إكليل من الزهر يغلف قلبك
أيعشَقُ القلبُ ثانيةً, و عندكِ اختزلت أوردتُهُ حكاياتي
كنتُ أظنُ الأيامَ مُنسيةً, لكنها ما حجبت طيفكِ عن خيالاتي
كيفَ لي أن أحيا بلا ذكرى تَستلذُ طعمهاَ في العُمقِ جراحاتي
ماكثةٌ أنتِ, و قد أخفقت في نسيانكِ كل محاولاتي
دُليني كيفَ أغسلُ في نهر النسيانِ ذاكرتي
كيف أُجهضكِ من رحم فكري , لأتخلصّ من معاناتي .
حتى في عُزلتي عن كلّ ما قد يُذكرني بكِ , أو يوحي بأنكِ مررتِ يومًا من درب هذا القلب المتعب , أجدُني غارقا في صفحاتي الممتزجة بعطركِ الذي لم يفارق يوما ورقَ دفاتري القديمة .
أحاولُ أن أنوءَ بحرفي بعيدا عن ذكراكِ , و لكنّه يأبى إلاّ أن يدّقَ باب جرح غائر ما زال ينزفُ حسرةً و ألما , جرحاً ما تمكنت خيوط الأيام المتعاقبة من رتقه أو إيقاف نزفه , جرحاً أقسمَ أن لا يطيبَ يوماً , وفاءً لحب طفولة عذريّ جميل .
أحيانا كثيرة أُعَنِّفُني , و أشدُّ بقوةٍ أُذن مُدركاتي , هل يليقُ بكَ أن تبقى سجينَ وهم الصبا يا هذا ؟؟؟ و أنتَ المشهودُ له بالصلابة و الجلّد , الموجوع جسدهُ حتى النخاع , المتحدِي البارعَ للموت , المصلوبةُ أمانيهِ على حبلِ الانتظار .
هل يُعقلُ أن تكونَ نرجسيا في زمن يغتالُ الورود, و يستبيحُ أوراق الشجر بكل برود, أَيجدُرُ بمثلكَ التقوقع داخلَ مملكةٍ نَسجَت جُدرانها خيالات صبي مغمور, أعمدتها من وهم , و غُرفها من عزف عاشق صدمهُ الموت و فقدان حبيبته إلى الأبد .
و لكنّني أعودُ من حيثُ بدأت, و تُعجزني الأجوبة المنطقية, فلا منطقَ للشعور يا هذا, و لا ملاذا آمناً من قبضةِ الذكرى المتجذرةَ فيك , و لا مهربَ منك في الحقيقة , لأنك أنتَ و من زمنٍ بعيد , دَفنتَ أجنحتكَ معها , فما عادت تليقُ بكَ الرفرفة الزائفة , أو المحاولات البائسة .
ستظلُ كما أنت, فلا جدوى من البحث عن نهر النسيان, لأنهُ لا يوجدُ إلاّ في مخيلتكَ التي مَنحتَها أجنحةً بدلَ أجنحتكَ الحقيقية, ستظلُ مشاعركَ رهينةَ الماضي الأليم, فلا ترهق نفسكَ , لأنّكَ و مهما حاولت, فلن تتمكنَ من الانسلاخ عن ذاتك, عن ذكرياتك, عن حلم الصبا المفقود .
عِش وهمكَ, و لو خلسةً عن عيون الناس, عن عيون من أحبتكَ الآن, فأنتَ لن تستطيع أن تخون مشاعرك الصبيانية, لأنها و بكل بساطة.... هي أنت.
فلاَ تمنع إكليل زهركَ من أن يُزيّنَ حافة قبرها كل مساء, فهي من منحتكَ النقاء, و علمتكَ دون مشقةٍ معنى الوفاء, و زرعت في جوانحك الحب براعمَ نمت أطواقا تعانقُ فيكَ الصفاء.
30أبريل 2009