قل جحيمه ، لا ليلي ليلٌ ؛ ولا نهاري نهار ، وحدث ولا حرج عن شتى أنواع الهموم التي تراكمت فوق رأسي وكأني بها مثل ديون العالم الثالث قاطبة ؛ وقد جاء موعد الاستحقاق فعجزت عن دفع فوائدها واستحقاقاتها دفعة واحدة ، أرق و سهاد و قلق ؛ وكلها تؤدي إلى نفس المعنى وتخدم نفس الهدف ، و كلها عليّ يا بحر ...
    متشائل في أحلك الظروف ؛ هكذا كنت قبل قليل مع صديقي آذار وقبل طلوع شمس نهار جديد ،وهكذا أحاول أنْ أكون حين يشتدّ الظلام فلا أضع نفسي في برج التفاؤل ، وأحاول في ذات الوقت أنْ أنتزعها من دوامة التشاؤم ؛ فالقلب لم يعد يحتمل قسوة المفاجآت في لحظات الحلم التي تبحر فينا وعلى أمل لا نعرف له موعدا ، فأطرح الهموم على القمر ، وأسيّر مركبي إلى البحر - فأنا لا أستطيع التوقف عن مواصلة رحلتي - ويعينني القمر بضوئه فأركب موجه و هو في أشد حالات غضبه ؛ حين كان يكون مدّه أعلى من قمم الجبال الشاهقة ، فيأخذني عاليًا فأرى ضوءً من بعيد أحسبه بقعة ضوئي التائهة عني ، ثمّ يهوي بي الموج إلى أعماق سحيقة وسط ظلام دامس ، ثمّ يصعد بي مرّة أخرى إلى أعلى فأرى بقعة الضوء مرّة أخرى ، أحاول الاستنجاد بمحارتي - حيث أودعت فيها قلبي و كل من أحبهم مخافة أيام قد تجور عليّ وعلى حكمي على أمور ربما لا أحسبها بتعقل نتيجة حالة الغضب - لتتشفع لي عنده ، فلا تستجيب لندائي أتراها مازالت غاضبة مني ؟ .. غضب من كل حدب وصوب يصرخ بي ، وما زلت أترنح لكنّني أيضًا متشائل ؛ هكذا قرّرت أنْ أواجه اللحظات التي تكون صعبة جدًا وفوق درجات التحمل ؛ في غياب بارقة أمل قد يقنعك اليأس في غفلة من عقلك أنّها لن تأتي أبدا ..
    قبل قليل كنت متشائلا أمام مشكلتي مع صديقي آذار – شهر مولدي – ثمّ عرفت السبب وكنت أظنّها لا تفرج كما يقولون ، لكنّني لم أيأس أبدا ولم أتفاءل إلى درجة تجعلني أطال النجوم ، ليس بسبب عدم ثقتي من قلب صديقي إطلاقًا ؛ بل احترامًا لقراره وخصوصيته في حالة أنْ قرّر أنْ لا عودة لمفهوم الصداقة المقدس ، فكان التشائل خير طريقة لمنع وقوع النفس بين سيف ذو حدّين ؛ الفشل أو اللا فشل خصوصًا في أمر لا تملك أنْ تقرّره لوحدك .
    التفاؤل جميل نعم ؛ وهو يرتبط عضويًا بصناعة النجاح ، " فلسفة فارغة " قد يقول عنها كذلك متشائم لم يعلم بعد أنّ تشاؤمه يعني القنوط من الرحمة تمامًا ، وفيها كفر دفين قد لا يحسب له أي حساب ، ولا ينتبه له في غمرة سخطه على حظّه المتعثر بسبب منه أو من غيره ، وقد يقضي حياته كلها رهين فشل كان بالإمكان التغلب عليه بقليل من التفاؤل أو حتّى التشائل ، أليس هذا أفضل من دفن الرؤوس في الرمال كما النعامة ؟
    أنْ تكون متفائلًا فهذا أساس النجاح إذا ما هيأت له أسبابه ، وأنْ تكون متشائمًا فهذا يعني السقوط في قاع بئر لا قرار له اسمه الفشل ، وأنْ تكون متشائلا في أحلك الظروف ، وأمام مشكلة ربما تبدو كأحجية يصعب حلّها وليس بيدك وحدك حلّها ، ثمّ تطرحها جانبًا وتبعدها عن مركز سيطرة الدماغ إلى حين إعادة الهدوء والثقة إلى النفس ، ومن ثمّ التفكير في حلٍ لا تضعك نتائجه أمام كوارث قد يسبّبها الفشل في حالة العجز عن حلّها .
    هل التشائل نعمة ؟ ليس دائمًا و في كل شيء ، فالحياة تعلمنا أنّ لا مستحيل ؛ وقسوتها قد تجبرنا على اتباع هذا التكتيك الذي لا يغدر بصاحبه فيبدو كمن يحمل حزام ناسف مبرمج بشكل أوتوماتيكي ؛ إنْ فشل فجر نفسه ، وإنْ نجح بفعل عوامل أخرى فقد لا يحتمل الفشل حين تتخلى عنه تلك العوامل ، أمّا إنْ نجح بفعل ظروف صنعها بنفسه وبتوفيق من الله سبحانه وتعالى فهذا دافع له على أنْ يعمل بجد أكبر ، لكن هل النجاح حليف كل مجتهد في هذا الزمن العصيب ؟ كلا ..
    لذلك أنا متشائل في ظروف خاصة جدًا ، ومتفائل على الدوام ..
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    الصورة الرمزية مروة عبدالله قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Dec 2006
    المشاركات : 3,215
    المواضيع : 74
    الردود : 3215
    المعدل اليومي : 0.51

