بُلُّوا سَنابلَ عَينَيها
إلى مُلْحَتي أحلى الأُمَّهات التي جُبِلْتُ من طينها وبحرها
ولم نعرف الدفء إلا في حضنها ودمعها
صقر أبوعيدة
أُمّي على الدّربِ العتيق
تسْتنشِقُ الدّمعَ الطليق
طيفُ الكرى في حلقها مُرّاً تذوق
والحزنُ في العينين يا ربّ
قالوا على أُمّي يَليق
من شطئِها تُلقي السّلامْ
والشمسُ في منديلها جَفنٌ غريق
نادتْ على نَسرٍ لها
لم تُفتَحِ الأبوابُ وانْداحتْ عَلاماتُ الطريق
ألقتْ على كفٍّ لها خدّاً إذا أنْقَى كَساهُ شُحوب
في دربها سِلكُ المنافي والمواني وانكدارٌ من صديق
ناحتْ لها أسرابُ حزنٍ من حمامْ
طلَّتْ على مرجِ العيون
ندى اليتامَى فوق غلٍّ لا يذوب
لازال دربي عند أقوامي يَضيق
قدّتْ لها أسمالَ شِعرٍ من سِقامْ
ألقتْ على أحزانها صَدراً يجيش
أرختْ لهم جُنْحَ السلامْ
نادت بصوتٍ عالْ
والصوتُ تُرْدِيه الليالْ
نَدُّوا عُيوني كي أنام
وِلْدي قريب
قُرْبَ الأسارى في القيود
قد أطفأوا أجفانَ شمعي والكلامْ
والصبحُ من فجري فراشاتٌ تصيح
والضحكُ يُدْميه الشهيق
نادت وما كانت لهم آذان
بُلُّوا سُبُولي عند طَلاتِ الغَمامْ
قلبي على وِلْدي
لا رُفْقةً لي أوحسامْ
يا أيها الغاوُون
كي لا تخوضوا في الحرام
هذي عُروض البحرِ والشعرِ
غِـبُّوا بما شئتم
غِبَّ الهيامْ
لكن دَعو لي نسمة حتى أفيق
يا أيّها العادُون فوق اللحم والعظامْ
رغم الـمَنُون الرّاعِفةْ
لا تُشغِلوا بالي فقد أعْطبْتُموا طِيب المنامْ
يا من يُحابي للقلوب الواجِفةْ
يا من يُهادي في الظلامْ
مُوتوا على ذُلٍّ وخاسِفةْ
حُوموا على رفٍّ وأجنحةْ
مُوتوا بغيظِكم
نامُوا على جمرٍ وحرقِ الأرغِفةْ
كنتم وما زالتْ زُهوري في الْحُطامْ
لا تختفوا في الأقنعة
زَبَّاؤُكم عينٌ شاخِصة
مُوتوا كديدانِ الأراضي الزَّاحفةْ
عيني على أمواجِ بحري لا تنامْ
تَرنو إلى طير البحار
يرمي جناحاً في الهواء
يأتي ببُشْرى زَفزفةْ
أخبارِ نسرٍ كان يبني وكْرَهُ
أفنيتُ عمري في انْتِظار
أُعطيهِ صبري لا يَلُوكُ الليلُ صبرَهُ
طالتْ علينا ظُلمةُ الأسفار
واحْتدَّتِ الأنيابُ في الذئاب
من بُؤسنا نَعِمتْ كلاب
واشْتدَّ عضُّ العيشِ والذُّباب
حطتْ طيور الناغِفةْ
والنجمُ ألقى ثوبَ ضوئهِ
غطَّى أكاليلَ الضياء
حطتْ كلاليبُ الظلامْ
واحتلَّ ظِلي والدِّماء
أسرابُ طيرِ الزِّعْنِفةْ
لم يأتِ نَجمي من سماء
ضاقتْ علَى نَسري عَباءاتُ الفضاء
جاءت نُيوبُ المجرفةْ
تُلقي شقاءً مُرْدِفةْ
خُضنا عناوينَ الخواء
غاصتْ دُموعي
ماتت على حَلقي جناحاتُ الكلامْ
حاضتْ بها أقلامُ شِعرٍ واحْتفاء
سالتْ لها ألحانُ عُهرٍ ما لها وَسْمُ البقاء
فلْيرقعِ الشُّعراء