((قِطْعَةٌ مِنْ خَافِقِ التّارِيخ))
..
ستبقى قِطعةٌ من خافق التّاريخِ تقطعُها
يدٌ مُدّت
أحاطَت مثلما الأفعَى بأعْناقِ الصّباحاتِ
وتَبقى قِطعةٌ مِن خافقِ التّاريخِ لم تُذكرْ
يُدثّرنا بِثوبِ العارِ نِسيانٌ
وتنهرُ هذه الأَجْساد أكفانٌ
تَشَقّقُ مِن تحجُّرِها
فما جِئنا لذي الدّنيا سِوى جُثثا
لتُقِل كاهِلَ التاريخِ
أمواتاً وُلدْنا.. فَوقَ أمواتِ
..
وتبقى قِطعةٌ مِن خافِقِ التّاريخِ واجتُثّت
لتنزِفَ قَهْرَ مَن ضاعوا
مَعَ التّاريخِ مُذ قُطِعَت
وفي أَعماقِ ظُلمَتهم
تُخضّب صَفوةَ الإخلاصِ في زَمنِ الخِياناتِ
تعطّر لهفةَ الأجسادِ إذ ْجاءت
لتَسقط مِثلَ أوشحةٍ تُغطّيها
وتُهدي مِسكَ أوردةٍ
لأجلِ جَريحةٍ عَطشَى
وتَملؤ كلّ مافيها مِنَ الأَقداحِ
أمطارَ ارتِواءاتِ
لقَد فصَلت قَداسةُ طُهرِها
عَن جثّةِ التاريخِ ألفَ مسافةٍ عُظمى
فكَم غُرِست سُيوفٌ في خَواصرِها
وظلّ النّبضُ يَقرعُ جرْسَ حاضِرها
وذاكَ الخافقُ المقطوعُ مُذْ ضاعَت
يودّعُ نَبضَ شِريانِ الحَضاراتِ
لنعلِنَ في صَحِيفتنا
بأنّ وفاةَ تاريخٍ
تُسجّلُ عارَ قصّتِنا
وتكتُبُ قطعةُ بالدمّ (إنّي القدسُ فلتُعلَنْ بداياتي!)
ومَن يَدري بِأنّ القُدسَ
كانَت قطعةً مِن خافقِ التاريخِ أهدَينا لقاطعِها
سُيوفَ الغدْرِ؟ فلْنعدَم أيَادينا
بَقيّةَ مَوتِنا الآتي!