يقال (إقرب من الخوف تأمن) مقولة لم ولن أصدقها وجميع
تجاربي منذ أن كنت صغيراً تثبت عكس ذلك ... وما رســـــــخ
قنــاعتي تــلك أنني منــذ الصغــر كنـت لا أستمتع ولا أطيـق
الحـلاقة ولا الحلاقين وأعتبرها عذاباً وصفقة خاسـرة وإهانة
كبيرة ولقــرب منزلنا الطينـي القديـم مـن شارع الشميسي
القديم بالرياض الذي يعج بمسالخ الرؤوس على الموس مـن
المُحَسٍنين(الحلاقين)التكا رنه ولأن لـوالدي عـادة غريبة هـي
إدمانـه المفـرط علـى إرسالـي وأخـي الاكبـر إسبوعيـاً الــى
أحــد اولئـك المتوحشـيـن لسلـــخ وصنفرة فرواتنا بواسطـة
الموس .ومــا أن نصل الـــى بوابة المسلخ حتـى يقـوم ذلك
التكروني بالامساك بي بكلتا يديه ليرمي بي فوق ذلك اللوح
الخشبـي المعـدل لكرســي الاعـدام المصمــم للكبار فقــط
خصوصــاً لمـن أينعـت رؤوسهم وحـان قطـافها.وتبــدأ عمليـة
التجهيز لطقوس ومراسم هذه العملية بإن يبدأ ذلك العملاق
(بطقطقة) أصابيعة وتجهيز نافوخي للسلخ بإغراقه بالصابـون
(الممسك) أو أبوعجــلة المقـــلد ،ويبـدأ بســـحب الشـريط
الجلـدي المعلق بطرف كرسـي الاعدام ويخــرج الموس مــن
قارورة الكاز ويبدأ في حده صعوداً ونزولا وبحركات هستيرية
يهتـز لها ومعها شبقه في الفتك بنافوخي وكأنه يقـول انه
حان موعد طحن الحب الموجود في رأسك وهـو لايعلم أن
رأسي هو حبة واحدة صغيرة كحبة البلوط مثلاً. وفــي ظل
خوفي ورعبي لاأمتلك الا أن أختلس النظر الى ذلك الوجه
المتوحـش المتعطـش للفتك بحبة بلوطتي وكـانت ترعبنـي
تضاريس ذلك الوجه الذي برزت براطمه وأسنانه وقد تحولت
الى صفراء وبلقاء نتيجة إدمانه على تناول (القورو) المحرم
كتحريم تعاطي(الشمه) و(القات) وكان يردد بعض الكلمات
التي لم أفهم منها شيئاً هل كانت ترانيم أم أنه يقرأ على
رأسي بدوام زيارته ولموسه بإن يبقى حاداً للأبد .
وما إن ينتهي من(تمعيط) وتبليط فروتي حتى يهوي عليها
بكلتا كفيه كالمرزبة (بكف الحلاقة) ويقول(نعيماً) لتتوالى
كفوف الحلاقة من الجميع لغرض التحقير أو الاستمتاع برنة
صوتها كمن يضرب بطيخة ليكتشف ما بداخلها هلهو قمحة
أو شعيرة أو حبة بلوطة....