    افتراضي

    الأستاذ راضي

    هو الأمل يجب أن يكون أملنا الوحيد, حتى وإن اجتهدنا ولم نحرز إلا الفشل, لا يجب علينا أن نفقد الأمل ولا أن نجعل التشاؤم في حياتنا كأنه همنا الكبير ولا نستطيع الخلاص منه, هو نقاء القلب والإيمان بالمولي ما يساعدنا على النظر للحياة بكل تفاؤل وأمل, جميل أن أقرأ هنا نظرتكَ الفلسفية في التفاؤل والتتشائل, بحق مميز, فشكراً من القلب.

    محبتي

  3. #3
    الصورة الرمزية عماد أمين شاعر
    تاريخ التسجيل : Sep 2008
    العمر : 51
    المشاركات : 1,327
    المواضيع : 37
    الردود : 1327
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    قبل أن تنتهي دقائق آذار ، أعطيك جرعة من التفاؤل
    عساها تنزع ما شابك من تشاؤم
    فأقول:
    سنة حلوة ياراضي
    وكل عام
    وأنت
    متفائل.

    لعلمك فقط
    صَدِيقُ صَدِيقِي
    *
    *
    *
    صَدِيقِي

    أخوك

المواضيع المتشابهه

  1. من مذكرات بعوضة
    بواسطة عنترنيت في المنتدى الأَدَبُ السَّاخِرُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 07-01-2020, 11:58 AM
  2. من مذكرات ...عاشق (منفرد)..
    بواسطة يوسف الحربي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 13-11-2006, 10:17 PM
  3. دَعوني .. أغفو هُنا " مُذكّرات مُراهقه ( 2 )"
    بواسطة أحمد فؤاد في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 10-12-2005, 10:54 AM
  4. مذكرات إرهابي
    بواسطة سعيد أبو حجر في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 12-10-2005, 10:44 PM
  5. مذكرات مقاتل شرس
    بواسطة مصراوى في المنتدى الأَدَبُ السَّاخِرُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 30-11-2004, 05:35 AM