|
1. أفي القلبِ بعدَ الظاعنينَ نواعمُ |
أمَ انّي عن الأحبابِ بعدكِ صائمُ |
2. أفي القلبِ وَجْدٌ تشتهيهِ خريدةٌ |
سواكِ وأنتِ الأصلُ والأصلُ دائمُ |
3. بعينيّ دارٌ إذ صَرَمْتِ عشيقَها |
وكنتُ عشيقَ الدّارِ واللهُ عالمُ |
4. بعينيّ طيفٌ كلّما لاحَ أغرقتْ |
خدودي بحورُ الشعرِ والدّمعُ ناظمُ |
5. بعينيّ ظبيٌ يبْعَثُ السّهْدَ طرْفُهُ |
ويبكي لهُ طرْفٌ حزينٌ وهائمُ |
6. عذلتُ من الهُيّامِ قيساً وعنتراً |
وإنّي بهذا اليوم للنفسِ لائمُ |
7. أأدْري بما في القلبِ مِنْ لوعةِ الجوى |
ومنْ لوعةِ الكتمانِ والقلبُ كاتمُ |
8. بكيتُ على الأطلالِ حتّى تبلّلتْ |
فرقّتْ ليَ الأحجارُ والدّمعُ ساجمُ |
9. أللصّلدِ خفّاقٌ يَدُلّ على الهوى |
وللرّئمِ خفّاقٌ جَحُودٌ وظالمُ؟ |
10. وهلْ رَحِمتْ جلّ الملايين عَبْرتي |
فكفّتْ لها سَيْلاً؟ وليتكَ راحمُ |
11. أأبْغيهمُ أمْ أبتغي مَنْ يَصُدّني |
وذلكَ محرومٌ وذلكَ حارمُ |
12. فللهِ بدرٌ حينَ بانَ ووجْهُهُ |
تغمْغمَ إذ لفّتْهُ سُودٌ غمائمُ |
13. يُودّعُني حتى إذا لاحَ بُرْهةً |
تخطّفَني منهُ العُيونُ اللوائمُ |
14. وتجري لهُ الأنهارُ تترى بمحْجرٍ |
لها بينَ أرْدافِ الخُدودِ تزاحُمُ |
15. كأنّ جُمانَ البحرِ يسكنُ رمشَهُ |
وتحفظُهُ الأهدابُ والجفنُ نائمُ |
16. ألا قدْ حباهُ اللهُ أجملَ منظرٍ |
لتُخلَبَ ألبابٌ ويُسْحَرَ عالِمُ |
17. لهُ شقّ ثغرٍ حينَ يُفرَجُ باسماً |
تخالُ بأنّ الفجْرَ في الليلِ باسمُ |
18. وأجدالُ شَعْرٍ حينَ تُسدَلُ في الضّحى |
تخالُ بأنّ الليلَ للصّبحِ داهمُ |
19. وصوتٌ كصوتِ العندليبِ مغرّداً |
لهُ فوق أوتارِ القلوبِ تناغُمُ |
20. سَباني لهُ لحْظٌ رقيقٌ مُهفْهَفٌ |
دَقيقٌ كحدّ السيفِ عضبٌ وصارمُ |
21. بُدورٌ وأينَ البدرُ منكِ حلاوةً؟ |
ووجْهُكِ لألاءٌ وذا البدرُ قاتمُ |
22. فأنتِ كمثلِ الشمسِ إنْ عمّ نورُها |
وحولكِ طافتْ في السّماءِ الحَوائمُ |
23. ولكنّهُ الإعْراضُ للشمسِ صاحبٌ |
وكلّ جميلٍ بالجفاءِ مُلازَمُ |
24. فهل مِنْ جُناحٍ إنْ عشقتُ مليحةً |
أكلّ عشيقٍ في البريّةِ آثمُ؟ |
25. ألا أيّها العُذّالُ إنّي مُتيّمٌ |
وبالحُبّ مفتونٌ وللحُبّ ناظمُ |
26. ويا أيّها الأقدارُ رُدّي حبيبةً |
لها بينَ أعْطافِ الفؤادِ مَعالِمُ |
27. لها الشِعْرُ صَرْفاً لا يُعَلّ بعلّةٍ |
وللصّبّ أحْكامٌ وللشعرِ حاكمُ |
28. فلولا جُنونُ الصّبّ ما كنتُ شاعراً |
ولمْ يكُ حرفُ الضّادِ لولا المَباسمُ |
29. ورئمٍ من الأحبابِ فدّيتُ وثبَهُ |
ومعْ وثْبهِ في الجيدِ تلهو التّمائمُ |
30. وعِينٍ وجَرْدٍ لا يُطاقُ جمالُها |
وحَوْرٍ كصدْرِ السيفِ للصدْرِ كالمُ |
