|
طَيفٌ بَدا لي أَمْ مُهنَّدةٌ رِقَاقُ ؟! |
أَم أَغْطَشَتْ مِن حُزنِنا الأحدَاقُ ؟! |
أَم أنَّ تلكَ غَمامَةٌ مُنقادَةٌ |
فِيها العَذابُ ، وشَرُّها سَبَّاقُ ؟! |
جاءتْ محملةً أجاجًا آسنًا |
فاسودَّ وجهُ الأرضِ فَهْوَ محاقُ |
أَم أنَّ طَيفًا مِن خَيالِ مُؤَلِّفٍ |
يَغْشَى العيونَ كَأنَّهُ أَطباقُ |
نَزَلتْ بأرضِ جزيرةٍ فشُعوبُها |
دُهِشوا لها ، وتَوَهَّموا ، واشتَاقُوا ؟! |
ما بينَ وهمٍ ، أو تساؤلِ حائرٍ |
تتزاحمُ الأكتافُ والأعناقُ |
عل الذِي ملأ العيونَ بجرمه |
طيفٌ يزولُ ، وتكسرُ الأغلاقُ |
فَهيَ الحقيقةُ لا غِشاوَةَ حولَها |
فَحُدودُنا هَدَفٌ وذَاكَ خِناقُ |
النَّارُ تُقذَفُ والمدافِعُ وجِّهَتْ |
نحوَ البيوتِ كَأنهنَّ نِطاقُ |
والطائراتُ عَلى الدِّيارِ تَسابقت |
وبحشدها قد ضَاقتِ الآفاقُ |
رُجِمَتْ بُيوتٌ والمساجدُ دُمِّرتْ |
أمَّا المزارعُ نالها إِحراقُ |
تِلكَ المدَائنُ والحصونُ تحطَّمَتْ |
أَمسَتْ طُلولاً .. دَكَّهَا الأَفَّاقُ |
في " قَنْدَهَارَ " وفي " جِنينَ " تَساقَطت |
أَشْلاءُ قَومٍ بالفِدَا قد فاقُوا |
باعُوا نُفوسًا لِلإلَهِ ، وأُرخِصَتْ |
تِلكَ النُّفوسُ لِربها تَشتاقُ |
بِيَدِ العَدُوِّ تَدَفَّقَتْ أرواحُهُمْ |
غابَ الطَّبيبُ ولم يَجِئْ تِرْيَاقُ |
قُتلَ الرِّجالُ وقُطِّعتْ أوصَالُهم |
وهناكَ أَسرَى قُيِّدُوا .. قد ضَاقوا |
عَاثَ العَدوُّ تَجَبُّرًا وأَهانهم |
قد نالهم لَفْظٌ ، ونَالَ بُصَاقُ |
ما ذَنبُ حُرٍّ لِلعَذابِ يَسوقُهُ |
عِلْجٌ .. ويُهْدَرُ دَمُّهُ وَيُرَاقُ ؟! |
شِيشَانُنا تَبكي وتَندُبُ حَالَها |
وبَكَت كُسوفو حَالَهَا ، وعِراقُ |
والقُدسُ تَبكي جُرحَها .. فَمَكيدَةٌ |
ظَهَرَتْ ، وخَلْفَ سِتارِهَا إِغْرَاقُ |
يا أهلَ قُدسٍ تَطمَعونَ بِنَصرِ مَنْ |
تَركُوا النِّضَالَ لِغيرِهِم وانسَاقُوا |
أيَّامُهمْ لهوٌ ، وجُلُّ حياتِهِمْ |
كأسٌ تَدورُ ، ومِعْزَفٌ ، وعِناقُ |
هَيهَاتَ نَصرٌ عَاجِلٌ ومُؤَزَّرٌ |
إِنْ لم تُقَدَّمْ أَنفُسٌ ، وصَدَاقُ |
في كُلِّ شِبْرٍ في البلادِ مَواجِعٌ |
لِلمُسلمينَ ، وجُرحُنا دَفَّاقُ |
كَيفَ الدَّواءُ وقد تجدَّدَ جُرحُنا ؟! |
إِخوانُنا وقَفوا لنا وأَعَاقوا |
أَمَّا الثَّكالَى فَالدُّموعُ مُنَفِّسٌ |
عَن كَربِهِنَّ .. ورَبُّكَ الرَّزَّاقُ |
يبكينَ منْ ألَمِ الفراقِ وذلةٍ |
وجُسومُهنَّ مِنَ الهمومِ دِقاقُ |
البيتُ دُمِّرَ ، والصِّغارُ تَيَتَّمُوا |
ضاعَ الجميعُ .. وعُطِّلتْ أَسواقُ |
كَم مِن فَتاةٍ قد تَهَتَّكَ سِتْرُها |
الكَلبُ يَنهَشُ ، والأُسودُُ تُسَاقُ |
نَزعوا عَنِ الطُّهْرِ البَرِيءِ رِداءَهُ |
