مرحبا
أسعد الله الأنقياء
إن حضور الأمسيات في واقعه جميلة لكل متعطش للثقافة والفكر , ولكن يبدو أن كمال الصورة في دنيانا هو صنو الغول والعنقاء والخل الوفي
لازالت هناك فجوة بين المثقف والفكرة
فحين نناقش فكر مثقف نحن لانحاكم المثقف إنما نجرد الفكرة عن جسد صاحبها نسلخها تماما عنه , ونضعها مبتورة عن ذهنه على طاولة التشريح , بغرض الارتقاء ليس إلا
أذكر أنه في مرة من المرات ناقشت فكر زميلة كريمة في مداخلة لي كانت تتحدث برفض وصوت مسموع للآخر المطوع , (ولست مطوعة )
ورأيت أن الإقصاءلي بسبب مداخلتي ليس دليل وعي وإنما هو نوع آخر من التطرف وسأترك بين يديكم مداخلتي
,(أولا المشهد كما هو بالنادي : تداخل شيخ ما وراح يخطب ويجلجل بالوعظ , قالت أديبة معروفة بالنادي ما هذا ؟ مستنكرة وغاضبة, وبدأت تذمه , قلت لاشعوريا وليس بيننا أي معرفة , أنت تضيقين واسعا وبذلك تكونين مثل الذين ترفضون فكرهم وتعاطيهم في التواصل مع الآخر , ثم صفق له من هم له مؤيدون , فقالت بصوت مسموع ( على إيش تصفقوا؟!!) قلت: عدتِ مجددا !! , هي حرية الرأي , ليس من حق أحد أن يفرض رؤاه على الآخر , وإلا أصبحتِ ومن يؤيدك كمن يناقض نفسه! , وبذا يحق لهم أن يحجروا عليكم ويرفضوكم بل ينبذوكم , سكتت على مضض , ويشهد الله ما كنت أقصد شخصها فأنا لا أعرفها شخصيا ولكن كنت أناقش فكرها , وقضية حرية الرأي المكفولة للجميع بأمر من الله العلي العظيم الذي كفلها حتى لإبليس حين تركه يحاوره بل يجادله في السماء وهو الله العلي العظيم , لن أطيل فقد جاءت مداخلتي التي كانت ( إن التطرف ليس فقط من قبل المتشددين الدينين , ولكن أيضا هو شائع بين المتشددين من المثقفين , فهنا وفي هذا المسرح رأيت وسمعت رفضا وتأليبا على الآخر (المتدين) ولهذا الأمر ينبغي الحذر , فلم يحرص أحدنا أن يقصي الآخر , مادام الفكر الإنساني قائما فالاختلاف هو القاعدة إذ أنه سنة الله في الخلق وميزة ابن آدم المكرم عن غيره من المخلوقات .)
فكانت النتيجة أن حاولت هذه الزميلة اقصائي من خلال اقصاء مداخلاتي حين وضعت مديرة لجلسة ما , وشاهدتها وهي تشطب اسمي شطبا غائرا في الغضب والرفض للآخر
أتظنون أن من يحضر للنوادي الأدبية بحريته التامة ورغبته في التقاء أقرانه ومشابهيه سيرضخ للدكتاتورية والإقصاء!؟
إن مثل هذا السلوك هو أمر مشين ولايليق بشخص عادي فما بالكم بالمثقفين
لابد ياسادة لمن يتولى أمرا عاما أن يلتزم الحياد مع مخالفيه لتتحقق النزاهة وإلا فنحن ما فعلنا من شيء سوى الانتقال من تطرف المطاوعة ورجال الهيئة في الأسواق , لتطرف الكتاب والأدباء وأهل الفكر في أسواق الفكر والأدب
إن مثلي تأنف من التطرف وتحن بقوة للحوار الحر الشفيف مهما كانت نتائجه علي أم لي مادامت تحكمه النزاهة والرقي
إن الثقافة فيما أذكر حين كنت طالبة في السنة الأولى بالجامعة وفي مادة من مواد الأدب التي تسمى بمتطلبات الجامعة فيدرسها طلاب العلوم التطبيقية والعلوم الإنسانية على حد السواء
ومما علمنا أستاذ المادة وهو أديب مؤدب ..(بفتح الدال وكسرها معا )
أن التثقيف هو التقويم
قال ذلك وهو يشرح بيتا لعنترة ( بمثقف صدق الكعوب )
وهنا لانكاد نرى من البعض هذا الجانب فلا مجال للتقويم لأن الجميع يتراءى لهم أنهم الأقوم .. لاأعمم , ولكن هناك شريحة كبيرة
ولربما ما كنا نتأزم منه في بعض أروقة المنتديات الإلكترونية ماهو إلا سليل حضارة المباني التي تضم مايعرف بالنوادي الأدبية
وياليت قومي يعلمون ..
متى يتحرر الفكر , ويقدر القلم , ونبصر الذات بعين مجرده ونترنم بدعاء جليل دعا به سيد الأولين والآخرين , وهو خير ابن آدم ولنا به فخر
( اللهم اجعلني في عيني صغيرا , وفي أعين الناس كبير )
لربما علمت بعد ما رأيت سبب عزوف الناس عن نادي الثقافة وتوسل القائمين في كل أمسية الحضور بالحضور مجددا , وتلاقى مطالبهم غالبا بالفتور
ليتنا نتطبع بطبع الدول المتقدمة في الديمقراطية , ونخلع عنا مورثات القبلية الفكرية والعصبية الذهنية الشخصية , فإنها والله نتنة , جيفة , هيهات أن تتفاعل تفاعل الأحياء ولن ينتج عنها إلا الدوران في فلك الخواء
الفكر الحر , والأدب المعافى مكانه السماء , حر طليق , فلا تقيدوه , بتضخمات الذات لتغرقوه في أواسن الأنا
لكم جميعا تحياتي
ندى