أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: وأْدُ...قُبلة ٍ

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Apr 2009
    المشاركات : 59
    المواضيع : 24
    الردود : 59
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي وأْدُ...قُبلة ٍ

    مع دخول ليلة من ليالى الشتاء سالت الأجواء برداً وقرْاً, السماء تعاقب قريتنا المسكينة وأهلها الذين يسكنون بيوتاً من الطين, فصبت جام غضبها مطراً واصل ليله نهاره, فكست ثوبا منقوشا بالوحل, الجميع همه موضعا لجسده ولو واقفا يقضى فيه سواد ليله.....قطع صوت أمى طرقات المطر فى أوانى قديمة نجمعها لنقذف بها من طين إلى طين, وراحت تستجدى ولداً باراً ...أتستطع أن تسير إلى المدينة لتحضر عقد قران ابن فلان الغنى ؟ إن له علينا يداً, وإن لم نلبى طالت, فأشفقت على نفسى الذهاب وأومأتُ إليها موافقا, فبيت الفقير تحت المطر ليس بأحسن حال من الشارع, ارتديت ُ أحسن ما عندى من ثياب رثة تفضح قلة ذات اليد لمن لا يعرفنى, لففتُ أكياس بلاستيك حول أقدامى حتى لا يدخل الطين من ثقوبٍ على أرجاء حذائى, ظلام الشارع يوحى بأن السماء أطبقت على الارض, فلا أمل لشعاع نور تسير على هديه, أغلقت معظم الحوانيت أبوابها, القليل منها مفتوح نصف فتحة لمن يبتاع شمعة أو كبريتاً أو لتراً من الجاز, رحت أتجشم ُ أزقة ملتوية ودروبا ضيقة تتقيأ وحلاً راجياً ألا أفقد توازنى فأعود القهقرى فتغتم أمى كثيرا, غاصت الأقدام فى الأرض الرخوة فدعوت غطاء أقدامى ألا يخذلنى, وحين وصلت للسيارة التى تشبه سيارات نقل جثامين الموتى تنفست الصعداء, ولجت إلى داخلها متهالك القوى كمن انتهى من صراع رجل لا يقوى عليه, نور خافت يريك مقعدك بالكاد سرعان ما يختفى عند السير, ثمة كرسى على يسارى ينتظر صاحبه تركته لأكون بعيدا عن لهب زجاجه المتقرح, تمتمتُ على حافظة نقودى, انتبهت على باب السيارة يأبى أن يُغلق عقب دخول سيدة تتعثر فى طفلها مقوسة الظهر حتى تصل إلى مقعدها, سكنت بجوارى بلسان غير مبين محيية, أخرسنى صوتها فلم أُجب, وشعرت أن قلبى قد فارق موضعه, وروحى هوت فى مكان سحيق,إنها...شهدُ...ملكة الفؤاد ...لم تقو سنوات مضت هى عمر غربتى وزواجها أن تزحزحها ولو قليلا لغيرها, كان الود عقد بين قلبينا عقدا لا يحله إلا ريب المنون, وكانت لذة الحياة فى جوارها, والفوزبظل ابتسامة منها منتهى أملى, تناثرت الذكريات من كيانى مرة واحدة كمرآة ٍقُذفت بحجر فتناثرت الصورة إلى أشلاء جمة, جلست بجوار النافذة وحبكت جلبابها حول جيدها الوجل, قرفصت للحظات يقيدها حنينُ شوق ٍ بخوفٍ.....اتقت لهب الشباك بظهرها وتركت الصغير يجلس على فخذها ملاصقا لىَّ....أحاطته بذراعها وأسندته إلى صدرها, تفحصت جسده....ملابسه..,أفاقت ...تمتمت بكلمات لوليدها...أنا بخير....وأنت يا أحمد أخبارك أيه؟...أُسقط فى يدى...ياه...لم تنس وعدها, واختارت اسمى لوليدها....لمحت ُ انتحاب دموعها, أمسكت بين أهدابها دمعة مترقرقة أحرقت نفسى, وكاد قلبى يذوب على عقبها, تمنيت أن أمسحها أو تلقفها عينى منها ثانية, ويا عجباً! ضاقت الدنيا أن تجمعنا ووسعنا كرسىٌّ فى عربة واحدة, هكذا فى لحظة .....