فدموعُها مِنْ خوفِها مِهراقُ |
والعِزَّةُ القَعساءُ حارَ دَليلُها |
ويحولُ دونَ نصيرِها الفُسَّاقُ |
كَم أُسرةٍ في الدَّوِّ أَمضَتْ لَيلَها |
وَسطَ العَراءِ .. رَفيقُها الإمْلاقُ |
الليلُ أَظلَمَ والمسَاكِنُ هُدِّمَتْ |
طَالَ الظَّلامُ فَهَل لَه إِشْرَاقُ ؟! |
والطِّفلُ يَسأَلُ ، والمخَاوِفُ حَولَهُ |
أَبَتَاهُ أَينَ شَقيقَتي أَشْواقُ ؟ |
أَبَتَاهُ أَينَ دَفاتِرِي ومَلابِسِي ؟ |
أَبَتَاهُ قُلْ لي : أَينَ رَاحَ رِفَاقُ ؟! |
لا مِنْ مُجِيبٍ سُؤلَهُ فَأنِيسُهُ |
أَمْسَى قَتيلاً ، أَو أَبُوهُ مُعَاقُ |
صَاحَ الصَّغيرُ بِحُرْقَةٍ وَتَرَاجَفَتْ |
أَيْدِي الصَّغيرِ ، وَدَمعُهُ رَقْرَاقُ |
أَبَتَاهُ هَلْ لي بَعْدَ فَقدِكَ مُؤنِسٌ ؟ |
فَالعَيشُ لَيسَ لَهُ سِوَاكَ مَذَاقُ |
مَا ذَنْبُ طِفْلٍ لا يُطِيقُ تَحَمُّلا |
للخَوفِ .. يَبكِي قَد ضَنَاهُ فِرَاقُ ؟! |
أَمسَى وحيدًا والأَشَاوِسُ شُرَّدٌ |
هَلَعًا .. وَأَنَّى مَا دَهاهُ يُطاقُ ؟! |
مِن عَالَمٍ مُتَوَحِّدٍ بِعَقِيدَةٍ |
صِرنا عَوالِمَ سَادَهَا الإِخْفَاقُ |
قَومِيَّةً عربيةً مَأْفُونَة |
ومَذَاهِبًا أصواتُهَا أبوَاقُ |
الكُلُّ يَنعِقُ بِالعُروبةِ يَبتَغِي |
هَدفًا ، وأَنَّى تَلتَقِي الأَذْواقُ ؟! |
نرْنُوا بَريقَ حَضارةٍ مَكذوبَةٍ |
فِيهَا تَزَلُّفُ خُدْعَةٍ ، ونِفَاقُ |
أَ وَلَسْتُمُ خَلَفًا لخيرِ أَرُومَةٍ |
عَزَّتْ .. فَسِلْمٌ عَمَّهَا ، وَوِفَاقُ ؟! |
عَزَّتْ بحفظِ كِتابِها ، وشَريعةٍ |
تَسمو بِنهجِ رسولِها الأخلاقُ |
جِبريلُ يشهدُ ، و الملائِكُ حَولَه |
وسَرَى بِهِ عَبْرَ السَّماءِ بُرَاقُ |
هَذا النَّبِيُّ محمدٌ ، فَبنهجِهِ |
نُشِرَ السَّلامُ ، وَرَفْرَفَ الخفَّاقُ |
لَمَّا ابْتَغَينَا عِزَّةً وَكَرامَةً |
مِن أُمَّةٍ لِهَلاكِنا تَشتاقُ |
أَخذَتْ تَسوسُ حياتَنا وتَقودُنا |
حَكَمَتْ .. وَطَوعًا سُلِّمَتْ أَعْناقُ |
مَلَكَ القيادَ مُكابرٌ مُتغطرِسٌ |
أعمى البصيرةِ حاقدٌ .. أَفَّاقُ |
صَنعَ القرارَ بِخُبثِهِ ، ودَهائِه |
فَبُنودُهُ بِرِقَابِنا أَطواقُ |
إني أرَى في ذا الزَّمانِ عجائبًا |
كيفَ الحقيرُ يطيعُه العِملاقُ؟! |
أَمَّا الذينَ وجُوهُهُم قد نُوِّرَتْ |
بِالدِّينِ زَادَ عَليهِمُ الإطْبَاقُ |
عاشُوا عَلى شَظَفٍ وضِيقِ مَعيشَةٍ |
مَا فَرَّقَتْ أَعْلامَهُم أَعْرَاقُ |
كَم حَاوَلوا إِيقَاظَ غَفوةِ أُمَّةٍ |
في غَفلَةٍ قد حَفَّهَا إِطْرَاقُ |
فَالدِّينُ عِزٌّ والتِزَامُ حُدودِهِ |
فيهِ النَّجَاةُ مَتَى الغُفَاةُ أَفُاقُوا |
تِلْكُم حِكَايَةُ أُمَّتِي .. فَفُصُولُهَا |
قِصَصٌ تَضِيق بِذِكرِهَا الأورَاقُ |