|
بَعُدتُمْ فَصَارَ الشَّوقُ يَسْكُنُ أَربُعِي |
وَحَالي كَحَالِ الطفلِ إنْ لَم يَرْضَعِ |
أُنادِي ونارُ الوجْدِ تحْرِقُ مَضْجَعِي |
رُوَيدَكَ قَد أَفنَيتَ يا بَينُ أَدمُعي |
وَحَسبُكَ قَد أَضنَيتَ يا شَوقُ أَضلُعي |
كأَنِّي بكَفِّ الدَّهْرِ دَفْترُ غُربَةٍ |
وما لي بذِي الأصْقَاعِ مَنزِلُ عزَّةٍ |
إِلى كَم أُقاسي فُرقَةً بَعدَ فُرقَةٍ |
وَحَتّى مَتى يا بَينُ أَنتَ مَعي مَعي |
بُلِيْنَا بِليلٍ أثقَلَ الصَّدْرَ طُولُهُ |
فَجَادَ بِوصْلٍ ما رَوتْكَ طلولُهُ |
فَيا راحِلاً لَم أَدرِ كَيفَ رَحيلُهُ |
لِما راعَني مِن خَطبِهِ المُتَسَرِّعِ |
أيا داخِلاً في لبِّ قَلبي، رَاعِهِ |
وقَدْ أعْمَلَتْ بالصَّبِ حُسْنُ طِبَاعِهِ |
يُلاطِفُني بِالقَولِ عِندَ وَداعِهِ |
لِيُذهِبَ عَنّي لَوعَتي وَتَفَجُّعي |
فقُلْتُ: (أيَا مَنْ قدْ أطَلْتُ رجَاءَهُ) |
فقَالتْ: (بِقلبيْ قَدْ أقمْتُ سَمَاءَهُ..) |
وَلَمّا قَضى التَوديعُ فينا قَضاءَهُ |
رَجَعتُ وَلَكِن لا تَسَلْ كَيفَ مَرجِعي |
ولمَّا أضاعَ اللَّيلُ صوتَ رُعَاتِكُمْ |
صرَخْنَا ومَا في الحيِّ غيرُ صِفاتِكُم |
أَأَحبابَنا لَم أَنسَكُم وَحَياتِكُم |
وَما كانَ عِندي وُدُّكُم بِمُضَيَّعِ |
فيَا سَامعيْ وجْدِيْ وقلبيَ عندَكُمْ |
ولمْ يحَْلُ عَيْشٌ مُذْ حُرِمْنَا شَهْدَكُم |
عَتَبتُم فَلا وَاللَهِ ما خُنتُ عَهدَكُم |
وَما كُنتُ في ذاكَ الوَدادِ بُمِدَّعي |
وليسَ لبدرٍ بعدَ وجهِكِ مَطْلَعٌ |
وأَيُّ جمَالٍ مِن جمالِكِ منبَعٌ |
مَلَأتُم فُؤادي في الهَوى فَهوَ مُترَعٌ |
وَلا كانَ قَلبٌ في الهَوى غَيرَ مُترَعِ |
أَموْتُ غَراماً، والمحِبُّ ملوَّعٌ |
فَهَلَّا عَجِبتُمْ مَنْ بموتٍ مُولَّعٌ! |
لَئِن كانَ لِلعُشّاقِ قَلبٌ مُصَرَّعٌ |
فَما كانَ فيهِم مَصرَعٌ مِثلُ مَصرَعي |
|