الدين أفضل وقاية وعلاج للاكتئاب
الغرب يتقدم علميا، ويتراجع نفسيا وعقديا، والدليل ارتفاع معدلات الانتحار، والخلل العقلي في مناخ حضاري مزدهر ظاهرًا، بينما باطنه مكتظ بالأدواء الاجتماعية والإنسانية.
في دراسة للدكتور محمد الأطروني - أستاذ ورئيس قسم الطب النفسي بجامعة المنصورة - قارن بين نفسية المسلم والإنسان المتحضر الغربي، مؤكدًا أن تدهور الحالة النفسية نتيجة غياب اليقين والإيمان يؤدي لضعف الجهاز المناعي لدى الإنسان، مما يجعله عرضة للإصابة بالأمراض المعدية عكس المؤمن الذي يعيش حياة راضية مطمئنة نتيجة طاعته لله، وصلته الدائمة من خلال العبادات من صلاة وصيام، فيشعر أن الله دائما بجانبه ويسانده.
وأشار الدكتور محمد أن العقيدة الإسلامية تخاطب الإنسان بجانبيه الطيب والشرير، وراعت جوانب الضعف فيه، وغوايات الشيطان له، فجعلت التوبة للمخطئين لتعديل مسارهم الحياتي من الخطأ للصواب، من طريق الشيطان إلى طريق الله، وهو ما ضمن للمجتمع النبوي الخلو من الأمراض النفسية.
ملاحظة الضعف البشري
أضافت الدراسة أن جميع المذاهب التي نادت بالمثالية فشلت في تحقيق مدنية فاضلة، وانهارت نتيجة عدم احترامها للضعف البشري الذي فطر الله الإنسان عليه، وكلفته بتكاليف لا تشبع احتياجاته البدنية والروحية، ولا ترعى استعداده للخطأ والصواب.
وأشار د. الأطروني إلى دراسة قامت بها جامعة المنصورة على عينة من المرضي والمصابين بأمراض خطيرة، وتبين بعد الكشوف والفحوصات أن حالتهم ميؤوس منها، وربما يلقون حتفهم بعد فترة قصيرة من الزمن، وكانت المشكلة كيف نخبر هؤلاء بقرب أجلهم، وهنا كانت الدراسة.
فالعينة الأولي من الفلاحين المسلمين من المنصورة، والعينة الثانية على مرضى من الغرب; حيث تبين أن ردود أفعال المسلمين لم تتسم بالعنف والإحساس باليأس وفقدان الأمل في الحياة الدنيا، في حين جاءت ردود أفعال العينة الثانية في منتهى العنف والقسوة تجاه الآخرين، كما أصيبوا بالاكتئاب، علاوة على تدهور حالتهم النفسية.
وفسر ذلك على أساس الإيمان بالقضاء والقدر، واليقين بأن الأعمار بيد الله، وأن الموت حق على كل إنسان، هذا الاعتقاد المترسخ في قلب العينة الأولى ـ أهل الإسلام ـ جعل تسليمهم بقرب الوفاة لا يمثل أدنى مشكلة، في حين أدى لهياج العينة الثانية.
وأوضح أن مرض الهلع والخوف من الموت نوع من القلق ينعكس على شكل نوبات يشعر فيها الإنسان بالأعراض التي تصاحب الموت من اتساع حدقة العين، والعرق الغزير، وازدياد ضربات القلب، وازدياد نشاط الجهاز العصبي السمباثوي، والدوار الشديد.
وأوضح أخيرًا مدى علاقة الترابط بين القرآن وعلم النفس، وأنه أفضل من العلم القائم على دراسة النفس البشرية بمعزل عن الإيمان والعلاقة بالله، وهذا ما أوضحه القرآن الكريم في قوله تعالى: "كل نفس بما كسبت رهينة" .. إنه مبدأ المسؤولية الفردية الذي يعني أن الإنسان يخشى عمل الفاحشة التي تضره، وتضر بالآخرين، وسيحاسب عليها بمفرده، ويتحرى دائما عمل الخيرات التي تنفعه، وتنفع الآخرين، وهذا المبدأ الإسلامي عكس مبدأ اللذة الذي يتبناه بعض علماء الغرب، فيحرص الإنسان على الجري وراء شهواته وملذاته، مما يؤدي إلى التدهور والتأخر والجنون، وهذا ما يدفع الغرب إلى الانتحار للتخلص من حياتهم التي يعيشونها دائما بأنانية مفرطة وفردية مبالغ فيها.