31. إذا انماعَ في الأحضانِ أشعَلَ نبْضَها |
وللنبضِ زفْراتٌ شدادٌ ضوارمُ |
32. تهُبّ كما الأنواءِ لكنْ رقيقةً |
فللهِ تلكَ العاصفاتُ النّسائمُ |
33. كأنّي براحٍ يقدحُ الروحَ قدحُهُ |
وحولي الكِعابُ الغانياتُ الخضارمُ |
34. تُعلّلُني كأساً دِهاقاً رَويّةً |
فتسلِبُني عقلي الكؤوسُ العَوارمُ |
35. ولمْ أشربْ الخمرَ المُعتّقَ مرّةً |
ولكنّها الأشواقُ,والقلبُ واهمُ |
36. تشتّ بِلُبّ العقلِ شوقاً ولوعةً |
كأنّ لُبابَ العقلِ في الزيفِ عائمُ |
37. وتطوي الصحاري والبحورَ وتبتغي |
دياراً كما تبغي النّميرَ الحَمائمُ |
38. فتثوي لدى الحَسْناءِ إنْ كان حظّها |
تلتْهُ الأماليدُ الرّقاقُ النّواعمُ |
39. وطيفٍ من الحسناءِ بتّ أرومُهُ |
وإنْ بانتْ الحسناءُ فالطيفُ قادمُ |
40. يزورُ الكرى في كلّ سَهْوٍ وغفوةٍ |
ويطغى على الأحلامِ والطرفُ حالمُ |
41. ويُذكي جمارَ الشعر فيّ وليتني |
على فرقةِ الأكبادِ للدّمعِ كاظمُ |
42. إذا ما لمحتُ السّحرَ بين شفاهِها |
تَلوتُ بهِ آياً وفيهِ الطلاسمُ |
43. هل الحبّ يُوريهِ الحَبيبُ جفوةٍ |
أمَ انّ الجَفا يُوريهِ ثغرٌ مُسالمُ |
44. وثغرٍ إذا حطّتْ عليه قصائدي |
لصارتْ كلاماً تقتنيهِ المَعاجمُ |
45. لرقّتْ كمثلِ الماءِ عذباً مُنقّحاً |
وهلّتْ كما هلّتْ دموعٌ سَواجمُ |
46. فيومَ فراقِ الأهلِ هلّتْ وأغدقتْ |
وقدْ كنتُ أبكي الراحلينَ وما هُمُ |
47. وخالٍ كملِ الوشمِ في الجيدِ ظاهرٍ |
وذا الخالُ في قلبِ المُتيّمِ واشمُ |
48. وقلبٍ كدفءِ الشمسِ إذ باحَ نبضُهُ |
تُقطّعُ أنفاسي الكِلافُ النّواهمُ |
49. فيومَ ضممتُ القلبَ للقلبِ ضمّةً |
وألفيتُ نفسي تحتوينا المعاصِمُ |
50. ذرفتُ الحروفَ الغافياتِ بمُؤقتي |
وقد هدّني سيلٌ من الحُزنِ عارمُ |
51. (سئمتُ تكاليفَ) النّوى ما أشدّهُ |
وليتَ النّوى أهلَ الصّبابةِ سائمُ |
52. وما لي سوى الأشعارِ تحفظُ مُهْجَتي |
ومالي سواها للمرارةِ لاجمُ |
53. وما لي سوى الأشعارِ والشعرُ حِرفتي |
وتشهدُ عشرٌ صادقاتٌ بَواصمُ |
54. وما لي سوى الأشعارِ والشعرُ مِقصَلي |
وسيفي إذا عَزّتْ لديّ الصّوارمُ |
55. وما لي سوى الأشعارِ تُؤنسُ وحدتي |
بذي يومِ خلّي مُستبدٌّ وظالمُ |
56. أرى الخِلّ يُبدي للخدينِ مودّةً |
ولكنّها الأحقادُ والخِلّ ناقمُ |
57. وزعنفةٍ ثارتْ عليّ بغيظها |
فضجّتْ لها بالمُخزياتِ الحَلاقمُ |
58. فما بالُها تلكَ النّفوسُ طريحةٌ |
أأوْدَتْ بها بعدَ الحُروبِ الهَزائمُ |
59. أللشعرِ أهلٌ قد يضيعُ لجهلهمْ |
فلا الأهلُ في سِلْمٍ ولا الشعرُ سالمُ |
60. أللشعرِ رَبْعٌ قد رمَوْهُ لغيرهمْ |
وخفّتْ بهمْ دونَ القريضِ المَناسمُ |