أيقنت أن أخلاق الهوى هى هى, مدت قدمها فى دامس ظلام لتسلم على قدمى ثم سحبتها على عجل وكأنها لا تقصد, أو تتحسس ُ ردة فعلى.....,فرددت التحية بأفضل منها, وتمنيت أن أداخلها مداخله الحبيب لحبيبه, وأستبثها وجدا وأشاركها همى وأمرها لولا أنى كرهت ُ أن يشعر أحدٌ بالخافية, وهدأت قليلا أنفاسنا تردد أنغاما صامتة ..مازلت ُ أُحبك...,قالتْ نفسى ليت المسافة تطول وتتضاعف, أو تتعطل سيارتنا كعادتها فنبيت سويا فى العراء نبثُّ شوقا فى الصدور متأججا, ورجوت السماء أن تقسو علينا, فننعم بحادثة نذهب على أثرها لمشفى تضمد جراح قلبين فرق بينهما أنى لم أكن أمتلك من متاع الدنيا ما أكفل به نفسى, عاجز مستضعف لا سبيل من سبل الرزق يعرفنى, ولا يسمع لطرقى أبوابه الثمانية, وأنى لى أن أصارع من جاء من خليج ببعض براميل نفط يغتال بها حلمينا فى لحظة قاسية؟ وتساءلتُ ما ليد السائق لا تتلاعب بمقود السيارة فتتداخل الأجساد لتسلم وتعانق على غير قصد, يبدو أن وحل الطريق وبرده جعله يسير الهوينا حذراً, حركت جسدى ببطء ناحيتها فأحاطت وليدها باليسرى وتركت العنان ليمناها تحادثنى وتبثنى شوقا طال سجنه, لمحت فى عينها نورعاشقة, ولمست من جسدها لهبا يُحْرَقُ ويَحْرِِقُ, يريد بعضها أن يختبأ فى بعضى, غاصت أصابعى فى يدها, تسللت يدى اليسرى لتعبث ببعض خصلات شعرها على استحياء, أمسكتْ بيدى بقوةٍ على ....؟كمن يريد أكثر, أومأت بثغرها الذى يمسك لعابا ويرشف رضابا يكاد ينفلت من عقاله, أحسستُ أن الحياة من حولى تتنفس صدى قبلات حان قطفها, وأنى مقبل ٌ على بعض أغلاطى, ضغطُ يدها يزيد...يزيد....المسافة بين ثغرينا تتضاءل, وهج الأنفاس يتداخل , ولسان القبلة يوشك ان يمتد فيأتى علينا, وحين هممتُ بتقبيلها هزتنى يد زوجتى قائلة:منادى الفجر يقول..حى على الفلاح.....فحوقلتُ......, ولا أدرى أملبياً أم على وأدِ....؟
    أحمد الحارون
    تلبانة_المنصورة

  2. #2
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 391
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.14

    افتراضي

    قرأت للنهاية وجذبتني الأحداث حتى الخاتمة جاءت موفقة
    وأسلوب شيق بلغة باذخة جميلة
    دمت مبدعاً
    ومرحبا بك في ربوع الواحة
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.72

    افتراضي

    يراعة بنفس روائي سكبت الحروف نصا طيبا بسرد شائق وإن طال قليلا
    ودد لو كثففها أديبنا قليلا

    دمت بخير

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

المواضيع المتشابهه

  1. <| أسئلة الطالبِ المُجِدّ وإجاباتِ المعلِّم أحمد |ّّّّ>
    بواسطة براءة الجودي في المنتدى مَدْرَسَةُ الوَاحَةِ الأَدَبِيَّةِ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 13-04-2016, 01:59 AM
  2. مَهمة وأد مستحيلة
    بواسطة ليال في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 25-10-2007, 06:45 PM
  3. وأد رسالة
    بواسطة وائل بن يوسف العريني في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 26-10-2006, 09:41 PM
  4. فلسطيني في قلبه جراحه ....ّّّ
    بواسطة خوله بدر في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 02-12-2005, 01:16 PM