61. أللتّبْرِ مُلاّكٌ رَموهُ بأرضِهِ |
فيبقى رَهيناً تحتويهِ المَناجمُ |
62. فدعْها لأهلِ العَزْمِ واعلمْ بأنّهُ |
(على قدْرِ أهلِ العزمِ تأتي العزائمُ) |
63. أرى الشعرَ أضحى يستقلّ مفاصلي |
كأنّي بِسُمٍّ أطْلقتْهُ الأراقمُ |
64. أرى الشعرَ يَهواني كأنّي عَشيقُهُ |
كذا العشقُ بين السّيفِ والدَمّ قائمُ |
65. فعندي من الأشعارِ ما قضّ مضجعي |
وعندي حُروفٌ فوقَ صَدري جواثمُ |
66. وعندي زفيرٌ من جهنّمَ خارقٌ |
وعنديَ في رَحْمِ السّماءِ زمازمُ |
67. مزجتُ معَ الحَوْباءِ خَمراً وقَرْقفاً |
فقامتْ عليها للجُنونِ سلالمُ |
68. وألفيتُها للغيرِ عاراً وخِزيةً |
ولكنّها للحُرّ عَشْرٌ قوادمُ |
69. وإنّي طليقٌ في الفضاءِ مُغرّدٌ |
كذا الطيرُ لا تقسو عليهِ المَواسمُ |
70. شِتائي ربيعٌ والخريفُ كمثلهِ |
وزهري عبيرٌ في الحَدائقِ دائمُ |
71. ونفسي تعافُ البُغضَ والكُرْهَ والعِدا |
وما أناْ حَسّادٌ ولا مُتشائمُ |
72. إذا الحِقدُ أرْخى للأنامِ سُدولَهُ |
لصارتْ على الإنسانِ تسمو البَهائمُ |
73. لهَبّتْ عليها كالخريقِ غرائزٌ |
شِدادٌ خبيثاتٌ حِدادٌ غواشمُ |
74. تَؤزّ أولي الألبابِ حتّى يُضيّعوا |
فلا العقلُ معصومٌ ولا هُوَ عَاصِمُ |
75. حَبانيَ ربّي للقريضِ إمارةً |
فَحَمْداً لهُ والحمدُ للهِ لازمُ |
76. فعاهدتُ نفسي أنْ أصونَ ولايتي |
وأمضي بها حيثُ العِظامُ الأكارمُ |
77. فديتُ رسولَ اللهِ ,هَجّوتُ خصمَهُ |
ولو خاصمَ الأحبابَ إنّي مُخاصمُ |
78. ولو ودّ أعداءَ الفُؤادِ وَددْتُهُمْ |
ولو سبّ من أهوى فإنّيَ شاتمُ |
79. ولو قاتلَ الأكوانَ إنّي مُقاتلٌ |
ولو سالمَ الفُجّارَ إنّي مُسالِمُ |
80. فلا الحُبّ يُثنيني وليسَ يردّني |
عن المَوتِ فيهِ المَوْتُ والثغرُ باسِمُ |
81. أرى الموتَ يَجتاحُ النّفوسَ وما لهُ |
صَديقٌ يُحابى أو عنيدٌ يقاومُ |
82. لَعَمْري وهذا الموتُ للنّاسِ آيةٌ |
فكمْ من سَليمٍ لَمْ يفِقْ وَهْوَ نائمُ |
83. وكمْ من عزيزٍ في الأنامِ مُكَرّمٍ |
أتتْهُ المَنايا واقْتَفتْهُ اللواطِمُ |
84. كذا ماتَ مَن كانَ النبيّ مُحَمّداً |
ومِن خلفهِ الأسْدُ الكُماةُالضّراغمُ |
85. فيا عجَبي للموتِ كيفَ يزورُهُ |
أيرقى الرّدى حتّى تموتَ العظائمُ |
86. ويا عَجبي للمُسلمينَ بعهدِنا |
أما فيهِمُ من بعدِ ذلكِ حازمُ؟ |
87. رأيتُ بلادَ الغربِ تنفثُ سُمّها |
فطابتْ لنا في السمّ تلكَ المَطاعِمُ |
88. رأيتُ بلادَ الغربِ تهزأ جَهرةً |
من الدّينِ والدّنيا ونحنُ (الصّلادِمُ) |
89. رأيتُ سفيهَ الخُلقِ والخَلقِ ساخراً |
وينظمُ (للعَدْنانِ) ما هُوَ ناظمُ |
90. فيا ويلتى كيفَ اليراعُ تجرّأتْ |
على رسمِهِ هَزءاً فقُبّحَ راسمُ!!! |